«المركزي» الياباني متمسك بسياساته التيسيرية رغم مؤشرات ضعف الاقتصاد

«المالية» تنتقد عناد البنك فيما يخص مستوى التضخم المستهدف

هاروهيكو كورودا محافظ البنك المركزي الياباني في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
هاروهيكو كورودا محافظ البنك المركزي الياباني في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
TT

«المركزي» الياباني متمسك بسياساته التيسيرية رغم مؤشرات ضعف الاقتصاد

هاروهيكو كورودا محافظ البنك المركزي الياباني في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
هاروهيكو كورودا محافظ البنك المركزي الياباني في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)

قرر بنك اليابان المركزي، أمس، الإبقاء على سياسته النقدية التيسيرية، التي تهدف إلى التغلب على ضعف التضخم، في الوقت الذي أظهرت فيه المؤشرات الأخيرة للبلاد وقوع الاقتصاد تحت وطأة التباطؤ العالمي؛ الأمر الذي يضع مستهدفات «المركزي» أمام تحديات كبيرة.
وقال «المركزي الياباني» في بيان عقب اجتماعات خاصة بالسياسة النقدية استمرت يومين: «يشهد الاقتصاد الياباني توسعاً معتدلاً، في ظل دورة إيجابية من الدخل إلى تشغيل الإنفاق، رغم تأثر الصادرات والإنتاج بتباطؤ الاقتصاد العالمي».
وكانت صادرات البلاد إلى الصين، التي تعد أكبر شريك تجاري لليابان، شهدت تراجعاً كبيراً بنسبة 17.4 في المائة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي على أساس سنوي؛ مما أسهم في زيادة العجز في الميزان التجاري لليابان ليصل إلى 1.4تريليون ين (12.6 مليار دولار).
وانخفض إجمالي الصادرات اليابانية في يناير الماضي بنسبة 8.4 في المائة إلى 5.6 تريليون ين، وذلك في انخفاض للشهر الثاني على التوالي.
وقال محافظ البنك المركزي الياباني، هاروهيكو كورودا، أمس، إنه لا يرى حاجة إلى تخفيض المستوى الذي تستهدفه سياساته للتضخم أو النظر إلى هذه الخطوة كأمر محتوم.
وبذلك، يحافظ «المركزي الياباني» على تعهداته بتوجيه الفائدة قصيرة الأجل بحيث تكون عند مستوى سالب 0.1 في المائة، وأن يكون عائد السندات الحكومية بأجل عشر سنوات حول الصفر في المائة. وأكد «المركزي» على استمراره في سياساته الدعامة للنشاط الاقتصادي عبر شراء السندات الحكومية.
وتبنى «المركزي الياباني» قبل ست سنوات سياسة تهدف إلى تخفيف شديد في القيود النقدية بهدف ضبط معدل التضخم عند 2 في المائة في غضون عامين.
وقد ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 0.8 في المائة في الشهر الأول من العام الحالي، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2018، في زيادة للشهر الـ25 على التوالي، لكن القراءة لا تزال بعيدة عن المعدل المستهدف.
وقال ماسايوكي كيشيكاوا، الخبير في «ميتسوي» لإدارة الأصول، لوكالة «رويترز»: إن التدهور العنيف في الصادرات والإنتاج الصناعي يجب أن يكونا مصدراً للقلق للبنك المركزي.
من جهته، لم ينكر كورودا وجود تحديات تواجه الاقتصاد في الوقت الحالي، لكنه لم يلمح إلى سياسات إضافية لتنشيط الاقتصاد.
وقال كورودا: «إنه حقيقي أن الصادرات والإنتاج الياباني تأثرا بتباطؤ النمو الخارجي، (لكن) على الجهة الأخرى الطلب المحلي مستمر في النمو»، مشيراً إلى أن تلك المعطيات تدفع «المركزي» للحفاظ على رؤيته بأن توسع الاقتصاد الياباني بوتيرة معتدلة.
وأضاف أنه من المرجح أن يستغرق الوصول لمستهدفات التضخم الياباني وقتاً أطول، لكن معظم أعضاء مجلس إدارة «المركزي الياباني» يرون أنه من الملائم الحفاظ على السياسات التنشيطية الحالية مع التحلي بالصبر.
ويواجه «المركزي الياباني» مأزقاً بعد سنوات من سياسة طبع النقود بكثافة لشراء الأصول، وقد استنزفت سياساته السيولة في السوق، وأثرت على أرباح البنوك التجارية.
وقال وزير المالية الياباني، تارو اسو، أمس: إن الأمور قد تسير في مسار خاطئ إذا أصر «المركزي » بشكل أزيد من اللازم على الوصول لمستهدفات التضخم عند مستوى 2 في المائة.
وعند مواجهة كورودا بتصريحات اسو، قال: إن التضخم يتأثر بتحركات أسعار النفط والكثير من العوامل الأخرى: «نحتاج أيضاً إلى نفهم أن الأمر سيستغرق وقتاً لكي يرتفع التضخم في اليابان مجدداً بعد فترة طويلة من انخفاض النمو وانكماش مؤشر أسعار المستهلكين».
وتقول «رويترز»: إن الكثيرين من القائمين على «المركزي الياباني» يعتقدون أن الاقتصاد سينهض من وتيرة التباطؤ الحالية خلال النصف الثاني من العام الحالي، في ظل تطبيق الصين لخطة تنشيطية قد تعزز من الطلب لديها، وهي الشريك التجاري الكبير لليابان.
وتشير الوكالة إلى أن القلق الأكبر بين صناع السياسات في «المركزي الياباني» ينبع من الخوف من أن يسهم ضعف الصادرات والإنتاج في التأثير سلباً على شهية المستثمرين؛ مما يدفع الشركات إلى تأخير الإنفاق الرأسمالي وزيادة الأجور، إلا أن كورودا قال: إن فرص حدوث تراجع اقتصادي عميق تظل ضئيلة.
وانتقد كورودا الآراء التي تذهب إلى الحاجة إلى التوسع في الإنفاق الحكومي لإنقاذ الاقتصاد من الركود، معلقاً بقوله إن «الدين العام الياباني مرتفع للغاية. من المهم تحسين الصحة المالية اليابانية على المدى الطويل».



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.