إسرائيل حائرة بين ضرب «حماس» وإبرام صفقة شاملة

الحكومة قلقة من حسابات انتخابية... والحركة أعدت لوائح الأسرى للتبادل

TT

إسرائيل حائرة بين ضرب «حماس» وإبرام صفقة شاملة

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمقربين منه حائرون بين توجيه ضربة عسكرية قاسية إلى حركة «حماس» في قطاع غزة أو التوصل إلى صفقة شاملة معها تتضمن تبادل أسرى وتهدئة طويلة الأمد. وانكب مساعدو نتنياهو على فحص أي الخيارين أجدى له في الانتخابات العامة المقررة في 9 أبريل (نيسان) المقبل.
وقالت المصادر إن نتنياهو يواجه انتقادات شديدة من معارضيه في إسرائيل وفي الغرب وفي العالم العربي، لأنه يوافق على تحويل الأموال إلى «حماس» وفي الوقت نفسه يقتطع الأموال من السلطة الفلسطينية. وهناك أوساط معارضة في إسرائيل تتهمه بدعم «حماس» وتشجيعها، فيما يدير حملة تحريض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يعلن استعداده للتفاوض غير المشروط على تسوية سلمية، إضافة إلى حملة الاعتقالات في صفوف حركة «فتح» في القدس والضفة الغربية.
ويمارس آخرون ضغوطاً على نتنياهو لشن حرب ضد «حماس» أو توجيه ضربة قاسية ومحدودة كي يبدد ويفند تهمة التواطؤ مع القوى المتشددة ومحاربة قوى الاعتدال، فيما يرى فريق أن التوصل إلى صفقة مع «حماس» يخدم نتنياهو أكثر، إذ إنها ستتضمن إعادة رفات جنديين يهوديين وإطلاق سراح أسيرين إسرائيليين لدى «حماس». والأمر سيحقق له مكاسب انتخابية كبيرة.
وأعلنت «حماس» أن لوائح الأسرى التي تنوي تقديم طلب بالإفراج عنهم في صفقة تبادل جديدة «جاهزة»، لكنها أكدت أن هذا الملف منوط بالموافقة على شروطها. وأوضحت المصادر أن أول هذه الشروط هو «الإفراج عن محرري (صفقة تبادل الجندي الإسرائيلي) غلعاد شاليط، من دون حسبانهم من العدد المطلوب الإفراج عنه في التبادل المقبل».
وكانت أوساط في اليمين الإسرائيلي قد كشفت عن «محادثات سرية لم تتوقف بين الطرفين» بوساطة مصر، وأن نتنياهو بدأ يخفف من معارضته لعدد من شروط «حماس»، مثل الإفراج عن أسرى صفقة شاليط الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم. وقالت القناة «السابعة» العبرية التابعة للمستوطنين المتطرفين إن «صفقة تبادل جديدة قد تعقد قريباً، وتحديداً قبيل إجراء انتخابات الكنيست القريبة».
ونقل الصحافي في القناة يوني بن مناحيم، المعروف بقربه من اليمين الحاكم، عن مصادر بينها جهات من «حماس» أن «إسرائيل تسعى إلى تبادل جديد، ونتنياهو يريد استخدام هذه الصفقة في الدعاية الانتخابية»، لافتاً إلى أن مسؤولين في جهاز «الشاباك» التقوا قبل مدة 30 أسيراً من محرَّري «صفقة شاليط» داخل السجون «بهدف ترتيب الإفراج عنهم». وذكر أن «حماس طالبت بالإفراج عن 1500 أسير، منهم 500 من المحكومين بالمؤبد مقابل الإفراج عن الجنود المحتجزين لديها».
ولا يستبعد مراقبون أن يكون نتنياهو «يستخدم سياسة الجزرة والعصا تجاه حماس فقط في إطار حساباته الانتخابية، فتجد نفسها تشارك في لعبته هذه بقصد أو من دون قصد». فمن جهة يحثها على التقدم في الصفقة ومن جهة ثانية يهددها بالحرب. وفي الحالتين سيكون القرار فقط وفق تطورات معركته الانتخابية وما يخدم مصلحة بقائه في الحكم وتغلبه على خصومه من «حزب الجنرالات» بزعامة بيني غانتس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».