سيدة هندية تترأس الاقتصاديين في صندوق النقد

غيتا غوبيناث الهندية التي تولت منصب كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي (رويترز)
غيتا غوبيناث الهندية التي تولت منصب كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي (رويترز)
TT

سيدة هندية تترأس الاقتصاديين في صندوق النقد

غيتا غوبيناث الهندية التي تولت منصب كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي (رويترز)
غيتا غوبيناث الهندية التي تولت منصب كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي (رويترز)

تولَّت الخبيرة الاقتصادية هندية الأصل غيتا غوبيناث، الشهر الماضي، منصبَ كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، لتصير بذلك أول امرأة على مستوى العالم تشغل هذا المنصب الرفيع في بنك الإقراض العالمي الأول. ويتسق صندوق النقد الدولي، إثر تعيينها، مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الدولي من حيث تعيين السيدات في المناصب الاقتصادية الرفيعة في تلك المؤسسات الدولية.
وتُعد السيدة غوبيناث، البالغة من العمر 47 عاماً، أحد كبار العلماء في مجال أسعار صرف العملات، والديون السيادية، والتدفقات الرأسمالية، والمواطنة الهندية الثانية بعد راغورام راجان، المحافظ الأسبق للبنك المركزي الهندي، التي تتولى مثل هذا المنصب الاقتصادي الرفيع.
ولقد انضمت إلى فريق العمل في صندوق النقد الدولي في وقت عصيب للغاية، مع سعي المزيد من البلدان للنأي بنفسها عن الدوران في فلك العولمة، في ظل تزايد الصراع، مع عدم اليقين الاقتصادي.
وتأتي السيدة غوبيناث، أستاذة كرسي جون زوانسترا للدراسات الدولية والاقتصادية في جامعة هارفارد، في أثر موريس ماوري أوستفيلد على منصب المستشار الاقتصادي ومدير إدارة الأبحاث في صندوق النقد الدولي.
ويشمل المنصب المذكور كثيراً من المهام، من المعاونة في تحديد المساعدات المالية للبلدان وإجراء الأبحاث الرائدة من جانب مجموعة واسعة من خبراء الاقتصاد الدوليين.
وبصفتها خبيرة من خبراء الاقتصاد الذين عاشوا ودرسوا في كل من الهند والولايات المتحدة الأميركية، فإن السيدة غوبيناث تقف بأقدام راسخة بين عالمين كبيرين، مع فهم عميق ودراية واضحة للمجريات الاقتصادية العالمية. وقبل توليها منصبها الجديد في صندوق النقد الدولي، كانت السيدة غوبيناث تشغل منصبَ المستشارِ الاقتصادي لرئيس وزراء ولاية كيرالا الهندية وأستاذٍ زائر لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي فرع بوسطن، وعضو في الهيئة الاستشارية الاقتصادية ببنك الاحتياطي الفيدرالي فرع نيويورك. كما كانت عضواً عاملاً في المجموعة الاستشارية للشخصيات البارزة المعنية بشؤون مجموعة «العشرين» الدولية لدى وزارة المالية الهندية.
كما اختيرت السيدة غوبيناث واحدة من أفضل 25 خبيراً اقتصادياً تحت سن 45 عاماً من قِبَل صندوق النقد الدولي في عام 2014، ثم اختيرت مرة أخرى للفوز بلقب «الرائد العالمي الشاب» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في عام 2011.
وكان تعيين السيدة غوبيناث من دواعي الفخر والسرور لدى الشعب الهندي، إذ تُعتبر رحلتها من الأسرة المتوسطة في مايسورو ثاني أكبر مدينة في ولاية كارناتاكا الجنوبية الهندية إلى الخبيرة الاقتصادية من الطراز العالمي، ملحمةً من العمل الجاد، والمثابرة، والتركيز الخالص، والتربية الفكرية والقيادية المحضة.
وتُلقي السيد في سي فيجايالاكشمي، والدة السيدة غوبيناث، بعض الضوء على حياة كريمتها، حين تقول: «بدأت الفتاة التي كانت لا تتجاوز نسبة 45 في المائة من النجاح حتى الصف السابع في إحراز نسبة 90 في المائة من مجموع الدرجات. وكانت الأولى على رفيقاتها من الطالبات في جامعة دلهي، وحققت إنجازات رائعة تُوّجت بحصولها على الميدالية الذهبية تقديراً لجهودها».
وبعد حصولها على درجة «التخصص» (الماجستير في الاقتصاد من كلية دلهي للاقتصاد ثم من جامعة واشنطن الأميركية) قالت السيدة غوبيناث إنها لم تكن على يقين دائم من أنها سوف تتحول إلى خبيرة اقتصادية، وتصف الأمر بأنه كان عرضياً ولم يكن مقصوداً على الإطلاق. ولقد حازت درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة برينستون في عام 2001، حيث كان من بين المشرفين على رسالتها الخبراء الكبار بن برنانكي (قبل توليه رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي)، وكينيث روغوف، الذي شغل منصب كبير خبراء الاقتصاد لدى صندوق النقد الدولي. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، كانت تشغل منصب بروفسور مقيم لدى قسم الاقتصاد في جامعة هارفارد.
والسيدة غوبيناث هي والدة لصبي يبلغ من العمر 15 عاماً، ويعمل زوجها لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في منصب المدير التنفيذي لمختبر مكافحة الفقر.
وانضمت السيدة غوبيناث، إثر نصيحة من الأساتذة المشرفين على رسالتها للدكتوراه، إلى جامعة شيكاغو، اعتباراً من عام 2001، في منصب أستاذ مساعد. ثم انتقلت إلى جامعة هارفارد في منصب بروفسور مقيم اعتباراً من عام 2010. وتعيش السيدة غوبيناث رفقة أسرتها في مدينة بوسطن حيث تملك منزلاً يطل على إحدى البحيرات هناك. وهي على قائمة أبرز الشخصيات العالمية راهناً، ويجري تحديد مواعيد اللقاء معها قبل ستة أشهر مقدماً، كما تحظى مقالاتها في شتى شؤون الاقتصاد والنصائح الحكومية بالترحاب والتقدير.
- خطة العمل والتحديات
تخطط السيدة غوبيناث، من خلال منصبها الجديد، إلى الاستفادة من كل الخيارات المتاحة بغية البحث والوصول إلى أفضل الحلول الممكنة. ومن صميم وظيفتها الجديدة استعراض ومراجعة برامج القروض في صندوق النقد الدولي، مما يمنحها كلمة مسموعة في عملية صناعة السياسات واتخاذ القرارات.
وقالت السيدة غوبيناث ذات مرة: «إن إعادة النظر في أمر العولمة من الضرورات الملحّة، وينبغي أن تتناول تأثير الفوائد المستحدثة بالإضافة إلى أثر التقنيات الجديدة».
كما حذّرت السيدة غوبيناث أخيراً من أن التباطؤ الحاد في النمو الاقتصادي الصيني، مع تصاعد الحرب التجارية الراهنة مع الولايات المتحدة خلال الشهور المقبلة، فضلاً عن تعثر مفاوضات الخروج البريطاني من المملكة المتحدة من دون اتفاق واضح، هي من أكبر المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي العالمي في عام 2019.
وصرحت السيدة غوبيناث لصحيفة «هارفارد غازيت» في تحديد لبعض من أولوياتها في صندوق النقد الدولي أنها تود أن يحتفظ الصندوق بمكانته كموئل للقيادة الفكرية بشأن القضايا ذات الأهمية المتعلقة بمختلف السياسات.
وقالت السيدة غوبيناث للصحيفة: «ومن بين القضايا البحثية التي أود العمل عليها أن يدرك المرء ويتفهم دور العملات المهيمنة، مثل الدولار الأميركي، في مجالات التجارة والتمويل الدولي. وأنه يمكننا بذل المزيد من الجهد على المسار التجريبي في محاولة فهم الحالات التي تتعرض فيها البلدان لتأثير الدولار، وعلى الصعيد النظري من حيث الآثار المترتبة على التداعيات العرضية، وعواقب نقص السيولة الدولارية، وخلافه».
وقال الدكتور محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين لدى مجموعة «أليانز إس إي» والخبير الاقتصادي الأسبق لدى صندوق النقد الدولي: «إن ما يشير إليه أسلوب تفكير غيتا هو ألا نحصر أنفسنا في خندق الدوغماتية الضيق. ففي ظل كل الشكوك الراهنة التي يفرضها النظام العالمي الحالي فمن بواعث الاطمئنان والارتياح في صندوق النقد الدولي هو وجود شخصية بارزة مثل السيدة غيتا».
ولكن أكثر ما يميز السيدة غوبيناث هو عملها الجاد وتركيزها الكبير، ويقول عنها زوجها: «لقد رأيتها مراراً تستعد لمحاضراتها الجامعية وترسلها مقدماً إلى طلابها بالبريد الإلكتروني حتى يكونوا على استعداد لطرح الأسئلة والمناقشة في اليوم التالي. حتى في اليوم الذي بلغها فيه توليها المنصب الجديد لدى صندوق النقد الدولي، ظلّت مستيقظة تواصل عملها طوال الليل».
بعد مرور أكثر من عشر سنوات على إخفاق صندوق النقد الدولي وغيره من كبار خبراء الاقتصاد حول العالم في التنبؤ بوقوع الأزمة المالية العالمية في عام 2008، استغلّت السيدة غوبيناث أولى المؤتمرات الصحافية لإلقاء الأضواء على المخاطر المتزايدة، بما في ذلك الحرب التجارية الراهنة، والقيود الائتمانية.
ومما هو معروف عن مسيرتها الأكاديمية أن السيدة غوبيناث على استعداد دائم لتتبع خطى الأدلة التجريبية أينما ذهبت.
وهي تملك الدراية الكاملة فيما يتعلق بجزء رئيسي من نظام عمل الصندوق، ألا وهو أنظمة العملات. ويميل صندوق النقد الدولي إلى دعم أسعار صرف العملات العائمة للأسباب التي أرساها ميلتون فريدمان من قبل. وبحسب هذه النظرية، يُمكِن السماح للعملة بالانهيار، فتصبح الصادرات أرخص سعراً بالمقارنة بالواردات، وبالتالي يمكن للعملة بيع المزيد من السلع في الخارج ثم تعزيز النمو الكلي.
- أبرز أبحاث غوبيناث
وتشير أبحاث السيدة غوبيناث إلى أن الواقع الاقتصادي هو أكثر تعقيداً، وأحد أسباب ذلك يرجع إلى الهيمنة التي يفرضها الدولار الأميركي على الأسواق العالمية. وعلى سبيل المثال، فإن التجارة البينية اليابانية الأميركية تخضع للتسعير بالدولار الأميركي، ومن ثم فإن الين الياباني الضعيف لا يحفز وثبة مماثلة في الصادرات اليابانية.
وقال جيمس بوغتون، الزميل البارز لدى مركز تجديد الحوكمة الدولية: «يمكننا الاستفادة كثيراً من اهتمامات وخبرات السيدة غوبيناث البحثية. فلديها خبرات متأصلة جيدة للغاية في العواقب العملية لسياسات سعر صرف العملات، وذلك من دون التورُّط في هوة الدوغماتية السخيفة».
ومن موضوعات السيدة غوبيناث البحثية الأخرى ما يتعلق بتأثير التدفقات الرأسمالية. ولقد بحثت في شؤون جنوب أوروبا، وخلصت إلى وجود هبوط كبير في الإنتاجية هناك، نظراً لأن الأموال التي ضُخّت في هذه البلدان بعد إطلاق عملة اليورو لم يجرِ تخصيصها بكفاءة. وصندوق النقد الدولي، الذي كان يعتبر ضوابط الرأسمالية من المحرمات، بات يُنظر الآن إليها بمثابة عوامل الاستقرار المحتملة عندما تتقلب الأسواق.
ولن يكون من اليسير أبداً في صندوق النقد الدولي الابتعاد تماماً أو النأي بالنفس عن النزاعات السياسية في العمل. إنه إحدى ركائز النظام العالمي المكرسة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبدأت الآن علامات التوتر تظهر عليه. ويقع مقره في العاصمة واشنطن على مسافة ثلاث بنايات من البيت الأبيض حيث تخرج تهديدات الرئيس دونالد ترمب الدورية لانسحاب الولايات المتحدة من المؤسسات الدولية متعددة الأطراف التي أشرفت على إنشائها من قبل. وأصبحت العلاقات في حالة واضحة من التوتر، إذ وجه الصندوق الانتقادات اللاذعة إلى حرب ترمب التجارية الدولية على اعتبارها تشكل تهديداً للنمو الاقتصادي العالمي، في حين رفضت وزارة الخزانة الأميركية الموافقة على زيادة تمويل صندوق النقد الدولي.
ويقول راغورام راجان، المحافظ الأسبق للبنك المركزي الهندي: «تستلزم وظيفة السيدة غوبيناث الجديدة ما هو أكثر من التفكير الاقتصادي الحصيف والثاقب»، وقال إنها سوف تجد طريقها، ولكنها سوف تكون مضطرة إلى أن تكون دبلوماسية على الأقل إن لم تكن سياسية بالمقام الأول. وهو ليس بالموقف الهين على أي شخص، نظراً لما يحمله المنصب من توترات سياسية جمة. وأضاف قائلاً: «إنه منصب شديد الوضوح أمام العالم، ويتعين عليها أن تتحرك بكل حذر».
وقالت السيدة غوبيناث إن المخاطر السياسية ذات أهمية بالغة، ويجب على القادة التصرُّف الفوري للوقوف على أسباب عدم الارتياح بشأن التحديات الدولية المتزايدة.
وفيما يتعلق بالهند، قالت السيدة غوبيناث: «لا تزال الهند أحد أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً على مستوى العالم، وهي أحد البلدان القليلة للغاية التي تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى زيادة معدلات النمو فيها خلال عام 2019. ومن أسباب تأييد توقعات النمو الاقتصادي الهندي تراجع أسعار السلع الأساسية الذي يساعد الهند، ويسهل الأمور كذلك على البنك المركزي الهندي في اعتماده لسياسات نقدية محايدة أو قادرة على التكيف».


مقالات ذات صلة

صندوق النقد الدولي يتوقع 2.6% نمواً لاقتصاد الكويت في 2025

الاقتصاد (كونا) توقع صندوق النقد الدولي استمرار انتعاش القطاع غير النفطي في الكويت

صندوق النقد الدولي يتوقع 2.6% نمواً لاقتصاد الكويت في 2025

توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الكويت بنسبة 2.8 في المائة إضافية في عام 2024 بسبب التخفيضات الإضافية في إنتاج «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي السعودي في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

الأصول الاحتياطية لـ«المركزي السعودي» ترتفع إلى 433.8 مليار دولار في أكتوبر

ارتفع إجمالي الأصول الاحتياطية في «البنك المركزي السعودي (ساما)» ، بـ2.19 في المائة، على أساس سنوي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مسجلاً 433.8 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبانٍ حكومية بجوار ناطحات السحاب في الدوحة (رويترز)

صندوق النقد الدولي: اقتصاد قطر يُظهر إشارات تعافٍ تدريجي

قال صندوق النقد الدولي إن اقتصاد قطر أظهر إشارات تعافٍ تدريجي بعد التباطؤ الذي شهدته البلاد عقب نهائيات كأس العالم 2022.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)

صندوق النقد الدولي يشيد بمرونة الاقتصاد البحريني رغم التحديات المالية

شهد الاقتصاد البحريني نمواً ملحوظاً؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 3 في المائة عام 2023.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)

صندوق النقد الدولي وإثيوبيا يتوصلان إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل

قال صندوق النقد الدولي إن موظفيه والحكومة الإثيوبية توصلا إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل البالغ 3.4 مليار دولار للبلاد.

«الشرق الأوسط» (نيروبي )

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.