الافتقار إلى الفاعلية يزحف على هجوم ليفربول

التناغم بين ثلاثي المقدمة اختفى خصوصاً مع ابتعاد صلاح عن مستواه المعهود

صلاح تاه بين دفاع مانشستر يونايتد في المواجهة الأخيرة (رويترز)
صلاح تاه بين دفاع مانشستر يونايتد في المواجهة الأخيرة (رويترز)
TT

الافتقار إلى الفاعلية يزحف على هجوم ليفربول

صلاح تاه بين دفاع مانشستر يونايتد في المواجهة الأخيرة (رويترز)
صلاح تاه بين دفاع مانشستر يونايتد في المواجهة الأخيرة (رويترز)

حانت لحظة بعد مرور نحو ساعة من المباراة استحوذ عندها جوردان هندرسون على الكرة في دائرة منتصف الملعب... في تلك اللحظة، رفع عينيه لأعلى، وانتظر قليلاً، وعاود النظر من جديد، وعندما لم يجد أمامه خيار آخر، أطلق كرة طويلة إلى الأمام. ونجح مدافع يونايتد كريس سمولينغ في تسلم الكرة برأسه في مواجهة مهاجم ليفربول ساديو ماني، ومرة أخرى تلاشت واحدة من هجمات ليفربول كأنها لم تكن.
الواضح أن الزخم الذي تمتع به الفريق خلال نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين انحسر تماماً، ومع أن ليفربول لا يزال يملك اللقب في متناول يديه، فإن ثمة شعوراً عاماً اليوم بأن الزخم الحقيقي أصبح في صفوف مانشستر سيتي.
وكانت هناك مشاعر إحباط تجاه أمور بعينها هنا، خصوصاً أن مانشستر يونايتد قضى الشوط الأول من المباراة بأكمله في محاولة إعادة تنظيم صفوفه، وأصبحت المنطقة الفنية الخاصة بالفريق أشبه بمنطقة حجر صحي. إلا إن الحقيقة أنه منذ الفوز بنتيجة 5 - 1 أمام آرسنال نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لم يقدم ليفربول نمط الأداء الهجومي الذي أصبح مشهوراً به تحت قيادة يورغن كلوب.
ورغم فوز ليفربول أمام بورنموث بنتيجة 3 - صفر، فإنه من الواضح أن مباريات ليفربول ستبقى دوماً مفتوحة ومن غير المحتمل للغاية أن تتحول لمعركة. كان هذا التعادل الرابع لليفربول خلال المباريات الخمس الأخيرة، وثاني مرة فقط يخفق فيها الفريق في تسجيل أهداف خلال مباراتين متتاليتين خلال هذا الموسم.
في الواقع، ثمة ميل دائم داخل الإنسان لأن يرغب فيما لا يمكنه نيله، وأن يعتقد أن ظروفه القائمة ليست بالمستوى المطلوب، لكن الحقيقة بالنسبة لليفربول أنه مرت فترات من قبل خلال الموسم الحالي بدا خلالها خط وسط الفريق فاعلاً على نحو متميز. ولا يمكن لأحد قادر على التفكير بواقعية التشكيك في أن ليفربول استفاد من بيع فيليبي كوتينيو الذي رغب في الرحيل عن النادي في كل الأحوال، والذي ساعد ثمنه في تسديد ثمن فيرجيل فان دايك. إلا إنه في الوقت ذاته مرت فترات خلال هذا الموسم بدا خلالها الفريق مفتقراً إلى روح الابتكار والإبداع التي تميز بها كوتينيو.
وكان هذا واضحاً على نحو خاص، على سبيل المثال، في أسلوب خوض الفريق مباراتي الإياب أمام نابولي وباريس سان جيرمان في بطولة دوري أبطال أوروبا. ربما لو لم يكن أليكس أوكسليد تشامبرلين قد استبعد من تشكيلة الفريق بسبب تعرضه لإصابة في الرباط الصليبي، لكان أضفى بعض الإثارة على أداء الفريق. ومع هذا، تظل الحقيقة أن فريقاً مثل ليفربول يعتمد في خط وسطه على هندرسون وفابينيو وجورجينيو فينالدوم، سيبقى دوماً في مواجهة مخاطرة الافتقار إلى الذكاء الماكر داخل الملعب.
ويثير هذا بدوره تساؤلاً حول كيف أن ليفربول الموسم الماضي - حتى بعد إصابة أوكسليد تشامبرلين في الرباط الصليبي - لم يقدم قط هذا المستوى من الأداء الباهت. ربما تكمن الإجابة في الضغط، الذي أعلن كلوب ذات مرة أنه صانع الألعاب الأول في العالم. وتعتمد فكرة الضغط على اللعب في منقطة متقدمة من الملعب، وإبقاء الخصم تحت ضغط مستمر، الأمر الذي سيفرز حتماً فرصاً وأخطاء. كانت تلك النظرية التي خدمت كلوب داخل مينز وبوروسيا دورتموند، وكان يتبعها داخل ليفربول أيضاً.
بيد أن المشكلة أن تطبيقها كان له ثمنه، فقد أنجز ليفربول الموسم الماضي في حالة إنهاك بعد أن تعرض الفريق لضغوط قصوى. كان ليفربول يجري بسرعة بالغة. وعليه، اضطر كلوب لاتخاذ خطوة منطقية تتمثل في محاولة تخفيف حدة الضغوط عن الفريق بعض الشيء. هذا الموسم، يمكن القول بوجه عام إن أداء ليفربول بمجال الضغط لم يقترب مما كان عليه الموسم الماضي. ونتج عن ذلك وقوع عدد أقل من الإصابات في صفوف الفريق وتحسن أداء الدفاع، لكن هذا التحول في التوجه سلط الضوء كذلك على غياب القوة عن صفوف خط الوسط منذ رحيل كوتينيو.
ولم يكن أيٌ من هذا ليشكل أهمية حقيقية لو أن الثلاثي الهجومي كان في حالة التألق التي أبداها خلال الأشهر الأخيرة من الموسم الماضي، لكن الحال لم تعد كذلك. في الفترة الأخيرة، عانى روبرتو فيرمينو تحت وطأة الإصابة بفيروس وخرج من ملعب يونايتد مستنداً على عكازات بعد تعرضه لإصابة في الكاحل. كما بدا محمد صلاح بعيداً عن مستواه المعتاد خلال الأسابيع الأخيرة على نحو غريب، وبدا أشبه بساحر فقد قدراته السحرية فجأة. أما ماني، الذي سجل 4 أهداف في مباريات متعاقبة قبل التعادل أمام بايرن ميونيخ، فقد وجد نفسه يحمل العبء وحده. إلا إنه بالنظر إلى العمق الذي لعب به مانشستر يونايتد، بدا من غير المحتمل على الإطلاق أن تتوافر مساحة خلف خط الدفاع يمكنه شن هجوم منها بالنظر إلى سرعته.
ومع هذا، ربما يدفعنا الحديث عن الأفراد إلى الانشغال عن النقطة الجوهرية في الأمر، وهي أن التفاعل بين اللاعبين الثلاثة في خط الهجوم لم يعد بالمستوى الذي كان عليه. ولم يعد هناك التفاهم والتناغم الفوري الذي كان قائماً بينهم من قبل. يرتبط أحد الأسباب وراء ذلك بتمركز لاعبي الخصوم في عمق شديد. ويتمثل سبب آخر في زحف حالة من التردد إلى داخل أسلوب لعب ليفربول الهجومي، الأمر الذي خلف تداعيات بمختلف أرجاء الملعب. وحال استمرار هذه المشكلة، فلا يبقى أمام هندرسون خيارات تذكر، الأمر الذي ربما يفسر تفضيله في الفترة الأخيرة إطلاق كرات طويلة.
من ناحيته، قضى كلوب الجزء الأكبر من المباراة في حالة غضب بالغ، بينما تعمد هندرسون تجاهله بعدما دفع بلاعب آخر بدلاً منه؛ الأمر الذي يشي بشعوره بأنه يجري تحميله وحده قدراً كبيراً من اللوم على نحو مجحف، أو شعوره بخيبة الأمل لأنه اللاعب الذي يفسح الطريق أمام شيردان شاكيري.
من جهته، باستطاعة اللاعب الدولي السويسري إعادة إشعال جذوة الحماس في صفوف ليفربول من جديد، مثلما فعل عندما حول مسار المباراة أمام مانشستر يونايتد على أرض «آنفيلد» هذا الموسم لصالح ليفربول، لكن انتهت الحال بالفريق الزائر بوجود دانييل ستوريدج وديفوك أوريغي في الأمام. في النهاية، لا يمكن أبداً وصف التعادل داخل «أولد ترافورد» بالنتيجة الرديئة. وإذا خسر مانشستر سيتي هنا، فستبدو تلك نتيجة طيبة للغاية، لكن المسألة الكبرى بالنسبة لليفربول ربما تكمن في مستوى الأداء العام وشكله وافتقاره إلى القدرة على اختراق صفوف الخصوم.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».