حافظ وهبة... النسر المهاجر

حافظ وهبة... النسر المهاجر
TT

حافظ وهبة... النسر المهاجر

حافظ وهبة... النسر المهاجر

نزح المعلم الأزهري حافظ وهبة من بولاق إلى ساحل الخليج العربي هرباً من سطوة الإنجليز في مطلع القرن العشرين، كما تردد. ومن ثم، وجهته الأقدار للإقامة في عاصمة الإنجليز ذاتها لأكثر من ثلاثة عقود، مبعوثاً للسعودية قبل إعلان توحيدها وبعده، وقد لقي وجه ربه في روما، بعد غربة نافت على خمسين عاماً عن مصر، قضاها في مهجره في الجزيرة العربية وأوروبا، ومارس خلالها التعليم والإدارة والتأليف والدبلوماسية.
ورد اسمه بدءاً من عام 1915 ضمن الشخصيات الفاعلة في الحركة التعليمية في الكويت، ومشاركته عدداً من الناشطين إبان الصراع الدائر آنذاك بين الإنجليز والعثمانيين في رأس الخليج العربي على مشيخة الكويت والمحمرة (عربستان) وولاية البصرة وما جاورها، وأفاض مؤرخ الكويت الشيخ عبد العزيز الرشيد برصد جهوده التعليمية والدعوية والسياسية إبان تلك الحقبة. كما ذُكرت كتبه كثيراً في مصادر التاريخ السعودي، خصوصاً في الفترة المبكرة من قدومه إلى الرياض في منتصف العشرينات الميلادية من القرن الماضي، ومشاركته في ما عُرف بالمؤتمر الإسلامي الذي عقد في مكة المكرمة عام 1926، وفي لجنة التفتيش والإصلاح التي شكلها الملك عبد العزيز في العام نفسه، للبحث في سبل تنظيم الأوضاع الإدارية في البلاد بعد انضمام الحجاز.
ولم تورد المراجع الخاصة بسيرته الكاملة سوى بحث واحد أسهم به د. فاروق عثمان أباظة، أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية، بعنوان: «حافظ وهبة.. مستشار شخصي للملك عبد العزيز»، في ندوة للعلاقات المصرية - السعودية، عقدتها جامعات الزقازيق وعين شمس والإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1987، وطبع مع مراجعه في نحو 150 صفحة، ويُعد من أوفى ما كتب عنه، لولا بعض التصحيفات المطبعية.
كما لم تورد المقالات التي كتبت عنه إلا نتفاً مما يستحق. ومن هنا، أصبح الخيار المتاح للحديث أمام جمهور تتجاذبه إغراءات قاعات المعرض أن يكتفي بموجز من ملامح سيرته، يُركز على أبرز ما قيل عنه، وعن كتابيه:
أورد خير الدين الزركلي، في قاموس الأعلام، نبذة بناها على سيرة حررها حافظ وهبة لنفسه، تقول: «هو سفير، من مؤرخي الدولة السعودية، مصري الأصل والمولد والمنشأ، تعلم مدة قصيرة في الأزهر وفي مدرسة القضاء الشرعي، وعمل في صحافة الحزب الوطني بالقاهرة والآستانة، ورحل إلى الهند، ومنها إلى الكويت 1915، مدرساً بالمدرسة المباركية، وكتب إلى الملك عبد العزيز آل سعود عام 1923، فأعجبه أسلوبه، ودعاه إلى الرياض في العام نفسه، وتقدم عنده إلى أن عينه وزيراً مفوضاً عام 1930، فسفيراً عام 1948، وأحيل إلى التقاعد سنة 1965، وتُوفِي في روما عام 1967، وله كتابان: (جزيرة العرب في القرن العشرين)، و(خمسون عاماً في جزيرة العرب)». وأحال الزركلي إلى مراجع كتبت عنه آنذاك في مجلتي «قافلة الزيت» و«العرب»، وصحيفة الحياة، والموسوعة الكويتية.
وبالانتقال إلى لقاء تلفزيوني أجريته عام 1976، تحدث الأمير المطلع مساعد بن عبد الرحمن، المتوفّى عام 1986، عمن عرف عن قرب من مستشاري أخيه الملك عبد العزيز، يقول:
«الشيخ حافظ أتى عبر الكويت، حيث أسهم في تأسيس مدرسة فيها لإيجاد حياة ثقافية في الكويت، ثم جاء إلى الملك عبد العزيز، وكان في الأحساء، وصحبه إلى الحجاز في أول عام من دخولها في الحكم السعودي، فأوكل إليه الملك بعض الأعمال المالية والإدارية. وبعد هذا بمدة، بعثه وزيراً مفوضاً في لندن، فهو من ناحية النشاط السياسي يُعد أقل من غيره، إلا بعد أن عين في لندن، حيث قام بما كان يوكل إليه من مهمات» - انتهى.
ومن المعلوم أن الملك عبد العزيز اصطفى، بالإضافة إلى مستشاريه السعوديين، نخبة من مختلف الأقطار العربية، من العراق والشام ولبنان وفلسطين وليبيا، وصار حافظ وهبة المستشار المصري الوحيد بينهم، ومن أقدمهم وأدومهم. وكان للملك بعض الأصدقاء من الغربيين الذين أقاموا في المدينة المنورة والرياض. ومن بين هذه المنظومة الفكرية من ألف في تاريخ المنطقة، كعبد الله فيلبي ومحمد أسد ورشدي ملحس وفؤاد حمزة وخير الدين الزركلي وحافظ وهبة.
أما الكتابات التي تحدثت عن سيرة هذه الشخصية، فلقد أخذ معظمها وجهة سردية تقليدية في تدوينها، فتحدثت عن مكان ولادته، وتاريخها، ودراسته، وأعماله الوظيفية، وكتبه... إلخ، دون أن تسبر أغوار نفسيته، وتغوص في وجدانه وتفكيره، في سياق العهد الزمني الذي نشأ فيه، ولا يكاد يوجد منهج حديث في حال سيرة شخصية حافظ وهبة سوى في نص واحد من هذا النوع، درس تكوينه دراسة اجتماعية نفسية عميقة، من خلال الزمان والمكان والظرف الذي عاش فيه، كتبه عنه الأديب المصري المبدع وديع فلسطين، في كتابه المعروف الذي يترجم لأعلام عصره في جزأين صدرا عن «دار القلم» بدمشق، عام 2003.
ثم يسرد وديع بعض تفاصيل نزوح حافظ إلى تركيا، فالهند، ثم الكويت، وممارسته التعليم وتجارة اللؤلؤ فيها، ونفيه إلى البحرين، ومطاردة الإنجليز له، واعتقاله في سجن طرة، ويصف منهج حافظ في تدوين التاريخ، وتحديده الفرق بين التاريخ والمذكرات، وأن التاريخ ليس موضوع إنشاء يكتبه صاحبه مغترفاً من معين الخيال، ويختم حديثه بالقول: «إن بواكير حياة حافظ كانت تنبئ عن مدرس للتاريخ واللغة العربية والدين، ولكن خواتيمها تكشفت عن رجل هو نعم المشير في السياسة، وعن رجل له في الدبلوماسية والعلاقات الدولية يد طولى، وكان دائماً نموذجاً للمواطن المصري السعودي الشريف».
ولقد طبع كتابه الأول «جزيرة العرب في القرن العشرين» عام 1935، في القاهرة، متضمناً أهم الحوادث في الجزيرة العربية، منذ نزح إليها عام 1915 حتى عام صدور الكتاب، وقد أهداه إلى «شباب العرب الناهض، عدة المستقبل ومناط الأمل»، وصور فيه الأوضاع السياسية والاجتماعية والسكانية والجغرافية، وأضاف إليه بعض الوثائق والمعلومات والخرائط ذات الصلة، ويقع الكتاب في نحو 400 صفحة، ولا شك أن الكتاب يكتسب جانباً من أهميته من كونه نُشر قبل خمسة وثمانين عاماً.
أما كتابه الثاني «خمسون عاماً في جزيرة العرب»، فطبع في مطبعة الحلبي بالقاهرة، عام 1960، وعده المؤلف متمماً للأول، وقد صدر بالعربية والإنجليزية في وقت واحد.
وتبلغ مسيرة حافظ وهبة من التنوع والامتداد ما لا تحيط بها صفحات محدودة، ولا يتسع لها حديث مقيد بوقت، ولعل الإضاءات الموجزة التي عرضتها هذه السطور تحفز الباحثين لكتابة سيرته الكاملة، التي تستقصي الظروف التي دعته للنزوح من موطنه، والنشاط التعليمي والسياسي الذي قام به في الكويت والبحرين، والأحوال الأسرية التي عاشها في السعودية، ومصير وثائقه، خصوصاً أنه يُعد من الشخصيات المصرية البارزة التي وفدت إلى المملكة العربية السعودية في فترة تأسيسها المبكر من القرن الماضي، وكان له دور مشهود على صعيد العمل الإداري والسياسي فيها، وأمضى في خدمتها أكثر من نصف عمر قارب الثمانين.
* من محاضرة ألقاها المؤلف
في معرض القاهرة الدولي للكتاب



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.