في الوقت الذي تتهيأ أعداد كبيرة من السودانيين لاحتجاجات دعا لها «تجمع المهنيين» اليوم أمام سجن النساء في أم درمان، تقدمت مجموعة من الشخصيات الوطنية بمبادرة باسم «السلام والإصلاح»، تطالب بحوار وطني ينتهي بتكوين حكومة انتقالية بمهام محددة خلال فترة أربع سنوات. وعُرفت هذه الشخصيات في السابق بـ«مجموعة 52» المكونة من أكاديميين وسياسيين ومسؤولين سابقين، في عام 2016، حين تقدمت آنذاك بمبادرة لتحقيق مخرج آمن ومستدام للأزمة السياسية في السودان، وطرحتها على القوى السياسية وعلى رئاسة الجمهورية، لكن الرئاسة رفضت استقبال أعضاء المبادرة أو الرد على مبادرتهم.
وقال رئيس وزراء انتفاضة أبريل (نيسان) 1985، ورئيس المبادرة الجزولي دفع الله، إن الاحتجاجات الشعبية المطالبة بسقوط النظام القائم واتسع مداها واستمرارها للشهر الثاني، خلقت واقعاً جديداً استوجب التعامل معه كواقع وليس كأمر عارض يمكن تجاوزه. وشدد دفع الله على الحق في الاحتجاجات السلمية، وندد بمقابلتها بقنابل الغاز والرصاص الحي، قائلاً: «تؤكد المجموعة تأييدها لحق الشعب في التعبير عن تطلعاته في الحرية والديمقراطية، في وطن يعمه السلام والحكم الرشيد وحماية حقوق الإنسان، وتدعم سعي المواطنين لتحقيق مطالبهم المشروعة بالتغيير السلمي، طلباً للخلاص وللخروج من النفق المظلم الذي أدخلهم فيه النظام الحالي».
وأدان دفع الله استخدام الرصاص ضد المواطنين، واستخدام العنف المفرط بمواجهة المحتجين لحرمانهم حقهم الدستوري، وندد بما سماه «اغتيال العشرات وجرح المئات»، وطالب باسم المجموعة الأجهزة النظامية والعدلية بالتزام صف العدالة، وتحمل مسؤوليتها في كشف مرتكبي هذه الانتهاكات الخطرة، وإيقافهم واتخاذ الإجراءات القانونية. وقطع بأن الأزمة التي تواجهها البلاد انعكاس للأزمة السياسية الخانقة وانسداد الأفق، بسبب عدم استجابة السلطة لأي جهود من أجل الإصلاح والتمترس حول السلطة، وتابع: «لا مخرج إلاّ بهيكلة سياسية جذرية وشاملة لإدارة البلاد، وتكوين حكومة انتقالية».
وحذر دفع الله من أن تقود مواجهة السلطة للحراك الشعبي بعنف مفرط البلاد إلى مخاطر جمة، وأوضح أن المحتجين صمدوا بمواجهة محاولة إخماد مظاهراتهم، قائلاً إن «محاولات إخماد الاحتجاجات يوجد ما يدعو للاعتقاد بأن قوات غير منظمة بالقانون شاركت فيها بجانب قوات الضبط، وإن تلك القوات استخدمت القوة المفرطة ما نتج عنه عمليات قتل خارج القانون». ودعا دفع الله الحكومة للامتثال لمطالب الجماهير، وتنفيذها بأسرع ما يجب، عن طريق التوافق على «فترة انتقالية لا تقل عن أربع سنوات، وتكوين حكومة انتقالية، تتولى إدارة شؤون البلاد بالتوافق بين قيادة الحراك الجماهيري والقوى السياسية الكبرى».
من جهته، أكد عضو المبادرة، المحامي نبيل أديب، أن المبادرة تقترح تشكيل «حكومة كفاءات» ذات مصداقية وتوجه قومي ديمقراطي مع تمثيل للأحزاب السياسية الرئيسية. وأضاف أن مهام الحكومة الانتقالية تتمثل في إقامة حكم ديمقراطي لا مركزي مؤسس على حقوق الإنسان ومتفق مع المعايير الدولية، تجري إصلاحاً قانونياً وتلغى الأحكام المقيدة للحريات في القوانين، وتتيح حرية الإعلام والصحافة والتعبير والتجمع والتنظيم، وتؤسس لعدالة اجتماعية بين المواطنين. واشترط أديب أن تحقق الحكومة الانتقالية المقترحة استقلال القضاء ووقف الحروب وتحقيق السلام واستدامته، وإصلاح السياسة الخارجية، وإصلاح اقتصاد البلاد، وإجراء انتخابات حرة نزيهة لجمعية تأسيسية تضع دستورا وفق المبادئ فوق الدستورية.
وكشفت أيضاً عضو المجموعة، سامية الهاشمي، أن المبادرة عمدت للاتصال بمختلف القوى السياسية والمدنية، وعلى رأسها «تجمع المهنيين السودانيين»، وحزب المؤتمر السوداني، وتحالف نداء السودان، وتحالف قوى الإجماع الوطني، وحزب الأمة، والمبادرة الوطنية للتغيير، وبعض الحركات المسلحة، وأبدت جميعها تأييدها للمبادرة.
في غضون ذلك، ينتظر أن تشهد مدينة أم درمان اليوم احتجاجات شعبية واسعة دعا لها «تجمع المهنيين السودانيين» تحت مسمى «موكب المعتقلين»، يتجمع عند «سجن النساء» وذلك لرمزيته في الحراك الشعبي، إذ يقبع عدد كبير من النساء والفتيات داخله، إثر اعتقالهن من قبل أجهزة الأمن على خلفية مشاركتهن في المظاهرات التي تنتظم بالبلاد. وأطلقت سلطات الأمن سراح عدد من الصحافيين اعتقلتهم على خلفية تغطيتهم للاحتجاجات والمظاهرات، وذلك بعد أكثر من يومين من توجيه الرئيس عمر البشير بإطلاق سراحهم، فيما لم يحدث شيء بشأن المعتقلين السياسيين والنشطاء المدنيين والمهنيين.
مبادرة لتشكيل حكومة انتقالية في السودان لمدة 4 سنوات
وسط دعوات للتظاهر اليوم أمام سجن النساء في أم درمان
مبادرة لتشكيل حكومة انتقالية في السودان لمدة 4 سنوات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة