أنقرة تواصل اتصالاتها مع واشنطن حول قرار الانسحاب الأميركي من سوريا

إردوغان في موسكو اليوم وتطورات إدلب على رأس أجندته

TT

أنقرة تواصل اتصالاتها مع واشنطن حول قرار الانسحاب الأميركي من سوريا

واصلت أنقرة اتصالاتها مع واشنطن حول قرار الانسحاب الأميركي من سوريا في ظل تباين موقفيهما فيما يتعلق بتوفير الحماية للقوات الكردية التي تحالفت معها واشنطن في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي. وسيبحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان القرار مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لموسكو اليوم (الأربعاء) إلى جانب التطورات في إدلب.
وبحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الأميركي مايك بومبيو ما يتعلق بعملية سحب القوات الأميركية من سوريا في اتصال هاتفي جرى بينهما ليل الاثنين - الثلاثاء.
وفي 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عزمه سحب جنود بلاده من الشمال السوري، والبالغ عددهم 2000 جندي في مدى زمني يصل إلى شهرين، لكن جرى تعديل المدة إلى 3 أشهر، ثم جرى الحديث عن ضرورة التريث وعدم الاستعجال في الانسحاب.
وبحسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، روبرت بالادينو، أكد بومبيو لنظيره التركي «التزام واشنطن بالاستجابة لمخاوف تركيا الأمنية في الجانب السوري من الحدود الفاصلة بين البلدين كما أنها تولي أهمية لحماية القوات التي تحارب تنظيم داعش إلى جانب القوات الأميركية والتحالف الدولي»، في إشارة إلى تحالف قوات سوريا الديمقراطي (قسد)، الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «تنظيما إرهابيا»، عموده الفقري.
وقال بالادينو، في بيان، إن الوزيرين تناولا خلال الاتصال الهاتفي ملف انسحاب القوات الأميركية من سوريا بشكل مفصل.
وجاء الاتصال بين وزيري الخارجية التركي والأميركي بعد يوم واحد من الاتصال بين رئيسي البلدين، أبلغ فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ترمب استعداد تركيا لتولي الأمن في منطقة منبج السورية بعد انسحاب القوات الأميركية.
ومن ناحية أخرى، اعتبر وزير جاويش أوغلو إن اتفاقية سوتشي بشأن المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، الموقعة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب إردوغان في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، واحدا من أهم التطورات التي زادت من «هيبة تركيا» في العالم في الوقت الراهن.
وقال: «عبر اتفاق إدلب لم نقم بمنع وقوع كارثة ومأساة إنسانية فقط، بل فتحنا نافذة لآخر فرصة من أجل الحل السياسي في سوريا».
ولفت أوغلو إلى أن كل الدول بدأت بالشروع في سياسات مختلفة عقب قرار أميركا بالانسحاب من سوريا، إلا أن سياسة تركيا ثابتة. وقال: «تعاونا مع روسيا إبان أزمة حلب، ومن ثم أشركت إيران في الجهود، فمسار آستانة جاء بفضل مبادرة السياسة الخارجية التركية، ومحادثات سوتشي جاءت نتيجة مبادرة روسية تركية، وكذلك عقد قمم ثلاثية».
في السياق ذاته، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه سيبحث ملف إدلب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لموسكو اليوم (الأربعاء) مؤكدا أهمية اتفاق «سوتشي» الموقع بين البلدين.
وقالت مصادر تركية إن إردوغان وبوتين سيتناولان الاشتباكات الدائرة منذ فترة بين فصائل المعارضة السورية و«هيئة تحرير الشام»، التي تشكل «جبهة تحرير الشام (النصرة سابقا)» غالبية قوامها، في محافظة إدلب المشمولة ضمن اتفاق مناطق خفض التصعيد الموقع في آستانة بين الدول الثلاث الضامنة (تركيا وروسيا وإيران)، كما ستطرح الانتهاكات التي تقع بين حين وآخر لاتفاقية سوتشي الخاصة بوقف إطلاق النار وإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح بين النظام والمعارضة في إدلب، والموقعة بين الرئيسين الروسي والتركي في سوتشي في 17 سبتمبر الماضي، على طاولة المباحثات إلى جانب قرار الانسحاب الأميركي من روسيا والمنطقة الآمنة المقترحة والتنسيق بين أنقرة وموسكو في هذا الصدد.
قال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن أنقرة ستواصل تواجدها في المنطقة، وستحافظ على وجودها، وعلى الجميع أن يعلم ذلك.
وأضاف أكار، في كلمة خلال حفل تخريج دفعة من كلية الدفاع الوطني في أنقرة، إنه: «لولا تواجدنا في إدلب لكانت الخسائر البشرية اليوم بالآلاف، لذلك فإن هذه الخطوة مهمة ويجب طرحها على روسيا لأنها قادرة على إنجاحها من خلال التنسيق المشترك».
في سياق آخر، اتهم جاويش أوغلو، في كلمة في إسطنبول مساء أول من أمس، الغرب بدعم وحدات حماية الشعب الكردية «لأنه يستخدمها كأداة»، مشيراً إلى أنه لدى سؤال الغرب خلف الأبواب عن سبب دعمهم لها يقولون بكل صراحة: «لأنه تنظيم نستخدمه بسهولة كبيرة».واعتبر أن السياسة التي تتبعها تركيا حيال سوريا «واضحة جدا»، وليس لها أجندات سرية، قائلا: «تركيا تريد إرساء السلام والهدوء والاستقرار وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية».
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، إن الوضع القائم في الشمال السوري ومناطق شرق الفرات، يشكل تهديدا من الدرجة الأولى لتركيا، وإن أنقرة عازمة على إزالة هذا التهديد.
وأضاف، في مؤتمر صحافي ليل أول من أمس، إن تركيا تعتقد أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيصر على قرار سحب قوات بلاده من الأراضي السورية... وتركيا لديها القدرة على مواصلة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
وتابع أن «كل من يتحدث عن وحدة سوريا وأراضيها وسيادة شعبها يجب أن يتخذ موقفاً مبدئياً تجاه التنظيمات الإرهابية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.