«السترات الصفراء» مجدداً إلى الشارع وعمليات كر وفر في باريس

الحكومة تراهن على وهن الحركة الاحتجاجية وماكرون يستقبل قادة البلاد السياسيين

«السترات الصفراء» مجدداً إلى الشارع وعمليات كر وفر في باريس
TT

«السترات الصفراء» مجدداً إلى الشارع وعمليات كر وفر في باريس

«السترات الصفراء» مجدداً إلى الشارع وعمليات كر وفر في باريس

عادت باريس لتعيش مشاهد الكر والفر بين السترات الصفراء وقوات الأمن في الأسبوع الثاني عشر لانطلاق الحركة الاحتجاجية. لكن الفرق هذه المرة أن «المناوشات» بين الطرفين حصلت شرق العاصمة، في ساحة «لا ريبوبليك» «الجمهورية» الرئيسية التي كانت نقطة الوصول المقررة سلفا للمسيرة التي انطلقت قبيل الظهر من الدائرة الثانية عشرة «جنوب شرقي باريس». وطوال خط سير المظاهرة كانت الأمور هادئة تماما. لكن الأجواء تلبدت مباشرة في الساحة المذكورة بين مجموعات من الشبان الذين بادروا برمي القوى الأمنية بما توفر من مقذوفات. وجاء الرد عليها بالقنابل المسيلة للدموع وبالقنابل الصوتية وخراطيم المياه. والثابت أن الجهود التي بذلتها «السترات الصفراء» لإبقاء المجموعات العنيفة خارج المظاهرة نجحت جزئيا. إلا أن هذه المجموعات عادت للتحرك عند بدء انفضاض المظاهرة، الأمر الذي استدعى تدخل القوى الأمنية «المتحركة» لتوقيف بعض أفرادها وتفريق من بقي في الساحة المذكورة.
وجديد أمس، أن تعبئة السبت الثاني عشر جاءت تحت شعار الاحتجاج على العنف الذي تلجأ إليه القوى الأمنية، وخصوصا استخدام الرصاص المطاطي الذي أوقع العشرات من الجرحى وكثيرا منهم فقد البصر جزئيا. ولا شك أن القرار الذي أصدرته المحكمة الإدارية بحر الأسبوع الماضي الذي أتاح للقوى الأمنية الاستمرار في اللجوء إلى هذا النوع من «السلاح» أسدى خدمة للمتظاهرين الذين زادت أعداهم في باريس. وبحسب الأرقام التي حصلت عليها مجموعة من الوسائل الإعلامية من مصادر «محايدة» فإن ما يقل عن 13800 شخص شاركوا في المسيرة الباريسية، الأمر الذي يشكل ارتفاعا بالتعبئة قياسا بيوم السبت الذي قبله حيث لم تتخط أعداد المتظاهرين سقف الـ5000 شخص.
ورد وزير الداخلية كريستوف كاستانير على المنددين من خلال فيديو من ثلاثين ثانية رمى فيه كامل المسؤولية على هؤلاء. وقال كاستانير إنه «لولا سرقات المخازن وإقامة المتاريس وإحراق السيارات وإنزال الأضرار بالأبنية العامة ومهاجمة رجال الأمن وبشكل عام لو احترم القانون لما كان سقط جرحى». وأرفق الوزير حديثه بصور لأعمال شغب شهدتها باريس والمدن الأخرى منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبالمقابل، فإن المنددين بعنف رجال الشرطة يؤكدون أن عشرات الحالات من اللجوء إلى الرصاص المطاطي غير مبررة بما في ذلك إصابة جيروم رودريغيز، أحد وجوه الحركة السبت الماضي في باريس، في عينه، بينما كان يصور المظاهرة. وتفيد مجموعة «لننزع سلاحهم» بإصابة 20 شخصا بجروح بالغة في العينين بسبب السلاح المذكور الذي تستخدمه القوى الأمنية الفرنسية وحدها من بين جميع البلدان الأوروبية. وعمد جهاز التقصي في جهاز الشرطة إلى فتح 117 تحقيقا للتعرف على حقيقة ما حصل.ولم تقتصر الحركة الاحتجاجية على باريس وحدها. وأبرز ما حصل أمس كان في مدينة فالانس «جنوبي شرق» التي شهدت بدروها مناوشات بين المتظاهرين والقوى الأمنية. وأفادت شرطة المدينة بأن نحو 5400 شخص انضموا إلى المظاهرة. ووفق حصيلة غير نهائية، تفيد المعلومات بإلقاء القبض على 18 شخصا ومصادرة 80 «سلاحا» «ليس بينها أسلحة نارية». والسيناريو نفسه تكرر في المدينة المذكورة التي تحولت إلى مدينة «ميتة» بفعل إغلاق كثير من المتاجر والمقاهي والمطاعم وعدد من الساحات والطرق... وفوجئ رجال الأمن بالعثور على عشرات السيارات التي حلت بها أضرار في محطة القطارات الخاصة بالمدينة. وحتى مساء أمس لم تكن قد حددت الجهة المسؤولة عن هذه الأعمال. حقيقة الأمر أن السلطات الفرنسية التي كانت تعول على انطلاق «الحوار الوطني الكبير» وانخراط الرئيس الفرنسي فيه وكذلك رئيس الحكومة وعدد من الوزراء لم يعط النتيجة المرجوة؛ إذ ما زالت الحركة الاحتجاجية قوية، لا بل متجذرة. وثمة من يؤكد أنها سوف تستمر حتى انتهاء المدة الموضوعة للحوار الوطني، وخصوصا حتى معرفة ما سيؤخذ وينفذ من المطالب التي ستسفر عنها جلسات الحوار التي تعد بالمئات. والرهان الرسمي اليوم، على ما يبدو، أن الحوار الوطني الذي رأت فيه «الرد السياسي» على مطالب المحتجين سيأتي في المحصلة. يضاف إلى ذلك أن الانقسامات التي برزت في صفوف «السترات الصفراء» بين من هو راغب في المشاركة في الانتخابات الأوروبية القادمة في 26 مايو (أيار) من جهة، والرافضين لمبدأ الحوار الذي يرون فيه «مضيعة للوقت» ومن يعتبره مفيدا للتعبير عن المطالب من جهة أخرى، أخذت تفعل فعلها في صفوف المحتجين. ثم إن الكثيرين يرون أن «السترات الصفراء» ابتعدوا كثيرا عن المطالب الرئيسية والأساسية التي طرحوها بداية.
هكذا تمر الأسابيع وتتشابه في فرنسا. لكن الثابت أن «مرحلة الخطر» التي واجهها ماكرون ومعه الحكومة في أوائل ديسمبر وحتى بداية العام الجديد قد ولت وأنه استعاد المبادرة إلى حد بعيد وعادت شؤون الدولة إلى الواجهة، فيما إشكالية «السترات الصفراء» تطرح نهاية الأسبوع.
وفي سياق تحركه، يستقبل الرئيس ماكرون بحر هذا الأسبوع قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان الفرنسي (مجلس النواب والشيوخ) وفي البرلمان الأوروبي من أجل جلسات تشاورية. ويريد الرئيس الفرنسي، التوكؤ على الأزمة من أجل تغيير أسلوب الحكم والاستماع أكثر فأكثر لما يريده الفرنسيون بعيدا عن «البرج العاجي» الذي عاش فيه منذ وصوله إلى الإليزيه في مايو (أيار) عام 2017.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».