تفجيرات في عفرين في الذكرى الأولى للتدخل العسكري التركي

ماكغورك يستفز أنقرة بانتقاداته لقرار الانسحاب الأميركي من سوريا

مظاهرة كردية في القامشلي شمال شرقي سوريا أمس في الذكرى الأولى للتدخل الكردي في عفرين (أ.ف.ب)
مظاهرة كردية في القامشلي شمال شرقي سوريا أمس في الذكرى الأولى للتدخل الكردي في عفرين (أ.ف.ب)
TT

تفجيرات في عفرين في الذكرى الأولى للتدخل العسكري التركي

مظاهرة كردية في القامشلي شمال شرقي سوريا أمس في الذكرى الأولى للتدخل الكردي في عفرين (أ.ف.ب)
مظاهرة كردية في القامشلي شمال شرقي سوريا أمس في الذكرى الأولى للتدخل الكردي في عفرين (أ.ف.ب)

هز انفجاران مدينة عفرين السورية أمس (الأحد) بالتزامن مع الذكرى الأولى لانطلاق عملية «غصن الزيتون» التي أطلقتها تركيا وفصائل موالية لها من الجيش السوري الحر في 20 يناير (كانون الثاني) 2018 والتي كانت مستهدفة وحدات حماية الشعب الكردية في المدينة.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، أن «هجومين منفصلين ضد أهداف مدنية في عفرين، وقعا بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لعملية غصن الزيتون، التي طهرت فيها القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر المنطقة من الإرهاب».
وأضافت أن الهجوم الأول، الذي استهدف حافلة ركاب بقنبلة خلال مرورها بالقرب من تقاطع كاوا وسط عفرين، أدى لمقتل مدنيين اثنين وإصابة 8 آخرين، وأن الهجوم الثاني، الذي جرى تنفيذه بواسطة قنبلة وضعت في حاوية قمامة، لم يتسبب بوقوع ضحايا.
في السياق ذاته، ذكرت وكالة «رويترز» أن انفجار القنبلة أسفر عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 9 في حافلة عامة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن التفجير أسفر عن مقتل 3 أشخاص على الأقل، وإصابة 9 آخرين، بعدما ضرب حافلة بالقرب من دوار (كاوا الحداد) في المدينة. وأشار المرصد إلى أن عدد الضحايا مرشح للارتفاع؛ نظراً لوجود جرحى في حالة خطيرة.
وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، في تغريدة، أمس، بمناسبة ذكرى انطلاق عملية غصن الزيتون، إن بلاده تمكنت من إجهاض ما سماه «مشروع بناء ممر للإرهاب على حدودها، من خلال عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات».
واعتبر مراقبون أن التفجيرين اللذين وقعا بالأمس في عفرين يؤكدان أن الأوضاع الأمنية في المدينة لم تستقر بعد رغم مرور عام على العملية العسكرية التركية.
في سياق مواز، عبر المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، عن استنكار أنقرة ما جاء في مقال لمبعوث الولايات المتحدة السابق للتحالف الدولي للحرب على «داعش»، بريت ماكغورك، بصحيفة «واشنطن بوست»، انتقد فيه قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب قوات بلاده من سوريا، والذي كان سببا في استقالته ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأثنى على القوات الكردية التي حاربت إلى جانب الولايات المتحدة ضد «داعش»، قائلا إن تركيا «ليست شريكا موثوقا» للولايات المتحدة.
وهاجم ماكغورك الرئيس ترمب بسبب قرار الانسحاب من سوريا بعد «مكالمة هاتفية أجراها مع إردوغان» على حد تعبيره، قائلا إن ترمب وثق بإردوغان وإن الأخير سيقاتل «داعش» وليس الأكراد على بعد مئات الأميال داخل الأراضي السورية دون دعم أميركي. ولفت إلى أن قرار ترمب بسحب القوات الأميركية من سوريا جاء دون استشارة للشركاء في التحالف الدولي، ودون فهم للحقائق على أرض الواقع هناك، موضحا أن دخول تركيا إلى ما يعرف بـ«المنطقة الآمنة»، المقرر إنشاؤها في شمال سوريا، سيعجّل بانتشار الفوضى.
وذكر أن الرئيس الأميركي اتخذ قرار الانسحاب بناء على تصورات غير حقيقية، أقنعه بها إردوغان.
وقال كالين، في سلسلة تغريدات، أمس: «تحليلكم خاطئ، والاتهامات التي وجهتموها ضد تركيا هراء بمعنى الكلمة، وما هي إلا دعاية جديدة تقومون بها لصالح حزب العمال الكردستاني». وأضاف المتحدث الرئاسي التركي: «تركيا أنقذت مئات الآلاف من العرب والأكراد والسريان وغيرهم من السوريين... وأنتم تريدون منح حياة جديدة للعمال الكردستاني، وهذا لن يحدث».
إلى ذلك، أكدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع التركية نديدة شبنام أك طوب أن أعمال بلادها متواصلة بنجاح فيما يتعلق باتفاق «سوتشي» الموقع في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، على الرغم من الاستفزازات التي جرت في الفترة الأخيرة، كما أنها تواصل نشاطها في نقاط المراقبة التركية الـ12 التي أسست عام 2017 ضمن إطار تفاهات آستانة، لافتة إلى أن تركيا تتخذ خطوات لوضع حد للاشتباكات في المنطقة.
ولفتت إلى استمرار المباحثات مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، بشأن العملية العسكرية في شرق الفرات، المتوقع إطلاقها قريباً، مشددة على أنهم يهدفون لضمان أمن حدود تركيا ومواطنيها ومنع تشكيل ما سمته «الممر الإرهابي» على حدودها الجنوبية مع سوريا.
ويواصل الجيش التركي منذ أسابيع إرسال تعزيزات عسكرية في المناطق الحدودية مع سوريا استعداد لعملية محتملة ضد الوحدات الكردية في منبج وشرق الفرات وسط استمرار الغموض بشأن المنطقة الآمنة المقترحة من جانب ترمب في شمال سوريا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».