«فتح» توصي عباس بتسمية رئيس الحكومة الجديدة من بين أعضائها

طلبت إلغاء أي تعيينات حكومية جديدة... ورفض أموال المقاصة منقوصة

فلسطينيتان تحملان صور أفراد عائلتيهما المعتقلين في السجون الإسرائيلية احتجاجاً على اقتطاع المبلغ المحول للسلطة الفلسطينية (إ.ب.أ)
فلسطينيتان تحملان صور أفراد عائلتيهما المعتقلين في السجون الإسرائيلية احتجاجاً على اقتطاع المبلغ المحول للسلطة الفلسطينية (إ.ب.أ)
TT

«فتح» توصي عباس بتسمية رئيس الحكومة الجديدة من بين أعضائها

فلسطينيتان تحملان صور أفراد عائلتيهما المعتقلين في السجون الإسرائيلية احتجاجاً على اقتطاع المبلغ المحول للسلطة الفلسطينية (إ.ب.أ)
فلسطينيتان تحملان صور أفراد عائلتيهما المعتقلين في السجون الإسرائيلية احتجاجاً على اقتطاع المبلغ المحول للسلطة الفلسطينية (إ.ب.أ)

أوصت اللجنة المركزية لحركة فتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتسمية رئيس الحكومة المنتظرة في أقرب وقت كي يتسنى إعلانها قبل نهاية الشهر الحالي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن مركزية فتح أوصت عباس باختيار أحد أعضاء اللجنة المركزية للحركة كي يترأس الحكومة القادمة، وتركت له أمر تحديد الشخص المناسب. وأضافت: «الأقرب بحسب مداولات أولية هو محمد اشتيه».
واشتيه عضو مركزية ووزير سابق ومفاوض ويرأس إدارة المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والأعمار «بكدار». وجاءت توصية المركزية خلال اجتماع عقدته اللجنة في وقت متأخر الاثنين. وبحسب المصادر أوصت اللجنة كذلك بوقف أي قرارات أو تعيينات اتخذتها حكومة تسيير الأعمال الحالية بعد قبول استقالتها من قبل الرئيس قبل أسابيع.
وتريد مركزية فتح إعلان الحكومة في غضون أسبوع أو قبل نهاية الشهر الحالي على أبعد تقدير، بعدما أنهت لجنة مشكلة منها مشاورات مع الفصائل الفلسطينية، على أن يترأس فتحاوي معروف الحكومة وتؤول الوزارات السيادية إلى الحركة. ويفترض أن يخضع ذلك إلى نقاش بين رئيس الوزراء المكلف وباقي الفصائل الفلسطينية والمستقلين على أن يصادق الرئيس عباس على شكل الحكومة.
وعادة يتدخل عباس في اختيار وزراء أو إبقائهم في مكانهم، وكان هذا مثار غضب داخل حركة فتح في السابق، التي عملت على إقالة وزراء محددين وتمسك بهم عباس. وقالت المصادر إن الحركة بانتظار ما سيقرره الرئيس في نهاية الأمر. ولم يعرف موقف عباس على وجه الخصوص من شخص رئيس الحكومة.
وجاء إصرار فتح على تشكيل حكومة جديدة بهذه التفاصيل في محاولة لاستعادة الدور في قيادة العمل الحكومي بعدما حرمت منه منذ 2007، وفي ظل تعقيدات سياسية خارجية وداخلية تمر بها القضية الفلسطينية. ولم يعط بيان المركزي أي تفاصيل حول الحكومة سوى أنها رفعت توصيات فقط.
وناقشت مركزية فتح التحديات التي تمر بها السلطة على الصعيدين الخارجي «المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة» والداخلي «المصالحة المتعثرة».
وشددت المركزية تأكيدها على «التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمتها قضية القدس ومقدساتها، ورفض كل الخطط والصفقات المشبوهة كصفقة ما يسمى بصفقة القرن، وهدفها الوحيد إنهاء قضيتنا الوطنية عبر فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وإلغاء حقوق شعبنا المشروعة بالحرية والاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967». وقالت إن «هذه الصفقة المشبوهة التي تتساوق معها بعض الأطراف الإقليمية والدولية، لن تمر وستفشل جراء صمود شعبنا، ومواقف قيادتها التي لن تقبل التفريط بحقوق شعبنا ومكتسباته مهما كانت التضحيات، كما فشل ما سبقها من مخططات مشبوهة».
وفي هذا السياق، حيت اللجنة المركزية، ما وصفته «تمسك» عباس بـ«لا» الفلسطينية أمام كل هذه المشاريع التصفوية. وقدمت توصية لعباس «برفض القرار الإسرائيلي الجائر باقتطاع رواتب الشهداء والأسرى من أموال المقاصة الفلسطينية، وعدم تسلمها في حال خصم أي مبلغ منها».
ودعت المركزية المجتمع الدولي للتدخل لوقف الغطرسة الإسرائيلية ورفضها الالتزام بالاتفاقيات الثنائية الموقعة معها برعاية دولية. وفيما يتعلق بملف المصالحة الوطنية، اتهمت المركزية حركتي حماس والجهاد الإسلامي بوضع العراقيل أمام فرصة التوصل لتفاهمات في حوارات موسكو «تمكننا من إنهاء الانقسام».
ورفضت المركزية محاولات التشكيك بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، خاصة في هذه الأوقات الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وقالت إن ذلك «يضعها أمام تساؤل حول دورها في التعاطي مع الصفقات المشبوهة التي تحاول النيل من حقوقنا المشروعة، وتحويل قضية شعب يسعى للحرية والاستقلال إلى قضية إنسانية يستجدى فيها الدعم والمعونة».
وأوصت اللجنة المركزية، بعدم المشاركة في أي اجتماع مع أي فصيل فلسطيني لا يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وكان عباس اتخذ قرارا بمقاطعة حركة الجهاد الإسلامي بسبب رفضها التوقيع على بيان في موسكو يؤكد على أن المنظمة ممثل الفلسطينيين.
وقالت فتح إن « برنامج (م.ت.ف) هو حماية المشروع الوطني والحفاظ على الثوابت الوطنية، وحق اللاجئين، وتتمسك حركة فتح بهذه الثوابت، ولن تسمح لصفقة القرن أن تمر، ولا أن يتم فصل غزة عن الضفة الغربية، وسيبقى الهدف دولة فلسطينية مستقلة وعلى رأسها القدس الشرقية بمقدساتها وتراثها وتاريخها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».