مضى يوم أمس في غزة هادئا في صورة لم تسبق منذ أكثر من شهر بفعل الحرب الإسرائيلية.. خرجت من منزلي نحو أحد المساجد القريبة في مخيم الشاطئ، كان الناس يتجهون لتلك المساجد أفواجا في منظر غاب كثيرا عنا بعد أن كانت المساجد هدفا مفضلا لإسرائيل يقصف حتى يوم الجمعة فقضى الناس صلاتهم بعيدا عن المساجد خوفا من أن يقتلوا وهم في أعظم الأماكن التي لم يعد لها حرمة في قاموس الاحتلال.
ذهبت بعد صلاة الجمعة لشراء بعض مستلزمات المنزل فوجدت المخابز والمطاعم والأسواق مليئة بالناس، وكثيرون كانوا يفضلون شراء الطعام الجاهز من تلك المطاعم وخاصة التي تبيع اللحوم المشوية والدجاج.
فلم يعد يخفى على أي من سكان قطاع غزة، تلك الأماني الكبيرة التي تعيد لهم حياتهم من جديد بإعلان تهدئة طويلة الأمد يبنون فيها من جديد كل أحلامهم التي قضت عليها صواريخ الاحتلال.. ترجع في ذاكرتهم تلك الصور الجميلة من ساحل غزة أو من متنزهات ومطاعم هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي تعشق الحياة رغم كل الآلام التي عاشتها لسنوات طوال.
رأيت الحياة مساء الخميس في غزة وكأن الحرب قد انتهت منذ أشهر وكل شيء عاد كما كان وكأن زمانا قد مضى دون رجعة، فالناس يذهبون للبحر ويتمتعون بجماله، ويتجولون في سياراتهم هنا وهناك، والمتنزهات والمطاعم مليئة تعج بالمواطنين.
في غزة وعلى الرغم من الموت والدمار أصبح كل شيء مباحا، فعشق الحياة لا يتوقف عند ظلم الظالمين وقساوة الاحتلال المجرم الذي يحاول أن يقتل روح الحياة في سكان القطاع. كل منا ينتظر أن تضع الحرب أوزارها بلا رجعة وأن تبدأ غزة صفحة جديدة من دون حصار أو قتل ودمار، تريد أن تعيش غزة كما تعيش شعوب العالم في أمن وسلام، هذه أبسط حقوق هؤلاء الناس في المتنزهات والمطاعم وفي كل مكان من غزة حتى حقوق من رفض أن يخرج من بيته حزنا على رفيق قد فقده أخيرا.. في غزة كل الصور تتغير ليس حبا في تقلب الآراء، بل حبا في الحياة وعشقا لها على أمل أن يعم السلام.
يوميات مراسل من غزة: الجمعة الأهدأ.. منذ اندلاع الحرب
يوميات مراسل من غزة: الجمعة الأهدأ.. منذ اندلاع الحرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة