إسرائيل تدرس استئناف تحويل الأموال القطرية لـ«حماس»

نتنياهو يريد هدوءاً قبل الانتخابات لكنه يخشى أن تؤثر الخطوة على صورته

آليات إسرائيلية مقابل فلسطينيين يشاركون في «مسيرات العودة» على حدود قطاع غزة أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)
آليات إسرائيلية مقابل فلسطينيين يشاركون في «مسيرات العودة» على حدود قطاع غزة أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدرس استئناف تحويل الأموال القطرية لـ«حماس»

آليات إسرائيلية مقابل فلسطينيين يشاركون في «مسيرات العودة» على حدود قطاع غزة أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)
آليات إسرائيلية مقابل فلسطينيين يشاركون في «مسيرات العودة» على حدود قطاع غزة أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)

تدرس إسرائيل استئناف إرسال الأموال القطرية إلى قطاع غزة، بعدما أوقفتها هذا الشهر على خلفية التصعيد في القطاع الذي تضمن كذلك إطلاق صواريخ.
وقالت مصادر إسرائيلية إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يعيش في حيرة بسبب قرب الانتخابات في إسرائيل، سينتظر مظاهرات «مسيرات العودة» الأسبوعية على الحدود كي يحسم أمره. ويريد نتنياهو هدوءاً تاماً في هذه الفترة الحساسة وإلى حين إجراء الانتخابات على الأقل، أي حتى شهر أبريل (نيسان) المقبل، لكنه يخشى من أن يؤدي استمرار نقل الأموال إلى القطاع، الذي تسيطر عليه حركة حماس، إلى الإضرار بصورته ومكانته في الانتخابات القريبة.
وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن القرار النهائي مرتبط بالتطورات الميدانية.
وأوقفت إسرائيل هذا الشهر تحويل الدفعة القطرية الثالثة، ما أثار غضباً كبيراً في أوساط «حماس». وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس» أرسلت مع وسطاء إقليميين وغربيين رسائل إلى نتنياهو مفادها أنها ستصعّد ميدانياً إذا لم تتلق الأموال في وقت مناسب.
وحملت رسائل «حماس» تحذيرات بأن الأوضاع في المنطقة ستتدهور، إذا واصلت إسرائيل «التهرب» من تفاهمات التهدئة الأخيرة، التي تتضمن إدخال الأموال القطرية ورفع الحظر عن عشرات المواد التي يتم إدخالها أو إخراجها من القطاع، وتوسيع مساحة الصيد إلى 18 ميلاً بحرياً.
ونقلت قطر الشهر الماضي، والذي قبله، 15 مليون دولار كل شهر، في حقائب حملها الدبلوماسي القطري محمد العمادي، ما أثار جدلاً واسعاً وقاسياً في إسرائيل، وغضباً كبيراً في رام الله التي اتهمت قطر بدعم خطط لانفصال قطاع غزة عبر تقديم الدعم المالي لحركة حماس.
وتمثّل هذه الأرقام دفعات من أصل 90 مليون دولار رصدتها قطر لدفع أموال موظفي «حماس».
ووافقت إسرائيل على أن تدفع قطر أموالاً لـ«حماس» على أن تخضع الأسماء لرقابة أمنية. ووصلت الأموال سابقاً ووزعت في ظل حالة من الهدوء في القطاع، ومع تراجع ملحوظ في زخم «مسيرات العودة» على الحدود، التي انطلقت في 30 مارس (آذار) الماضي، وخلّفت 220 قتيلاً فلسطينياً.
وكبحت «حماس» جماح متظاهرين ومنعتهم من الوصول إلى الحدود، كما أوقفت عمليات إطلاق البالونات والطائرات الحارقة باتجاه إسرائيل ضمن اتفاق هدوء يقابله السماح بإدخال الأموال والوقود القطري إلى القطاع، وهو الاتفاق الذي عدّته حركة فتح «مقايضة الدم بالمال».
ووفقاً للتفاهمات يُفترض أن يستمر نقل الأموال حتى يوم الانتخابات في أبريل المقبل.
ونقلت الرسائل بين «حماس» وإسرائيل، كما يبدو، عبر أكثر من جهة، مثل الوسيط المصري، وعبر قطر، ومبعوثين أجانب أيضاً.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن حركة حماس في قطاع غزة اجتمعت مع وفد أوروبي، وطلبت منه ممارسة ضغوط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها بشأن إدخال الدفعة الثالثة من الأموال القطرية إلى قطاع غزة.
ورد الوفد الأوروبي على «حماس» بقوله إن الدفعة الثالثة من الأموال القطرية ستدخل غزة بعد تحقيق الهدوء على الحدود مع القطاع، وهو شرط إسرائيل الحالي. وقال دبلوماسيون أجانب لـ«هآرتس» إنهم ينظرون بقلق إلى تأخير نقل الأموال القطرية، خشية من حدوث تدهور أمني جديد بين إسرائيل و«حماس». وأضافوا أن «حماس» تريد تلقي أموالها وإلا فإنها ستصعّد، مستغلة أن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو مهتم بالهدوء قبل الانتخابات الإسرائيلية.
ويتفق عدد من الدبلوماسيين الأجانب مع فكرة أن نتنياهو متردد بالاستمرار في نقل الأموال أو وقفها، في ضوء المصاعب السياسية التي خلقتها صورة «حقائب الأموال» في إسرائيل وعليه شخصياً. واتهم نتنياهو في إسرائيل بالجبن والخضوع للإرهاب، خصوصاً بعدما أُطلقت صواريخ على إسرائيل عقب نقل الأموال.
وقال مسؤول كبير في حركة حماس، حسب «هآرتس»، إن «كل خطوة يقوم بها نتنياهو تخضع لقياس كيف ستؤثر على حملته الانتخابية. نقل الأموال القطرية لا يخدمه حالياً، وهو يحاول أو سيحاول ابتزاز (حماس)، لكن في نهاية الأمر عليه أن يعرف أن استمرار الضغط على قطاع غزة سينفجر في وجهه (نتنياهو)».
وأضاف المسؤول «الحمساوي» أن عدم نقل الأموال القطرية «يسمح للحركة باستخدام البالونات والطائرات الحارقة مجدداً، وأن ترسل عناصرها لإلحاق الضرر في الجدار».
وفيما يرفض مسؤولون إسرائيليون إرسال الأموال إلى «حماس»، دعم رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست آفي ديختر إرسالها فوراً. وقال ديختر للإذاعة الإسرائيلية «مكان»: «إسرائيل غير معنية بانهيار الوضع الإنساني في القطاع، الأمر الذي يحاول رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن أن يسببه عن طريق وقف صرف المعاشات للموظفين». وأضاف: «إن إدخال الأموال القطرية إلى القطاع قد يؤدي إلى تهدئة الأوضاع».
وأكد ديختر «أن لا مصلحة لإسرائيل في شن حرب ما لم يتعرض أمنها للخطر»، مستدركاً: «صحيح أن (حماس) لا تزال تنظيماً إرهابياً، ويجب وضع حد للبنى التحتية الإرهابية التي أنشأتها في القطاع، إلا أن هذا الأمر سيستغرق أكثر من شهر أو شهرين».
وعادة توزّع الأموال القطرية على نحو 30 ألف موظف يعملون عند حركة حماس. ويذهب جزء آخر إلى عائلات المصابين والقتلى في «مسيرة العودة الكبرى».
لكن مسؤولين، بينهم وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، يقولون إن «لا ضمانات بأن الأموال لن تنقل لنشاطات عسكرية لحركة حماس».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.