سلطات الجزائر تعتقل 41 متظاهراً بتهمة «الإخلال بالنظام العام»

رئيس مجلس النواب: الدستور يكفل للمواطنين حق التعبير عن المطالب بالطرق السلمية

جانب من المواجهات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية بين المحتجين وقوات الأمن (رويترز)
جانب من المواجهات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية بين المحتجين وقوات الأمن (رويترز)
TT

سلطات الجزائر تعتقل 41 متظاهراً بتهمة «الإخلال بالنظام العام»

جانب من المواجهات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية بين المحتجين وقوات الأمن (رويترز)
جانب من المواجهات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية بين المحتجين وقوات الأمن (رويترز)

أعلنت الشرطة الجزائرية أمس أنها أوقفت 41 شخصاً، من بين آلاف المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات الجمعة، ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات المقررة في 18 من أبريل (نيسان) المقبل، حسبما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وجاء في بيان للمديرية العامة للأمن الوطني أن «مصالحها سجلت توقيف 41 شخصاً، بسبب الإخلال بالنظام العام، والاعتداء على القوة العمومية وتحطيم الممتلكات».
ويظهر العدد القليل للموقوفين، رغم الأعداد الكبيرة للمتظاهرين في أكثر من مدينة، أن المسيرات والاحتجاجات جرت دون تسجيل حوادث تذكر، خاصة أن الشرطة لم تتدخل لمنعها، لا سيما في العاصمة، حيث يمنع أي نوع من التظاهر منذ 2001.
ولم تذكر الشرطة في بيانها عدد المتظاهرين الذين شاركوا في المظاهرات، إلا أن مصدراً من قوات الأمن، فضل عدم ذكر اسمه، أكد تسجيل نحو 20 ألف متظاهر عبر التراب الوطني، منهم أكثر من 5000 في العاصمة، و4000 في بجاية (نحو 200 كلم شرق الجزائر).
وبحسب المصدر نفسه، فقد شملت هذه التوقيفات 38 شخصاً في العاصمة الجزائرية، التي شهدت صدامات بين الشرطة وآلاف المتظاهرين، كانوا يحاولون الوصول إلى مقر رئاسة الجمهورية. لكن لم يتم تسجيل أي إصابات، سواء في صفوف مصالح الأمن أو المتظاهرين، بحسب المصدر.
وباستثناء بعض الصدامات التي شهدتها العاصمة الجزائرية، حيث رشق بعض المتظاهرين بالحجارة عناصر الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، فإنه لم يتم تسجيل أي حوادث تذكر خلال مسيرات أول من أمس.
وجرت المظاهرات وسط العاصمة الجزائرية وفي عدد من المناطق الأخرى، استجابة لدعوات أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد ترشح بوتفليقة، البالغ من العمر 81 سنة، والذي قرر في بداية فبراير (شباط) الجاري الترشح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات المقبلة، عبر رسالة شرح فيها برنامجه، واضعاً بذلك حداً لشهور طويلة من التساؤلات، في ظل علامات استفهام كبيرة حول قدرته البدنية على البقاء في الحكم، بسبب إصابته بجلطة في الدماغ منذ سنة 2013، منعته من التحرك وأثرت في قدرته على الكلام.
وتفاجأ مراقبون للمشهد الإعلامي في الجزائر، من التغطية التي خصصتها وكالة الأنباء الرسمية للمسيرات الحاشدة، التي نظمت أول من أمس لمناهضة نية الرئيس بوتفليقة في الترشح لولاية خامسة، إذ كتبت وكالة الأنباء الجزائرية في برقية عنونتها بـ«مظاهرات سلمية في الجزائر العاصمة وباقي الولايات، تعبيراً عن مطالب ذات طابع سياسي».
وفي الوقت الذي تجاهل فيه إعلام القطاع الخاص المسيرات المناهضة لترشح بوتفليقة، خصصت وكالة الأنباء الجزائرية، لسان حال السلطة بالبلاد، تغطية للمسيرات بتقرير فيديو، رغم الشعارات المناوئة التي حملها المتظاهرون، مثل: «لا للعهدة الخامسة... نعم لرحيل النظام»، و«الجزائر ماشي لبيع»، أي الجزائر ليست للبيع. وفي هذا السياق، قال معاذ بوشارب، رئيس مجلس النواب والمنسق العام لهيئة تسيير حزب جبهة التحرير الوطني بالجزائر، الذي يمتلك الأغلبية في البرلمان، إن الدستور يكفل حق التعبير للجزائريين عن مطالبهم وآرائهم وغضبهم بالطرق السلمية.
وأوضح بوشارب، في لقاء مع حزبه بمدينة وهران غرب الجزائر، حضرته وكالة الصحافة الألمانية أمس، أنه «من حق الشاب، الذي درس طيلة سنوات من أجل أن يحظى بوظيفة، ولم يحصل عليها، أن تكفل الدولة حقه في التوظيف، ومن حق المرأة التي تحلم بسكن يقيها ويسترها هي وأبناؤها أن يحظوا بسكن».
ولم يخض بوشارب، في المطالب السياسية التي رفعها المتظاهرون، وعلى رأسها رحيل بوتفليقة ونظامه، بل بدا متمسكاً بالرئيس من خلال تأكيده على أن خارطة الطريق التي جاء بها، والندوة الوطنية التي دعا إليها بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل المقبل، «ستكون جامعة لكل أطياف الشعب الجزائري».
من جهة أخرى، قال عمار غول، الوزير السابق ورئيس حزب تجمع أمل الجزائر، أحد أعضاء التحالف الرئاسي الذي دعا الرئيس بوتفليقة للترشح لولاية خامسة، إن المطالب التي رفعها المتظاهرون مشروعة، موضحاً أن حزبه يقدر هذه النداءات والمطالب.
وأوضح غول أنه كان من بين الأوائل، الذين دعوا للإصلاحات، مشيداً في الوقت نفسه بالسلوك الحضاري للمتظاهرين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.