غضب فلسطيني بعد إسقاط واشنطن صفة الاحتلال عن الضفة وغزة

هجوم على غرينبلات الذي «دمر الاعتدال من الطرفين»

TT

غضب فلسطيني بعد إسقاط واشنطن صفة الاحتلال عن الضفة وغزة

عبر الفلسطينيون عن غضبهم بعد إسقاط الإدارة الأميركية تعريف «مُحتلة» عن الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، في تقرير الخارجية الأخير، قائلين إن ذلك دليل على تغيير شامل في السياسة الأميركية وشراكة كاملة مع إسرائيل.
وقال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن هناك تغييراً جذرياً في سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. مضيفا أن «إسقاط اصطلاح (مُحتلة) في الإشارة إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، والجولان العربي السوري المحتل، ليس مجرد تغيير في الاصطلاحات، وإنما تغيير في السياسات، يضاف إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة، وإغلاق القنصلية الأميركية في القدس، وإغلاق مفوضية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وشرعنة الاستيطان وإسقاط مبدأ الدولتين على حدود 1967، وقطع المساعدات وخاصة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (U.N.R.W.A)، واعتبار جرائم الحرب المرتكبة بحق أبناء الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وبما في ذلك الإعدامات الميدانية للأطفال والشيوخ والنساء والمقعدين وتسميته دفاعا عن النفس، كل هذا جعل من هذه الإدارة شريكاً فعلياً للمستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين».
ودعا عريقات المجتمع الدولي الأخذ بعين الاعتبار ما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق لمجلس حقوق الإنسان، ومساءلة ومحاسبة سلطة الاحتلال (إسرائيل)، والتأكيد على رفضها سياسات إدارة الرئيس ترمب المُخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية.
كما هاجم عريقات بشدة مبعوث الرئيس الأميركي لعملية السلام جيسون غرينبلات، متهما إياه بأنه أصبح «رسميا رئيسا للحملة الانتخابية (لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود».
وغرد عريقات على موقعه على «تويتر»: «يبدو أنه ولد لخدمة المستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين، ولتدمير المعتدلين من الفلسطينيين والإسرائيليين الذين كرسوا حياتهم للأمن والسلام من خلال تحقيق الدولتين على حدود 1967».
وكان تقرير لوزارة الخارجية الأميركية نشر، الأربعاء، حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، أزال الإشارة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان كمنطقة محتلة، كما ظهر في تقارير سابقة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، أوعز بعدم استخدام مصطلح «الاحتلال». وقال مسؤول في وزارة الخارجية في واشنطن رداً على ذلك، إنه «لم يطرأ أي تغيير في السياسة المتعلقة بالوضع في الأراضي الفلسطينية». وأكد المسؤول أن التقرير لم يستخدم كلمة «الاحتلال»، لأنه ركّز على حقوق الإنسان، وليس على القضايا القانونية، على حد تعبيره
لكن الناطق الرسمي باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض تفسيرات واشنطن وقال إن قرارها بإسقاط صفة محتلة عن الأراضي الفلسطينية، هو استمرار لنهج الإدارة الأميركية المعادي لشعبنا الفلسطيني، والمخالف لكل قرارات الشرعية الدولية.
وأضاف نبيل أبو ردينة: «هذه الأسماء الأميركية لن تغيِر من حقيقة أن الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 والجولان العربي المحتل، هي أراض تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي وفق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي». وتابع أن «القرار الأخير يندرج ضمن المخطط الأميركي لتمرير ما يُسمى صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية». كما هاجم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني إدارة ترمب، وقال إنها «شريك» لإسرائيل في احتلال الأراضي الفلسطينية، مؤكدا أن «كل الخطوات التي تقوم بها إدارة ترمب تجعل منها شريكة للاحتلال وتنزع الثقة والمصداقية عنها وعن فريقها للعملية السياسية، وبالتالي فقدان أهليتها لرعاية عملية السلام». وأكد مجدلاني أن التقرير الأميركي «فاقد للمصداقية، وهو تعزيز لعنصرية إدارة ترمب ضد القضية الفلسطينية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».