«حماس» تبلغ سفير قطر رفضها تسلم منحة الدوحة

الابتزاز الإسرائيلي وشروط جديدة وضعت الحركة في موقف حرج

محتجون فلسطينيون من غزة يهربون من قصف القوات الإسرائيلية لهم بغاز الدموع الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون من غزة يهربون من قصف القوات الإسرائيلية لهم بغاز الدموع الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تبلغ سفير قطر رفضها تسلم منحة الدوحة

محتجون فلسطينيون من غزة يهربون من قصف القوات الإسرائيلية لهم بغاز الدموع الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون من غزة يهربون من قصف القوات الإسرائيلية لهم بغاز الدموع الجمعة الماضية (أ.ف.ب)

أعلنت حركة حماس رفض تسلم الأموال القطرية، وأبلغت السفير القطري محمد العمادي، بقرارها هذا في اجتماع عُقد في قطاع غزة، أمس.
وقال خليل الحية نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، إنه تم إبلاغ العمادي رفضهم تسلم الدفعة الثالثة من المنحة القطرية. وأضاف في مؤتمر صحافي «إن رفض تسلم المنحة جاء رداً على سلوك الاحتلال ومحاولته ابتزاز قطاع غزة، وتلكُّئه في الالتزام بالتفاهمات».
وتابع: «لن نقبل أن تكون غزة والتفاهمات جزءاً من عملية الابتزاز والعملية الانتخابية لدى الاحتلال».
وحمّل الحية إسرائيل مسؤولية التراجع والتلكؤ في التفاهمات التي رعتها مصر والأمم المتحدة وقطر، مؤكداً أن مسيرات العودة ستبقى مستمرة «حتى تسترد وتنتزع الحقوق الوطنية الفلسطينية وحتى تُحقق الأهداف التي أُقيمت من أجلها». وأردف: «الفلسطينيون سينتزعون حقوقهم بإرادتهم».
وشكّل موقف «حماس» مفاجأة للسفير القطري لكنه تفهَّم الأمر كما قال مسؤولون في الحركة. وجاء موقف «حماس» بعد أن أعلنت إسرائيل نقل الأموال القطرية إلى غزة. وقال بيان رسمي صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إنه تقرر نقل الأموال القطرية إلى غزة بناءً على توصية من أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وكان المجلس الوزاري الأمني والسياسي المصغر قد صادق على تحويل الأموال مجدداً إلى غزة بعدما كان يُفترض أن تصل أول من أمس (لأربعاء)، وأوقفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسبب إطلاق النار على جنود إسرائيليين على حدود غزة.
وأكدت مصادر إسرائيلية، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أيّدت المضيّ قدماً بتحويل الأموال، تجنباً لأي تصعيد محتمل.
وحسب المصادر فإن جزءاً من هذا الموقف له علاقة بأن الأمن الإسرائيلي مقتنع أن «حماس» لا تقف خلف الهجمات الأخيرة، وعلى الرغم من أن القصف الإسرائيلي استهدف معاقل «حماس» وأدى إلى مقتل أحد عناصرها، لكن الحركة لم تردّ.
وقدر وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارات الإسرائيلية يوفال شتاينتس، أن أموال المنحة القطرية ستصل غزة اليوم (الجمعة)، مضيفاً في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية «كان»: «سياستنا كانت دائماً منع حدوث أزمة إنسانية في غزة، لم نرغب أن نصل إلى وضع ينعدم فيه وجود أموال لشراء طعام أو أدوية أو مياه».
ونفى شتاينتس أن هذه الأموال تذهب لـ«حماس» وتساعد على تقوية البنى التحتية للحركة. موضحاً «أنها للموظفين في غزة. وهي تحت مراقبة أفضل من التي كانت في الماضي. لكن كما في كل مكان يوجد فيه إرهابيون توجد (إتاوة)، وأنا أفترض أنهم سينجحون في الحصول على شيء، وسرقة شيء من مواطنيهم».
ويدور الحديث عن 15 مليون دولار هي قيمة الدفعة الشهرية. ونقلت قطر الشهر الماضي والذي قبله 15 مليوناً، في حقائب حملها الدبلوماسي القطري العمادي، ما أثار جدلاً واسعاً وقاسياً في إسرائيل وغضباً كبيراً في رام الله التي اتهمت قطر بدعم خطط لانفصال قطاع غزة عبر تقديم الدعم المالي لحركة حماس.
وتمثل هذه الأرقام دفعات من أصل 90 مليون دولار رصدتها قطر لدفع أموال موظفي حركة حماس.
ووافقت إسرائيل على أن تدفع قطر أموالاً لـ«حماس» على أن تخضع الأسماء لرقابة أمنية.
وكبحت «حماس» جماح متظاهرين ومنعتهم من الوصول إلى الحدود. كما أوقفت عمليات إطلاق البالونات والطائرات الحارقة باتجاه إسرائيل ضمن اتفاق هدوء يقابله السماح بإدخال الأموال والوقود القطري إلى القطاع، وهو الاتفاق الذي عدّته حركة فتح «مقايضة الدم بالمال».
ووصل العمادي إلى غزة في وقت متأخر أول من أمس (الأربعاء)، بعدما أجرى مباحثات في إسرائيل، لكن موقف «حماس» الجديد أفسد كل هذه الترتيبات.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة كانت غاضبة بسبب سياسة الابتزاز الإسرائيلية التي أظهرتها كمن يبيع الموقف مقابل الأموال، ولأن إسرائيل حظرت مزيداً من الأسماء التي تتلقى المنحة وطلبت استخدام آلية جديدة لتحويل الأموال إلى عائلات فقيرة.
وحسب المصادر فإن التصرفات الإسرائيلية وضعت الحركة في موقف حرج وسط انتقادات فلسطينية متزايدة.
واستبقت «حماس» وصول العمادي وأمرت وزارة المالية التابعة لها في غزة، بصرف دفعة مالية بنسبة 40% للموظفين عبر الأموال المتوفرة من الجباية الداخلية لديها.
ومن المتوقع أن تكون قيادة «حماس» قد عقدت، أمس، اجتماعاً لتدارس المرحلة المقبلة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.