فتاة مصرية تواصل السعي لتحقيق مبادرة «ضابطة الشرطة»

كلارا ميلاد كما تتمنّى أن تكون («الشرق الأوسط»)
كلارا ميلاد كما تتمنّى أن تكون («الشرق الأوسط»)
TT

فتاة مصرية تواصل السعي لتحقيق مبادرة «ضابطة الشرطة»

كلارا ميلاد كما تتمنّى أن تكون («الشرق الأوسط»)
كلارا ميلاد كما تتمنّى أن تكون («الشرق الأوسط»)

على الرغم من أنها لم تتجاوز 18 عاما، مكّنها طموحها من إطلاق مبادرة "شرطية مصرية" التي ترمي إلى السماح للفتيات بالالتحاق بكلية الشرطة بعد حصولهن على شهادة إتمام الدراسة الثانوية.
ووفقاً للوائح كلية الشرطة، لا يُقبل للالتحاق بها من الحاصلين على الثانوية العامة إلا الذكور، بينما يحق للفتيات الالتحاق عن طريق ما يعرف باسم "الضباط المتخصصين"، عقب إنهائهنّ الدراسة الجامعية.
بدأت الفكرة مع رغبة لدى كلارا ميلاد في دخول كلية الشرطة والقيام بالمهمات المختلفة لا الإعمال الإدارية فقط، لكن حلمها اصطدم بالواقع القانوني المذكور.
تقول كلارا لـ"الشرق الأوسط": "ميولي لم تكن تقليدية للالتحاق بكلية الطب أو الهندسة أو سوى ئلك، فحلمي هو أن أكون ضابط شرطة. لكن في مصر معظم مهمات الشرطة النسائية تنحصر في الشؤون الإدارية. فكانت الفكرة لماذا لا يجري توسيع مهمات الشرطة النسائية في مصر؟".
ذات يوم، تعرض والدها لحادث سطو بعدما تعقبه لصان يستقلان دراجة نارية أثناء خروجه من بنك وسلباه مائتي ألف جنيه كانت في حوزته، مما سبب له مشكلة كبيرة.
قررت كلارا مساعدة والدها والشرطة، وفرّغت أشرطة الكاميرات في محيط منزلها، لكن صور اللصين لم تكن واضحة. ثم ساعدها ضابط من المباحث، واكتشفا وجود شخص كان يراقب محيط المنزل أثناء وقوع الحادث، فراحت كلارا تبحث عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما نجحت في تحرّياتها أبلغت مديرية أمن الإسكندرية التي تمكّنت من توقيف اللصين، وقدمت الشكر والتكريم لكلارا على مساهمتها في حل القضية.

شرطية مصرية
بعد ذلك، أنشأت كلارا صفحة "شرطية مصرية" على موقع "فيسبوك" ليكون نقطة الانطلاق نحو الانتشار الواسع والتفاعل مع جمهور وسائل التواصل الاجتماعي.
تقول: "بحثت بشكل متعمق في الدستور المصري والقوانين الناظمة للالتحاق بكليات الشرطة، فوجدت في الدستور المادة 14 التي تؤكد أن اختيار الأشخاص في الوظائف العامة لا بد أن يكون على أساس الكفاءة ومن دون محاباة، وكذلك المادة 9 تُلزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين بلا تمييز مما يعني أنه لا فرق بين رجل وامرأة".
نشرت كلارا فكرتها وروّجت لها عبر وسائل التواصل، ونزلت إلى الشارع لتصوير أشرطة مع مواطنين خصوصاً من الرجال، لاستطلاع آرائهم وتلمّس مدى تقبلهم فكرة وجود ضابطة في الشارع وقسم الشرطة.
تضيف: "مع بداية التصوير لرصد آراء الناس، فوجئت بتقبل قطاع عريض من العينة العشوائية التي التقيتها لفكرة وجود ضابطة تمارس كل المهمات. كانت هناك تحفظات ورفض من البعض، لكني خلصت إلى وجود قبول مبدئي كبير يمكن الاستناد إليه في الترويج للمبادرة. وكان لوسائل التواصل دور كبير للغاية، فقد تفاعلت مع الفكرة فتيات كثيرات تمنّين تحقّق المبادرة حتى تتاح لهن فرصة العمل في صفوف الشرطة والاضطلاع بدور مؤثر".
عملت كلارا على التواصل مع الجهات الرسمية لتوضيح مبادرتها، واتخاذ خطوات فعلية لتحويلها إلى واقع ملموس.
تقول: "أول اجتماع رسمي كان مع وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي الذي أبدى دعمه للمبادرة في حضور مستشارين قانونيين للوزارة، وحصل على ملف المبادرة ووعد بدرسه وعرضه على مجلس الوزراء".
بدأت بعدها التواصل مع عدد من أعضاء البرلمان لعرض المبادرة عليهم، إلى جانب التواصل مع المجلس القومي للمرأة الذي كان سندا كبيرا لكلارا التي تضيف: "وزير الدفاع الفريق محمد زكي أبدى إعجابه بالفكرة، وطلب من مساعده الحصول على ملف المبادرة ودرسه".
تطمح كلارا ميلاد إلى أن تسلك مبادرتها طريق التنفيذ قبل أن تنهي دراستها الثانوية لتتمكن من تحقيق حلمها والالتحاق بكلية الشرطة.

*من مبادرة «المراسل العربي»



إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
TT

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده ردوداً متباينة، فبينما رأى مؤيدوه أنه «واجهة مدنية جيدة»، رأى معارضوه أنه «استمرار للنظام السابق»، ووسط الجدل الدائر بشأن الفنان المقيم في القاهرة، الذي لم يحسم بعد موعد عودته إلى دمشق، تصاعدت التساؤلات بشأن فرص التيار المدني في الوصول إلى سُدّة الحكم، في ظل سيطرة فصائل مسلحة على المشهد.

وأطاحت فصائل المعارضة في سوريا بالرئيس بشار الأسد، الأحد الماضي، بعد هجوم خاطف شهد، في أقل من أسبوعين، انتزاع مدن كبرى من أيدي النظام، وصولاً إلى دخولها العاصمة دمشق.

وتعليقاً على سقوط نظام الأسد، أعرب الفنان السوري وعضو «هيئة التفاوض السورية» جمال سليمان، في تصريحات متلفزة، عن «رغبته في الترشح لرئاسة البلاد، إذا لم يجد مرشحاً مناسباً»، مشيراً إلى أن ترشحه «رهن بإرادة السوريين». وأضاف: «أريد أن أكسر هذا (التابوه) الذي زرعه النظام، وهو أنه لا يحق لأحد الترشح للرئاسة أو للوزارة، وأن النظام هو فقط مَن يقرر ذلك».

سليمان لم يحدّد بعد موعد عودته إلى سوريا (حساب سليمان على «فيسبوك»)

وأكد أن «الانتقال السياسي في سوريا يجب أن يشمل جميع الأطياف، مع الابتعاد عن حكومة (اللون الواحد)»، مشدداً على «ضرورة طي صفحة الماضي». وقال: «نريد سوريا ديمقراطية تشكل الجميع». وتأكيداً على رغبته في المصالحة، قال سليمان إنه «سامحَ كل مَن اتهمه سابقاً بالخيانة».

وأثارت تصريحات سليمان جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدّ حساب باسم «يمان»، على منصة «إكس»، سليمان بأنه «وجه تسويقي مثالي لسوريا، وشخصية مقبولة من الكل؛ بسبب أصوله الطائفية المختلفة».

بيد أن بعضهم انتقد رغبة جمال سليمان في الترشح للرئاسة، وعدّوها بمنزلة «إعادة للنظام السوري»، مشيرين إلى تصريحات سابقة لسليمان، وصف فيها بشار الأسد بـ«الرئيس».

وفي حين أبدى الكاتب والباحث السياسي السوري غسان يوسف دهشته من شنّ حملة ضد جمال سليمان، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المبكر الحديث عن الانتخابات الرئاسية، لا سيما أن الحكومة الانتقالية الحالية ستستمر حتى الأول من مارس (آذار) المقبل».

وقال يوسف إن «الحكومة الانتقالية هي مَن ستضع ملامح الدولة السورية المقبلة»، موضحاً أن «الدستور الحالي يكفل لأي مسلم الترشح في الانتخابات، من دون النص على مذهب معين، ومن غير المعروف ما إذا كان سيُغيَّر هذا النص أو المادة في الدستور الجديد».

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوري المقيم في مصر عبد الرحمن ربوع، أن «حق أي مواطن تنطبق عليه شروط الترشح أن يخوض الانتخابات»، موضحاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «جمال سليمان فنان مشهور، وناشط سياسي له جهود معروفة في المجالَين السياسي والإنساني السوريَّين طوال 13 عاماً، ما يجعله واجهةً جيدةً لمستقبل سوريا، لا سيما أنه كان من جبهة المعارضة التي دقّت أول مسمار في نعش نظام الأسد». وفق تعبيره.

جمال سليمان له نشاطات سياسية سابقة (حساب سليمان على «فيسبوك»)

وأعرب ربوع، الذي أبدى دعمه لجمال سليمان حال ترشحه للرئاسة، عن سعادته من حالة الجدل والانتقادات والرفض لترشحه، قائلاً: «لم يكن بإمكاننا الترشح في الانتخابات، ناهيك عن رفض مرشح بعينه. هذه بوادر سوريا الجديدة».

ولعب سليمان دوراً في مقعد المعارضة، والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في فبراير (شباط) 2021. وقال، في منشور عبر «فيسبوك»، إنه «طرح خلال اللقاء، بصفته الشخصية، مقترح تشكيل (مجلس عسكري) يحكم سوريا في المرحلة الانتقالية، بوصفه صيغةً بديلةً لجسم الحكم الانتقالي الواردة في وثيقة جنيف، التي لم ترَ النور».

وتثير سيطرة التيار الإسلامي على المشهد الحالي في سوريا، تساؤلات بشأن تأثيرها في فرص المرشحين المدنيين للانتخابات الرئاسية في سوريا. وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) محمود بدر، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «جمال سليمان رجل وطني محترم ومعارض وطني شريف»، متسائلاً عمّا «إذا كانت القوى المسيطرة على المشهد حالياً في سوريا ستسمح بانتخابات وبوجود شخصيات وطنية».

وهنا قال المحلل السياسي غسان يوسف: «إن الأمر رهن الدستور المقبل وقانون الانتخابات الجديد، ومن المبكر الحديث عنه، لا سيما أنه من غير الواضح حتى الآن ما الذي سينصُّ عليه الدستور الجديد لسوريا».

ويشير ربوع إلى أن «التيار الإسلامي» أظهر قدراً مفاجئاً من التسامح والعفو، لكن يتبقى أن ينفتح على المعارضة المدنية، التي ما زالت أبواب سوريا مغلقة أمامها. وأعرب عن تفاؤله بالمستقبل، مؤكداً «الاستمرار في الضغط من أجل دولة مدنية في سوريا».

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن تولّي فنانين مناصب سياسية أو حتى رئاسة الدولة أمر تكرر في العالم وليس جديداً، ضارباً المثل بالرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، والرئيس الأوكراني الحالي فولوديمير زيلينسكي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن النظرة التقليدية للفنان كأن يراه الناس (أراجوزاً) موجودة ولها تنويعات في العالم أجمع، ومن المؤكد أن التيار الإسلامي يرفض الفن عموماً، لذلك فمن الصعب أن يُقبَل فنان رئيساً».

مطار دمشق بعد سقوط نظام الأسد (أ.ف.ب)

لم يحدّد سليمان موعد عودته إلى سوريا، لكنه سبق وقال، في منشور عبر حسابه على «فيسبوك»، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، إنه «يتوق للعودة» إلى بلاده، التي أُجبر على «مغادرتها تحت سطوة الترهيب والتهديد المباشر». وأضاف: «سنعود إلى سوريا عندما يكون هناك نظام ديمقراطي يقبل الاختلاف ويقبل المحاسبة، نظام يقوم على الشفافية وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة».

وكان الفنان السوري المولود في دمشق عام 1959 قد حصل على درجة الماجستير في اﻹخراج المسرحي بجامعة ليدز البريطانية في عام 1988. وبعد عودته إلى سوريا بدأ التمثيل في عدد كبير من الأعمال الدرامية، منها «صلاح الدين الأيوبي»، و«ربيع قرطبة»، و«ملوك الطوائف»، «التغريبة الفلسطينية».

وبدأ سليمان رحلته في الدراما المصرية عبر مسلسل «حدائق الشيطان» في عام 2006، ليكمل رحلته في بطولة عدد من الأعمال على غرار «قصة حب»، و«الشوارع الخلفية»، و«سيدنا السيد»، و«نقطة ضعف»، و«الطاووس». و«مين قال».