إحسان أوغلي لـ(«الشرق الأوسط»): نصف الأتراك على الأقل يؤيدونني

المرشح الرئاسي يحمل إردوغان مسؤولية تدني الخطاب السياسي

إحسان أوغلي لـ(«الشرق الأوسط»): نصف الأتراك على الأقل يؤيدونني
TT

إحسان أوغلي لـ(«الشرق الأوسط»): نصف الأتراك على الأقل يؤيدونني

إحسان أوغلي لـ(«الشرق الأوسط»): نصف الأتراك على الأقل يؤيدونني

أكد المرشح للرئاسة التركية أكمل الدين إحسان أوغلي أنه يحمل أملا كبيرا في الفوز بالانتخابات التي ستجري في البلاد غدا، حيث سينتخب الشعب رئيسا للجمهورية مباشرة لأول مرة في تاريخ الجمهورية، مشددا في حوار مع «الشرق الأوسط» على أنه واثق من أن نصف الشعب التركي على الأقل يؤيده، مبديا ثقته بأن الكثير من أنصار حزب العدالة والتمنية الحاكم سوف يصوتون له، بدلا من التصويت لرئيس الحكومة رجب طيب إردوغان الذي اتهمه إحسان أوغلي بأنه المسؤول عن «تدني الخطاب السياسي» في البلاد.
ووجه مرشح حزبي الشعب الجمهوري، والحركة القومية انتقادات شديدة لسياسة «كم الأفواه» التي تعتمدها الحكومة، متحدثا عن خوف كبير لدى الناس يمنعهم من الشكوى، ومحذرا من تحول البلاد إلى نظام حكم الشخص الواحد في ظل إردوغان «الذي يعد أن العمل السياسي حق حصري له».
وانتقد إحسان أوغلي بشدة السياسة الخارجية لبلاده حيال العالم العربي، عادا أن حكومة بلاده ضربت عرض الحائط بسياسات الحياد حيال أزمات المنطقة التي كانت تتبعها، متعهدا في حال فوزه بهذه الانتخابات العمل على إعادة العلاقات مع المملكة العربية السعودية إلى أفضل أحوالها، عادا التفاهم مع المملكة معناه استقرار المنطقة أمنيا وسياسيا واقتصاديا. وسخر من كلام لإردوغان عن طلب السعودية استبداله من منصبه في منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا أن {الفترة الثانية كانت بترشيح من قبل خادم الحرمين الشريفين، فالمملكة هي التي رشحتني في المرة الثانية وبعد نهاية خدمتي، أعطاني جلالة الملك عبد الله وشاح الملك عبد العزيز، وكان هذا أعلى وسام من أوسمة المملكة وهذا تقدير كبير أعتز به وعلاقتي ممتازة جدا معه}. وفيما يأتي نص الحوار:

* كان ترشيحكم مفاجئا للرئاسة التركية، فكيف تم ذلك؟
- تم ترشيحي من قبل حزبين في البرلمان التركي هما حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وهما حزبان يمثلان المعارضة في البرلمان التركي، كما تعلمون البرلمان التركي يوجد به أربعة أحزاب، الحزب الحاكم وقد رشح السيد رجب طيب إردوغان، والحزب الكردي رشح السيد صلاح الدين دميرطاش، والحزبان الأخيران يمتلكان مقاعد كثيرة في البرلمان واتفقا على أن يكون لهما مرشح واحد مشترك، وافقوا على اسمي، وبعد أن اتفقوا على اسمي تم اتصال بين زعيمي الحزب وبيني، وفي نهاية هذه الاتصالات وافقت على الطلب وقبلت الترشيح، وأعلن في يوم 14 يونيو (حزيران)، ثم بدأت عملية الترشيح الرسمية من خلال مجموعتي النواب في البرلمان مع مجموعة النواب المستقلين.
ولكن الهام في الموضوع أن هناك أكثر من 12 حزبا من خارج البرلمان لديهم ملايين من المؤيدين، كلهم اتفقوا على اسمي كمرشح توافقي يمثل الشعب التركي بكل طوائفه وبكل ألوانه.
* كيف كان صدى الترشيح؟
- في الواقع وجدت دعما كبيرا جدا ليس فقط من الزعماء السياسيين، ولكن في القاعدة الشعبية. الأحزاب الـ14 التي تؤيدني رسميا تمثل قدرا كبيرا من الشعب التركي الذي دعم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة يؤيد ترشيحي لأنه يريد أن يكون هناك رئيس يمثل الجميع.
* لكن الرئيس لا يمتلك صلاحيات واسعة؟
- صحيح. صلاحيات رئيس الجمهورية هي صلاحيات محدودة، لكن أهميتها في أنه يشكل صمام الأمان في رأس الدولة، كما أنه يمثل الشعب التركي بأسره ويجب أن يكون محايدا سياسيا، وليس طرفا سياسيا في النزاعات. والأسلوب الذي يتبعه السيد إردوغان هو أسلوب التحدي وأسلوب الاستقطاب السياسي وهو الذي حمله إلى سدة الحكم، لأن نظام الانتخابات للأسف الشديد يعطي الحزب الفائز مقاعد كثيرة جدا خاصة إذا حصل على نسبة تزيد عن 40 في المائة، ولكنه يهمل النصف الآخر من الشعب التركي.
الآن رئيس الجمهورية يجب أن لا يهمل أحدا وأن يكون ممثلا للجميع ويحتضن كل أطياف الشعب التركي باختلاف أفكاره أو معتقداته أو أصوله الإثنية ولا يميز طرفا على طرف ولا يفضل طرفا على طرف ولا يستعدي طرفا على طرف.
للأسف الشديد هناك أسلوب الكراهية وأسلوب الشدة والعنف، وأسلوب إقصاء الآخر، أسلوب عنيف في التعامل مع المعارضين وهذا له تأثيره السلبي على الديمقراطية في تركيا، لأن تركيا لا بد أن تنمي ديمقراطيتها، تركيا يجب أن تكون في مستوى الديمقراطيات الكبيرة المتقدمة سواء في أوروبا أو في آسيا أو في أميركا اللاتينية، يجب أن لا تتأخر أو لا تتراجع الديمقراطية في تركيا ويجب أن تتقدم وتكون نموذجا للآخرين وخاصة في العالم العربي.
* حزب الشعب الجمهوري هو حزب علماني وحزب الحركة القومية، كما يدل عليه اسمه، هو حزب قومي، لماذا اختارك هذان الحزبان، رغم أنك تعد من المحافظين؟
- هذا شيء يجب أن يقدر، لأن هذا التطور الذي أشرت إليه، هو تطور للفكر السياسي التركي، وهو تطور إلى الأمام، عندما تقول بأن حزب الشعب الجمهوري أصوله كذا وكذا وكذا، وكانت مواقفه كذا وكذا، معنى هذا أن هذا الحزب تطور الآن وأصبح يتماشى مع رغبات الجماهير، نفس الشيء بالنسبة للحزب القومي. إذن هذه الأحزاب أصبحت آفاقها أوسع مما كانت عليه، تتجه إلى قلب الشعب التركي الذي يؤمن بالقيمة المحافظة ويؤمن بالتقاليد ويؤمن بالإسلام كدين وبالإسلام كأخلاق هذا هو التوجه العام الآن وهذا تطور إيجابي لهذه الأحزاب وهذا تطور يعكس التقارب الذي يعيشه الشعب التركي، نحن الآن في جولاتنا الانتخابية نرى أن أطياف الشعب التركي منسجمة مع بعضها البعض. العداء السابق أو الحساسيات السابقة بدأت تتلاشى وهذا شيء جيد وجميل. وهذا رد فعل للأسلوب الإقصائي المتعالي، وأسلوب عدم قبول الآخر لدى السيد رئيس الوزراء.
* من هم من الأشخاص الذين أخذت وجهة نظرهم قبل أن تعطي القرار بقبول الترشح؟
- أنا اتصلت بأصدقاء كثيرين يعملون في السياسة في مختلف الأحزاب بما فيهم الحزب الحاكم. بطبيعة الحال أنا استشرت أصدقائي في هذا الحزب لأنهم أصدقاء قدامى وأعزاء وكلهم قالوا لي يجب عليك أن تقبل هذا الترشيح لأنه في مصلحة البلد لأن شخصية مثلكم لها هذه التجربة الدولية ولها هذا القبول الوطني الواسع يمكن أن ترشح نفسها لأن تكون بديلا. والقرار بالنسبة في هذا الأمر هو للشعب ولهذا قبلت والآن أرى أن كثيرا من مؤيدي حزب العدالة والتنمية يؤيدننا في الانتخابات.
* حكومة العدالة التنمية هي من أيدتك لرئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي، هل يوجد الآن بينك وبينهم سوء تفاهم أم ماذا؟
- بالعكس كلهم أصدقائي وبينهم كثير من الوزراء، والسيد رئيس الجمهورية صديق عزيز. كذلك السيد إردوغان علاقتي به ترجع إلى الفترة التي كان فيها رئيسا لبلدية إسطنبول. المسائل ليست شخصية ولا توجد عداوات شخصية، هذا واجب وطني وأنا مواطن تركي وهذا حق دستوري وأنا لم آت من القمر أو المريخ، فمن داخل البرلمان اثنان من الأحزاب رشحتني مع مجموعة كبيرة من المستقلين، وهناك الآن نحو نصف الأمة يؤيد ترشحي، الذي هو ترشيح طبيعي وليس فيه تجاوز لحق الآخرين. رئاسة الجمهورية ليست حقا حصريا لجهة معينة هذه انتخابات ديمقراطية يجب أن يكون بها أكثر من بديل والآن هناك 3 مرشحين، وهذا شيء طبيعي.
* ألم تخش مواجهة إردوغان، عندما اتخذت هذا القرار؟
- أحزاب المعارضة ومجموعة كبيرة من الأحزاب التي ليست في البرلمان أرادت أن يكون هناك بديل، واتفقت على أن أكون أنا البديل ومن حق الشعب التركي أن يكون أمامه بديل فالترشح من دون بديل ليس عملية ديمقراطية. هذا يذكرنا بالعالم الثالث و99.9 في المائة أو 80.6 في المائة أو 86.7 في المائة أو ما يجري الآن في كوريا الشمالية، يعني تركيا ليست كوريا الشمالية ولن تكون كوريا الشمالية، تركيا بلد ديمقراطي حر. السيد إردوغان أتى من عملية ديمقراطية ويجب أن تستمر هذه العملية لأن العملية الديمقراطية لا تبدأ بشخص وتنتهي به.
* يبدو أنك تحاول استخدام أسلوب دبلوماسي في الرد على إردوغان، رغم عنفه حيالك!
- المسألة ليست أسلوبا دبلوماسيا. أنا أستخدم أسلوبا مهذبا، متحضرا. هذا رأيي لأن السياسة يجب أن تكون وتتم بأن يكون هناك نقاش وأن يكون هناك اختلاف في الرأي بأسلوب مهذب ومتحضر لأننا بلد متحضر ويجب أن نستمر في عملية التحضر إلى أن نرتفع إلى أعلى مستوى ممكن. لدينا أخلاق سياسية وآيديولوجية سياسية كبيرة. تركيا عرفت زعماء سياسيين كثيرين وكبيرين ولم تعرف مثل هذا الأسلوب الذي لا يتوافق مع أخلاقنا، هذا التنابذ بالألقاب هذه السخرية من البعض، وأنا ذكّرت السيد إردوغان بسورة الحجرات، وبقولة تعالى: (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)، (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)، و(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ). كل هذه الأشياء من الآداب القرآنية والآداب الإسلامية ويجب ألا نتنابز بالألقاب وأن لا يسخر بعضنا من بعض ليس باسم الفسوق وليس الظلم، تركيا لم تعرف تلك الأساليب قطعا قبل هذه السنوات الأخيرة. يجب على تركيا أن ترجع إلى صوابها من ناحية الأسلوب السياسي، والتعامل السياسي ويجب أن لا تكون الديمقراطية حصرا وحقا حصريا لشخص واحد.
* البعض يتهمك بأنك مرشح للهيكلية الموازية، ماذا تقول في هذا الموضوع؟
- (ضاحكا) هذا شيء غريب، فمن الاستخفاف بالشعب التركي وبالعالم أن تطمس حقائق ظهرت أمام الناس منذ 14 يونيو الماضي وإلى يومنا هذا. منذ مدة شهر ونصف تركيا كلها تعرف كيف تم ترشيحي وفي البرلمان وفي تصريحات الزعماء السياسيين وتصريح الزعماء من 14 حزبا كلها تمت علنا وهكذا، هل يعني أن كل هؤلاء الناس غير موجودين هل يمكن لأحد أن يتهم كل هؤلاء الناس، هم يقولون بأنني مشروع بين قوسين، نعم أنا مشروع وطني مشروع قومي مشروع تركي من داخل تركيا من داخل الأناضول من داخل البرلمان من داخل الأحزاب السياسية التركية كلها وليس من جهة أخرى، هذا ليس مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي كانت له رئاسة ثانية مع بعض الزعماء الأتراك، هذا مشروع وطني من داخل تركيا.
* عملت كثيرا خارج تركيا، خاصة في العالم العربي، فكيف كانت تلك التجربة؟
- العالم العربي والإسلامي والعالم كله يعرفني شرقا وغربا وأنا أعتز بهذا. وعلاقتي طيبة جدا مع زعماء العالم العربي والمنطقة ومع زعماء ورؤساء الدول الإسلامية، وعلاقتي طيبة مع الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين والرئيس (الأميركي باراك) أوباما ومع دول أوروبا ومع الصين. وأنا وضعت كل هذه الخبرة، ولهذا كان هناك إجماع وطني على أن أكون أنا المرشح لرئاسة الجمهورية وأنا سأضع كل هذه الخبرات في خدمه بلادي ولا سيما بأن علاقة تركيا ساءت بالجميع.
* يقول رئيس الحكومة بأن السعودية طلبت استبدالك من منصب الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي، لكنه تريث!
- أنا تشرفت بالعمل مع خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز، منذ أن أصبحت أمينا عاما في بداية 2005. وبعد أن توليت الأمانة العامة استقبلني خادم الحرمين بالترحاب الكبير ومنذ ذلك اليوم إلى أن تركت موقعي دعم عملي ودعم المنظمة، والفترة الثانية كانت لي بترشيح من قبل خادم الحرمين الشريفين يعني المملكة هي التي رشحتني في المرة الثانية وبعد نهاية خدمتي، أعطاني جلالة الملك عبد الله وشاح الملك عبد العزيز، وكان هذا أعلى وسام من أوسمة المملكة وهذا تقدير كبير أعتز به وعلاقتي ممتازة جدا معه وأتمنى إن شاء الله بعد أن يتم انتخابي أن نعيد العلاقات الطيبة بين المملكة وتركيا، لأن العلاقات بين المملكة وتركيا وعلاقات تركيا مع المملكة والعالم العربي هي علاقات تاريخية وعلاقات استراتيجية، والمنطقة تحتاج إلى تطوير هذه العلاقات تطويرا إلى الأحسن لتحقيق الاستقرار وتجاوز الأزمات.
إذا كان هناك توافق بين تركيا والمملكة العربية السعودية وبين مجموعة الدول العربية ودول الجوار على وجه الخصوص، فسيكون هناك استقرار وسيكون هناك أمن في المنطقة، وعندما يتحقق الاستقرار والأمن في المنطقة ستكون هناك تنمية وإمكانية لدعم عملية السلام في المنطقة ومساهمة في حل سلمي للمشكلة الفلسطينية، سيكون هناك إمكانية للتعامل مع العنف الذي يزداد ومع التطرف الذي يزداد نتيجة عدم الاستقرار.
* كيف تقيم الحملة الانتخابية، وهل تعدها حملة يتساوى بها جميع المرشحين بنفس القدرات؟
- نحن لا نستخدم في حملتنا الانتخابية أي جهة أو أي مؤسسة من مؤسسات الدولة، في المقابل يقوم البعض باستغلال نفوذه لتسخير إمكانيات وقدرات الدولة لصالح حملته الانتخابية. ومع أننا دخلنا في مرحلة منع نتائج استطلاعات الرأي إلا أن إردوغان أمس أعلن من خلال وسائل إعلام موالية نتائج استطلاعات لصالحه بهدف تضليل الرأي العام وخاصة من لم يقرروا من سينتخبون بعد. ولكن سواء بصفتي مواطنا أو بصفتي مرشحا لرئاسة الجمهورية فإنني سأبقى أحترم وأطبق القوانين ولم أر نفسي مثل الآخرين فوق القانون وسأستمر في حملتي الانتخابية بالطريقة الحضارية التي تعودت عليها.
هذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات المحلية والبرلمانية. وأنا على ثقة بأنني سأحصل على أصوات الكثير من مؤيدي حزب العدالة والتنمية إلى جانب مؤيدي الأحزاب الـ13 التي تؤيدني. أنا لم ولن أعد بأني سأقوم باستثمارات أو سأقوم بفتح المصانع هذا ليس عملي بل هذه وعود يقوم بها لمنصب مرشح رئيس الوزراء وليس مرشحا لرئيس الجمهورية.
النظام في البلاد منذ قيام الجمهورية هو نظام جمهوري يعتمد على فصل السلطات الثلاث عن بعضها، ولكن نرى في الآونة الأخيرة تحكم السلطة التنفيذية بالسلطتين الأخيرتين وهذا يدل على أن تركيا ذاهبة إلى نظام سلطه الفرد الواحد الذي سيتحول إلى ديكتاتورية فهل منا من يقبل هذا؟.. لا أعتقد.
* كيف تقيمون سياسة الحكومة حيال ما يجري في الشرق الأوسط؟
- لو نظرنا إلى موقع تركيا الجغرافي فإننا سنجدها من أهم دول منطقة الشرق الأوسط كما أنها دولة أوروبية وتحد دول القوقاز وجزء منها في الشرق الأوسط.
ولكن يوجد لنا مع دول الشرق الأوسط تاريخ وثقافة مشتركة منذ آلاف السنين. تركيا وحكومتها اختارت طريق مغاير للدبلوماسية التي كانت تتبعها منذ عشرات السنين، حيث كانت سياستنا الخارجية تتركز على عدم التدخل أو الوقوف إلى جانب أي طرف من أطراف النزاع بين الإخوة العرب، وكانت هذه السياسة ناجحة جدا ولهذا كانت تركيا تستطيع أن تلعب دور الوسيط بين جميع الأطراف ولكن بعد أن اختارت الحكومة أن تكون طرفا في جميع الصراعات في المنطقة نسفت ما عمرته الجمهورية خلال القرن الماضي.
* في مدينة اسكيشهر تحدثت عن سياسة الخوف التي تعصف في البلاد نتيجة ممارسات الحكومة ماذا قصدت؟
- نرى في جميع الأوساط والمجالات والطبقات خوفا منتشرا، والأهم من هذا هو ضغوطات مستمرة وكأن الشعب يعيش تحت حكم ديكتاتوري. أثناء تجولي في المناطق وخاصة الشوارع أسمع العشرات يعترضون ولكن من الخوف لا يجدون المرجع الذي يشكون إليه، نتيجة سياسة القمع التي تمارسها الحكومة، في تلك الأثناء يخرج البعض ويسكتهم أمام عيني واليوم عشنا إحدى هذه الحالات في شوارع صامصون أثناء التجول في السوق والإعلام كان شاهدا عليه. الحكومة تستخدم وخاصة رئيسها إردوغان أسلوب التفرقة بين مكونات الشعب التركي الذي نعيش معه سويا منذ آلاف السنين، فينعت البعض بأنه أرمني والآخر كردي والآخر زازة وهذا أسلوب من أساليب زرع الفتنة بين طبقات المجتمع.



جماعات مسلحة تختبر استخدام الذكاء الاصطناعي… ومخاطر متنامية في الأفق

صورة أرشيفية لمتظاهرين يهتفون بشعارات مؤيدة لتنظيم «داعش» وهم يحملون أعلام التنظيم أمام مقر حكومة المحافظة في الموصل على بعد 360 كيلومتراً (225 ميلاً) شمال غربي بغداد 16 يونيو 2014 (أ.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرين يهتفون بشعارات مؤيدة لتنظيم «داعش» وهم يحملون أعلام التنظيم أمام مقر حكومة المحافظة في الموصل على بعد 360 كيلومتراً (225 ميلاً) شمال غربي بغداد 16 يونيو 2014 (أ.ب)
TT

جماعات مسلحة تختبر استخدام الذكاء الاصطناعي… ومخاطر متنامية في الأفق

صورة أرشيفية لمتظاهرين يهتفون بشعارات مؤيدة لتنظيم «داعش» وهم يحملون أعلام التنظيم أمام مقر حكومة المحافظة في الموصل على بعد 360 كيلومتراً (225 ميلاً) شمال غربي بغداد 16 يونيو 2014 (أ.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرين يهتفون بشعارات مؤيدة لتنظيم «داعش» وهم يحملون أعلام التنظيم أمام مقر حكومة المحافظة في الموصل على بعد 360 كيلومتراً (225 ميلاً) شمال غربي بغداد 16 يونيو 2014 (أ.ب)

في الوقت الذي يسارع فيه العالم إلى تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي، بدأت الجماعات المسلحة بدورها في اختبار استخدام هذه التكنولوجيا، حتى وإن لم تتضح لديها بعد السبل المثلى لاستغلالها.

مخاوف من استخدام المتطرفين أدوات الذكاء الاصطناعي لتطوير قدراتهم في التجنيد والتعبئة والدعاية (متداولة)

وحذّر خبراء في الأمن القومي وأجهزة الاستخبارات من أن الذكاء الاصطناعي قد يتحول أداة بالغة الخطورة في أيدي التنظيمات المتطرفة؛ لما يتيحه من إمكانات لتجنيد عناصر جدد، وإنتاج صور ومقاطع فيديو مزيفة واقعية للغاية (ديب فيك)، فضلاً عن تعزيز قدراتها على شن الهجمات السيبرانية.

وفي منشور كُتب باللغة الإنجليزية على موقع إلكتروني مؤيد لتنظيم «داعش» الشهر الماضي، دعا أحد المستخدمين أنصار التنظيم إلى إدماج الذكاء الاصطناعي في عملياتهم. وكتب: «من أفضل ما يميز الذكاء الاصطناعي سهولة استخدامه». وأضاف: «بعض أجهزة الاستخبارات تخشى أن يسهم الذكاء الاصطناعي في عمليات التجنيد... فحوّلوا كوابيسهم واقعاً»، حسب تقرير لـ«أسوشييتد برس»، الاثنين.

جندي هندي يقوم بتطهير الطريق يوم الاثنين عند نقطة تفتيش بالقرب من موقع اشتباك مسلح على مشارف سريناغار في المنطقة الخاضعة للسيطرة الهندية (أ.ب)

ويرى خبراء أميركيون في الأمن القومي أن تنظيم «داعش»، الذي كان قد سيطر في السابق على مساحات واسعة من العراق وسوريا قبل أن يتحول شبكة لا مركزية من جماعات مسلحة تتقاسم آيديولوجيا عنيفة، أدرك منذ سنوات قوة وسائل التواصل الاجتماعي بصفتها أداة فعَّالة للتجنيد ونشر المعلومات المضللة. ومن هذا المنطلق، لا يبدو مستغرباً أن يختبر التنظيم اليوم إمكانات الذكاء الاصطناعي.

وبالنسبة للجماعات المتطرفة ضعيفة الموارد أو المفككة تنظيمياً، بل وحتى للأفراد سيئي النوايا ممن يمتلكون اتصالاً بالإنترنت، فإن الذكاء الاصطناعي يتيح إنتاج كميات هائلة من الدعاية أو المحتوى المزيف على نطاق واسع، بما يوسّع دائرة التأثير ويعزز النفوذ.

وقال جون لاليبيرت، الباحث السابق في مجال الثغرات لدى وكالة الأمن القومي الأميركية، والرئيس التنفيذي حالياً لشركة «كلير فيكتور» المتخصصة في الأمن السيبراني: «الذكاء الاصطناعي يجعل تنفيذ الكثير من الأمور أسهل بكثير لأي خصم. فحتى مجموعة صغيرة تفتقر إلى المال يمكنها، بفضل الذكاء الاصطناعي، أن تُحدث أثراً ملموساً».

كيف تختبر الجماعات المتطرفة الذكاء الاصطناعي؟

بدأت الجماعات المسلحة استخدام الذكاء الاصطناعي مع اتساع إتاحة برامج مثل «تشات جي بي تي» (ChatGPT). وعلى مدى السنوات اللاحقة، لجأت بشكل متزايد إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج صور ومقاطع فيديو تبدو واقعية للغاية.

وعند ربط هذا المحتوى المزيف بخوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، يصبح الذكاء الاصطناعي أداة فعَّالة لتجنيد مؤيدين جدد، وإرباك الخصوم أو بث الخوف في نفوسهم، ونشر الدعاية على نطاق لم يكن متصوراً قبل بضع سنوات فقط.

حارس باكستاني على الحدود بين باكستان وولاية ننكرهار الأفغانية في وقت سابق من هذا الشهر (أ.ف.ب)

وقبل عامين، نشرت هذه الجماعات صوراً مزيفة عن الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، تُظهر رُضّعاً ملطخين بالدماء ومتروكين داخل مبانٍ مدمّرة. وأثارت هذه الصور موجة من الغضب واستقطاباً واسعاً، في حين حجبت فظائع الحرب الحقيقية. وقد استُخدمت تلك الصور في الشرق الأوسط من قِبل جماعات عنيفة لتجنيد عناصر جديدة، كما استغلتها جماعات معادية للسامية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.

وتكرر مشهد مشابه العام الماضي، عقب هجوم تبناه أحد فروع تنظيم «داعش» وأسفر عن مقتل نحو 140 شخصاً في قاعة حفلات موسيقية في روسيا. ففي الأيام التي تلت الهجوم، انتشرت على نطاق واسع مقاطع دعائية صُنعت باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لاستقطاب مجندين جدد.

كما أن تنظيم «داعش» أنشأ تسجيلات صوتية مزيفة لقادته وهم يتلون نصوصاً دينية، واستخدم الذكاء الاصطناعي لترجمة رسائله بسرعة إلى لغات متعددة، وفقاً لباحثين في «مجموعة سايت إنتليجنس»، المتخصصة في تتبع أنشطة التنظيمات المتطرفة ودراسة تطور استخدام «داعش» للتقنيات الذكاء الاصطناعي.

طموحات تفوق القدرات... حتى الآن

ويقول ماركوس فاولر، العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، والرئيس التنفيذي الحالي لشركة «دارك تريس فيدرال» للأمن السيبراني التي تعمل مع الحكومة الأميركية، إن هذه الجماعات لا تزال متأخرة تقنياً مقارنة بدول مثل الصين، وروسيا أو إيران، وإن الاستخدامات الأكثر تطوراً للذكاء الاصطناعي ما زالت تُعد «طموحات مستقبلية» بالنسبة لها.

غير أن فاولر حذَّر من أن المخاطر كبيرة للغاية ولا يمكن تجاهلها، مرجّحاً أن تتصاعد مع الانتشار المتزايد لتقنيات ذكاء اصطناعي قوية ومنخفضة التكلفة، على حد قوله.

ويشير خبراء إلى أن قراصنة الإنترنت يستخدمون بالفعل الصوت والصورة الاصطناعيين في حملات التصيّد الإلكتروني، حيث ينتحلون خلالها صفة مسؤولين حكوميين أو مديري شركات بهدف الوصول إلى شبكات حساسة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي كتابة شيفرات خبيثة أو أتمتة بعض جوانب الهجمات السيبرانية.

صورة أرشيفية لمنظر عام لمقر جهاز المخابرات السرية (إم آي 6) في لندن 18 مارس 2025 (أ.ب)

وما يثير قلقاً أكبر هو احتمال سعي الجماعات المسلحة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إنتاج أسلحة بيولوجية أو كيميائية، لتعويض نقص الخبرات التقنية لديها. وقد أُدرج هذا الخطر ضمن التقييم المحدَّث للتهديدات الداخلية الصادر عن وزارة الأمن الداخلي الأميركية في وقت سابق من هذا العام.

وقال فاولر: «دخل تنظيم (داعش) مبكراً إلى منصة (تويتر)/إكس ونجح في توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لصالحه. وهم دائماً يبحثون عن الأداة التالية لإضافتها إلى ترسانتهم».

مواجهة تهديد متنامٍ

وفي واشنطن، طرح مشرّعون عدداً من المقترحات، مؤكدين وجود حاجة مُلِحَّة إلى التحرك. وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية فيرجينيا، مارك وارنر، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إن على الولايات المتحدة تسهيل تبادل المعلومات بين مطوري تقنيات الذكاء الاصطناعي بشأن كيفية إساءة استخدام منتجاتهم من قِبل جهات خبيثة، سواء كانت جماعات متطرفة أو قراصنة إجراميين أو جواسيس أجانب.

وأضاف وارنر: «منذ أواخر عام 2022، ومع الإطلاق العلني لتطبيق (ChatGPT)، كان واضحاً أن الانبهار العام بالذكاء الاصطناعي التوليدي والتجريب الواسع له سينتقل أيضاً إلى أطراف خبيثة متعددة».

وخلال جلسة استماع حديثة حول التهديدات المتطرفة، علم مشرّعون في مجلس النواب الأميركي أن تنظيمي «داعش» و«القاعدة» نظَّما ورش تدريب لمساعدة أنصارهما على تعلّم استخدام الذكاء الاصطناعي.

ويقضي تشريع أقرَّه مجلس النواب الأميركي الشهر الماضي بإلزام مسؤولي الأمن الداخلي بإجراء تقييم سنوي للمخاطر التي يشكّلها الذكاء الاصطناعي عند استخدامه من قِبل مثل هذه الجماعات.

وقال النائب الجمهوري عن ولاية تكساس، أوغست بفلوغر، وهو راعي مشروع القانون، إن الحماية من الاستخدام الخبيث للذكاء الاصطناعي لا تختلف عن الاستعداد للهجمات التقليدية، مضيفاً: «يجب أن تواكب سياساتنا وقدراتنا تهديدات الغد».


باكستان تحض «طالبان» الأفغانية على تطهير بلادها من الجماعات المسلحة

خريجو شرطة «طالبان» يحضرون حفل تخرج جماعي في جلال آباد بولاية ننكرهار - أفغانستان... 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
خريجو شرطة «طالبان» يحضرون حفل تخرج جماعي في جلال آباد بولاية ننكرهار - أفغانستان... 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

باكستان تحض «طالبان» الأفغانية على تطهير بلادها من الجماعات المسلحة

خريجو شرطة «طالبان» يحضرون حفل تخرج جماعي في جلال آباد بولاية ننكرهار - أفغانستان... 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
خريجو شرطة «طالبان» يحضرون حفل تخرج جماعي في جلال آباد بولاية ننكرهار - أفغانستان... 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

حضت باكستان، الأحد، حركة «طالبان» الأفغانية على تطهير بلادها من جميع الجماعات المسلحة، في حين شددت إيران على ضرورة التعاون الإقليمي بدلاً من التدخل الأجنبي، وذلك خلال اجتماع متعدد الجنسيات عُقد في طهران وانصبّ على الوضع في أفغانستان.

خريجو شرطة «طالبان» يحضرون حفل تخرج جماعي في جلال آباد بولاية ننكرهار - أفغانستان... 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وجاءت هذه الدعوات للتحرك خلال اجتماع للممثلين الخاصين لدول جوار أفغانستان بالإضافة إلى روسيا، وفقاً لما ذكرته صحيفة «دون» الباكستانية. وتمت دعوة «طالبان» للمشاركة في الاجتماع، لكنها رفضت الحضور، وفقاً لتصريحات صادرة عن مسؤولين إيرانيين ومسؤولين في حركة «طالبان» على حد سواء. وجمع اللقاء رفيع المستوى في العاصمة الإيرانية ممثلين خاصين من باكستان والصين وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان لمناقشة المخاوف الأمنية المشتركة واستراتيجيات التعامل مع سلطات الأمر الواقع في أفغانستان.

وأوضح الممثل الخاص لباكستان لشؤون أفغانستان، محمد صادق، موقف بلاده، مشدداً على التهديد المستمر للإرهاب المنبعث من الأراضي الأفغانية. وقال صادق، وفقاً لبيان، إن «التهديد المستمر للإرهاب المنبعث من الأراضي الأفغانية يمثل تحدياً كبيراً للمنطقة». وأشار إلى أن كون أفغانستان مستقرة وخالية من العناصر الإرهابية أمر أساسي لكسب ثقة جيرانها واستثمار إمكاناتها الاقتصادية الضخمة. وأوضح صادق: «لذلك، من الضروري أن يتخذ حكام الأمر الواقع الحاليون في أفغانستان خطوات لتخفيف معاناة شعبهم. وأهم خطوة في هذا الصدد ستكون تطهير أراضيهم بشكل شامل من جميع أنواع الإرهابيين».

خريجو شرطة «طالبان» يحضرون حفل تخرج جماعي في جلال آباد بولاية ننكرهار - أفغانستان... 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

يذكر أنه تم إطلاق هذا المنتدى الإقليمي لأول مرة واستضافته باكستان في سبتمبر (أيلول) 2021، بعد أسابيع قليلة من سيطرة «طالبان» على كابل واستكمال قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) انسحابها بعد صراع دام 20 عاماً. واستضافت إيران الاجتماع الثاني لوزراء خارجية المجموعة في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). ومع ذلك، واجه المنتدى صعوبة في تحقيق أهدافه. ووفقاً لسفير باكستان السابق لدى أفغانستان، منصور خان، كان الهدف الأصلي للمجموعة هو اتخاذ قرارات جماعية، بما فيها إمكانية الاعتراف المنسق بحكومة «طالبان». وقال خان لصحيفة «دون» الأحد: «لم يتمكن التجمع من أن يصبح منتدى فعالاً لأن (طالبان) لم تتفاعل بشكل إيجابي».

وعلى صعيد متصل، عقد السفير صادق اجتماعاً ثنائياً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. ووفقاً لسفير باكستان لدى إيران، محمد مدثر تيبو، أعرب صادق عن أمله في أن يسهم الاجتماع بدور مفيد في تعزيز السلام الإقليمي. وشدد عراقجي، خلال كلمته أمام الاجتماع، على أن استقرار أفغانستان يعتمد على اندماجها في الهياكل السياسية والاقتصادية الإقليمية، وليس على التدخل الخارجي.


باكستان تطلق آخر حملة وطنية لمكافحة «شلل الأطفال» بعد ارتفاع الإصابات

يقف شرطي حارساً بينما يقوم عامل صحي (على اليمين) بإعطاء لقاح شلل الأطفال لطفل في أحد أحياء بيشاور - باكستان 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
يقف شرطي حارساً بينما يقوم عامل صحي (على اليمين) بإعطاء لقاح شلل الأطفال لطفل في أحد أحياء بيشاور - باكستان 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

باكستان تطلق آخر حملة وطنية لمكافحة «شلل الأطفال» بعد ارتفاع الإصابات

يقف شرطي حارساً بينما يقوم عامل صحي (على اليمين) بإعطاء لقاح شلل الأطفال لطفل في أحد أحياء بيشاور - باكستان 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
يقف شرطي حارساً بينما يقوم عامل صحي (على اليمين) بإعطاء لقاح شلل الأطفال لطفل في أحد أحياء بيشاور - باكستان 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

أطلقت السلطات الباكستانية، الاثنين، آخر حملة وطنية للتطعيم ضد شلل الأطفال خلال العام الحالي، في مسعى لحماية نحو 45 مليون طفل، وذلك بعد تسجيل أكثر من عشرين حالة إصابة جديدة من هذا المرض الذي قد يسبب الشلل، وفقاً لما أفاد به مسؤولون.

عامل صحي يقوم بإعطاء قطرات شلل الأطفال لأطفال المدارس للتطعيم خلال حملة استئصال فيروس شلل الأطفال من منزل إلى منزل في لاهور 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وحسب منظمة الصحة العالمية، لا تزال باكستان وأفغانستان المجاورة الدولتين الوحيدتين في العالم اللتين لم يتم فيهما القضاء نهائياً على مرض شلل الأطفال بشكل كامل، وفقاً تقرير لـ«أسوشييتد برس»، الاثنين.

خامس حملة تطعيم وطنية

وأعلنت «مبادرة استئصال شلل الأطفال» الحكومية في باكستان، في بيان لها، أن البلاد سجلت 30 حالة إصابة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، مقارنة بـ74 حالة خلال الفترة نفسها من العام الماضي؛ وهو ما يشير إلى تراجع نسبي في عدد الإصابات المسجلة.

وتُعدّ هذه الحملة خامس حملة تطعيم وطنية تنفذها إسلام آباد خلال العام الحالي؛ إذ تحرص البلاد على تنظيم مثل هذه الحملات بصورة منتظمة، رغم التهديدات الأمنية المستمرة التي تواجه فرق التطعيم.

ودعا وزير الصحة الباكستاني مصطفى كمال أولياء الأمور إلى التعاون الكامل مع فرق التطعيم، مؤكداً أن «الأمر لا يتعلق بالأرقام فقط، فكل إصابة تهدد مستقبل طفل وأمن مجتمعاتنا»، في إشارة إلى خطورة الحالات الجديدة المسجلة.

وحسب البيان الرسمي، يشارك أكثر من 400 ألف من العاملين الصحيين في الصفوف الأمامية في الحملة، حيث ينتشرون من منزل إلى منزل في أقاليم بلوشستان، والسند، وخيبر بختونخوا، والبنجاب، والبنغاب، وغيلغيت-بلتستان، وكشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، إضافة إلى العاصمة إسلام آباد؛ لضمان عدم تفويت أي طفل.

يقف شرطي حارساً بينما يقوم عامل صحي (على اليمين) بإعطاء لقاح شلل الأطفال لطفل في أحد أحياء بيشاور - باكستان 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وتتعرض فرق التطعيم وقوات الشرطة المكلّفة حمايتها لهجمات متكررة من قِبل جماعات مسلحة، تروّج زوراً لادعاءات تزعم أن حملات التطعيم مؤامرة غربية تهدف إلى تعقيم الأطفال المسلمين. وعلى خلفية تقارير استخباراتية حذّرت من احتمال وقوع هجمات جديدة، نشرت السلطات آلافاً من عناصر الشرطة لتأمين فرق التطعيم.

ومنذ تسعينات القرن الماضي، قُتل أكثر من 200 من العاملين في برامج مكافحة شلل الأطفال، إلى جانب عناصر الشرطة المكلّفين تأمين حمايتهم، في مثل هذه الهجمات.

وأوضح البيان أن حملة ديسمبر (كانون الأول) لمكافحة شلل الأطفال تُنفَّذ بالتزامن مع حملة مماثلة في أفغانستان، بما يضمن تعزيز المناعة في البلدين معاً وقطع سبل انتقال الفيروس عبر الحدود.

وأكد المسؤولون أن باكستان أحرزت تقدماً ملحوظاً في احتواء الفيروس، مشيرين إلى أن البلاد «أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق الاستئصال الكامل»، وأن هذه الحملة تمثل «دفعة نهائية وحاسمة لوقف انتشار الفيروس في جميع المناطق التي لا يزال الفيروس ينشط فيها».