ماكرون يزور الأزهر والكاتدرائية ويشيد بجهود مصر في حماية الأقباط

قال إن «التعددية تمثل عنصراً أساسياً للسلام»

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لدى استقباله الرئيس الفرنسي ماكرون وقرينته بمقر مشيخة الأزهر في القاهرة أمس (رويترز)
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لدى استقباله الرئيس الفرنسي ماكرون وقرينته بمقر مشيخة الأزهر في القاهرة أمس (رويترز)
TT

ماكرون يزور الأزهر والكاتدرائية ويشيد بجهود مصر في حماية الأقباط

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لدى استقباله الرئيس الفرنسي ماكرون وقرينته بمقر مشيخة الأزهر في القاهرة أمس (رويترز)
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لدى استقباله الرئيس الفرنسي ماكرون وقرينته بمقر مشيخة الأزهر في القاهرة أمس (رويترز)

زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشيخة الأزهر والكاتدرائية المصرية بالقاهرة، أمس، في ختام زيارته إلى مصر، التي استغرقت 3 أيام، وركزت على تعزيز العلاقات بين البلدين ومناقشة قضايا المنطقة. كما شملت توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية وتجارية وتعليمية وصناعية بين البلدين.
واجتمع ماكرون مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، مؤكداً أهمية «الحوار بين الأديان»، كما أشاد بـ«جهود الحكومة المصرية في توفير الحماية للأقباط».
وأكد ماكرون، أنه حرص على زيارة الكنيسة الأرثوذكسية لما يكنه لها من احترام، وللاعتراف بما تمثله من قيم ليس فقط لماضي مصر ولكن لمستقبلها أيضا. وقال في كلمة له خلال زيارته مقر الكاتدرائية المرقسية: «كنت أتمنى رؤية قداسة البابا تواضروس نظراً لأهمية الأقباط المصريين لفرنسا... وأعلم جيداً كم عانى الأرثوذكس في السنوات الأخيرة من الإرهاب... لكننا نشيد بالعمل الذي تقوم به الحكومة المصرية حالياً لضمان أمنهم».
وأعرب ماكرون عن أمله في أن يكون هناك تعاون في مجال التعليم والمكتبات بين بلاده ومصر، مؤكداً أن التعليم يمثل المعركة الأساسية التي تقودها بلاده وترافق مصر فيها، نظراً لأهمية تعليم الأبناء أهمية العيش في وئام.
ووجّه ماكرون للبابا تواضروس كلمة، تساءل فيها عن رؤية البابا تواضروس للحوار بين الأديان، وماذا يمكن أن نفعل معاً في مجال التعليم؟
وقال البابا تواضروس الثاني: «إن الكنيسة القبطية المصرية باعتبارها واحدة من أقدم المؤسسات في مصر وكياناً شعبياً قديماً، ترى أن المشكلة الأولى في المجتمع هي مشكلة التعليم بكل جوانبه، وترى أيضاً أن التعليم هو مفتاح الحل لهذه المشكلة».
وبخصوص الحوار بين الشرق والغرب، قال ماكرون: «الحقيقة في الحوار والكلام... ودائماً نتعلم من الآخر، وبهذه الروح أقود شؤون فرنسا».
وخلال زيارته، تفقد الرئيس الفرنسي وقرينته الكنيسة الكبرى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، واستمع إلى شرح مفصل لتاريخ إنشاء الكاتدرائية، التي احتفلت العام الماضي بمرور 50 عاماً على تأسيسها.
كما زار ماكرون الكنيسة المجاورة للكاتدرائية، التي استهدفت من قبل تنظيم داعش في ديسمبر (كانون الأول) 2016 في هجوم أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 29 شخصاً، وقام بوضع باقة من الزهور أمام اللوحة التذكارية للضحايا.
بدوره، استقبل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بمقر مشيخة الأزهر الرئيس الفرنسي، مؤكداً أن زيارته تمثل أهمية خاصة، نظراً للعلاقات الثقافية والتاريخية التي تربط بين الأزهر وفرنسا، والتي تتمثل في المبتعثين الأزهريين إلى فرنسا الذين أصبحوا رموزاً للفكر والثقافة في مصر.
وأوضح شيخ الأزهر أن هذه العلاقات القوية تحتم مساعدة فرنسا في التغلب على الإرهاب، ومواجهة الذين يقتلون الآخرين باسم الدين، موضحاً استعداد الأزهر دعم فرنسا من خلال برنامج لتدريب الأئمة على مواجهة الفكر الإرهابي، بالإضافة إلى تقديم منح للطلاب الفرنسيين للدراسة في الأزهر؛ لتكون فرنسا مركزاً لنشر الفكر الوسطي في أوروبا.
من جانبه، عبّر الرئيس الفرنسي عن سعادته بلقاء أكبر رمز إسلامي، ولدوره المحوري في مواجهة كل أشكال العنف والإرهاب، وعمله الدائم على مدّ جسور الحوار بين الأديان، وسعيه لإحياء العلم والمعرفة الإسلامية، مبدياً تطلعه لزيادة التعاون مع الأزهر الشريف والتنسيق معه، لتعزيز قيم المواطنة والتعايش والاستقرار في المجتمع الفرنسي، ومواجهة التيارات المتشددة التي تستقطب الشباب المسلم في فرنسا.
وأبدى الرئيس ماكرون رغبته في أن يتلقى جميع الأئمة والدعاة الفرنسيين تدريبهم في الأزهر، وأن يتلقى الطلاب الفرنسيون تعليمهم الديني في جامعة الأزهر، ليكونوا ضماناً للاستقرار ولاحترام قواعد المواطنة، مؤكداً أهمية استعادة العلاقات الثقافية بين الأزهر وفرنسا، من خلال تبادل المنح والعلاقات الأكاديمية.
وتعدّ زيارة ماكرون الأولى منذ توليه منصبه، وقد بدأها الأحد الماضي بجولة في معبد أبو سمبل الشهير جنوب مصر، كما شهد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أول من أمس (الاثنين)، توقيع 30 اتفاقاً، بقيمة تقارب مليار دولار، في مجالات النقل والتعليم والصحة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.