حالة طوارئ عالمية لمواجهة «إيبولا»

المرض انتشر بسرعة في غرب أفريقيا وأدى إلى وفاة نحو ألف شخص

حالة طوارئ عالمية لمواجهة «إيبولا»
TT

حالة طوارئ عالمية لمواجهة «إيبولا»

حالة طوارئ عالمية لمواجهة «إيبولا»

أعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس، أن مرض «إيبولا» الذي ينتشر بسرعة في غرب أفريقيا، حيث أدى إلى وفاة نحو ألف شخص أصبح يستدعي «حالة طوارئ في مجال الصحة العامة على مستوى العالم».
وقالت المنظمة في بيان لها أمس إن لجنة الطوارئ التابعة لها التي اجتمعت على امتداد يومين في جنيف «تجمع على اعتبار أن الظروف أصبحت متوفرة لإعلان حالة طوارئ في مجال الصحة العامة على مستوى عالمي». وأضافت أن «الرد الدولي المنسق أصبح ضروريا لوقف انتشار (إيبولا) وضمان تراجعه على مستوى العالم»، خصوصا وأن الوباء تسبب في نحو ألف وفاة منذ بداية السنة، وذلك بعد تسجيل أكثر من 1700 إصابة في ليبيريا وسيراليون وغينيا ونيجيريا.
وقالت مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة، خلال مؤتمر صحافي إن موجة الوباء الحالية هي «الأكبر والأخطر منذ أربعة عقود في العالم، داعية الأسرة الدولية إلى (تقديم الدعم الضروري) لدول غرب أفريقيا التي ينتشر فيها».
ولم تفرض المنظمة عزلا على الدول الأربع المعنية (غينيا وليبيريا وسيراليون ونيجيريا) حتى لا تتسبب في إضعاف الوضع الاقتصادي فيها، لكنها طالبت باتخاذ تدابير مراقبة عند نقاط الحدود، وسن إجراءات خاصة لشركات الطيران التي لا تزال تؤمن رحلات إليها بعد أن قررت عدة شركات وقف رحلاتها.
وتعد هذه هي المرة الثالثة التي تتخذ فيها منظمة الصحة مثل هذه التدابير الطارئة، كما حصل في 2009 بسبب إنفلونزا الطيور في آسيا، وفي مايو (أيار) الماضي بسبب التطورات الجديدة لمرض شلل الأطفال في الشرق الأوسط.
وقال الطبيب بارت جانسنز، مدير عمليات «أطباء بلا حدود» التي تنشر أكبر عدد من الطواقم على الأرض إن قرار المنظمة إيجابي، لكن «التصريحات وحدها لن تنقذ الأرواح». وطالب أن يترجم ذلك إلى «تحرك فوري على الأرض» مع نشر الدول لأكبر قدر من الوسائل إذا أتيحت لها بهدف التصدي لهذا الوباء. وقالت تشان إن دول غرب أفريقيا التي سجلت فيها إصابات بالمرض «لا يمكنها مواجهته بمفردها» ودعت الأسرة الدولية إلى «تقديم الدعم اللازم لها».
واستبعدت لجنة الطوارئ فرض قيود على الرحلات الجوية الدولية والسفر والتجارة الدولية، ولكنها قالت إن «على الدول أن تستعد للكشف عن حالات الإصابة بـ(إيبولا) وعلاجها، وتسهيل نقل مواطنيها، وخصوصا أفراد الطاقم الطبي الذين تعرضوا لـ(إيبولا)».
من جهتها، أوصت وزارة الخارجية الأميركية رعاياها بتأجيل السفر «غير الضروري» إلى ليبيريا. كما دعت اللجنة رؤساء الدول التي ينتشر فيها المرض إلى «إعلان حالة الطوارئ» والتوجه «شخصيا إلى الأمة لتوفير معلومات حول الوضع». وفي ليبيريا وسيراليون، حيث أعلنت حال الطوارئ، جرى عزل ثلاث مدن في المنطقة الموبوءة، وقطعت بعض الطرقات وأغلقت مراكز تسلية للقضاء على الوباء. وفي ليبيريا تلقى الجيش أوامر بالحد من تنقل السكان وبمراقبة الدخول إلى العاصمة مونروفيا من المناطق الموبوءة. كما أعلنت رئيسة ليبيريا إيلن جونسون سيرليف، أول من أمس، حالة الطوارئ في البلاد لمدة 90 يوما «أمام حجم تفشي الفيروس ونسبة الوفيات»، مع تأكيدها الحاجة إلى «إجراءات استثنائية لضمان بقاء الدولة».
وفي أوروبا أعلنت اليونان أن مريضا عائدا من نيجيريا ظهرت عليه أعراض الفيروس حضر بنفسه إلى المستشفى لإجراء فحوصات، وتلقي العلاج. وتبين أن حالة أخرى اشتبه بها مصابة بالملاريا.
واستقبلت أوروبا، أول من أمس، أول مريض بـ«إيبولا»، وهو مبشر إسباني نقل من ليبيريا، بعد عودة أميركيين مصابين إلى الولايات المتحدة التي رفعت إنذارها الصحي إلى أقصى مستوى.
من جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخصيص ثمانية ملايين يورو إضافية لمواجهة المرض، لترتفع بذلك الميزانية التي خصصتها المفوضية الأوروبية إلى نحو 12 مليون يورو ستسلم إلى منظمة الصحة العالمية. وسيرسل الاتحاد الأوروبي خلال الأيام المقبلة مختبرا متحركا إلى سيراليون للكشف عن الفيروس.
ورأى مسؤولون أميركيون كبار في مجال الصحة أن أشخاصا سافروا إلى الدول الأفريقية التي تفشى فيها فيروس «إيبولا» يعودون إلى الولايات المتحدة، حاملين الوباء لكنهم لا يتخوفون من انتقال العدوى على نطاق واسع داخل البلاد. ورفعت الوكالة الأميركية للأدوية جزئيا القيود عن استخدام علاج تجريبي للمصابين بفيروس «إيبولا» مما قد يمهد الطريق أمام استخدامه لمكافحة الوباء المستشري في أفريقيا.



قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)

يعقد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الأحد، قمة «عادية» تشارك فيها 12 دولة من أصل 15، هم أعضاء المنظمة الإقليمية، فيما يغيب قادة كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي قررت الانسحاب من المنظمة، بسبب موقف الأخيرة من الأنظمة العسكرية التي تحكم هذه الدول، والمحسوبة على روسيا.

ورغم أن هذه القمة «عادية»، فإنها توصف من طرف المراقبين بأنها «استثنائية»؛ بسبب حساسية الملفات التي سيناقشها قادة دول غرب أفريقيا، التي في مقدمتها الملفات الأمنية بسبب تصاعد وتيرة الإرهاب في المنطقة، وملف العلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، والسعي لإقناعها بالتفاوض والتراجع عن قرار الانسحاب.

قرار نهائي

وفيما يسعى قادة المنظمة الإقليمية التي ترفع شعار الاندماج الاقتصادي، لإقناع دول الساحل الثلاث بالبقاء في المنظمة، إلا أن الأخيرة أعلنت، الجمعة، أن قرارها «لا رجعة فيه»، وجدّدت اتهامها للمنظمة الإقليمية بأنها «أداة» تتحكم فيها فرنسا. وتمسّكت الدول الثلاث بالمضي قدماً في تشكيل منظمتها الخاصة، حيث أعلنت قبل أشهر إقامة «تحالف دول الساحل»، وبدأت التحضير لتحويله إلى «كونفيدرالية» تلغي الحدود بين الدول الثلاث، وتوحد عملتها وجواز سفرها، بالإضافة إلى قدراتها العسكرية والأمنية لمحاربة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة.

قرار انسحاب دول الساحل من منظمة «إيكواس»، يدخل حيز التنفيذ يوم 29 يناير (كانون الثاني) المقبل (2025)، فيما يسعى قادة المنظمة إلى إقناع هذه الدول بالتراجع عنه أو تأجيله على الأقل، بسبب تداعياته الاقتصادية والأمنية على المنطقة.

إلغاء التأشيرة

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وقبل انعقاد قمة دول «الإيكواس» بعدة ساعات، أصدرت دول الساحل بياناً قالت فيه إنها قرّرت إلغاء التأشيرة عن مواطني جميع دول غرب أفريقيا، في خطوة لتأكيد موقفها المتمسك بقرار مغادرة المنظمة الإقليمية.

وقالت الدول الثلاث المنخرطة في كونفدرالية دول الساحل، إنها أصبحت «منطقة خالية من التأشيرات لجميع مواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)». البيان الذي قرأه وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، عبر التلفزيون الحكومي المالي، مساء السبت، أكّد أن «لرعايا دول (إيكواس) الحق في الدخول والتنقل والإقامة والاستقرار والخروج من أراضي البلدان الأعضاء في كونفيدراليّة دول الساحل وفقاً للقوانين الوطنية السارية».

ولا يغير القرار أي شيء، حيث إن قوانين منظمة «إيكواس» كانت تنص على الشيء نفسه، وتتيح حرية التنقل والتملك لمواطني الدول الأعضاء في فضاء المجموعة الاقتصادية الممتد من السنغال إلى نيجيريا، وكان يضم 15 دولة قبل انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

توتر ثم قطيعة

وبدأت القطيعة بين تحالف دول الساحل ومنظمة «إيكواس» عقب الانقلاب في النيجر في يوليو (تموز) 2023، وهو الانقلاب السادس في المنطقة خلال ثلاث سنوات (انقلابان في مالي، انقلابان في بوركينا فاسو، وانقلاب في غينيا)، بالإضافة إلى عدة محاولات انقلابية في دول أخرى.

وحاولت المنظمة الإقليمية الوقوف في وجه موجة الانقلابات، وفرضت عقوبات على مالي وبوركينا فاسو، وهدّدت بالتدخل العسكري في النيجر بعد أن فرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية، قبل أن تُرفع تلك العقوبات لاحقاً.

وتضامنت مالي وبوركينا فاسو مع النيجر، وأعلنت أن أي تدخل عسكري في النيجر يُعدّ انتهاكاً لسيادتها وسيجعلها تتدخل لدعم المجلس العسكري الحاكم في نيامي، لتبدأ مرحلة جديدة من التوتر انتهت بقرار الانسحاب يوم 28 يناير 2024.

قمة لم الشمل

قوات «إيكواس» خلال تأدية مهامها العسكرية في مالي (أرشيفية - رويترز)

من المنتظر أن يُخصّص قادة دول غرب أفريقيا حيزاً كبيراً من نقاشهم للعلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، حيث لا تزالُ المنظمة الإقليمية متمسكة بالطرق الدبلوماسية لإقناع الدول الثلاث بالتراجع عن قرار الانسحاب.

ذلك ما أكده رئيس نيجيريا، بولا تينيبو، وهو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، حيث أكد الأربعاء أن «الدبلوماسية والحكمة هي السبيل الوحيد لإعادة دمج هذه الدول في المنظمة الإقليمية».

وأشار الرئيس النيجيري إلى أن المجالس العسكرية التي تحكم الدول الثلاث «لا تزالُ مترددة في وضع برامج واضحة لمرحلة انتقالية محددة من أجل تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى الوضع الدستوري»، ورغم ذلك، قال تينيبو: «ستستمر علاقة الاحترام المتبادل، بينما نعيد تقييم الوضع في الدول الثلاث». وأضاف في السياق ذاته أن منظمة «إيكواس» ستترك الباب مفتوحاً أمام عودة الديمقراطية إلى البلدان المعنية، مشدداً على أن احترام المؤسسات الدستورية وتعزيز الديمقراطية «هو ما تدافع عنه المنظمة».

مفترق طرق

أما رئيس مفوضية «إيكواس»، أليو عمر توري، وهو الشخصية الأهم في المنظمة الإقليمية، فقد أكّد أن «منطقة غرب أفريقيا تقف عند مفترق طرق غير مسبوق في تاريخها كمجتمع».

وقال توري في تصريحات صحافية، الخميس، إنه «في الوقت الذي تستعد الدول الأعضاء في (الإيكواس) للاحتفال باليوبيل الذهبي لجهود التكامل الإقليمي العام المقبل، تواجه أيضاً احتمالية انسحاب بعض الدول الأعضاء»، وأضاف أنه «من الضروري التأمل في الإنجازات الكبيرة التي حققتها (إيكواس) على مدى العقود الماضية، وكذلك التفكير في مستقبل المجتمع في ظل التحديات السياسية التي تواجه شعوبنا».

وفيما يرفعُ قادة المنظمة الإقليمية خطاباً تصالحياً تجاه دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تواصل الأخيرة في خطاب حاد يتهم «إيكواس» بالتبعية إلى القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا).