المغرب: إضراب عام اليوم في القطاع العام والبلديات

تنديداً بـ«الوضع الاجتماعي المزري»

TT

المغرب: إضراب عام اليوم في القطاع العام والبلديات

ينظم اليوم في المغرب إضراب عام في القطاع العام والبلديات، فضلا عن مسيرة احتجاج في الرباط، دعت إليها هيئات نقابية وأحزاب سياسية، تخليدا للذكرى الثامنة لحركة «20 فبراير»، التي ظهرت للوجود في 2011 إبان مظاهرات «الربيع العربي».
ومن المقرر أن يشارك في الإضراب ثلاثة اتحادات عمالية، هي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، فضلا عن أحزاب اليسار الديمقراطي (الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي، والاشتراكي الموحد، والنهج الديمقراطي). كما انضم إلى الاحتجاج القطاع النقابي، التابع لجماعة العدل والإحسان الإسلامية المعارضة (شبه محظورة).
وفي بيانات مشابهة لتلك التي تصدرها في عيد العمال، والتي تتضمن مطالب مختلفة، قالت الأحزاب السياسية الثلاثة إنها تدعو للإضراب العام «احتجاجا على عدم مبالاة الحكومة بالوضع الاجتماعي المزري والمأزوم الذي تعيشه بلادنا، وتداعياته السلبية على عموم المواطنات والمواطنين، والهجمة الشرسة على المكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة وعموم المأجورين، وضرب القدرة الشرائية والإجهاز على الخدمات العمومية، من صحة وتعليم»، كما أنها تحتج بسبب «إصرار الدولة وحكومتها على تجميد الحوار الاجتماعي، وإقرار سياسات عمومية لا ديمقراطية وغير شعبية، عمقت الفوارق الاجتماعية والمجالية»، واحتجت أيضا على «التراجعات الخطيرة على مستوى الحقوق والحريات، ومن بينها الحريات النقابية، ومحاولات الإجهاز على الحق في الإضراب، والتضييق على حرية الرأي والتعبير، واعتماد المقاربة الأمنية والمحاكمات الجائرة كأسلوب لقمع الاحتجاجات الشعبية، واحتجت أيضا على كل أشكال الفساد والريع والامتيازات ونهب المال العام».
أما الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي كانت سباقة للدعوة إلى الإضراب العام، فقالت إن الاحتجاج يأتي في سياق «الانبطاح التام للمؤسسات المالية الدولية، والتنفيذ الحرفي لإملاءاتها الاجتماعية، واستمرار تغول كل أشكال الريع والفساد ولوبيات المال»، وهو الوضع الذي أدى برأي النقابة إلى «حالة من الاحتقان الاجتماعي الحاد، كنتيجة طبيعية لاتساع دائرة التفاوتات الاجتماعية والمجالية، والإجهاز على الخدمات العمومية وتسليعها، وضرب القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين والمواطنات».
ودعت النقابة إلى «وقف المتابعات في حق النقابين، وإطلاق سراح معتقلي الحركات الاجتماعية والاستجابة لمطالبهم»، وهي مطالب مشابهة لما دعا إليه القطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان، التي دعت «المسؤولين إلى الاستجابة الفورية والعاجلة لمطالب العمال، والقطع مع أسلوبي المماطلة، والاستهتار بالاحتقان والغضب الاجتماعيين المتناميين»، مقترحا على المركزيات (الاتحادات) والهيئات النقابية «الإسراع لتأسيس جبهة نقابية مناضلة وموحدة، تكون في مستوى انتظارات المرحلة الراهنة».
تجدر الإشارة إلى أن «حركة 20 فبراير» هي التي قادت الاحتجاجات في عدد من المدن المغربية إبان «الربيع العربي»، من دون أن تلقى مساندة من الأحزاب السياسية الرئيسية، سواء في المعارضة أو الأغلبية، التي كانت ممثلة في البرلمان. لكن عقب تلك الاحتجاجات اعتمد المغرب إصلاحات دستورية بمبادرة من الملك محمد السادس، أعقبتها انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، سمحت للمرة الأولى لحزب إسلامي (العدالة والتنمية) بالوصول إلى رئاسة الحكومة بعد تصدره نتائج تلك الانتخابات، ثم فاز بعدها في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2016، وحصل فيها على 125 مقعدا، مكنته من الاستمرار لولاية ثانية على رأس الحكومة، التي يرأسها حاليا سعد الدين العثماني، بعد إعفاء عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق للحزب، الذي ظل يفتخر بأن حزبه لم ينزل إلى الشارع لتأييد «حركة 20 فبراير»، وأن وصول حزبه إلى السلطة هو من أنقذ البلاد من المصير الذي آلت إليه ثورات الربيع العربي في البلدان العربية الأخرى. فيما يرى معارضون أن الحركة هي التي كان لها الفضل في تبني الإصلاحات التي عرفتها البلاد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».