وكيل الأزهر: تطبيق خارطة الطريق يقضي على عنف «الإخوان»

د. عباس شومان أكد أن من يروجون لمقاطعة الاستفتاء يتاجرون بالدين

د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
TT

وكيل الأزهر: تطبيق خارطة الطريق يقضي على عنف «الإخوان»

د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف في مصر، إن نجاح خارطة المستقبل «يقضي على عنف الإخوان»، لافتا إلى أن «العنف سوف يستمر في مصر حتى تمضي خارطة الطريق وتحقق غايتها»، وأن القرارات الأخيرة للحكومة التي أعلنت فيها أن «الإخوان جماعة إرهابيه لن توقف العنف، لكن مع مرور الوقت والقرارات الحاسمة والأحكام الرادعة ستستقر الأمور بمساندة الشعب والجيش والشرطة معا».
وأضاف شومان، الذي يعد الرجل الثاني في الأزهر، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «الخروج للاستفتاء على الدستور، المقرر له يومي 14 و15 هذا الشهر، واجب وطني»، مشددا بالقول لمن يحاول ترويج فتاوى أو دعوات لرفض الخروج على الاستفتاء: «إياكم والمتاجرة بالدين لأهداف دنيوية».
وأكد وكيل الأزهر، أن انتظام الامتحانات في جامعة الأزهر من شأنه أن يدفع «الإرهاب» بعيدا ويجلب الاستقرار، مشددا على قدرة غالبية الطلاب والأساتذة في الجامعة على مواجهة «الفكر الضال» الذي يريد تخريب قلعة العلم. وقال الدكتور عباس شومان، إن الاعتداء على المسيحيين المصريين وكنائسهم «محرم». وشن هجوما حادا على الجماعات التي تستهدف الشرطة والجيش خاصة منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق محمد مرسي، قائلا إنهم «يعدون أعمالهم الإجرامية جهادا، ولا أدري من أي مصدر شيطاني يأتي هؤلاء بأحكامهم المضلة هذه»، معلنا أن الأزهر سوف يطلق قافلة دينية لمواجهة الفكر المتشدد قريبا في سيناء. وإلى نص الحوار.

* كيف ينظر الأزهر للأوضاع في سيناء؟
- الإرهاب الأسود عاد ليطل برأسه القبيح من جديد، ولا يعرف القائمون عليه شيئا يستندون إليه إلا إفكهم وضلالهم. والعجيب أن من يقومون بذلك يسمون أسماء إسلامية ويختارون لجماعتهم أسماء تنتهي بالإسلام أو معلما من معالمه الشرعية مثل «بيت المقدس» أو «جيش الإسلام»، ويعدون أعمالهم الإجرامية جهادا، ولا أدري من أي مصدر شيطاني يأتي هؤلاء بأحكامهم المضلة هذه، التي يستدلون بها على مشروعية أعمالهم الإرهابية التي نالت المسيحي والمسلم ورجال الشرطة والجيش. وأقول لهم: أيها الضالون، إرهابكم لن يخيفنا، فالكلاب المسعورة عقرها خطير وعمرها قصير، وسنقف كلنا خلف جيشنا العظيم وشرطتنا الساهرة، وسينضم إلينا من كان مترددا بفضل إرهابكم.
* الأزهر أطلق قوافله في جميع محافظات مصر، لكن لا نجده في سيناء مثلا. ما تعليقك؟
- لا يمكن للأزهر وعلماء الأزهر أن ينسوا الأرض الغالية سيناء، فقريبا سوف تنطلق قافلة من علماء الأزهر إلى سيناء شمالا وجنوبا لمدة أسبوعين.
* برأيك من المسؤول عن أحداث العنف والتفجير في البلاد.. وكيف يكون التعامل مع تلك العناصر؟
- واجب على كل مصري أن يقف ضد الإرهاب، ومن واجب كل مؤمن بالله ورسوله، أن يشجب هذه الأفعال ويندد بفاعليها، أو يستنكر بقلبه إن لم يستطع أن يفعل أكثر من هذا. وعلى الجميع المشاركة الوطنية لأن هذا يصفع الإرهاب ويحقق الاستقرار. فمصر بلد الأزهر لا يناسبها ما نراه ونسمعه، كفانا ما فعلناه ببلدنا، ولنعد لمنهج الأزهر ولا نأخذ حكما إلا من الأزهر ودار الإفتاء، فالدم المصري حرام، والإسلام رفض كل أشكال العنف والقتل بغير حق، فعلى المصريين جميعا التصدي لكل أشكال الإرهاب التي تضر بالأمة الإسلامية، ويلفظها الدين الإسلامي الحنيف.
* هل سيكون للأزهر دور في باقي استحقاقات خارطة المستقبل؟
- الأزهر دوره الوطني لا يتوقف ومستمر في أداء واجبه الذي أمر الله به، وهو أن نبين للناس طريق الحق بعيدا عن التعصب والانحياز لأي فريق. وبالنسبة لمشروع الدستور الجديد، فالأزهر قال رأيه صراحة وطالب الشعب المصري بأن يحسم أمره ويحدد مصيره ويخرج بوطنه من فترات القلق والاضطراب والحيرة إلى مرحلة البناء والعمل والأمن والاستقرار، فالخروج للاستفتاء على مشروع الدستور واجب وطني، وما يصب في مصلحة الوطن يعد من مقاصد الشريعة.
* البعض يتهم الأزهر الآن بأنه ابتعد عن المشهد السياسي بعد ثورة «30 يونيو»، فماذا ترى؟
- من يقل ذلك لا يعرف شيئا، فالأزهر قبل وبعد الثورة، سواء في «25 يناير» أو «30 يونيو»، هو بيت الأمة وملجأ الجميع عندما تشتد الأزمات. فقد شارك الأزهر في كل الفعاليات الخاصة بالدستور، وهو مشارك قوي لكل آمال وطموحات الشعب، وشريك في كل ألم يلم به، فكيف نبتعد عن الأحداث. وسأذكر بوثائق الأزهر التي خرجت بعد ثورة يناير، وأذكر بوثيقة نبذ العنف قبيل ثورة يونيو، ودعوات الأزهر للم الشمل والعمل والإنتاج وتحقيق الاستقرار، وأذكرك بما قام به الأزهر من تحريم الاعتداء على المساجد، فالأزهر هو أقرب مؤسسة لقلب الشعب ولا يمكن أن يتخلى عنه مهما كانت الأحداث.
* في تصورك، كيف تواجه جامعة الأزهر أحداث الشغب ومحاولات تعطيل الامتحانات؟
- الانتظام في امتحانات نصف العام يدفع الإرهاب ويجلب الاستقرار، وأثق في أن طلاب وأساتذة الأزهر الذين قاوموا قديما الاحتلال حتى زال من أرض مصر، لقادرون على أن يواجهوا هذا الفكر الضال الذي يريد أن يخرب قلعة العلم، وطلابنا على قدر المسؤولية والدليل انتظامهم في امتحاناتهم رغم الهجمة الشرسة التي شنها الإرهابيون في اليوم الأول لسير الامتحانات وإشعال النار في مواقع كثيرة والفوضى العارمة التي أحدثوها. فقد أصرت الطالبات قبل الطلاب على دخول الامتحان، وانتظر الكثير منهم لعدة ساعات حتى سيطرت الشرطة على الوضع وانتظموا في قاعات الامتحان بين الحطام الذي أحدثه المجرمون وقبل أن تذهب رائحة الدخان. فتحية من القلب لهؤلاء الذين نفخر بهم من بنات وأبناء الأزهر.
* وما رأيك فيما يقوله البعض من أن الأزهر لم يأخذ حقه في الدستور الجديد؟
- نظرة الأزهر إلى الدساتير تختلف عن نظرات الكثيرين، فلا مطمع للأزهر في حصوله على امتيازات بنصوص دستورية، فدوره معروف وثابت لا يتغير بتغيير الدساتير. ولذا فهو يوافق على ما يراه الناس صالحا كوثيقة تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم وتحدد اختصاصات الهيئات والمؤسسات، ولم يكن الأزهر هو من طالب بمرجعية في دستور عام 2012، ولكنه قبل ما ألقي عليه من أعباء لأنها موجودة أصلا في أدبياته والتزاماته، وحين رأى القائمون على صياغة المشروع الجديد غير ذلك؛ لم يعترض الأزهر لأن شيئا لم يتغير كما سبق وأشرت إلى ذلك. فلن يمنع الأزهر عن دوره نص دستوري، ولن يفرط الأزهر في واجبه لأن دستورا لم ينص عليه، هذا على اعتبار أن الفرض الأخير موجود في المشروع الجديد. فالأزهر لم يكسب ولم يخسر شيئا لا في الدستور الماضي ولا في المشروع الجديد، ولذا لم يكن يوما حجر عثرة في إنجاز أي دستور، بل كان ممثلوه رمانة ميزان في لجانه.
* كيف تنظر لدعوات مقاطعة الاستفتاء على الدستور؟
- أقول لكل ممن يحاول ترويج فتاوى أو دعوات لرفض الاستفتاء: إياكم والمتاجرة بالدين واستغلاله مطية لأهداف دنيوية، ويمكنكم بدلا من الإفتاء بغير علم أن تتوجهوا إلى مقار التصويت وتصوتوا ضد الدستور فهذا حقكم، وأظنكم ستفعلون وإن أعلنتم المقاطعة، فلماذا ترويج الفتاوى الباطلة؟ وأقول للشعب المصري: لقد علمتم العالم بهذا الدرس الحضاري في ثوراتكم التاريخية، وقادرون على تجسيد إرادته الحرة في الخروج للاستفتاء على مشروع الدستور الحالي بتحضر وحرية.
* وهل تتوقع أعمال عنف خلال أيام التصويت على الدستور؟ وكيف يمكن للدولة التعامل مع ذلك من وجهة نظرك؟ - العنف مستمر حتى تمضي خارطة الطريق وتحقق غايتها.. وأعتقد أن القرارات الأخيرة للحكومة والتي أعلنت فيها أن «(الإخوان) جماعة إرهابية»، واقتراب موعد الاستفتاء، سيزيد من حالة العنف. ولكن مع مرور الوقت والقرارات الحاسمة والأحكام الرادعة ستستقر الأمور بمساندة الشعب والجيش والشرطة معا.. ومن واجب الدولة حماية مواطنيها وتهيئة المناخ المناسب لإجراء الاستفتاء، وأتمنى أن ينضم «الإخوان» وغيرهم إلى بقية أبناء الوطن في التصويت والتعبير عن الرأي أيا كان.. وأذكر الجميع بحرمة دماء وأموال جميع المصريين وتحريم ترويعهم أو تكدير أمنهم.
* في اعتقادك هل ثمة مخاوف من رفض الدستور؟
- أعتقد أن كلمة تخوف في غير موضعها، فالشعب المصري أصبح أكثر إدراكا للأحداث وأصبح لديه ثقافة سياسية كبيرة تؤهله للحكم على الأمور بصورة موضوعية. والرسالة التي أوجهها للجميع: مصر تحتاج منا جميعا أن نؤدي حقها وأن نشارك في صناعة المستقبل ونحقق الاستقرار، وبالمشاركة نقول للعالم هذا هو الشعب الذي صنع أعظم الثورات وأعظم الحضارات.
* لعب الأزهر دورا محوريا في التوازن في المجتمع المصري بما لديه من رصيد وثقة جمهوره في قيادة الأزهر؛ لكن البعض يخشى من المستقبل. هل تخشى على مستقبله؟
- لا أخشى مطلقا شيئا على مستقبل الأزهر، خاصة أن فيه علماء كبارا لديهم من العلم والفكر والقدرة ما يحقق الطموح. وبدأنا في الفترة الأخيرة في خطوات إصلاح كبيرة في مجال التعليم الأزهري ستسهم في استعادة الأزهر لدوره الحقيقي الذي قاد به فكر الأمة. ولست وحدي المهموم بذلك، بل كل علماء الأزهر، وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، فهو من يوجه إلى الاهتمام البالغ بملف التعليم ويقود عملية الإصلاح والتطوير بنفسه.
*بعض الأحزاب المصرية بدأت في تشكيل لجان حول الكنائس لحماية المسيحيين في أعيادهم.. كيف ترى هذا؟
- الشرع الذي نعرفه ينبذ العنف، وجاء بالأمن لجميع الناس، وأمن الكافر المعادي لبلادنا إذا حصل على تأشيرة دخول لبلادنا حتى يرجع إلى بلاده. أما غير المسلمين من بني وطننا، الذين يعيشون بيننا من النصارى واليهود، فحرمتهم أشد، والاعتداء عليهم أكبر جرما. فهؤلاء كالمسلمين في الحقوق والواجبات، مع اختلاف عقائدهم عن عقيدة المسلمين، ولا يجوز هدم كنائسهم ولا معابدهم ولا التعرض لهم بأي نوع من أنواع الاعتداء، والمعتدي عليهم كالمعتدي على المسلم.
* بصفتك الأمين العام لهيئة كبار العلماء، هل انتهى دور الهيئة كمرجعية تشريعية بعد حذف هذا النص من الدستور الجديد؟
- هيئة كبار العلماء لها اختصاصات كثيرة، ولم تنشأ لتكون مرجعية تشريعية فقط، بل هذا هو اختصاص من اختصاصاتها لا أعتقد أنها فقدته بغياب النص الدستوري عليه، فمكتسبات الأزهر ليس مصدرها نصوصا دستورية، وإنما ثقة محبيه في العالم أجمع وليس في مصر وحدها. ولا أظن أن هيئة كبار العلماء - التي يرى البعض أنها فقدت دورها - إذا قالت عن تشريع من التشريعات إنه غير شرعي يمكن أن يقبله الناس أو يجد طريقا إلى التطبيق؛ سواء نص الدستور على ذلك أم لا، وكذا مجمع البحوث الإسلامية. ولهيئة كبار العلماء اختصاصات غير التي لمجمع البحوث، ولا غنى لإحداهما عن الأخرى.
* يثار حول المفاهيم الأساسية للإسلام بعض البلبلة في الخارج.. ما دور الأزهر؟
- الأزهر خير من يمثل الإسلام والمسلمين في الخارج، ليس شعارا، ولكنه عمل وحقيقة. فعودة الأزهر لسابق عهده وتحسين صورة مبعوثيه في جميع الدول الموفدين إليها وتحقيق العدالة باختيار أكفأ العناصر التي تمثل الأزهر هو ما نسعى جاهدين لتحقيقه برعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر وتوجيهاته. وخلال الفترة المقبلة لدينا أفكار جديدة تبدأ من النظر في أسلوب اختيار مبعوثي الأزهر لمختلف دول العالم، بهدف انتقاء أفضل العناصر المؤهلة لحمل رسالة الأزهر، وذلك تأكيدا على أن مهمة ودور مبعوثي الأزهر الشريف هو التأكيد على وسطية الدين الإسلامي وسماحته ومعاصرته للحداثة، بجانب أصالته وثوابته. وكذلك تعليم العلوم الإسلامية واللغة العربية. بل تمتد المهمة لتلبية احتياجات البيئة الموفدين إليها، والتي يعملون فيها من وعظ وإرشاد وخطب في موضوعات إسلامية بعيدا عن التطرف والتعصب ودعما للوسطية الإسلامية وانفتاح الإسلام على الثقافات والحضارات والديانات الأخرى في إطار من احترام الآخر وعقائده وثقافته.
* ما موقف الأزهر من نزيف الدماء في سوريا وفلسطين وميانمار (بورما) وغيرها؟
- موقف الأزهر ورسالته ثابتة، وهي رد العدوان والظلم عن الشعوب المقهورة، ولن يتغير موقفنا أو نتزحزح عنه، فقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس جزء أصيل من رسالة ومنهج الأزهر لن نحيد عنه، ورد الظلم عن الشعب السوري والمسلمين في ميانمار لن نتخلى عنه.. ومن هنا نقول لمن يتشدقون بالحرية في كل أرجاء العالم: أين أنتم مما يحدث في فلسطين من قتل وتعذيب واغتصاب للأرض؟ وأين أنتم من تشريد الشعب السوري ومن القتل والحرق والإبادة لمسلمي ميانمار؟ إنه لعار لكم وعليكم، وبئست مساعيكم، وبئست الحرية التي تتشدقون بها.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.