لحظات حولت الشارع المكتظ بقاصديه إلى ما يشبه ساحة حرب
مسلح من حزب الله في موقع التفجير بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
شهود عيان يروون الدقائق الأولى بعد التفجير
مسلح من حزب الله في موقع التفجير بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)
طفل صغير يحمل حقيبته المدرسية ويمشي متمايلا على رصيف الشارع متوجها إلى منزله القريب. رجل عجوز يجهز عدة عمله للبدء بمهامه كعامل صيانة. نساء ورجال يتنقلون من محل إلى آخر بهدف شراء حاجاتهم.. هذا ما كان المشهد عليه قبل وقوع انفجار حارة حريك بدقائق. لحظات ودوى انفجار، ارتفعت منه سحب دخان كثيفة غطت المكان برائحتها وحول رعبه المكان إلى ما يشبه ساحة قتال. أبنية متصدعة وسيارات محترقة تأكلها النيران. شظايا متطايرة تمكنت من إصابة عدد من المارة الذين كانوا يمارسون أعمالا روتينية اعتادوا ممارستها بشكل يومي وجعلت آخرين في عداد «المفقودين».
لم يكن أبو محمد، مالك محل ثياب بالجملة في الشارع العريض بحارة حريك، يستعد للإقفال بعد، فالشارع يكتظ برواده وقاصديه، ورائحة الطعام الشهي تفوح من مطاعمه القريبة. لكن التفجير المباغت دمر واجهات محله الزجاجية وأصابه بجروح خفيفة في رأسه. لم يجد أمامه بعد دوي الانفجار إلا الخروج للبحث عن الصبي علي، ذي الـ13 سنة والعامل في محله. يقول إنه «خرج من المحل ليشتري الطعام من المطعم المجاور وبعد دوي الانفجار لم يجد من يطمئنه عن هذا الولد المسكين».
لكل شخص قصته مع اللحظات الأولى للتفجير. كانت رنا متجهة إلى منزلها القريب من مكان وقوع الانفجار. لم تظن للحظة أنها ستنجو من انفجار سيارة مفخخة على بعد أمتار منها. تقول: «كدت أن أصبح في خبر كان، الدمار والخراب يعمان الشارع العريض، لم يلفتني شيء سوى صوت ذلك الطفل الصغير البالغ من العمر تسع سنوات ووجهه مغطى بالدماء، يحمل حقيبة مدرسية لم تسلم من عصف الانفجار». وتستعيد برعب مشهد جثتين شاهدتهما في موقع التفجير. وتروي فرح كيف سمعت دوي الانفجار لحظة وصولها إلى المنطقة هي وصديقتها، وكيف تصاعدت سحب الدخان من موقعه وتحول الشارع إلى ما يشبه ساحة حرب.. أبنية وسيارات متضررة، قتلى وجرحى يستغيثون. وتقول: «بعد دقائق من وقوع الانفجار، بدأت سيارات الإسعاف تهرع لنجدة المصابين، في حين أن مدنيين آخرين فقدوا أعصابهم على الرغم من أنهم نجوا بأعجوبة إلهية».
أما خالد، المصور الصحافي، الذي اعتاد أن يحمل كاميرته ليصور الأخبار والأحداث، فعند سماعه خبر الانفجار توجه مشيا على الأقدام من مكان وجوده في طريق المطار إلى حارة حريك حيث وقع الانفجار، ليجد الخراب والدمار والقتل والدماء تغطي الأرض، ويقول: «مشهد اعتدنا رؤيته وتصويره مع كل انفجار جديد يطال مناطق مختلفة من لبنان، آخرها منطقة ستاركو في وسط بيروت، قبل أسبوع»، راجيا أن «يرأف الله بهذا البلد».
3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعيةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5091928-3-%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D9%88%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%86%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B9%D9%8A%D8%A9
3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.
ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.
وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.
وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.
وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.
تصنيف ودعم وتفكيك
في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.
وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.
وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.
وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.
وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».
وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».
وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».
ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».
اتهام إيران
أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».
وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.
وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».
وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».
وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».
ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».