تحسن طفيف للميزانية التركية مع تراجع للصناعات التحويلية

سجلت الميزانية التركية العام الماضي عجزا كليا بلغ 14.8 مليار دولار (رويترز)
سجلت الميزانية التركية العام الماضي عجزا كليا بلغ 14.8 مليار دولار (رويترز)
TT

تحسن طفيف للميزانية التركية مع تراجع للصناعات التحويلية

سجلت الميزانية التركية العام الماضي عجزا كليا بلغ 14.8 مليار دولار (رويترز)
سجلت الميزانية التركية العام الماضي عجزا كليا بلغ 14.8 مليار دولار (رويترز)

حققت ميزانية تركيا فائضا بلغ نحو 5.1 مليار ليرة تركية (953 مليون دولار) في يناير (كانون الثاني) الماضي، بينما سجل عجز الحساب الجاري مبلغ 1.437 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول).
وبحسب تقرير شهري لوزارة الخزانة والمالية التركية صدر أمس، حققت إيرادات الميزانية زيادة بنسبة 66.6 في المائة على أساس سنوي، لتصل إلى 97 مليار ليرة تركية (18.1 مليار دولار) في الشهر الأول من العام 2019. أما المصروفات فبلغت نحو 92 مليار ليرة تركية (17.2 مليار دولار)، مسجلة زيادة سنوية بنسبة 62.5 في المائة.
وباستثناء مدفوعات الفوائد، شهد رصيد الميزانية فائضاً بلغ 12.4 مليار ليرة تركية (نحو 2.3 مليار دولار) في يناير الماضي، وبلغ الدخل من الضرائب 55.7 مليار ليرة تركية (10.4 مليار دولار)، بارتفاع بلغ 7.1 في المائة على أساس سنوي.
وسجل عجز الميزانية التركية العام الماضي عجزًا كليا بلغ 72.6 مليار ليرة تركية (14.8 مليار دولار).
وذكر تقرير وزارة الخزانة والمالية أن المستهدف من الميزانية العام الماضي قد تحقق بفضل البرنامج الاقتصادي متوسط المدى الجديد الذي أعلنته الوزارة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأشار إلى أن الحكومة نجحت في تحقيق هدف الوصول بالعجز في الميزانية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نسبة 1.9 في المائة.
وأضاف التقرير أنه وفقاً للبرنامج، فإن النسبة المستهدفة للعجز في الميزانية إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 1.8 في المائة للعام الجاري، و1.9 في المائة في العام المقبل، و1.7 في المائة للعام 2021.
وكان البنك المركزي التركي كشف أول من أمس عن أن ميزان المعاملات الجارية حقق عجزا بلغ 1.437 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبلغ العجز 27.633 مليار دولار في عام 2018 بأكمله. كما أظهرت بيانات لهيئة الإحصاء التركية أن إنتاج قطاع الصناعات التحويلية المعدل في ضوء التقويم هبط بنسبة 9.8 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول)، مواصلا تراجعه للشهر الرابع على التوالي وسط تباطؤ اقتصادي حاد.
وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 1.4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقارنة مع شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، على أساس معدل في ضوء التقويم والعوامل الموسمية. وأشارت البيانات إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 7.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الأخير من العام الماضي. واستمر انكماش نشاط قطاع الصناعات التحويلية خلال يناير مع استمرار انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة. واستقر مؤشر مديري المشتريات الخاص بقطاع الصناعات التحويلية عند 44.2 في الشهر الماضي، مقارنة مع ديسمبر (كانون الأول) السابق عليه، ليظل دون مستوى 50 نقطة (الفاصل بين النمو والانكماش)، وفقا لما ذكرته لجنة من غرفة إسطنبول للصناعة ومجموعة «آي.إتش.إس ماركت». وتزامنت تلك البيانات مع تراجع مؤشر الثقة الاقتصادية في تركيا بنسبة 4.2 في المائة في يناير، حيث بلغ 78.5 نقطة، وفقا لبيانات هيئة الإحصاء التركية.
على صعيد آخر، تقدمت شركة «يوكسل للطاقة»، التي تعد من بين أكبر الشركات العاملة في مجالها في تركيا، بطلب لتسوية إفلاسها؛ لإعادة جدولة مديونياتها المتراكمة بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، أو إعلان إفلاسها.
وقدمت الشركة طلب تسوية إفلاسها إلى المحكمة التجارية الابتدائية بالعاصمة أنقرة؛ من أجل إعادة جدولة ديونها، وقررت المحكمة منحها مهلة 3 أشهر، مع فرض الرقابة المالية والإدارية عليها، على أن تصدر حكمها النهائي في جلستها التالية، التي من المقرر أن يتم عقدها بعد انتهاء المهلة المقررة. وتتبع الشركة مجموعة «يوكسل» القابضة المعروفة في تركيا. وقال أمين سازاك، رئيس مجلس إدارة المجموعة: «تقدمنا بطلب لتسوية الإفلاس؛ لأننا لم نستطع التوصل لحل مع الدائنين لإعادة جدولة ديوننا المتراكمة». ومن المقرر أن تصدر المحكمة حكمها الأخير بشأن وضع الشركة بعد انقضاء المهلة الممنوحة لها.
ويمكن للشركات في تركيا طلب تسوية إفلاس من القضاء، للحماية من الإفلاس والحجز على ممتلكاتها، وتعني الخطوة إرجاء الإفلاس مؤقتا لحين سداد الديون خلال مدة 3 أشهر، وبفضل هذا الإجراء تصبح ممتلكات الشركة خاضعة للحماية بقرار قضائي، ولا يتم اتخاذ أي إجراءات حجز عليها، لكن يتوجب على الشركات سداد نصف ديونها كي يُقبل طلبها.
ويعاني الاقتصاد التركي أزمة حادة نتيجة تراجع الليرة التركية أمام الدولار إلى أدنى مستوياتها في العام 2018 وفقدها 30 في المائة من قيمتها، ما أسهم في ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 20 في المائة.
وكشف تقرير دولي حول الإفلاس أصدرته مؤسسة «يولر هيرميس» الائتمانية في منتصف يناير الماضي، عن أن عدد الشركات المفلسة في تركيا بلغ 15 ألفا و400 شركة في 2018 ينتظر أن يزيد عددها بواقع 1000 شركة في 2019.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»