وزير الشؤون المدنية الفلسطيني لـ «الشرق الأوسط»: نعرف أن موضوع القدس خط أحمر بالنسبة للقيادة السعودية

المسؤولون الفلسطينيون واثقون من موقف المملكة في السر والعلن

TT

وزير الشؤون المدنية الفلسطيني لـ «الشرق الأوسط»: نعرف أن موضوع القدس خط أحمر بالنسبة للقيادة السعودية

قال مسؤولون فلسطينيون إنهم مطمئنون وواثقون من الموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية في السر والعلن، بما في ذلك الموقف الثابت المتعلق برفض خطة صفقة القرن الأميركية.
وقال وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إن «القيادة الفلسطينية مطمئنة تماماً للموقف السعودي الذي عبر عنه مراراً خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان». وأضاف الشيخ لـ«الشرق الأوسط»، أن «الالتزام السعودي تجاهنا كبير وقديم ومستمر ولم يتغير».
وأكد الشيخ أن القيادة السعودية ملتزمة بالمبادرة العربية 2002 ولم توافق أبدا على أي تغيير فيها في أي وقت وتحت أي ضغط. وتابع: «لقد قالوا لنا علنا وفي الغرف المغلقة كذلك وحتى للأميركيين، إنهم ضد صفقة القرن طالما أنها غير مرضية للفلسطينيين ولا تجيب على أسئلة متعلقة بمستقبل القدس».
وأردف: «نقول إن ثقتنا مطلقة. ونعرف أن موضوع القدس خط أحمر بالنسبة للقيادة السعودية». ومضى يقول: «الموقف السعودي كان واضحاً في قمة الظهران. لا تطبيع قبل إقامة الدولة الفلسطينية ولا مساس بالقدس. ونحن مرتاحون ومطمئنون لهذا الموقف المعروف لدينا».
وكان الشيخ يعقب على الوثيقة الإسرائيلية المٌسربة حول رفض المملكة العربية السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، واصفا هذه الوثيقة بالنسبة للفلسطينيين بأنها تأكيد للمؤكد. وأضاف الشيخ وهو مقرب للغاية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس: «الوثيقة لا تحمل بالنسبة لنا أي جديد لأنها تأكيد المؤكد والثابت على موقف السعودية الداعم لفلسطين والقدس التي هي توأم مكة المكرمة».
وكان تقرير سري لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أكد أن المملكة العربية السعودية غير مستعدة للتطبيع مع إسرائيل في هذا الوقت ولن تدعم خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، المعروفة بـ«صفقة القرن»، طالما لم تشتمل على تنازلات مرضية وملموسة للجانب الفلسطيني وأهما في قضية القدس.
ونشرت القناة الإسرائيلية «10» عن مصدر دبلوماسي رفيع تسلم نسخة من التقرير، أنه يحبط طموحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول التقرب من المملكة.
وأصدرت الخارجية الإسرائيلية هذا التقرير الذي ركز على احتمالات العلاقات الاستثنائية الحساسة المتوقعة مع المملكة في المستقبل، في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وخلص إلى أن القيادة السعودية لن تقدم على أي خطوات تتوقعها وتريدها إسرائيل.
ويشير التقرير إلى الرد الذي تحدث عنه الرجوب من خلال ولي العهد للمسؤولين الأميركيين لكن من دون أن يذكره بالاسم. وجاء في التقرير أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد زار السعودية بعد أسابيع قليلة من إصدار هذه الوثيقة السرية، وطلب بومبيو من الرياض دعم خطة رئيسه ترمب للسلام في الشرق الأوسط، إلا أن المسؤولين السعوديين أبلغوه بأن المملكة لن تقدّم الدعم لهذه الخطة إذا ما لم تتضمن خطوات تجيب على المطالب الفلسطينية، وخصوصا في كل ما يتعلق بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
ولم يشكل التقرير الإسرائيلي أي مفاجأة لدى صناع القرار في رام الله، بل عزز من تصريحات مسؤولين فلسطينيين حول الدعم الثابت للمملكة فيما يخص القضية الفلسطينية. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد أكد مرارا أن العاهل السعودي الملك سلمان أبلغه أكثر من مرة بأنه يدعم مواقف الفلسطينيين وما يريدونه.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب، في تصريحات نقلتها صحيفة «القدس» الفلسطينية، أمس، إن «واشنطن فشلت في ترويج صفقة القرن عربياً ودولياً، والآن تريد أن تطرح الجانب الاقتصادي من هذه الصفقة». وأضاف أن القيادة الفلسطينية واثقة من موقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية سراً وعلناً، معربا عن أمل القيادة الفلسطينية وجميع الفلسطينيين بأن يتحول موقف الملك سلمان الرافض للتطبيع مع إسرائيل إلى استراتيجية عربية شاملة.
وأضاف الرجوب، أن «القيادة الفلسطينية لديها معلومات واضحة حول أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أبلغ مسؤولين أميركيين بأن الرياض ترفض أي اتفاق لا يلبي الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني». وأكد الرجوب أن الإدارة الأميركية لم تحصل على موافقة سعودية أو عربية على «صفقة القرن». وتابع: «نحن مطمئنون من مواقف السعودية، ومصر، والأردن تجاه القضية الفلسطينية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.