الحياة كمصور حربي... رؤية ما لا يتحمله الآخرون

معرض استعادي في لندن لأعمال المصور البريطاني دون ماكالين يسجل لقطاته في فيتنام وبيروت والعراق

المصور البريطاني سير دون ماكالين في افتتاح معرضه اللندني (أ.ب)  -  الصورة التي أطلقت مشوار ماكالين مصوراً صحافياً في عام 1958 (تيت)
المصور البريطاني سير دون ماكالين في افتتاح معرضه اللندني (أ.ب) - الصورة التي أطلقت مشوار ماكالين مصوراً صحافياً في عام 1958 (تيت)
TT

الحياة كمصور حربي... رؤية ما لا يتحمله الآخرون

المصور البريطاني سير دون ماكالين في افتتاح معرضه اللندني (أ.ب)  -  الصورة التي أطلقت مشوار ماكالين مصوراً صحافياً في عام 1958 (تيت)
المصور البريطاني سير دون ماكالين في افتتاح معرضه اللندني (أ.ب) - الصورة التي أطلقت مشوار ماكالين مصوراً صحافياً في عام 1958 (تيت)

المصوّر البريطاني سير دون ماكالين جاب أنحاء العالم حاملاً كاميرته العتيقة، والتقط آلاف الصور التي سجّلت فيما بينها أهم الصراعات السياسية في العام، استحق بجدارة أن تحتفل به بريطانيا بمعرض استعادي لصوره يقام حالياً بمتحف «تيت بريتان»، وببرنامج حافل يصاحبه يضمّ لقاءات مع المصوِّر الشهير وندوات حول عمله. وربما لأن المصور المخضرم استطاع بلقطات كاميرته نقل صراعات العالم وأمراضه لجمهور عريض تعدى بلده الأصلي بريطانيا، فمن الطبيعي أن يكون الإقبال على المعرض الضخم كثيفاً جداً، وأن تنفد كل تذاكر اللقاءات الخاصة معه.
في فيلم خاص أنتجته محطة «بي بي سي» الرابعة، خرج ماكالين من معطفه كمصور متخصص في الحروب، ليتجول بشوارع المدن البريطانية التي سجل مشاهد الحياة فيها في الستينات والسبعينات. خلال الفيلم رافقت الكاميرا المصور الشهير وهو يزور الحي الذي نشأ فيه، وهو فينزبري بارك بلندن، وسجلت انطباعاته على التغيرات التي شهدها الحي منذ أن تركه. كان لافتاً في الفيلم وأيضاً معبراً جداً طريقة ماكالين في التعامل مع الناس العاديين، فهو يتمتع بأدب إنجليزي جمّ، وفي الوقت ذاته هو سهل المعشر يعشق الناس ويتحدث مع كل من يراه في الشارع؛ يتحدث مع باعة ومع مشردين، ويجلس إلى جانب رجل عجوز يطعم الطيور ويتجاذب معه أطراف الحديث الذي يفضي لتكوين «بورتريه» سريع للشخصية الجالسة لجواره، لقطة حوارية تماثل تماماً اللقطة الفوتوغرافية التي يلتقطها على التوّ للرجل، وفي الحال نرى أن الصورة تعبّر عن كل الحديث الذي دار مسبقاً وتتضح لنا موهبة هذا المصور المخضرم في تركيز الحالة البشرية من خلال لقطة بالأبيض والأسود.
خلال الفيلم أيضاً يقول ماكالين إنه تعب من حياته كمصور للحروب، وإنه هرب منها ومن الحياة في لندن إلى الحياة في الريف، أصبح يهتم بتصوير مشاهد الطبيعة الريفية حوله، معتبراً ذلك بمثابة علاج لمشوار عمر حافل بالألم والحزن عاصرهما خلال تغطيته للحروب والنزاعات المسلحة. يقول: «للأسف دائماً ما يُطلق على (مصوّر الحروب) وهو أمر لا أحبه».
ويقول في تقديمه لمعرضه إن «الرؤية والنظر إلى ما لا يتحمل الآخرون رؤيته هما تعريف لحياة الصحافي الذي يغطي الحروب».
- البداية صورة لشباب في مبنى مهدم
بدأ ماكالين حياته مصوراً بالصدفة العابرة إذا التقط صورة لمجموعة من الشباب من زملائه في المدرسة وهم يقفون للتصوير مرتدين بدلاتهم على نوافذ مبنى مهدم. وتحولت الصورة إلى دليل على تورط أعضاء المجموعة في جريمة قتل، وهو ما لفت أنظار إحدى المجلات الأسبوعية لموهبته. ومن تلك الصورة انطلق المصوّر الشاب ليغطي بعدسته حرب فيتنام، وفترة التوتر بين ألمانيا الشرقية والغربية، وسجل بدايات إقامة الجدار الفاصل بينهما. كما ذهب لكمبوديا والكونغو وإثيوبيا وبنغلاديش وبيروت والعراق وسوريا.
- عشرة غرف وستين عاماً من التصوير
المعرض ضخم جداً وينقسم إلى عشرة غرف امتلأت بالزوار من مختلف الأعمار، الصمت كان مسيطراً على المعرض، فيما عدا همهمات بين الزوار أو أحاديث خافتة، بدا وكأن لقطات الحروب المختلفة قد تسللت إلى كل زائر، وألقت بظلالها القاتمة على الحاضرين، ولكن هناك ما هو أكثر من مناظر الحروب والتدمير والقتلى هنا، فعبر صور من حرب فيتنام تتجاور الصور التي تعبر عن فظاعة الحروب والعنف الذي يمارسه الجنود الأميركيون على ضحاياهم، نجد صورة لقسّ من الجيش وهو يحمل امرأة عجوزاً لينقذها من وابل النيران. الإنسان يتبدى هنا في مختلف جوانبه.
- تعاطف وحرفية
لقطات ماكالين كما يقول منسق المعرض «شجاعة وواثقة» أمام أصعب المواقف، ولكنها أيضاً تحمل تعاطفَ وإحساسَ المصوِّر بالموضوع أمامه. سُئِل ماكالين مرة لماذا اختار أن يصوّر أناساً قسَتْ عليهم ظروف الحياة؟ فأجاب قائلاً: «لأني أعرف أحاسيس هؤلاء الناس». التعاطف والتماثل مع الأشخاص أمامه أيضاً يظهر في لقطات لأشخاص مشردين في أحياء شرق لندن، فيها ينظرون إلى الكاميرا دون خوف، نظرات صريحة وقوية ومعبرة، وهو ما يقول عنه المصور إنه يعود إلى كونه ينظر لهؤلاء الناس مباشرة ويكسب ثقتهم بالنظرة المباشرة المتعاطفة التي تقول لهم: «أنا في صفكم».
يستعين العرض بجمل من ماكالين يشرح فيها خلفيات بعض الصور وفيها تتضح رؤيته في الحياة؛ فهو ضد الرأسمالية التي حرمت مرضى حي وايت تشابل في لندن من مستشفى للأمراض النفسية في السبعينات، لتتركهم مشردين في الشوارع، التقط صورهم وسجَّل باللقطات معاناتهم وأيضاً إهمال المجتمع لهم، في صورة معبرة بشكل جارح نرى مجموعة من هؤلاء المشردين وقد غلبهم التعب فناموا وقوفاً... صورة موجعة بحق.
- ما يفعله البشر بغيرهم
يقول علن رحلته للكونغو في عام 1964 حيث أرسلته مجلة ألمانية: «القتال الذي شهدته كان متوحشاً وقاسياً وعموماً انتصر الرجال الأشرار». في 1986، ذهب إلى بيافرا وهي جمهورية انفصالية سابقة استمرت من 30 مايو (أيار) 1967 حتى 15 يناير (كانون الثاني) 1970 نشأت عندما حاول سكان إقليم بيافرا الانفصال عن نيجيريا، وتكوين دولة مستقلة خاصة بعرقية الإيبو. يصف ما رآه هناك بقوله: «لم تكن حرباً، وتجاوزت الصحافة والتصوير... لا نستطيع ويجب ألا يُسمح لنا بأن ننسى الأشياء المقيتة التي نستطيع (كبشر) اقترافها في حق أناس مثلنا». غطَّى ماكالين الكارثة الإنسانية هناك لصالح مجلة «صنداي تايمز»، لقطاته من هناك صادمة ومحزنة ولكنها نجحت في نقل بشاعة الموقف للرأي العالمي، من المعروض صورة لجنود يعذبون بعض الانفصاليين قبل إعدامهم، النظرات على وجوه الضحايا لا يمكن تجاوزها بسرعة، وتحل محلها بعد ذلك صور لضحايا آخرين.
مهمة ماكالين في تصوير حرب فيتنام التي زارها 16 مرة خلال مشواره مصوراً، تعرض الغرفة الرابعة في المعرض مجموعة من الصور التي التقطها في عام 1986 حين كان ملحقاً بالجيش الأميركي. من الصور هنا صورة لجندي فيتنامي مقتول وحوله تناثرت أغراضه الخاصة، صور شخصية ربما لوالدته وأخته، علبة سجائره ملقاة ومبعثرة محتوياتها، تبدو الصورة وكأنها معدة مسبقاً، وهو ما يعترف به المصور قائلاً: «لم أعبث بالحقيقة سوى مرة واحدة، رأيت جنديين أميركيين يعبثان بأغراض جندي مقتول من شمال فيتنام، عندما انتهيا من فعلتهما، التي اعتبرتُها سرقةً وكنت مشمئزاً بالفعل من ذلك، كرهتهما، ومع ذلك فأنا كنتُ مثلهما، أشاركهما الطعام وأرتدى الزي العسكري نفسه... عبثا بممتلكاته وبعثرا صور أمه وأخته وأطفاله. كان يستحق أن يُسمع ولم يكن يستطيع الحديث فقررت أن أتحدث نيابة عنه وأن أنقل قصته للناس، قمت بجمع أغراضه ووضعتُها بجانبه والتقطتُ الصورة، وكانت هي الصورة الوحيدة التي أعددتها بنفسي».
صورة أخرى التقط فيها وجه جندي أميركي تبدو عليه معالم الصدمة، يقول ماكالين إن الجندي مصاب بصدمة أو ما يُطلق عليه «اضطراب ما بعد الصدمة»، وإنه التقط له كثيراً من الصور، ولكن الجندي لم «يرمش» ولم يتغير التعبير على وجهه، بشاعة الحرب كانت محفورة في كل نقطة على وجه الشاب المذعور.
- بيروت والعراق وسوريا
خلال مشواره الطويل مع الكاميرا، ذهب ماكالين إلى بيروت لتسجيل وقائع الحرب الأهلية، وبالفعل تمتد الصور التي تعكس الصراع والكراهية والعنف على جدران غرفة بأكملها؛ صورة لمجموعة من المراهقين الذين بدت عليهم السعادة يقفون في شارع متهدّم، أحدهم يحمل آلة عود يعزف عليها، وبدا رفاقه مبتهجين وكأنهم يحتفلون، بينما نرى أمامهم جثة لفتاة ميتة. يروى ماكالين شعوره بالخوف من التقاط صورة لما اعتبره مشهداً مروعاً، ولكن الصبية طلبوا منه التقاط الصورة فالتقط صورتين فقط وهو متعجل للابتعاد عنهم.
زار ماكالين العراق في عام 1991 في مهمة من صحيفة «إندبندنت» لتغطية نزوح الأكراد من العراق، والتقط صوراً عبَّر فيها عن الألم والمعاناة والشتات التي عانى منها المهجرون.
ورغم سنه المتقدمة (تعدى الثمانين من العمر) فقد ذهب ماكالين إلى سوريا لتصوير آثار تدمير «داعش» لآثار مدينة تدمر.
- البحث عن السلام في الطبيعة
في نهاية المعرض وفي الحجرة الأخيرة نرى صوراً وادعة للقطات من الريف الإنجليزي، هنا نرى ماكالين وقد قرر الابتعاد عن عالم الحرب المجنون، فهو ينشد «السلام في المناظر الطبيعية»، كما يقول. ويلخص بجملة مؤثرة ما عاناه خلال عمله مصوراً للحروب: «هناك إحساس بالذنب دائماً، الذنب لأنني مشيتُ بعيداً بينما كان هناك رجل يُحتضر من الجوع، أو لأن شخصاً آخر كان يمسك بمسدس ليقتله. تعبت من ذلك الإحساس وتعبت من القول لنفسي: (أنا لم أقتل ذلك الرجل الذي صورته، أنا لم أتسبب في جوع ذلك الطفل). لهذا أريد الآن أن أصور المناظر الطبيعية والأزهار، قررت أن أمنح نفسي السلام».



عائلة بريطانية تتغذى على فطرة ضخمة تزن 5 كيلوغرامات

أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»
أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»
TT

عائلة بريطانية تتغذى على فطرة ضخمة تزن 5 كيلوغرامات

أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»
أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»

عثرت امرأة في أثناء نزهة في الريف الإنجليزي على فطرة ضخمة تزن 5 كيلوغرامات (11 رطلاً). وقالت إن عائلتها تناولتها في وجباتها على مدار أسبوع كامل.

كانت أليسمون مينيت (27 عاماً) حسبما ذكرت «بي بي سي»، تسير برفقة والدها بحقل في نورث مارستون، بمقاطعة باكينغهامشير البريطانية عندما لاحظا الفطرة الضخمة وسط العشب. وتابعت: «تغذيت وعائلتي عليها لمدة أسبوع... داومت على تناول أطباق مصنوعة منها منذ وجدتها. ولا تزال لديّ 3 شرائح في الثلاجة. ولأكون صادقة أشعر بشبع زائد منها».

تهوى عازفة الموسيقى أليسمون جمع الفطر، وحسب قولها فهي تعرف كيف تحدّد النّوع الصالح منه للأكل، ولا تخلط بينه وبين الفطر السّام.

الفطرة الضخمة تزن 5 كيلوغرامات («إنستغرام» أليسمون مينيت)

وتوضح مينيت أن «فطر البافبول هو أسهل أنواع الفطر من ناحية التعرف عليه. يبدو كأنه من كوكب آخر، شكله غريب جداً». وأوضحت أنها تعرف الأشكال والألوان التي يجب تجنبها. ويقول الخبراء إن الأشخاص الذين لا يمتلكون مثل هذه المعرفة الأفضل لهم ألّا يغامروا.

استخدمت أليسمون مينيت الفطرة لصنع رغيف اللحم وشرائح الفطر، كما صنعت بيتزا بالفطر. وتابعت: «وجدت أمي وصفة بيتزا مع الفطر على (تيك توك)، وكانت لذيذة جداً».

جديرٌ بالذكر أن 3 أشخاص من جيرسي تعرضوا للتسمم في سبتمبر (أيلول)، بعد أن أخطأوا في التمييز بين «فطر قبعة الموت» والفطر الصالح للأكل.

وحذرت المتخصصة بعِلم الفطريات شارلوت شينكين، الناس من تناول الفطر البرّي الذي لا يمكنهم تحديده بدقة، وقالت: «من الضروري أن تكونوا على دراية بالمخاطر الحقيقية والقاتلة المحتملة لتناول الفطريات البرّية من دون معرفةٍ وحذر». كما نصحت جامعي الفطر باستشارة رأي ثانٍ وترك عينة غير مطهوة في حال أُصيبوا بالتسّمم.