تركيا تتمسك بصفقة صواريخ «إس 400» ومنظمات أوروبية تطالب بوقف تسليحها

مظاهرة في ستراسبورغ في شرق فرنسا تضامناً مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
مظاهرة في ستراسبورغ في شرق فرنسا تضامناً مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

تركيا تتمسك بصفقة صواريخ «إس 400» ومنظمات أوروبية تطالب بوقف تسليحها

مظاهرة في ستراسبورغ في شرق فرنسا تضامناً مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
مظاهرة في ستراسبورغ في شرق فرنسا تضامناً مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أكدت تركيا أنها لن تتراجع عن صفقة شراء أنظمة الدفاع الجوي الصاروخية الروسية «إس 400» فيما أكدت موسكو أنها لن تعطي أي أسرار تتعلق بهذه المنظومة أو نقل تصنيعها إلى تركيا. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه لدى عودته من روسيا ونشرت أمس (السبت)، أن تركيا ماضية في شراء أنظمة «إس 400».
وأضاف إردوغان، في تصريحاته، التي نشرت بعد يوم واحد من انقضاء مهلة غير رسمية وضعتها واشنطن لأنقرة للرد على عرض آخر بشأن شراء صواريخ باتريوت الأميركية في صفقة تبلغ 3.5 مليار دولار: «أبرمنا صفقة إس 400 مع روسيا، لذلك فإن تراجعنا غير وارد. انتهى الأمر».
وتابع أن «تركيا مستعدة لشراء أنظمة (باتريوت) من الولايات المتحدة ما دامت الصفقة تخدم المصالح التركية، لكن هناك قضايا بشأن التسليم والإنتاج ما زالت قيد النقاش مع واشنطن. تنظر الإدارة الأميركية إلى التسليم المبكر بإيجابية لكنها لا تقول شيئاً عن إنتاج مشترك أو امتياز. نواصل عملنا على وعد بتسليم «إس - 400» في يوليو (تموز) المقبل.
ووضع المسؤولون الأميركيون إنه إذا مضت تركيا قدماً في الصفقة مع روسيا فإن واشنطن ستسحب عرضها بيع صواريخ «باتريوت» التي تنتجها شركة «رايثيون». كما هدّدت واشنطن أيضاً بأن صفقة «إس 400» من شأنها أن تعرّض صفقة بيع مقاتلات «إف 35» التي تنتجها شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية لتركيا للخطر وقد تؤدي إلى فرض عقوبات أميركية.
في السياق ذاته، أكد رئيس شركة «روستيخ» الروسية لتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية، سيرغي تشميزوف، أن «بلاده لن تقدم أسرار (إس - 400) لتركيا التي عقدت صفقة للحصول عليها، لا تزال محط جدال حتى الآن، بسبب عدم رضا حلفائها في الـ«ناتو».
وشدد على أن توريد منظومة الدفاع الجوي الروسية إلى تركيا، لا يعني الحصول على أسرارها. وقال تشميزوف لموقع «روسيا اليوم»: «في الواقع الحديث لا يدور عن تشكيل صناعة عميقة لهذه الأنظمة في تركيا. فنحن تحدثنا عن توريد المنتجات الجاهزة وأخذنا على عاتقنا الالتزام بإعطاء الفرصة لتصنيع أجزاء من قطع الغيار لهذه المنظومة على الأراضي التركية حصراً. أنا لا أعتقد أنه سيتم نقل أي نوع من الأسرار التقنية».
كانت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، قالت في وقت سابق، إن «تركيا اقترحت على الولايات المتحدة تفحص منظومة الدفاع الجوي (إس - 400)، التي ستتسلمها من روسيا في القريب العاجل. إلا أن المصادر الرسمية في تركيا لم تؤكد تلك المعلومات.
في غضون ذلك، طالب عدد من الجمعيات والمنظمات والاتحادات الألمانية والأوروبية، إدارة مؤتمر ميونيخ للأمن العالمي، بإصدار وثيقة تلزم برلين وعواصم أوروبية، بمنع تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى تركيا.
وأرجعوا خلال وقفة لممثلي 90 منظمة واتحاداً ألمانيّا وأوروبيّا، على هامش المؤتمر الصحافي الذي أقيم أمام مقر مؤتمر ميونيخ للأمن، بهذه الخطوة، دعواهم إلى استخدام السلطات التركية الأسلحة الأوروبية في قتل الأبرياء، سواء داخل تركيا أو خارجها، متهمة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بإتمام أحلامه التوسعية على حساب الدول المجاورة وقتل الأبرياء فيها.
ورفع المشاركون في الوقفة لافتات وصوراً ملطخة باللون الأحمر، ومدون عليها مطالبات بمنع بيع الأسلحة إلى «إردوغان»، متهمين إياه بقتل الأبرياء، وصوراً أخرى لضحايا اعتداء الجيش التركي على مدن سورية، وعلى رأسها عفرين.
في الوقت ذاته، أعلن البيت الأبيض، أمس، أن الرئيس دونالد ترمب ينوي تعيين الدبلوماسي المخضرم ديفيد ساترفيلد، الذي يملك خبرة كبيرة في شؤون الشرق الأوسط، سفيراً للولايات المتحدة لدى تركيا. وساترفيلد هو القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، وشغل من قبل مناصب عدة منها نائب رئيس البعثة الأميركية في العراق وسفير الولايات المتحدة إلى لبنان ومدير شؤون الشرق الأدنى.
في سياق موازٍ، كانت وزارة الخارجية الأميركية جددت، أول من أمس، تحذيرها للأميركيين من السفر إلى أنحاء المدن التركية بسبب الإرهاب والاعتقال التعسفي في تركيا، مشددة على ضرورة الابتعاد عن المناطق التي ترتفع فيها نسبة الخطورة، وفي مقدمتها الحدود السورية والعراقية.
وأضاف بيان الخارجية الأميركية أن احتمالية قيام المجموعات الإرهابية بعمليات ما زالت قائمة، وخاصة في المناطق السياحية، ووسائل المواصلات العامة، والأسواق، ومراكز التسوق، والإدارات العامة، والأماكن الرياضية، مذكرة بأن المجموعة الإرهابية قامت قبل ذلك باستهداف تلك الأماكن. ولفت إلى أن قوات الأمن التركية قامت باعتقال عشرات الآلاف لوجود ارتباطات لهم مع التنظيمات الإرهابية، ومن بينهم مواطنون أميركيون، ولأسباب سياسية، وأخرى مجهولة.
على صعيد آخر، منعت قوات الأمن التركية، تجمعاً سلمياً لدعم نائبة حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ليلى جوفان، المضربة عن الطعام منذ أشهر احتجاجاً على ظروف سجن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان المعتقل منذ 20 عاماً في سجن انفرادي في جزيرة إيمرالي شمال غربي البلاد.
وبدأت النائبة الكردية إضرابها عن الطعام في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تضامناً مع أوجلان الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة، وكان من المفترض أن يتزامن التجمع الداعم لجوفان أمام منزلها في ديار بكر، مساء أول من أمس، مع الذكرى العشرين لإلقاء الاستخبارات التركية القبض على أوجلان في كينيا.
وكان حزب الشعوب الديمقراطي إلى هذا التجمع، لكن لم يسمح سوى لمجموعة صغيرة من نوابه بالاقتراب من الحواجز التي أقامتها الشرطة. كما منعت قوات الأمن في ديار بكر تجمعات صغيرة مؤيدة للنائبة الكردية من الاقتراب من منزلها. ويضرب نحو 300 سجين عن الطعام في السجون التركية حالياً تضامناً مع النائبة الكردية. وقالت النائبة بالحزب دياريت تاشديمير، إن التجمع كان يهدف لدعم هذه الإضرابات عن الطعام، وكسر العزلة التي يخضع لها أوجلان. وأوقفت جوفان، البالغة من العمر 55 عاماً، في يناير (كانون الثاني) 2018؛ بسبب انتقادها العملية العسكرية التركية في منطقة «عفرين» ذات الغالبية الكردية شمال سوريا. وأفرج عنها مع البقاء تحت الرقابة، في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، لكنها قررت مواصلة الإضراب عن الطعام من منزلها في ديار بكر.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.