بينما حذر مسؤول حكومي جزائري، يعد من أشد الموالين للرئيس بوتفليقة، من «انزلاق خطير محتمل» غدا الجمعة، بمناسبة الإعلان عن «مسيرات مليونية» ضد ترشح الرئيس لولاية خامسة، ناشد مثقفون وناشطون سياسيون، وأشخاص كانوا في الحكم في وقت سابق، المتظاهرين «الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاج».
وجاء في لائحة وزعت على وسائل الإعلام أمس، حملت إمضاء رئيس الوزراء سابقا أحمد بن بيتور، ووزير الإعلام سابقا عبد العزيز رحابي، والباحث المعروف في علم الاجتماع ناصر جابي، وعضو ثورة التحرير الرائد لخضر بورقعة، والناشط السياسي حيدر بن دريهم، وآخرين، أنهم «يحيَون الانتفاضة الشعبية السلمية، التي تشهدها أغلبية المدن بعموم الوطن، وينادون بوقف نهج الاستخفاف وإهانة الشعب الجزائري ورجاله عبر التاريخ، من خلال مسعى ترشيح السيد عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي».
وأشار أصحاب اللائحة إلى أن المتظاهرين، وهم بمئات الآلاف، «يطالبون بتغييرات سياسية حقيقية، تعجّل بالقطيعة مع النظام السياسي، الذي برهن على وصوله إلى حالة إفلاس حقيقية.. وإن كنا لا ندّعي المبادرة بالدعوة إلى هذه الانتفاضة السلمية، فضلا عن قيادتها، إذ كانت عفوية تداعت إليها مختلف فئات الشعب نتيجة التراكمات السلبية، فإننا نعلن دعمنا لها، ومساندتنا لمطالبها في أسلوبها المتحضر والسلمي، وندعو إلى احتضان هذه الدينامية»، في إشارة إلى «مسيرات مليونية» منتظرة غدا في كل أنحاء البلاد، والتي يجري الترويج لها بقوة في شبكة التواصل الاجتماعي.
وحملت اللائحة السلطة «مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بسبب استثمارها في تمييع الممارسة السياسية، وتكسير كل الوسائط التي يمكن أن تؤطر المجتمع، أو تعبر تعبيرا صادقا عن طموحاته وتطلعاته، بل وأمعنت في الاستهانة بالدولة، وتضييع هيبتها بتكريس سلوكات ومعايير، كانت سببا في الفساد، وتهميش طاقات وكفاءات وطنية بل وتهجيرها».
وناشد الموقعون على اللائحة كل التيارات الفكرية والسياسية والحزبية «إبقاء حراك الانتفاضة الشعبية بعيدا عن محاولات الاحتواء والاستغلال، حفاظا على طبيعته الشعبية الجامعة. ونطالب السلطة السياسية القائمة بالامتناع عن الاستخدام غير الدستوري لأجهزة الدولة لقمع أو تحريف الانتفاضة، أو إخراجها عن أسلوبها السلمي». معلنين عن انخراطهم في المسيرات المعلنة عنها غدا الجمعة.
ونزل أمس إلى الميدان وزير العدل الطيب لوح، الذي يعد الرقم الثاني في مديرية حملة الرئيس بوتفليقة، ووزير التجارة سابقا عمارة بن يونس، لمحاولة ثني الشباب عن الانضمام إلى مظاهرات الجمعة. وزار الأول مدينة عنابة بشرق البلاد، في إطار نشاط حكومي يتمثل في تدشين محكمة جديدة. ووجد في انتظاره عشرات المحامين، رفعوا لافتات كبيرة أمام مدخل المحكمة كتب عليها «لا للعهدة الخامسة» و«بوتفليقة..إرحل». لكن تم اعتقال خمسة محامين وتفريق بقية المتظاهرين، قبل أن يتم إطلاق سراحهم في آخر النهار.
وحذر لوح أثناء وجوده بعنابة من «سقوط بلادنا في الانحراف الذي عاشته دول أخرى»، في إشارة ضمنا إلى سوريا التي تسوقها السلطة في الجزائر للتخويف من تبعات تنحي بوتفليقة عن الحكم.
وقال لوح إن «شبابنا مدعو إلى أخذ الحيطة حيال محاولات جره إلى المجهول، في حين أن البلاد مقبلة على مرحلة حاسمة تتسم بتنظيم انتخابات رئاسية»، مقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل.
من جهته، التقى بن يونس أنصار الرئيس بمدينة الشلف (200 كلم غرب العاصمة)؛ حيث أثنى على «أفضال بوتفليقة في مجال استعادة السلم». وقد حاول معارضون لترشح الرئيس منعه من إلقاء خطاب؛ حيث أثاروا صخبا بمعارضتهم «العهدة الخامسة»، لكن قوات الأمن تدخلت لإبعادهم من المكان. وتعهد بن يونس باسم الرئيس، بـ«تغييرات عميقة في أساليب الحكم»، قال إنها ستكون محل بحث خلال «ندوة وطنية جامعة»، ستعقد حسبه، بعد انتخاب بوتفليقة لفترة خامسة.
في غضون ذلك، أعربت باريس في أن تسمح الانتخابات الرئاسية في الجزائر بـ«تلبية التطلعات العميقة» للشعب الجزائري، حسبما تصريحات أدلى بها أمس المتحدث باسم الحكومة الفرنسية لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المتحدث بنجامان غريفو لدى الخروج من جلسة لمجلس الوزراء إن «الشعب الجزائري وحده مسؤول عن اختيار قادته وتقرير مصيره بأمن وسلام... ونتمنى أن تعطي هذه الانتخابات للجزائر الحافز اللازم لمواجهة التحديات وتلبية التطلعات العميقة لشعبها».
وتواجه السلطات الجزائرية احتجاجات منذ إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في العاشر من فبراير (شباط) الجاري ترشحه لولاية خامسة، رغم أنه يعاني من آثار جلطة دماغية أصيب بها في 2013. وأضاف المتحدث أنه في باريس «تم التطرق باقتضاب» للمسألة خلال جلسة مجلس الوزراء صباح أمس، في إشارة إلى «بلد صديق» و«شريك مهم تربطنا به صلات متينة». وأضاف المتحدث «أخذنا علما بقرار الرئيس بوتفليقة الترشح للانتخابات الرئاسية في الجزائر في 18 من أبريل المقبل، ونأمل في أن يجري هذا الاقتراع في شروط جيدة والتحقق من شفافية الحملة».
أنصار بوتفليقة في الميدان لثني المحتجين عن المشاركة في «مليونية الجمعة»
مثقفون يطالبون المتظاهرين بالحفاظ على الطابع السلمي للحراك الشعبي
أنصار بوتفليقة في الميدان لثني المحتجين عن المشاركة في «مليونية الجمعة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة