السودان والجزائر محور «حديث الظل»

TT

السودان والجزائر محور «حديث الظل»

تركت التطورات السياسية في السودان والجزائر، بصمتها على جانب من القمة العربية - الأوروبية الأولى التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية، وتنطلق اليوم (الأحد)، وبات الشأن الداخلي لكلا البلدين محوراً لـ«أحاديث الظل» التي تدور بين المشاركين العرب سواء على المستوى الدبلوماسي أو الإعلامي.
وفي حين لا يتضمن جدول الأعمال المقرر للقمة أي إشارة لمناقشة الحراك المتواصل في الخرطوم منذ أكثر من شهرين أو الموقف من احتجاجات الجزائر، إلا أن ذلك لم يمنع من أن تكون الإجراءات التي أعلنها الرئيس السوداني عمر البشير، مساء أول من أمس، مادة للحوار في أروقة القمة العربية - الأوروبية.
ووفق ما رصدت «الشرق الأوسط» فإن حديث أعضاء وفود عربية في اليوم السابق على انطلاق أعمال القمة، تطرق إلى «سيناريوهات المستقبل»، وفي حين عدّ دبلوماسي عربي (طلب عدم الإشارة إلى اسم بلده لتجنب حساسيات يُقدرها) أن البشير «ربما يكسب مزيداً من الوقت في مواجهة الاحتجاجات، لكنه سيستجيب للمطالب»، رأى زميله بالوفد الدبلوماسي، في مواجهة ذلك، أن «الأمر ليس بهذه السهولة، والجميع ماثل أمامه ما جرى في أعقاب الربيع العربي في بعض البلدان».
ورغم اختلاف تقييم الدبلوماسيَّيْن لمستقبل ما يجري في السودان، فإنهما توافقا في نهاية حديثهما الذي كان يدور في رواق أحد الفنادق التي تستضيف وفود القمة، على أن «زيارة الرئيس السوداني لقطر (أواخر الشهر الماضي)، ربما خصمت من رصيد دعم منتظر له»، وهو ما سانده مشارك آخر في الحوار بدا أكثر متابعة لتطورات الأحداث، والذي أبلغ أقرانه بأن وزير الدفاع القطري خالد بن عطية، التقى البشير، أمس (السبت)، وهو ما يعزز تقديرهما.
الشأن الجزائري، وإن كان في المرتبة الثانية من حيث الاهتمام والمتابعة، إلا أنه بدا أكثر حضوراً في أوساط صحافيين وإعلاميين مصريين مكلفين بتغطية القمة، تداولوا فيما بينهم وعبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً من المسيرات الاحتجاجية التي شهدتها الجزائر، احتجاجاً على ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية جديدة، وتواكب ذلك مع وصول رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح، أمس، إلى مدينة شرم الشيخ، للمشاركة في أعمال «القمة العربية – الأوروبية» الأولى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».