انتقال كيتي كويك لموقع «ياهو» تحول كبير في عالم الصحافة

«النتفيلكس».. قصة لموقع ربط بين عالمي التقنية والفن بطريقة غير مسبوقة

الصحافية الشهيرة كيتي كوريك المراسلة الدولية لموقع «ياهو»
الصحافية الشهيرة كيتي كوريك المراسلة الدولية لموقع «ياهو»
TT

انتقال كيتي كويك لموقع «ياهو» تحول كبير في عالم الصحافة

الصحافية الشهيرة كيتي كوريك المراسلة الدولية لموقع «ياهو»
الصحافية الشهيرة كيتي كوريك المراسلة الدولية لموقع «ياهو»

بثلاث ضغطات فقط يمكنك أن تشاهد فيلما جديدا على موقع «النتفيلكس». لتكتمل المتعة، بإمكانك أيضا أن تشبك موصلا كهربائيا يربط بين كومبيوترك المحمول وجهاز التلفزيون. ما قمت به هو الحقيقة أنك جمعت بين عالم التقنية والسينما. هذه هي باختصار قصة النجاح للموقع الشهير الذي ربط بين عالمي التقنية والفن بطريقة غير مسبوقة. الكثيرون عاجزون عن مجاراته لحد الآن، وليس من السهولة القيام بذلك. يتحدث الكثيرون في المجالات الخلاقة مثل عالم السينما والإعلام عن مشاريع كبيرة، ولكن الحديث عنها أسهل من تطبيقها على أرض الواقع. تظل مثل أحلام اليقظة اللذيذة.
لكن الوضع يبدو أصعب عند ربط الصحافة الجادة والمحترفة بالمواقع الإلكترونية. رغم شهرة المواقع الإلكترونية بين المستخدمين الشباب إلا أنها بدت عاجزة عن إنتاج نسختها الخاصة والمبتكرة من الأخبار المميزة والموثوقة. اكتفت بكونها ناقلة للأخبار التي تصدرها الصحف والمحطات التلفزيونية. إنها أيضا مصدر للثرثرات بسبب طبيعتها المفتوحة للجميع، ومن الصعب على القارئ أن يثق بالمعلومات الواردة فيها إذا لم يقم بالعودة إلى مصادر موثوقة للمعلومة. إذا صادفت معلومة مثيرة على صفحتك بالـ«فيس بوك» فمن الحماقة تصديقها قبل الذهاب إلى موقع آخر أكثر مصداقية. ولكن يبدو أن نقطة الضعف هذه ستتغير قريبا على يد الموقع الشهير «ياهو». «ياهو» يطمح أن يجعل من نفسه «النتفيلكس» الجديد فيما يخص الصحافة، فأخيرا تعاقد الموقع مع الصحافية الشهيرة كيتي كوريك لتكون المراسلة الدولية للموقع. ليست هي وحدها فقد سبقها ولحقها عدد من الأسماء البارزة في الصحافة المكتوبة من صحيفة الـ«نيويورك تايمز» وعدد آخر من الصحف والمجلات. تستهدف «ياهو» من خلال استقطابها هذه النخبة البارزة من الصحافيين من العيار الثقيل ودفع رواتب ضخمة لهم، الجمع بين قوة التقنية والصحافة المحترفة من أجل خلق الموجة الجديدة من الصحافة التي يبدو أنها ستكون الأكثر تأثيرا في المستقبل. يعتقد المراقبون أن ما تقوم به «ياهو» هو خلق موجة جديدة ستغير وجه الصحافة بشكل كامل وللأبد. يجب التنبه لها جيدا، فقد صرفت عليها الملايين ولم تكتف فقط بإطلاق التصريحات الهوائية. ولكن يبدو أن هذا الاندماج بين عالمي الصحافة والتقنية مرغوب من الجانبين. الصحافيون يسعون لإثبات حضورهم وموقع «ياهو» يسعى لقيادة عالم الإعلام والتقنية وتجاوز منافسيه.
كيتي كوريك المذيعة الشهيرة قالت في أحد تصريحاتها الأخيرة بعد انتشار خبر انتقالها «إنها سعيدة لكونها مستعدة للاندماج في عالم جديد في بدايات تشكله». كيتي كوريك اسم ناجح في عالم الصحافة منذ سنوات طويلة. أجرت الكثير من الحوارات والتقارير الصحافية المثيرة والمهمة. مثل حوراها مع المرشحة لنائب الرئيس سارة بالين في انتخابات عام 2008 كان له تأثير كبير على صورة المرشحة الجمهورية. سألتها كيتي كوريك عن المجلات التي تقرأها فترددت بالين وتلعثمت. أدركت كوريك عجز بالين فأصرت بمكر على الجواب الذي لم يخرج من فم بالين. منذ تلك اللحظة تحولت بالين إلى هدف للسخرية والتهكم. كوريك لم تسخر من بالين ولكنها حققت الحوار الأكثر مشاهدة في ذلك العام. انتقلت كوريك العام الماضي لتقدم برنامجا منوعا على محطة ال«آي بي سي»، ولكن برنامجها لم يحقق الأصداء المتوقعة منه. بعد مضي أكثر من عام على البرنامج الذي صرفت عليه المحطة مبلغ 50 مليون - حصة كوريك هي 20 مليون سنويا - قررت المحطة أن تسحب البرنامج بعد انتهاء موسمه الحالي. هدف البرنامج هو استقطاب النساء بين عمر 24 و54 ولكن ذلك لم يتحقق إلا خلال شهر أكتوبر الماضي عندما حقق البرنامج نسب مشاهدة عالية قبل أن يهبط من جديد. تقول المصادر الإخبارية إن «المشكلة تكمن في أن كوريك عجزت عن فرض رؤيتها الصحافية على البرنامج التي كانت تعتقد أن ستجلب عددا أكبر من المشاهدين. إحدى أفكارها كانت تهدف إلى استضافة المشاهير من أجل الحديث عن قضايا عامة تهم الجميع. بهذه الطريقة يمكن أن تستقطب شرائح مختلفة للبرنامج. ولكن البرنامج تعثر، والصحافية الشهيرة تبحث عن مكان يلائم طموحها الصحافي المختنق».
في تلك اللحظة بدا اسم «ياهو» يشع في الأفق لصحافيين مثل كوريك. «ياهو» الذي خسر المنافسة كبريد إلكتروني أو محرك بحث، حقق نجاحا واسعا من خلال موقعه الإخباري الرياضي والمالي. ارتباطه بشبكة «آي بي سي» منذ عام 2011 أتاح الفرصة ليكون الموقع الإخباري الأول وجعله أقرب لتجربة الصحافة التلفزيونية. «ياهو» يريد أن يكون المكان الملائم للصحافة المحترفة والموثوقة التي لا يمكن أن تجدها في مواقع أخرى منافسة التي تكتفي بكونها محركات للبحث وأماكن لتوفير الأخبار التي يختلط بها المزيف بالحقيقي. «ياهو» يسعى لأن يكون هو مستقبل الصحافة القادمة. الكثيرون في المستقبل سيستخدمون أجهزتهم الخاصة لمتابعة الميديا بمختلف فروعها، ولكنهم أيضا يبحثون عن صحافيين وكتاب مميزين يثقون بهم وينتظرون مواضيعهم. الضجة التي أحدثتها مواقع مثل «توتير» و«فيس بوك» لم يفقدا الصحافيين المحترفين حظوظهم في الحصول على وظائف جيدة وبمرتبات مجزية. لماذا؟ لأن أعمالهم هي المطلوبة ومهاراتهم هي التي تنتج العمل الصحافي المحترف. «ياهو» منحت كوريك 6 ملايين دولار سنويا، وعينتها بمنصب المراسلة الدولية. هذا يعني أن هذه الصحافية الذكية ستجوب العالم وتنشر تقارير مميزة، لن يستطع المتابع إلا أن يشاهدها إلا على موقع «ياهو»، مع بعض الدعايات على محطات تلفزيونية. لكن لماذا كوريك؟ يقول نائب الرئيس الموقع للشؤون الرياضية والاقتصادية، إن «تعيين كوريك هو خطوة رمزية تؤكد طموح الموقع ليكون مصدرا رئيسا للأخبار. كوريك تعد من الصحافيين الكلاسكيين ولكنها قادرة على تحويل العمل الصحافي والاتصال مع الناس».
هذا التحول الجديد وانتقال صحافية شهيرة عرفت من خلال عملها الصحافي الجاد والمحترف، هو خبر جيد للصحافة المحترفة وللصحافيين الذين أمضوا وقتا طويلا في صقل مواهبهم. يقول نائب مدير الموقع، إن «صحافيين من هذا النوع لديهم الآلية الملائمة على جلب المتابعين من خلال قدرتهم على الإضافة بشكل مستمر في الحوار اليومي. رياح الإعلام الجماهيري كانت عاصفة خلال الأعوام الأخيرة، ولكن بعدما هدأت لم يبق بالذاكرة منها شيء. لذا عودة «ياهو» لصحافيين مهنيين هو تأكيد على رغبتها بتقديم عمل ناجح يستطيع أن يصمد أمام التغيرات التي تأتي وتذهب سريعا. ولكن هذا ليس رأي الجميع بالطبع، فهناك من يعتقد أن خطوة «ياهو» هي مجازفة خطيرة ستدفع ثمنها ملايين الدولارات التي ستذهب سدى!



جهود خليجية لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لمواجهة «الأخبار المزيّفة»

الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)
الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)
TT

جهود خليجية لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لمواجهة «الأخبار المزيّفة»

الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)
الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)

بين التحديات الكبرى التي يواجهها الباحثون في تطوير الذكاء الاصطناعي ضمان الموضوعية مع التدفّق المعلوماتي المتسارع والمتزايد عبر شبكة الإنترنت، واستخدام وسائل عديدة لضخ مختلف المعطيات والمعلومات، بات من الصعب على المتلقي التمييز بين الحقيقة والدعاية من جهة وبين الإعلام الموضوعي والتأطير المتحيّز من جهة ثانية.

وهكذا، تتأكد أكثر فأكثر أهمية وجود تقنيات التحليل والكشف وتصفية (أو «فلترة») هذا الكم الهائل من المعطيات، توصلاً إلى وقف سيل المعلومات المضللة وإبعاد الإشاعات و«الأخبار المزيّفة»، وجعل شبكة الإنترنت مكاناً آمناً لنقل المعلومات والأخبار الصحيحة وتداولها. والواقع أنه مع التحول الرقمي المتسارع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، غدت «الأخبار المزيّفة» واحدة من أبرز التحديات التي تهدد المجتمعات حول العالم؛ إذ يجري تداول ملايين الأخبار والمعلومات يومياً، ما يجعل من الصعب على الأفراد - بل وحتى المؤسسات الإعلامية - التمييز بين ما هو صحيح وما هو مزيّف أو مضلِّل، وفي هذا السياق برزت تقنيات الذكاء الاصطناعي كأداة مبتكرة وفعّالة للكشف عن «الأخبار المزيفة» وتحليلها.

تُعرَّف «الأخبار المزيّفة» بأنها محتوى إعلامي يُنشأ ويُنشر بهدف التضليل أو التلاعب بالرأي العام، وغالباً ما يصار إلى استخدامه لتحقيق غايات سياسية واقتصادية أو اجتماعية. وتتنوّع تقنيات إنشاء «الأخبار المزيّفة» بين التلاعب البسيط بالمعلومات... واستخدام تقنيات متقدمة مثل التزييف العميق، الأمر الذي يزيد من تعقيد اكتشافها.

جهود مبتكرة

من هذا المنطلق والمبدأ، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، يقود الدكتور بريسلاف ناكوف، أستاذ ورئيس قسم معالجة اللغة الطبيعية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، جهوداً مبتكرة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وخصوصاً تحليل الطرق المستخدمة في الإعلام للتأثير على الرأي العام. ويبرز ضمن أبرز إسهامات ناكوف تطوير تطبيق «فرابيه - FRAPPE»، وهو أداة تفاعلية مصممة لتحليل الأخبار عالمياً، حيث يقدم التطبيق رؤية شاملة حول أساليب الإقناع والخطاب المستخدمة في المقالات الإخبارية، ما يمكّن المستخدمين من فهم أعمق للسياقات الإعلامية المختلفة. ويشير ناكوف إلى أن «فرابيه» يساعد المستخدمين على تحديد كيفية صياغة الأخبار وتأطيرها في بلدان مختلفة، ما يتيح رؤية واضحة لتباينات السرد الإعلامي.

تحليل أساليب الإقناع

مع أن دراسة أساليب الإقناع لها جذور قديمة تعود إلى الفيلسوف الإغريقي القديم أرسطو، الذي أسس لمفاهيم الأخلاق والعاطفة والمنطق كأساس للإقناع، فإن فريق ناكوف أضاف تطويرات جديدة لهذا المجال.

وعبر تحليل 23 تقنية مختلفة للإقناع، مثل الإحالة إلى السلطة، واللعب على العواطف، وتبسيط الأمور بشكل مفرط، يُسهم «فرابيه» في كشف أساليب الدعاية وتأثيرها على القراء. وتُظهر هذه الأساليب كيف يمكن للإعلام أن يختار كلمات أو صوراً معينة لتوجيه فهم الجمهور. وكمثال، يمكن تأطير قضية تغيّر المناخ كمشكلة اقتصادية أو أمنية أو سياسية، حسب الإطار الذي تختاره الوسيلة الإعلامية.

التشديد على أهمية تقنيات التحليل والكشف و"فلترة" المعلومات لجعل شبكة الانترنت مكاناً آمناً. (رويترز)

تقنية التأطير الإعلامي

أيضاً من الخواص التي يستخدمها تطبيق «فرابيه» تحليل أساليب التأطير الإعلامي، وهنا يوضح ناكوف أن التطبيق يمكّن المستخدمين من مقارنة كيفية تناول وسائل الإعلام للقضايا المختلفة؛ إذ يستطيع التطبيق أن يُظهر كيف تركّز وسيلة إعلامية في بلد معيّن على الجوانب الاقتصادية لتغير المناخ، بينما قد تركز وسيلة إعلامية في بلد آخر على الجوانب السياسية أو الاجتماعية.

وفي هذا السياق، يعتمد التطبيق على بيانات متقدّمة مثل قاعدة بيانات «SemEval-2023 Task 3»، التي تحتوي على مقالات بأكثر من 6 لغات، ما يجعل «فرابيه» قادراً على تحليل محتوى إعلامي عالمي متنوع. ويستخدم التطبيق الذكاء الاصطناعي لتحديد الإطارات السائدة في الأخبار، كالهوية الثقافية أو العدالة أو المساواة ما يساهم في تقديم صورة أوضح للسياق الإعلامي.

الذكاء الاصطناعي أداة أساسية

الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في تطبيق «فرابيه»؛ إذ إنه يتيح للتطبيق تحليل الأنماط اللغوية التي تؤثر على آراء القراء. وهنا يقول ناكوف، خلال حواره مع «الشرق الأوسط» عن قدرات التطبيق: «يُعد الذكاء الاصطناعي في (فرابيه) عنصراً أساسياً في تحليل وتصنيف واكتشاف الأنماط اللغوية المعقّدة التي تؤثر على آراء القراء وعواطفهم». ويضيف أن هذا التطبيق «يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أساليب الإقناع والدعاية، مثل الشتائم ولغة الترهيب، والتنمّر والمبالغة والتكرار. ولقد جرى تدريب النظام على التعرّف على 23 تقنية مختلفة غالباً ما تكون دقيقة ومعقّدة في محتوى الوسائط في العالم الحقيقي».

ويتابع ناكوف شرحه: «... ويستخدم التطبيق أيضاً الذكاء الاصطناعي لإجراء تحليل التأطير، أي لتوصيف وجهات النظر الرئيسة التي تُناقش قضية ما من خلالها مثل الأخلاق والعدالة والمساواة والهوية السياسية والثقافية وما إلى ذلك. ويسمح هذا للتطبيق بتمييز الإطارات الأساسية التي تؤثّر على كيفية سرد القصص وإدراكها، وتسليط الضوء على الإطارات المهيمنة في المقالة ومقارنتها عبر مصادر الوسائط والبلدان واللغات».

التحيزات الإعلامية

من جهة ثانية، بين التحديات الكبرى التي يواجهها الباحثون في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ضمان الموضوعية والتقليل من التحيّز. وفي هذا الجانب، يوضح ناكوف أن «فرابيه» يركّز على تحليل اللغة المستخدمة في المقالات وليس على تقييم صحتها أو موقفها السياسي، وكذلك يعتمد التطبيق على تصنيفات موضوعية وضعها صحافيون محترفون لتحديد أساليب الإقناع والدعاية، ما يقلل من مخاطر التحيّز.

وبالفعل، تمكن «فرابيه»، حتى الآن، من تحليل أكثر من مليوني مقالة تتعلق بمواضيع مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتغير المناخ. ويدعم التطبيق راهناً تحليل المحتوى بـ100 لغة، ويخطط الفريق لتوسيع نطاقه ليشمل لغات إضافية وتحسين دقة التحليل، ما سيعزّز قدرة التطبيق على فهم الأنماط الإعلامية عالمياً.

وفي حين يأمل الباحثون أن يصبح هذا التطبيق أداة أساسية للصحافيين والأكاديميين لفهم أساليب الإقناع والدعاية، يشير ناكوف إلى أهمية تطوير مثل هذه التقنيات لمساعدة الناس على التمييز بين الحقائق والدعاية، خاصة في عصر تزايد استخدام المحتوى «المؤتمت» والمعلومات المضللة. وبالتوازي، يسهم «فرابيه» بدور حيوي في تمكين الجمهور من تحليل الأخبار بطريقة أكثر وعياً وموضوعية، ووفق ناكوف: «في عصرنا الحالي، يمكن أن تُستخدم أساليب الإقناع لتضليل الناس؛ ولهذا السبب نحتاج إلى أدوات تساعد في فهم اللغة التي تشكّل أفكارنا». وبالتالي، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يصبح «فرابيه» نموذجاً لتطبيقات مستقبلية تسعى لتعزيز الشفافية في الإعلام وتقليل تأثير التضليل الإعلامي.

مكافحة «الأخبار المزيّفة»

في سياق متصل، تمثل خوارزميات الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مكافحة «الأخبار المزيّفة»؛ حيث تعتمد على تقنيات متقدمة لتحليل النصوص والصور ومقاطع الفيديو.

ومن بين أبرز التقنيات المستخدمة في هذا المجال يمكن أيضاً تحليل النصوص؛ إذ تعتمد خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية على تحليل لغة المقالات والتحقق من الأسلوب، واكتشاف المؤشرات اللغوية التي قد تشير إلى التضليل.

كذلك تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على التحقّق من المصادر، وبالأخص من موثوقية المصادر الإعلامية من خلال تحليل تاريخ النشر والتكرار والمصداقية، والتعرف على التزييف البصري عن طريق استخدام تقنيات التعلم العميق للكشف عن الصور أو الفيديوهات المزيفة باستخدام خوارزميات يمكنها تحديد التلاعبات البصرية الدقيقة.

التحديات المستقبلية

ولكن، على الرغم من النجاح الكبير للذكاء الاصطناعي في هذا المجال، لا بد من القول إن التحديات لا تزال قائمة. من هذه التحديات تزايد تعقيد تقنيات التزييف، بما في ذلك عبر تطوّر تقنيات مثل «التزييف العميق» الذي يزيد مهمة كشف «الأخبار المزيّفة» صعوبة. وأيضاً ثمة مشكلة «تحيّز البيانات (أو المعطيات)» حيث يمكن أن تتأثر خوارزميات الذكاء الاصطناعي ببيانات التدريب، ما قد يؤدي إلى نتائج قليلة الدقة أو متحيزة. وبالطبع، لا ننسى أيضاً إشكالية التنظيم القانوني مع طرح استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق تساؤلات حول الخصوصية والموثوقية والمسؤولية القانونية.