كان من المثير للاهتمام رؤية ردود الفعل المتباينة بعد قرار مدافع نادي وستهام يونايتد، ديكلان رايس، بتمثيل منتخب إنجلترا وليس جمهورية آيرلندا. ولا أعتقد أن الناس يقدرون تماماً مدى صعوبة أن يكون لدى لاعب كرة القدم جنسيتان مختلفتان والمشكلات التي يمكن أن يواجهها بسبب ذلك الأمر، خاصة بالنسبة للاعب شاب لا يزال في العشرين من عمره. وقد أكد رايس على احترامه الشديد للجنسيتين اللتين يحملهما، وأشار إلى ذلك بشكل بليغ وبكل بصراحة في البيان الذي أصدره.
ومن الطبيعي أن يشعر كثير من المشجعين الآيرلنديين بإحباط وخيبة أمل وإهانة بسبب القرار الذي اتخذه رايس، لكن بالنسبة لي فإنه يجب عدم تصوير الأمر على أنه مسألة «اختيار ولاء» بين دولتين، لأن لاعب كرة القدم يختار في نهاية المطاف اللعب للدولة التي تستقطبه ويشعر أن مستقبله الكروي سيكون أفضل معها.
ويعتقد الكثيرون أن الأمر يتعلق باختيار دولة معينة والالتزام باللعب لها بغض النظر عن أي شيء آخر، لكن يجب أن يدرك هؤلاء أن الأمر يكون صعبا للغاية عندما يكون لدى اللاعب جنسيتان مختلفتان، فأنا، على سبيل المثال، لدى الجنسيتين البريطانية والنيجيرية، ونفس الأمر ينطبق على لاعبين آخرين مثل نجم ليفربول آدم لالانا الذي يحمل الجنسيتين الإنجليزية والإسبانية. ولو بحثت بشكل أكبر فسوف تجد أن الكثير من اللاعبين الإنجليز لديهم أصول ويلزية أو اسكوتلندية. وهناك مثل آخر في هذا الصدد، وهو نجم مانشستر سيتي رحيم سترلينغ الذي يفتخر بجذوره الجامايكية، لكنه يلعب لمنتخب إنجلترا ويفتخر بذلك أيضاً.
وقد لعب رايس ثلاث مباريات ودية بقميص منتخب آيرلندا، لكنه نشأ وترعرع في إنجلترا واختار القرار الأفضل بالنسبة له. ويجب التأكيد على أنه يملك الحق تماما في اتخاذ هذا الخيار بموجب اللوائح والقوانين، حتى لو نظر البعض إلى الأمر بسخرية وقالوا إنه اتخذ هذا القرار لكي يشارك مع منتخب يوجد بشكل أكبر في البطولات والمحافل الدولية. لكن دعونا نفترض أن رايس حصل على فرصة اللعب لنادي أكبر من وستهام يونايتد وانتقل إلى أحد أندية القمة مثل مانشستر يونايتد أو مانشستر سيتي أو ليفربول، فهل سيكون هناك نفس الشعور بالغضب؟ وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما هو الفرق إذن؟
ربما أكون أنا ممن يتعاملون مع موضوع الجنسية بشكل موضوعي بعيدا عن العاطفة، لكنني أدرك أيضا أن البعض الآخر يرى أن تمثيل الدولة يختلف كثيرا عن اللعب لأي ناد. لكن في نفس الوقت، يتعين علينا أن ندرك أن رايس لم يقرر مثلا اللعب لمنتخب البرازيل لأنه الأقوى في عالم كرة القدم، لكنه قرر اللعب لمنتخب إنجلترا لأنه إنجليزي وتربى في إنجلترا، رغم أنه يحمل الجنسية الآيرلندية أيضا، وهذا هو الأمر بكل بساطة. أم أنه يتعين علينا أن نفحص دماء اللاعبين لكي نعرف ما إذا كان هذا اللاعب ينبغي أن يلعب لهذه الدولة أو تلك؟ في الحقيقة، أنا أواجه صعوبة كبيرة في فهم سبب انزعاج الكثيرين في كرة القدم من مسألة ازدواجية الجنسية.
لقد تعامل رايس مع الأمر بكل بساطة وقال: «حسناً، لقد قررت أن أكون هنا»، تماما كما لو تلقى عرضا من ناد أكبر وقرر الانتقال إليه. وحتى لو قرر رايس اللعب لمنتخب إنجلترا لبعض الأسباب، فهذا أمر منطقي ومن حقه تماما. إنني أتفهم تماما المشكلة التي تواجه البلدان التي تبحث عن لاعبين ربما يكونون من أصول أخرى من أجل تحسين مستواها، كما يحدث في رياضات أخرى غير كرة القدم، وهذا أمر طبيعي في ظل الرغبة الدائمة في جذب المواهب من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، عندما يكون هناك انتماء حقيقي إلى البلد الذي نشأت به، فهذا أمر مختلف.
إنها مشكلة صعبة للغاية، لأنها مسألة تتعلق بالهوية في نهاية المطاف. ونظرا لأنني من أصول نيجيرية، فإنني أتفهم تماما موقف رايس وأدرك شراسة المعركة التي يواجهها مزدوجو الجنسية، سواء في كرة القدم أو في الحياة بشكل عام. ولم تكن لدي هذه الميزة التفضيلية لأنني استدعيت للمشاركة في صفوف المنتخب الإنجليزي عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري، ولم يكن هناك فريق للسيدات في نيجيريا في ذلك الوقت لكي يستدعيني للعب معه. لكن من ناحية أخرى، قرر شقيقي، سون ألوكو، اللعب مع منتخب نيجيريا رغم أنه ولد ونشأ في برمنغهام.
قد يكون الأمر صعبا بالنسبة للاعبين الذين قرروا عدم اللعب لمنتخب إنجلترا، كما اكتشف ويلفريد زاها بعدما قرر اللعب مع منتخب ساحل العاج. وأتذكر أن جاك غريليش قد تعرض للكثير من الإساءات على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى من زملائه مثل جاك ويلشير، عندما وضع في نفس الظروف التي يواجهها رايس الآن. ولا يزال هناك حتى الآن حديث عما إذا كان هذا اللاعب أو ذاك «إنجليزيا حتى النخاع أم لا». لكن لا يمكن الجزم بشيء من هذا القبيل إلا إذا قمنا بتحليل كامل للعوامل الوراثية ودماء كل لاعب!
ويجب الإشارة إلى أن غريليش من أصول آيرلندية، لكنه نشأ، مثلي، في برمنغهام. وأعتقد أنه يجب أن يكون هناك موقفا أكثر نضجا في كرة القدم تجاه اللاعبين مزدوجي الجنسية وأن نحترم قرارهم ونتعامل معه على أنه خيار مشروع من دون السخرية منهم. وفي نهاية المطاف، قرر رايس بعد استشارة عائلته اختيار الدولة التي يعتقد أن مستقبله الكروي سيكون أفضل معها، رغم أنه ينتمي إلى الدولتين ويحب كل منهما بكل تأكيد. وأيا كان النشيد الوطني الذي يختار اللاعب ترديده قبل المباريات، فإنه يتعين علينا أن نحترم قراره. وفي هذه الحالة، فإن منتخب آيرلندا هو الذي خسر لاعبا واعدا، لكنني متأكدة تماما من أن آيرلندا ستظل دائماً جزءاً من ديكلان رايس.
تمثيل رايس لمنتخب إنجلترا يُبرر أسباب تجعلنا نحترم مزدوجي الجنسية
قراره عدم اللعب لآيرلندا يجب عدم تصويره على أنه مسألة «اختيار ولاء» بين دولتين
تمثيل رايس لمنتخب إنجلترا يُبرر أسباب تجعلنا نحترم مزدوجي الجنسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة