المخرج السعودي رائد السماري: بطلة «الدنيا حفلة» ليست مثالية أو ضحية

بعد حصوله على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان «صندانس» الأميركي

TT

المخرج السعودي رائد السماري: بطلة «الدنيا حفلة» ليست مثالية أو ضحية

مع فوزه بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان «صندانس» الأميركي مؤخراً، ينضم المخرج السعودي رائد السماري إلى عدد من المخرجين السعوديين الذين نجحوا في الوصول للجمهور العالمي بهدوء وسلاسة، معتمدين على رؤيتهم الفنية وحكايات بسيطة غزلوها من قلب مجتمعهم.
لا يقدم فيلم «الدنيا حفلة» لرائد السماري صورة تقليدية عن المرأة السعودية، فهو كما يقول في حوار مع «الشرق الأوسط»، لم يرد أن تكون بطلته «دنيا» مثالاً نمطياً لما يصوره الإعلام عن المرأة السعودية: «هي ليست ضحية ولا هي ملاك»، يضيف. وبالفعل شخصية دنيا التي نراها في الفيلم، الذي يمتد على 13 دقيقة، هي لفتاة مدللة وقاسية وأيضاً منغمسة في رغباتها وتصميمها على اتخاذ مكانتها الاجتماعية التي تستحقها.
في بداية الفيلم نرى دنيا وهي مرتدية أفخم ملابسها ومتحلية بالمجوهرات النفيسة، تجلس في مجلس فخم معد لاستقبال ضيوف حفلة تخرجها. ولكن دنيا ليست سعيدة ولا نراها مبتهجة بالمناسبة، بل تبدو ضجرة وأيضاً غاضبة. تصيح بأعلى صوتها بحثاً عن الخدم الذين هربوا منها في يوم أرادت أن تستعرض فيه مكانتها الاجتماعية أمام زميلاتها وغريماتها أيضاً. الفيلم من نوع الكوميديا السوداء، بسيط ولكن بساطته تحمل وراءها الكثير من المعاني والتمعن في حالات اجتماعية مختلفة تعكسها دنيا وصديقاتها.
يقول المخرج إنه أراد أن يكون فيلمه على نسق أفلام عالمية عالجت علاقات الفتيات بصديقاتهن: «أردت أن أخرج فيلماً مثل (هذرز) و(مين غيرلز)، ولكن من خلال فتيات من مدينة الرياض». في تلك الأفلام تتشابك العلاقات بين الصديقات وينقسمن لمجموعات تبرز منها مجموعة قوية هي التي تضم الفتيات الأكثر شعبية، وتتعامل مع الفتيات الأخريات بنظرة فوقية ونبرة ساخرة. من الفيلم يبدو أن دنيا تحاول الوصول لرضاء فتاة تدعى «العنود» التي بدورها تعامل دنيا بسخرية واضحة.
الفيلم صور في مزرعة خاصة خارج مدينة الرياض، وعبر لقطات الكاميرا التي تمر على المجلس الفخم المعد للضيوف بمساحته الشاسعة وفراغه من الزوار، ما عدا دنيا التي تجلس في صدارته؛ يبدو أن دنيا وحيدة ومعزولة عن العالم، الخادمات يهربن من العمل عندها وحتى ضيفاتها التي نعرف أن عددهن تجاوز الـ70، لم يحضر منهن سوى ثلاثة فقط.
ومن دون الدخول في التفاصيل، فالفيلم يعكس رؤية فنية مختلفة وحساً كوميدياً ساخراً حاداً، وما يحسب للمخرج هو أنه استطاع العثور على ممثلات استطعن تمثيل العالم الذي تعيش فيه فتاة مثل دنيا، بمهارة وبساطة قريبة للنفس. يقول: «أردت أن أنقل قصصاً عن نساء عربيات غير مضطهدات أو مثاليات. دنيا شخصية ذات سطوة في الفيلم». أسأله هل فكر برأي الجمهور، ورد فعله تجاه فيلم وقصة من السعودية، يقول نافياً: «لم أرد التفكير في الجمهور ورأيه أو توقعاته، أردت فقط أن أقدم فيلماً من صنعي».
أسأل السماري عن بطلات فيلمه، والفيلم نسائي بحت، هل كان البحث سهلاً؟ يقول إن الأمر صعبٌ، وأنه أجرى تجارب الأداء على عدد من المتقدمات «كان من الصعب العثور على متقدمة تتفهم النبرة التي أردت نقلها عبر الفيلم، أردت ممثلة تقدم الشخصية من دون أن تحكم عليها مسبقاً، ورأيت عدداً من الممثلات الموهوبات ولكنهن كن يسخرن منها». يقول إنه قرر إسناد الدور لسارة بالغنيم التي كانت مسؤولة عن البحث عن طاقم التمثيل، وقال إنه في اللحظة التي وافقت على أداء الدور بعد إقناع أحس بأن الفيلم سيخرج للنور أخيراً. وبالفعل تقدم بالغنيم الشخصية بمهارة، فدنيا ليست شخصية محبوبة، ويبدو أن صديقاتها المقربات منها يخضعن لسطوتها ولهذا يطعنها في كل شيء تقريباً.
السماري يقول إنه يعشق رواية القصص، ويحرص على كتابة سيناريوهات أفلامه بنفسه، يقول إنه عمل مع فريق «تلفاز 11» السعودي لعام، ولكنه قرر استكمال تعليمه فالتحق بجامعة نيويورك حيث يعد رسالة الماجستير في السينما، وهو حاصل على البكالوريوس من جامعة هارفارد في الأدب واللغة.
أسأله عما إذا كان بدأ التفكير في الخطوة المقبلة، ويقول إن ذلك قد يكون فيلماً روائياً طويلاً مصوراً بالكامل في السعودية.


مقالات ذات صلة

شراكة سعودية بريطانية بمجال التراث الثقافي ودعم العلا مَعْلماً سياحياً عالمياً

يوميات الشرق ولي العهد مستقبلاً ستارمر في الرياض مساء الاثنين (واس)

شراكة سعودية بريطانية بمجال التراث الثقافي ودعم العلا مَعْلماً سياحياً عالمياً

هيئة التراث التاريخية في إنجلترا تضع اللمسات الأخيرة على شراكة جديدة مع هيئة التراث السعودي

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

تركي آل الشيخ: مبادرة الزواج الجماعي ستكون حافزاً لمراحل مقبلة في مناطق السعودية

أكد المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، أن «مبادرة الزواج الجماعي» التي تم الإعلان عنها تمثل حافزاً لمراحل إضافية خلال الفترة المقبلة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص ‎⁨فيلم «زيرو» للمخرج جان لوك إيربول يُعرض في الدورة الجديدة (إدارة المهرجان)⁩

خاص عسيري لـ«الشرق الأوسط»: «البحر الأحمر» هو السفير الأول للسينما المحلية والإقليمية

يترقب عشاق الفن السابع انطلاق الدورة الربعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الخميس، التي تستضيفها مدينة جدة.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق جانب من الفعاليات التي شهدتها «أيام مصر» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

حديقة السويدي تختتم فعاليات «أيام مصر» ضمن «انسجام عالمي»

اختتمت «حديقة السويدي» فعالياتها ضمن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين» التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية تحت شعار «انسجام عالمي» بفعاليات «أيام مصر»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

بتقنية ثلاثية الأبعاد... «أسلحة شبح» يمكن تصنيعها منزلياً في يوم واحد

أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)
أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)
TT

بتقنية ثلاثية الأبعاد... «أسلحة شبح» يمكن تصنيعها منزلياً في يوم واحد

أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)
أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)

«لم تعد هناك سيطرة على الأسلحة»، هكذا تقول إحدى الرسائل على موقع Deterrence Dispensed، وهو منتدى على الإنترنت مخصص للأسلحة النارية المنفذة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وفق تقرير لصحيفة «تلغراف» البريطانية.

منذ أن تم الكشف عن اعتقال لويجي مانجيوني، الرجل البالغ من العمر 26 عاماً والمتهم بقتل الرئيس التنفيذي لشركة التأمين الصحي براين طومسون، وهو يحمل سلاحاً محلي الصنع، كان الموقع المزعج مليئاً بالمشاركات التي تناقش - وفي بعض الحالات، تحتفل - بالخبر.

وقال أحد صناع الأسلحة الهواة: «سوف يظهر للعالم أن الطباعة ثلاثية الأبعاد قابلة للتطبيق بالفعل»، بينما صرَّح صانع أسلحة: «النقطة الأساسية هي أن قوانينهم لا تهم. لقد قتل رجل واحداً من أغنى الناس في العالم في مكان به بعض من أكثر ضوابط الأسلحة صرامة في العالم».

إن اللامبالاة الظاهرية التي أبداها الكاتبان إزاء جريمة القتل بدم بارد لرئيس شركة «يونايتد هيلث كير»، وهو زوج وأب، في شوارع نيويورك توضح مدى حماسة مجتمع متنامٍ على الإنترنت ينظر إلى الأسلحة المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد - الأسلحة التي يمكن تصنيعها بالكامل في المنزل، دون استخدام أي أجزاء قابلة للتتبع، باعتبارها حصناً مهماً ضد التعدي على مراقبة الأسلحة في الولايات المتحدة.

لقد استخدم مانجيوني تصاميم وزَّعتها شركة «ديتيرينس ديسبينسد»، ولا تزال تصاميم سلاحه متداولة على المنتدى. وقد تم حذف غرفة دردشة مخصصة لاختبار نموذج مماثل من كاتم الصوت صباح الثلاثاء، في حين اختفت حسابات مصممها على الإنترنت من منصات متعددة.

لكن السلاح الذي عُثر عليه في حوزة مانجيوني بعد اعتقاله في أحد مطاعم «ماكدونالدز» في بلدة ألتونا بولاية بنسلفانيا يوم الاثنين لم يكن مطبوعاً بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بالكامل.

فقد ذكر تقرير للشرطة أن السلاح كان يحتوي على «شريحة معدنية ومقبض بلاستيكي بماسورة معدنية ملولبة»، وكان به «مخزن غلوك محمل بـ6 طلقات معدنية كاملة عيار 9 ملم».

الدكتور راجان بسرا، باحث من المركز الدولي لدراسة التطرف والذي درس تطوير الأسلحة النارية المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، حدد السلاح من صور الشرطة الأميركية بوصفه نوعاً من «البندقية الشبح» التي يمكن تصنيعها من مزيج من الأجزاء المصنعة تجارياً والمنزلية.

وشرح أنه «في أميركا، توجد أجزاء من السلاح يمكنك شراؤها قانونياً مع الحد الأدنى من التنظيم؛ لأنها غير مصنفة قانونياً على أنها أجزاء سلاح ناري، مثل البرميل والشريحة».

وأضاف: «هناك عدد من الشركات المصنعة التي تصنع هذه الأسلحة ويمكن للمرء شراؤها في الولايات المتحدة. وهنا يأتي دور الطباعة ثلاثية الأبعاد؛ لأنك تصنع بقية المسدس من البلاستيك، ثم تجمع بين الاثنين، وستحصل على مسدس صالح للاستخدام».

يُعرف نوع السلاح الذي يُزعم أن مانجيوني استخدمه باسم «إطار غلوك». وقد تم تداول الكثير من التصميمات على الإنترنت لسنوات، ويُعتقد أنها أصبحت شائعة بين هواة الأسلحة المطبوعة ثلاثية الأبعاد في الولايات المتحدة وكندا.

ويسمح ابتكارها للناس بامتلاك الأسلحة النارية دون المرور بأي عملية تسجيل مطلوبة قانوناً أو استخدام أجزاء مختومة بأرقام تسلسلية من الشركات المصنعة، ومن هنا جاء لقب «البنادق الشبح».

وحذَّر بسرا من أنه «يمكن للمرء أن يصنع مسدساً في المنزل دون أن تعلم السلطات بذلك بالضرورة، وبالنسبة لأولئك الذين يريدون التخطيط لاغتيال، على سبيل المثال، فهذا حافز واضح للقيام بذلك».

في حين قد يستغرق الأمر أياماً عدة لطلب المكونات التجارية اللازمة عبر الإنترنت وتسليمها، فإن الأمر لن يستغرق سوى ساعات لطباعة الأجزاء البلاستيكية من المسدس الذي يُزعم أن مانجيوني استخدمه.

إن الطابعات ثلاثية الأبعاد التي يوصي بها عادة مجتمعات صناعة الأسلحة وتستخدمها متاحة على نطاق واسع من تجار التجزئة الرئيسين، وهي تصنّع الأجزاء المطلوبة من خلال تشغيل ملفات يمكن تنزيلها مجاناً إلى جانب كتيبات التعليمات التفصيلية.

وأوضح بسرا أنه «لصنع مسدس مثل المسدس الذي استخدم في جريمة قتل برايان تومسون، يمكن لأي شخص استخدام طابعة ثلاثية الأبعاد تم شراؤها من (أمازون) بنحو 250 جنيهاً إسترلينياً. إنها بحجم ميكروويف كبير وليست نظاماً معقداً بشكل خاص للتشغيل. يمكنك وضعها في غرفة نومك، في الزاوية واتباع البرامج التعليمية عبر الإنترنت حول كيفية تشغيلها».

ونبّه من العواقب المرعبة لمثل هذه البساطة، وقال: «قد يستغرق الأمر ساعات لطباعة المسدس، لكن تجميعه قد يستغرق دقائق. يمكنهم القيام بالشيء بالكامل في يوم واحد. يمكن لأي شخص القيام بذلك، ما دام كان لديه القليل من الصبر وبعض الأدوات الأساسية ويمكنه اتباع التعليمات».