اجتماعات «السفينة الأممية» تراوح مكانها لليوم الثالث

الجنرال لوليسغارد يصل إلى الحديدة لخلافة كومارت... وتعنّت الانقلابيين يحد من فرص إحراز تقدم

الرئيس الجديد للبعثة الأممية في الحديدة الجنرال لوليسغارد (وسط) لدى وصوله إلى صنعاء أمس (ا.ف.ب)
الرئيس الجديد للبعثة الأممية في الحديدة الجنرال لوليسغارد (وسط) لدى وصوله إلى صنعاء أمس (ا.ف.ب)
TT

اجتماعات «السفينة الأممية» تراوح مكانها لليوم الثالث

الرئيس الجديد للبعثة الأممية في الحديدة الجنرال لوليسغارد (وسط) لدى وصوله إلى صنعاء أمس (ا.ف.ب)
الرئيس الجديد للبعثة الأممية في الحديدة الجنرال لوليسغارد (وسط) لدى وصوله إلى صنعاء أمس (ا.ف.ب)

أفادت مصادر حكومية مطلعة في اليمن بأن اجتماعات اللجنة المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كومارت المنعقدة على متن سفينة أممية قبالة مدينة الحديدة لم تحقق أي اختراق لليوم الثالث على التوالي بسبب تعنت الجماعة الحوثية ورفضها لخطة كومارت الخاصة بإعادة الانتشار.
جاء ذلك في وقت وصل فيه الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد مساء أمس إلى الحديدة قادماً من العاصمة اليمنية صنعاء، وانتقل إلى متن السفينة الأممية {فوس ابولو} الراسية في البحر الأحمر، لعقد أول اجتماع له باللجنة المشتركة لإعادة الانتشار.
وعلى الرغم من مضي نحو 7 أسابيع منذ توقيع اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية وانتهاء المدة التي كانت مقررة لتنفيذ الاتفاق بشأن الانسحاب من الحديدة وموانئها، فإن المساعي الأممية لم تتوقف أملا في إنقاذ الاتفاق من الانهيار.
وأبدت الحكومة اليمنية غير مرة استياءها مما وصفته بـ«التراخي والتساهل الأممي» مع الجماعة الحوثية لجهة عدم الضغط الكافي عليها من أجل تنفيذ الاتفاق واحترام الجداول الزمنية ودفعها إلى الكف عن الاستمرار في خروق وقف إطلاق النار وتصعيد الوضع الميداني في مختلف مناطق الحديدة.
وفي هذا السياق، جدّد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك انتقاداته للتساهل الدولي مع الجماعة الحوثية خلال لقائه في الرياض أمس السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، وقال إن «التعامل الجاد مع أسباب الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الانقلابية، وإزالة مظاهر انقلابها على مؤسسات الدولة الشرعية واستعادة مؤسسات الدولة بالاستناد إلى مرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها، هو الحل الوحيد لإنهاء النزاع في بلاده». وأكد رئيس الحكومة في تصريحاته التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» أن «إصرار ميليشيات الحوثي على إفشال اتفاق السويد، وتنصلها من تنفيذ كل التزاماتها بموجب الاتفاق الموقع عليه برعاية الأمم المتحدة، يبرهن على استمرارها في مراوغاتها المعتادة وعدم جديتها أو قبولها الانصياع للسلام والرضوخ للإرادة الشعبية وتنفيذ القرارات الدولية الملزمة». وقال إن «أي تساهل من المجتمع الدولي تجاه ما تقوم به ميليشيات الحوثي سيجعل من أي اتفاق أو قرار جديد فرصة للميليشيات الانقلابية للتصعيد في انتهاكاتها وحربها ضد اليمنيين»، مشيرا إلى قيام الجماعة بإطلاق النار على فرق الرقابة الأممية ومنع تحركاتها في تحد سافر وغير مقبول للمجتمع الدولي.
وكان رئيس فريق المراقبين الأمميين في الحديدة الجنرال كومارت بدأ الأحد الماضي جولة جديدة من المشاورات مع ممثلي الجانب الحكومي والجماعة الحوثية على متن سفينة أممية قبالة الحديدة بعد أن رفضت الجماعة حضور الاجتماعات المشتركة للجنة إعادة تنسيق الانتشار في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وتهدف جهود كومارت، بحسب المصادر الأممية، إلى محاولة وضع خطة متكاملة لتنفيذ اتفاق السويد، تشمل وضع جداول زمنية وآليات إجرائية لإعادة الانتشار وانسحاب الميليشيات من الحديدة وموانئها وتسليم المدينة أمنيا وإداريا والموانئ الثلاثة للسلطات المحلية الشرعية التي كانت قائمة قبل الانقلاب الحوثي. وذكرت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أن نحو ستة اجتماعات مشتركة وفردية عقدها الجنرال كومارت مع ممثلي الجماعة الحوثية والحكومة الشرعية على متن السفينة الأممية خلال ثلاثة أيام لكنها لم تسفر عن تحقيق أي اختراق فعلي بسبب رفض ممثلي الجماعة لخطته المقترحة الخاصة بإعادة الانتشار. وقالت المصادر إن ممثلي الجانب الحكومي برئاسة اللواء صغير بن عزيز، أبدوا تجاوباً كبيراً مع خطة الجنرال كومارت الخاصة بإعادة الانتشار مع إبداء الملاحظات على بعض جوانبها التفصيلية، في الوقت الذي رفض ممثلو الحوثيين الخطة في المجمل، متهمين الجنرال الهولندي بالانحياز.
وتبدو مهمة الجنرال الدنماركي لوليسغارد الذي وصل إلى الحديدة أمس لخلافة كومارت في الإشراف على تنفيذ اتفاق السويد ووقف إطلاق النار، محفوفة بكثير من التعقيدات بالنظر إلى عدم جدية الحوثيين في تنفيذ الاتفاق ومحاولتهم الدفع إلى إعادة التفاوض حوله من جديد، وهي الخطوة التي عبر وزير الخارجية اليمني خالد اليماني عن رفضها في أحدث تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».
ويفترض أن يقود اتفاق السويد إلى الانسحاب الحوثي من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى)، وأن يتم إنهاء المظاهر المسلحة في المدينة وفتح الطرق وإزالة الحواجز العسكرية الحوثية تحت إشراف الأمم المتحدة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء الحديدة باتجاه مختلف المناطق.
ورفضت الجماعة الحوثية قبل أكثر من شهر الموافقة على فتح الطرق أمام المساعدات الإنسانية، لا سيما طريق «كيلو16» جنوب شرقي المدينة، كما أقدمت ميليشياتها على استهداف مخازن القمح في مطاحن البحر الأحمر أكثر من مرة بقذائف الهاون.
وأحصت الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها إقدام الجماعة الحوثية على ارتكاب أكثر من ألف خرق لوقف إطلاق النار منذ سريانه في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو الأمر الذي أدى إلى سقوط أكثر من 500 قتيل وجريح من المواطنين.
وبحسب شهود من الميدان في محافظة الحديدة تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، لم تتوقف الجماعة الحوثية منذ بداية الهدنة الهشة، عن تعزيز وجودها العسكري في المدينة عبر إقامة التحصينات المتنوعة ومنها حفر الخنادق والأنفاق وإغلاق الشوارع بالحواجز، وتقييد حركة السكان المدنيين؛ إضافة إلى استقدام المزيد من المسلحين إلى المدينة ونشرهم في مساجدها ومدارسها وفي بيوت المواطنين بعد طردهم منها. وتقول الحكومة الشرعية إن كل هذه التحركات الحوثية إلى جانب قيامها باستحداث معسكرات تدريب للمجندين الجدد تشير إلى عدم نيتها تنفيذ اتفاق السويد، وهو ما ينذر بعودة خيار الحسم العسكري إلى الواجهة مجددا، بخاصة في ظل نفاد صبر القوات الحكومية المرابطة جنوب المدينة وشرقها، وفي بقية مديريات الحديدة في الشق الشرقي من الساحل الغربي.
وفي أحدث تصريحات لرئيس فريق المراقبين الدوليين المنتهية مدة عمله الجنرال كومارت، حذر الأخير، من الأوضاع الهشة لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، أثناء لقائه بممثلي الحكومة والجماعة الحوثية على متن السفينة الأممية.
ولا يتوقع كثير من المراقبين للشأن اليمني أن يضيف وصول الجنرال الدنماركي أي جديد على صعيد إحراز تقدم سريع وفعلي في تنفيذ اتفاق السويد الخاص بشأن الحديدة، بسبب ما دأبت عليه الجماعة الحوثية من تعنت ومماطلة ومحاولة إضفاء تفسير مختلف لبنود الاتفاق. وبحسب مصادر ملاحية في مطار صنعاء وصل الجنرال الجديد أمس إلى العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون، ومن المتوقع أن يتوجه إلى الحديدة مع فريقه في انتظار وصول بقية أعضاء بعثة المراقبة الأممية الذين يقودهم في الأيام المقبلة، والبالغ عددهم 75 مراقباً.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.