مجلس النواب العراقي يصوّت اليوم على ثاني أكبر موازنة منذ 2003

وسط خلافات على بعض بنودها

TT

مجلس النواب العراقي يصوّت اليوم على ثاني أكبر موازنة منذ 2003

يفترض أن يصوت مجلس النواب العراقي، اليوم، على الموازنة المالية الاتحادية لعام 2019، التي وصفت بأنها ثاني أكبر موازنة منذ 2003، وكان من المقرر أن يصوّت مجلس النواب عليها أمس، لكن خلافات إلى جانب عدم اكتمال ملاحظات اللجنة المالية بخصوص بعض بنودها حال دون تمريرها.
وكان مجلس النواب قرر نهاية السنة الماضية تأجيل عطلته الفصلية المحددة بشهر واحد إلى مطلع فبراير (شباط) المقبل؛ بهدف الانتهاء من إقرار الموازنة العامة التي واجهت اعتراضات من أغلب الكتل السياسية على بعض بنودها، وترجّح بعض المصادر النيابية أن يخفق البرلمان في تمريرها اليوم أيضاً، نتيجة الخلافات السياسية بين الكتل، وبخاصة تلك المتعلقة بحصة إقليم كردستان من الموازنة؛ إذ يطالب الإقليم بنحو 14 في المائة من إجمالي الموازنة، في حين ترفض أغلبية الكتل العربية ذلك وتصر على نسبة الـ12 في المائة للإقليم.
لكن النائب والقيادي في تحالف «الإصلاح» رائد فهمي يرجّح إقرارها اليوم بعد أن أجريت عليها التعديلات المطلوبة من قبل اللجنة المشتركة بين رئاسة الوزراء واللجنة المالية في البرلمان. وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط»: «لم نصوت عليها اليوم (أمس)؛ لأن الموازنة كانت في حاجة إلى الفحص التفصيلي، وكان مطروح مناقلة بعض البنود واستبدالها بأخرى، وكذلك الاتفاق على مسألة الإيرادات والإنفاق، والأمر في حاجة إلى جهود مكثفة أنجزت تقريباً». وعن إجمالي الموازنة الحالية وسعر برميل النفط الذي اعتمد بها، ذكر فهمي أنها «ثاني أكبر موازنة منذ 2003، وبلغت نحو 132 تريليون دينار عراقي، واعتمد سعر 56 دولاراً للبرميل النفط، لكن هذا السعر قابل للنقاش وربما خضع للخفض في وقت لاحق، وهذا أمر تقرره الحكومة واللجنة المالية».
وعن أهم التعديلات التي طرأت على الموازنة الحالية التي ورثتها الحكومة الحالية من حكومة حيدر العبادي، وأرسلتها إلى البرلمان بتعديلات طفيفة، ذكر فهمي أن «الحكومة السابقة أعدتها ولم تتمكن الحكومة الحالية من كتابة موازنة جديدة لضيق الوقت، وهناك توجهات تميل إلى زيادة الحصة المالية لقطاعي الصحة والتعليم وتقليلها من حصة الإنفاق العسكري لوزارتي الدفاع والداخلية الذي يقترب من نسبة الثلاثين في المائة من الموازنة»، مضيفاً: «هناك توجه أيضاً بزيادة التخصيصات لقطاعي الزراعة والصناعة، فضلاً عن معالجة مشكلات أصحاب العقود والأجور اليومية من المواطنين».
بدوره طالب رئيس كتلة «سائرون» النيابية حسن العاقولي، أمس، بشطب المادة 14 من قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2019؛ لأنها تسمح ببيع واستثمار الشركات الحكومية. وقال العاقولي في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب: إن «المادة 14 من قانون الموازنة تنص على عمل الوزارات غير المرتبطة بوزارة بفتح باب الاستثمار والمشاركة مع القطاع الخاص على ألا يترتب أعباء مالية».
إلى ذلك، لم يستبعد النائب صائب خدر تأجيل التصويت على الموازنة اليوم (الأربعاء)، لكنه أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» وجود «شبه إجماع بين الكتل السياسية على التصويت اليوم». وأشار إلى أن «الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، وقد تمت تسوية بعض الاعتراضات من نواب محافظة نينوى، وكذلك طالبنا بتثبيت مسألة النازحين والناجيات الإيزيديات وتعويضهم ضمن أموال الموازنة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».