إردوغان: تركيا تبقي اتصالات على مستوى منخفض مع سوريا

لجنة تشكيل الدستور {تجتمع خلال أيام}

مقاتل من فصيل سوري مدعوم من تركيا في تل الحجر قرب حلب (أ.ف.ب)
مقاتل من فصيل سوري مدعوم من تركيا في تل الحجر قرب حلب (أ.ف.ب)
TT

إردوغان: تركيا تبقي اتصالات على مستوى منخفض مع سوريا

مقاتل من فصيل سوري مدعوم من تركيا في تل الحجر قرب حلب (أ.ف.ب)
مقاتل من فصيل سوري مدعوم من تركيا في تل الحجر قرب حلب (أ.ف.ب)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس (الأحد)، إن حكومته أبقت على اتصالات «على مستوى منخفض» مع النظام السوري عبر جهاز الاستخبارات، رغم أن أنقرة هي من أشد منتقدي هذا النظام.
وصرح إردوغان في مقابلة مع تلفزيون «تي آر تي» الرسمي، أن «السياسة الخارجية مع سوريا تتم على مستوى منخفض». وهذه أول تصريحات تكشف فيها تركيا عن اتصالات مباشرة منخفضة المستوى مع دمشق.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنه سيتم خلال بضعة أيام تشكيل اللجنة الدستورية السورية.
وقال جاويش أوغلو: «خلال الأيام القليلة المقبلة سنشكل اللجنة الدستورية السورية، بمشاركة ممثلي المجتمع المدني والنظام السوري والمعارضة، وسنقدم المساعدة في صياغة مشروع الدستور السوري».
وأضاف جاويش أوغلو، في كلمة خلال اجتماع في إسطنبول أمس (الأحد)، أن جهود تركيا مع الدول المعنية تركز على إنشاء لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا، وتنسيق الانسحاب الأميركي من سوريا. وتابع بأن تركيا تعمل على ترسيخ وقف لإطلاق النار في المنطقة، من خلال حماية اتفاق سوتشي المبرم مع روسيا في سبتمبر (أيلول) الماضي بشأن إدلب السورية، بالتوازي مع اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب.
وأضاف أن الجهود تنصب على تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا، وإحياء مؤتمر جنيف، بالتوازي مع الحفاظ على مساري آستانة وسوتشي. ومن ناحية أخرى، نحاول التنسيق مع الولايات المتحدة حول ما سنفعله في شمال سوريا بعد الانسحاب الأميركي.
وأضاف وزير الخارجية التركي، أن الحديث في هذه الآونة يجري حول كيفية إدارة عملية الانسحاب الأميركي، وتحقيق الاستقرار الدائم في سوريا، من خلال التنسيق مع الدول المجاورة والمعنية، بما في ذلك روسيا وإيران.
وفي وقت سابق، قال جاويش أوغلو، إن قمة ثلاثية، روسية تركية إيرانية، ستنعقد في مدينة سوتشي الروسية في 14 فبراير (شباط) الجاري لبحث التطورات في سوريا وجهود التسوية السياسية، والانسحاب الأميركي، والمنطقة الآمنة المقترحة، إضافة إلى الوضع في إدلب، ومسارات التسوية، والحفاظ عليها.
ومن المقرر أن تسبق هذه القمة الجولة الجديدة من اجتماعات آستانة، التي ينتظر أن تركز على تشكيل لجنة صياغة الدستوري السوري.
وخلال الأيام الأخيرة، بحث وفد روسي رفيع في كل من أنقرة وطهران سبل تشكيل اللجنة الدستورية السورية في أقرب وقت. كما اختتم وفد تركي من وزارتي الخارجية والدفاع مباحثات في موسكو، أمس، استغرقت أياماً عدة، حول الملف السوري بجميع أبعاده.
في السياق ذاته، أكد جاويش أوغلو أهمية دعم اللاجئين السوريين الذين بدأوا بالعودة إلى بلادهم، قائلاً إن تركيا تتحدث مع جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، من أجل توفير الدعم المطلوب.
وأشار إلى أن تركيا سوف تنظم مؤتمراً مع الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 14 مارس (آذار) المقبل، من أجل مناقشة آليات الدعم الواجب تقديمه للاجئين السوريين.
وتستضيف تركيا نحو 3.6 مليون لاجئ سوري، فيما غادر نحو 300 ألف منهم إلى المناطق التي تم تطهيرها في شمال سوريا، من خلال عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، اللتين نفذهما الجيشان: التركي و«السوري الحر».
على صعيد آخر، انتهت السلطات التركية من بناء أول مستشفى ميداني عند معبر كاراكاميش الحدودي، بولاية غازي عنتاب المتاخمة للأراضي السورية. وبدأت فرق الإنقاذ الطبي الوطني، بتعليمات من وزارة الصحة التركية، إقامة مستشفيات ميدانية في ولايتي هطاي وغازي عنتاب.
وبإمكان المستشفى الميداني الجديد، تقديم الإسعافات الأولية لـ10 مرضى في آن واحد. ويوجد بالمستشفى، المقام في خيمة، طبيب مختص بالإسعافات الأولية، وممرضة، وفنيون مختصون بحالات الطوارئ؛ حيث يحال المصابون بعد إجراء الإسعافات الأولية إلى مستشفيات غازي عنتاب.
وتقام في المنطقة الحدودية بين شانلي أورفا وماردين، ويتزامن إنشاؤها مع تحركات من جانب تركيا بشأن عملية عسكرية محتملة في مناطق شرق الفرات، التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردية» المدعومة من واشنطن والتي تعتبرها تركيا تنظيماً إرهابياً غالبية قوامها، والحديث عن إنشاء المنطقة الآمنة التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد إعلانه عزم بلاده سحب قواتها من سوريا بشكل كامل، بعد الانتهاء من المعارك ضد تنظيم داعش الإرهابي.
ودفع الجيش التركي، خلال الأسابيع الأخيرة، بتعزيزات مكثفة من الآليات والجنود والقوات الخاصة، إلى ولاية هطاي على حدود محافظة إدلب، التي شهدت اشتباكات بين «هيئة تحرير الشام» وفصائل معارضة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».