تركيا تفاوض روسيا لإنشاء «مركز تنسيق مشترك» شمال غربي سوريا

TT

تركيا تفاوض روسيا لإنشاء «مركز تنسيق مشترك» شمال غربي سوريا

أعلنت تركيا أنها تواصل العمل مع روسيا لإنشاء مركز تنسيق مشترك، حول الأوضاع في محافظة إدلب السورية.
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إنه اتفق مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، الأسبوع الماضي، على تسيير دوريات في إدلب، لافتاً إلى أن الاتفاق الجديد سيجعل العمل في إدلب أوضح. وقال إن الطرفين اتفقا على إنشاء مركز عمليات مشترك.
وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية صدر أمس، لم يعلق أكار على قصف الطيران الروسي لمدينة إدلب، أول من أمس، الذي أودى بحياة مدنيين.
وتعرضت إدلب إلى قصف بالطيران الحربي استهدف الأحياء السكنية وسط المدينة، بحسب الدفاع المدني في المنطقة، الذي أشار إلى أن 4 غارات شنها الطيران الحربي على وسط المدينة، ما أدى إلى مقتل 12 شخصاً، بينهم 7 أطفال وامرأة، إضافة إلى إصابة 49 شخصاً، بينهم 19 امرأة و6 أطفال.
وتعرض مخيم للنازحين شرق بلدة كفرعميم قرب مدينة سراقب، فجر أمس، إلى غارتين بالطيران الحربي الروسي، ما أدى إلى مقتل امرأتين وإصابة 19 آخرين.
ومن جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها نفذت غارة جوية على مقر لـ«هيئة تحرير الشام»، وإن قوة الفضاء الروسية دمرت مستودع أسلحة تابعاً لـ«هيئة تحرير الشام» الإرهابية في محافظة إدلب السورية، و«تم تنفيذ غارة جوية شديدة الدقة بالتنسيق مع تركيا».
وجاء القصف ضمن حملة التصعيد التي يقوم بها النظام السوري على المنطقة، رغم دخولها في «اتفاق سوتشي» الموقع بين روسيا وتركيا، في 17 سبتمبر (أيلول) 2018.
وكانت تركيا قد سيرت أول دورية عسكرية في المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، الجمعة الماضي، بالتزامن مع دورية روسية خارجها.
وذكرت مصادر تركية، أمس، أن مسؤولين عسكريين روساً وأتراكاً بدأوا مفاوضات لتسيير دوريات مشتركة في منطقة تل رفعت، وأنهم اجتمعوا في مدينة أعزاز الواقعة ضمن منطقة «درع الفرات» التي تسيطر عليها فصائل «الجيش السوري الحر» المدعومة من تركيا.
وأضافت المصادر أنه تم خلال الاجتماع الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة، لمنع أي هجمات من جانب «وحدات حماية الشعب» الكردية، على القوات التركية. كما تم تحديد الطرق التي سيستخدمها الجنود الأتراك والروس في الدوريات المشتركة.
ونقلت صحيفة «صباح» التركية عن مصادر، قولها إنه تم الاتفاق على تسيير الدوريات المشتركة، بداية من جنوب شرقي الطريق السريعة، أعزاز – حلب – تل رفعت، بطول 20 كيلومتراً، وستشمل الدوريات مطار منغ العسكري.
وأضافت المصادر أنه تم الاتفاق على التدابير الأمنية التي ستطبق خلال الدوريات؛ حيث سيستخدم الجنود الأتراك والروس مركبات مدرعة. وسترافق القوات الجوية للبلدين الدوريات إذا لزم الأمر. وأشارت إلى أنه تم الاتفاق على أن يتم الاستمرار في الدوريات المستقلة للجانبين، إذا حدث ما يعطل تسيير دوريات مشتركة.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الدفاع التركية، نديدة شبنام أكطوب، قد أعلنت يوم الثلاثاء الماضي عن مباحثات تجري مع روسيا، لتسيير دوريات مشتركة، لمنع هجمات عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية على القوات التركية، انطلاقاً من بلدة تل رفعت بريف حلب، الخاضعة لسيطرة تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تشكل الوحدات الكردية قوامها الأساسي.
وشددت المتحدثة على أن الجيش التركي سيواصل القيام بالرد اللازم على الهجمات التي مصدرها تل رفعت، في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس.
وبشأن الوضع في منطقة خفض التوتر في إدلب شمال غربي سوريا، قالت المتحدثة: «جهودنا متواصلة بنجاح لتنفيذ اتفاق سوتشي حول إدلب، بالتنسيق مع روسيا، رغم الاستفزازات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.