تونس: أساتذة التعليم الثانوي يخوضون «يوم غضب وطني»

استقالة 4 نواب من «النداء» يعمّق أزمات الحزب قبيل الانتخابات المقبلة

TT

تونس: أساتذة التعليم الثانوي يخوضون «يوم غضب وطني»

نفذ أساتذة التعليم الثانوي في تونس، أمس، ما أسموه «يوم غضب وطني»؛ تنديداً برفض وزارة التربية الاستجابة لمطالبهم. كما واصل أعضاء الجامعة العامة للتعليم الثانوي، التابعة لاتحاد الشغل (نقابة العمال)، اعتصامهم لليوم الرابع داخل مقر وزارة التربية للأسباب نفسها.
وتخوض الجامعة العامة للتعليم الثانوي سلسلة من التحركات الاحتجاجية المتنوعة، قصد الحصول على زيادة في عدد المنح المالية الخصوصية، والتمتع بالتقاعد المبكر على قاعدة 32 سنة من العمل المتواصل، وبلوغ 57 سنة من العمر.
وكان وزير التربية، حاتم بن سالم، قد أكد أن إقرار «سنة دراسية بيضاء» خلال الموسم الدراسي الحالي «أمر مستحيل، ولن يتحقق»، مبرزاً أن الوزارة تبذل كل جهودها لتجنب حصول هذا الأمر، في إشارة إلى امتناع أساتذة التعليم الثانوي عن تقديم أعداد الامتحانات إلى إدارات المؤسسات التربوية، وبالتالي عدم حصول التلاميذ على معدلات تحدد مستوياتهم التعليمية.
من جهة ثانية، انتقدت يسرى الميلي، عضو الديوان السياسي المكلف الاتصال في حزب النداء، ما وصفته بـ«استحواذ حافظ قائد السبسي، رئيس الهيئة السياسية، على مهام الديوان السياسي دون تمتعه بصفة تخوّل له ذلك»، معلنة تعليق نشاطها في الديوان السياسي حتى تتضح حدود صلاحيات حافظ السبسي، وإعادة تشكيل العلاقة التي تربط حزب «الاتحاد الوطني الحر»، الذي أسسه رجل الأعمال سليم الرياحي، مع حزب النداء دعماً له ضد حكومة يوسف الشاهد.
وكان توزيع المهام عند الإعلان عن اندماج الحزبين يقضي بتولي سليم الرياحي الديوان السياسي للحزب، في حين تسند رئاسة الهيئة السياسية إلى حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي. غير أن تقديم سليم الرياحي قضية لدى القضاء العسكري، اتهم فيها رئيس الحكومة يوسف الشاهد بمحاولة الانقلاب على رئيس الجمهورية، وعجزه عن تقديم أدلة وحجج دامغة إلى المحكمة تؤكد ذلك، منعته من العودة إلى تونس، والاستقرار مؤقتاً في العاصمة البريطانية لندن؛ وهو ما جعل منصبه السياسي شاغراً.
في السياق ذاته، قدم أربعة نواب من حزب الاتحاد الوطني الحر، يمثلون كتلة حزب النداء في البرلمان، استقالاتهم؛ وهو ما جعل هذه الكتلة البرلمانية تتراجع إلى المرتبة الثالثة خلف كتلة حركة النهضة، المتصدرة بـ68 مقعداً، وكتلة الائتلاف الوطني المؤيدة ليوسف الشاهد بـ44 مقعداً.
على صعيد متصل، تمخض الاجتماع الذي جمع الرئيس الباجي قائد السبسي بعدد من قيادات حزب النداء، من بينهم حافظ قائد السبسي وسفيان طوبال، عن إعلان السبسي ضرورة توفر شرطين أساسيين للترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية السنة الحالية.
يتمثل الشرط الأول في نجاح حزب النداء في عقد مؤتمره الانتخابي الأول، الذي ستتمخض عنه قيادة سياسية منتخبة. أما الشرط الآخر فهو أن يتم ترشيح السبسي من قبل المؤتمر الوطني لحزب النداء.
لكن أطرافاً سياسية عدة لا تزال متخوفة من مخطط للتوريث السياسي بين السبسي الأب والسبسي الابن، حيث أكد مراقبون لتطورات الوضع السياسي في تونس، أن فوز حافظ قائد السبسي برئاسة حزب النداء في المؤتمر المقبل سيشكل الطريق الوحيدة لإعادة ترشيح السبسي الأب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».