عراقيل حوثية تعقِّد مهمة غريفيث في صنعاء لإنقاذ اتفاق السويد

الانقلابيون جددوا للمبعوث الأممي اعتراضهم على الجنرال الهولندي

يمنيون أمام السيارة التي استهدفها القصف في مدينة تعز أمس (رويترز)
يمنيون أمام السيارة التي استهدفها القصف في مدينة تعز أمس (رويترز)
TT

عراقيل حوثية تعقِّد مهمة غريفيث في صنعاء لإنقاذ اتفاق السويد

يمنيون أمام السيارة التي استهدفها القصف في مدينة تعز أمس (رويترز)
يمنيون أمام السيارة التي استهدفها القصف في مدينة تعز أمس (رويترز)

أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، يواجه صعوبات أكثر تعقيداً في مهمته الرامية إلى إنقاذ اتفاق السويد بعدما أبلغته الجماعة مجدداً اعتراضها على رئيس لجنة المراقبين الأمميين وتنسيق إعادة الانتشار الجنرال الهولندي باتريك كومارت. وعلى الرغم من وجود المبعوث الأممي مارتن غريفيث في صنعاء منذ يومين، فإن وسائل إعلام الجماعة تجاهلت ذكر أي لقاءات رسمية عقدها قادتها معه حتى مساء أمس، مكتفية بتسليط الضوء على لقاءين منفصلين أجراهما نائبه معين شريم مع اثنين من قادتها. وحسب تكهنات المراقبين للشأن اليمني فإن عراقيل قادة الجماعة تسعى إلى إعادة المساعي الأممية إلى نقطة الصفر، بخاصة بعد أن ربطوا خلال لقاء مع نائب المبعوث الأممي معين شريم، تنفيذ اتفاق السويد بالجانب الاقتصادي وصرف رواتب الموظفين الحكوميين الخاضعين في مناطق سيطرتها.
ويحاول غريفيث، طبقاً لمصادر مطلعة في صنعاء، أن يقنع قادة الجماعة بتنفيذ خطة مزمّنة لإعادة الانتشار من الحديدة وموانئها بموجب مقترحات الجنرال الهولندي كومارت، وهو ما ترفضه الجماعة في إصرار منها على تعطيل تنفيذ اتفاق السويد. ومن المقرر أن يحمل المبعوث الأممي اليوم ما توصل إليه مع الجماعة الحوثية إلى العاصمة السعودية الرياض للقاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وقيادات الشرعية، في مسعى للتوفيق بين مطالب الجماعة الحوثية ومطالب الشرعية.
وعلى وقع التسريبات التي تحدثت عن إمكانية نقل اجتماعات لجنة تنسيق إعادة الانتشار برئاسة باتريك كومارت إلى خارج اليمن، بعد أن أصبح وجوده في الحديدة عُرضةً للتهديد الحوثي، ذكرت المصادر في صنعاء أن قادة الجماعة أبلغوا غريفيث اعتراضهم الصريح على أداء كومارت واتهموه بالانحياز إلى جانب ممثلي الحكومة الشرعية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار.
وكشفت المصادر الرسمية الحوثية أن القيادي البارز في الجماعة فضل أبو طالب، الذي يشغل منصب الأمين العام لمكتبها السياسي، أبلغ نائب المبعوث الأممي معين شريم، اعتراض الجماعة على الجنرال الهولندي، متهماً إياه بالانحياز وعرقلة تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة وموانئها. ونقلت المصادر الحوثية عن القيادي أبو طالب أنه أكد لشريم أن كومارت «يحاول حرف مسار اتفاق الحديدة وجره إلى سياقات خارج ما تم التفاهم عليه في السويد».
واستباقاً من الجماعة الموالية لإيران لأي اختراق في الملف السياسي والعسكري المؤجل حتى الآن، رفض المسؤول الحوثي أبو طالب أي وجود للرئيس هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر في أي تسوية سياسية مقبلة. ومن المرجح أن يبحث المبعوث الأممي مع قادة الجماعة الحوثية عملية تسهيل دخول المراقبين الإضافيين إلى الحديدة، وعددهم 75 مراقباً، إلى جانب الجوانب التنفيذية لخطة إعادة الانتشار والانسحاب من المدينة وموانئها، فضلاً عن تأكيد أهمية تثبيت وقف إطلاق النار.
وكان الاتفاق قد نص على إعادة انتشار القوات من الطرفين على مرحلتين خلال 21 يوماً، فضلاً عن انسحاب الجماعة من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة وتسليمها للسلطات المحلية بموجب القانون اليمني، وهو ما يعني عودة السلطات الأمنية والمحلية التي كانت قائمة في المدينة قبل الانقلاب في 2014. وتحاول الجماعة الحوثية الالتفاف على الاتفاق وتسليم المدينة وموانئها صورياً لقوات أمنية تابعة لها بعد أن ألبستها زي قوات الأمن وهو ما رفضه الجنرال الهولندي الذي يتمسك بضرورة التوافق على كل الخطوات التي تتم من خلال اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار.
وكان التعنت الحوثي في الحديدة قد أدى إلى عرقلة جهود كومارت بعد رفض خطته المزمنة لإعادة الانتشار واتهامه بالانحياز والضعف والمطالبة بإقالته، وذلك قبل أن تعيق الجماعة حركته للقاء ممثلي الجانب الحكومي في اللجنة، وتقوم بإطلاق النار على موكبه شرقي مدينة الحديدة. وأمام إصرار الجماعة الحوثية على عرقلة تنفيذ الاتفاق وتصعيب مهمة رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال كومارت، انتهت المدة الأولية المقررة دون إحراز تقدم في تنفيذ الاتفاق وسط استمرار الجماعة الحوثية في تعزيز قدراتها العسكرية في شتى مناطق الحديدة.
وهو ما استدعى من المبعوث الأممي غريفيث المسارعة إلى طلب تمديد عمل اللجنة الأممية لتنفيذ الاتفاق، مع استصدار قرار من مجلس الأمن لإرسال 75 مراقباً أممياً إضافياً وتمديد عملهم لستة أشهر.
ويرفض الحوثيون التعاطي بإيجابية مع جهود الجنرال الهولندي، بخاصة بعد أن رفض مسرحية قيام الجماعة بتسليم ميناء الحديدة لعناصرها الذين ألبستهم زي قوات خفر السواحل وزعمت أنهم هم الشرطة المحلية المعنية بالاستلام.
وبينما تحدثت القوات الحكومية المشتركة عن استمرار الجماعة الحوثية في خرق الهدنة في الحديدة وأريافها الجنوبية منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكد سكان المدينة استمرار الجماعة في تعزيز تحصيناتها وحفر الخنادق والأنفاق واستقدام المسلحين. وتشي التحركات الحوثية منذ الهدنة -وفق مراقبين يمنيين- بسعي الجماعة إلى عرقلة تنفيذ اتفاق السويد والرهان على استئناف المعارك بعد أن منحها وقف إطلاق النار من قبل القوات الحكومية فرصة لإعادة ترتيب صفوف عناصرها.
ورصد أحدث تقرير للقوات الحكومية مقتل وإصابة 410 مواطنين جراء ارتكاب الميليشيات الحوثية نحو 688 خرقاً في محافظة الحديدة منذ بداية الهدنة قبل أكثر من شهر. وأكد التقرير الصادر عن خلية التنسيق في مركز العمليات المتقدم بمحور الحديدة، أن هذه الخروق، التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية الموالية لإيران، أدت إلى مقتل 48 مواطناً وإصابة 362 آخرين. وأفاد بأن الخروق الحوثية مستمرة باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، وتستهدف منازل المواطنين والأماكن العامة ومواقع قوات الشرعية، إلى جانب استمرار الميليشيات في تعزيز مواقعها الدفاعية عن طريق زرع الألغام وحفر الخنادق والممرات البرية عند المداخل والمواقع الرئيسية. ودعا التقرير مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، إلى اتخاذ الخطوات اللازمة والجدية للضغط على ميليشيات الحوثي الانقلابية من أجل وقف انتهاكاتها للهدنة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».