محافظ مأرب: نعمل لمنع معسكرات لـ«القاعدة»

العرادة أكد أن إدارته تعمل على ضبط المنافذ المهمة

سلطان العرادة
سلطان العرادة
TT

محافظ مأرب: نعمل لمنع معسكرات لـ«القاعدة»

سلطان العرادة
سلطان العرادة

قال محافظ مأرب، الشيخ سلطان العرادة، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن إدارته تعمل في اتجاهين، من أجل حفظ الأمن وضبط المنافذ المهمة، من جانب، وتحقيق التنمية في المحافظة التي تعاني من سوء الأوضاع الأمنية والمعيشية.
وأكد العرادة أن الدولة تجاهد لمنع «القاعدة» من إقامة معسكرات في مأرب، كما حدث في محافظة أبين الجنوبية، مشيرا إلى أن «القاعدة» تنظيم عالمي، يعاني من نشاطه دول كثيرة، لكنه أشار إلى أن الفوضى في اليمن تساعد على تحركه في أمن وأمان.
وتحدث محافظ مأرب عن ازدياد الأعمال التخريبية التي تشهدها منطقته، المنتجة للنفط، التي تتضمن تخريبا لأبراج الكهرباء وأنابيب البترول، إلى جانب حديثه عن جملة قضايا أخرى، من بينها عمليات الطائرات الأميركية من دون طيار (الدرون) في الأراضي اليمنية، التي حصدت أرواح العشرات من المدنيين، خلال مطاردتها لعناصر «القاعدة».
* من واقع مسؤولياتكم.. كيف تنظرون إلى عمليات التخريب التي تجري في محافظتكم لأبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز، التي تجاوزت أكثر من 60 عملية خلال 2013؟
- أنتم تدركون ما مرت به البلاد خلال الفترة الماضية، والانقسامات السياسية والقبلية والعسكرية والأمنية أيضا، كل ذلك أدى إلى انفلات أمني على مستوى الوطن بأكمله، كان من نتائجه هذه الأعمال التخريبية التي ترونها، إضافة إلى أنها نتيجة ثقافة ترسخت لدى البعض خلال أعوام الثورة التي انطلقت في 11 فبراير (شباط) 2011، ترفع شعار «من أراد أن ينال نصيبا من الدولة، فعليه أن يقوم بأعمال تخريبية»، حتى ينظر في مطالبه وينال ما يريد ويعطي ما يشتهي. وحدث أن أعطيت مكافآت للمخربين في المراحل الماضية على عمليات الاختطافات للأجانب وتفجير أنابيب النفط والأعمال التخريبية المشابهة، وهذا أدى إلى ترسيخ ثقافة معينة في الأوساط القبلية بالذات، وفي أوساط كثيرة من أنحاء الوطن.
وبعد قيام ثورة الشباب ضد النظام السابق، ظهرت «السوءة» كاملة، واكتشفنا أن البلد لم يكن يُحكم بمؤسسات، على الإطلاق، وإنما كان يُحكم من قبل طرف واحد فقط. لذلك استمرت الأعمال التخريبية في مأرب وغيرها.
مأرب محافظة بحجم الوطن ومشاريعها مرتبطة بالوطن عموما. لذا فإن عمليات التخريب تظهر كلما أردنا أن نخطو إلى الأمام. وتقوم عناصر مأجورة في المحافظة بعمليات تصفية حسابات لصالح جهات بعينها، كلما أردنا أن نتجاوز مشروعا معينا، كالحوار الوطني، أو هيكلة الجيش أو ما شابه ذلك.

* ما الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدولة لوقف نزف الاقتصاد الوطني ومعاناة المواطنين جراء هذه الأعمال في مأرب؟
- واجب الدولة أن تقوم بأعمال القانون، ومحاسبة المقصرين، دون تهاون. فالحاصل أن الدولة تهاونت في السابق مع المقصرين، مراعاة للوضع في الفترة الماضية. هذا التهاون أدى إلى تثبيط الهمم والاختلالات الأمنية. وأقول بكل صراحة إن الدولة عكفت دراسة تلك الظواهر باستفاضة، وشخصت الأمراض وأحالت ملفات المعتدين على الأبراج الكهربائية والنفط والغاز، إلى النيابة العامة وإلى القضاء.. لكن المشكلة هي أن الدولة ما زالت عاجزة في محاسبة المقصرين.
وبشأن الجوانب الأمنية، فإن الانفلات لا يزال مستمرا، وقد اتخذت قرارات حاسمة من قبل القيادة بأن لا مساومة مع أي مخرب، حسب آخر البيانات التي صدرت عن اللجنة الأمنية العليا وحكومة الوفاق. وبدأت فعليا عمليات ملاحقة مخربي ومفجري أنابيب النفط، وهي عمليات تضرر منها بعض المواطنين، وهم لا علاقة لهم بالأمر.

* نشاط تنظيم القاعدة بات واضحا وكبيرا في الآونة الأخيرة في مأرب.. كيف تقيِّمونه؟
- نشاط الإرهاب أو تنظيم القاعدة، موجود، لا شك في ذلك. ليس في مأرب وحدها ولكن في كثير من أجزاء الوطن، وكثير من بلدان العالم. هذه قضية معروفة لدى الخاصة والعامة. والعالم المتقدم أو المتخلف يدرك ذلك جيدا. هذه العصابة موجودة في كثير من الدول القادرة وغير القادرة، واليمن جزء من العالم. إلا أن الانفلات الأمني في اليمن يساعد «القاعدة» على أن تتحرك في أمن وأمان أكثر من أي منطقة أخرى.
والآن نحن نجاهد لمنع «القاعدة» من أن تقيم معسكرات لها في مأرب كما أقامتها في محافظة أبين (الجنوبية)، التي تعرضوا فيها لضربات حكومية قوية. هناك بعض الأعمال التخريبية التي يقومون بها، وأعمال مفاجئة يقومون بها من مكان إلى آخر، ولا يوجد لهم مكان محدد في مأرب. ونسبة لطبيعة مأرب وجغرافيتها وارتباطها بعدد من المحافظات، تعد معبرا وممرا لهم، وهناك بعض العناصر الموجودة في مأرب التي تضمن تأمين تحركاتهم من منطقة إلى أخرى. الدولة تقوم بمتابعة تلك العناصر وترصد تحركاتهم في محاولاتهم لضبطهم مع صعوبة الوضع والمرحلة التي يمر بها الوطن عموما. في سنة 2013، بدأت الأمور تسير نحو الأحسن مع اقتراب خروج الحوار الوطني بنتائجه إلى النور. الدولة أقرب إلى الأمن والاستقرار.

* هناك من يعتقد أن مأرب سوف تكون بوابة لانطلاق وتحركات تنظيم القاعدة إلى أكثر من منطقة يمنية، في ظل المظالم التي يعاني منها أبناء المحافظة.. ما ردكم؟
- أولا، أطمئن الجميع على أن مأرب لن تكون منطلقا لأي مخرب. هناك محاولات لاستغلال الأوضاع، لكن العقلاء من القبائل والمواطنين موجودون، لتفويت الفرصة على المخربين. الدولة تدرك متى تشدد الإجراءات ومتى تضرب. الأمر أن شاء الله في المقدور، وليس كما يطرح.

* هناك من يعتقد أن قرار حظر نشاط الطائرات الأميركية من دون طيار الذي أقره البرلمان اليمني ربما يؤدي إلى تزايد نشاط التنظيم.. هل هذا صحيح؟
- نحن نتمنى دائما أن تكون الطائرات اليمنية والأيادي اليمنية والأمن اليمني هي التي تضبط هؤلاء المخالفين أيا كانوا. الشرف الكبير لنا أن الأيادي اليمنية هي مَن تقبض على هؤلاء المخربين والمتهمين، وأن يُحالوا إلى القضاء، وأن يُحاكموا أمامه، لأنه لا يشرف أي دولة ذات سيادة، إلا أن تكون هي من يسيطر على أوضاعها. أما قضية التعاون الدولي ضد محاربة الإرهاب وحركات وعصابات إرهابية، فهذا موضوع آخر، ويخضع لاتفاقيات دولية بين دولة وأخرى؛ سواء اليمن أو غيره.

* كيف يمكن للدولة اليمنية أن تضبط إيقاع الأمن وإرضاء المواطنين، في ظل محافظة مفتوحة كمأرب، على حدود دول أخرى، وامتداد مع محافظات أخرى؟
- نحن نعمل في اتجاهين؛ الأول ضبط المنافذ المهمة، من خلال حس أمني خاص على مستوى الأحداث، وإلى إيجاد تنمية في المحافظة لأن المظالم موجودة، ولا بد لنا أن نسعى في اتجاه رفعها عن المواطنين. ولدى الدولة اليمنية خطة أمنية وتنموية تخص محافظة مأرب وتحظى بعناية خاصة من رئيس الجمهورية والحكومة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.