وزير فلسطيني يعتذر بعد وصفه متظاهرين في الخليل بأنهم «مستوطنون»

حكومة الحمد الله تشكّل لجنة تحقيق ومطالبات بإقالته ودعوات لمنعه من دخول المدينة

بدوي ينتظر زبائن لنقلهم في نزهة على ناقته في مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
بدوي ينتظر زبائن لنقلهم في نزهة على ناقته في مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

وزير فلسطيني يعتذر بعد وصفه متظاهرين في الخليل بأنهم «مستوطنون»

بدوي ينتظر زبائن لنقلهم في نزهة على ناقته في مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
بدوي ينتظر زبائن لنقلهم في نزهة على ناقته في مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

شكّل رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، لجنة تحقيق وزارية بشأن تصريحات أدلى بها وزير الحكم المحلي في حكومته حسين الأعرج، تضمنت وصف قادة الحراك الواسع في الضفة الغربية ضد قانون الضمان الاجتماعي، بأنهم «مستوطنون».
وهاجم الأعرج مسؤول الحراك في مدينة الخليل، كبرى مدن الضفة الغربية، التي تتصدر المشهد ضد قانون الضمان، وقال إنه «يعيش في كريات أربع»، وهي مستوطنة إسرائيلية في الخليل يسكنها يهود متطرفون.
وأثارت تصريحات الأعرج غضباً كبيراً لدى الفلسطينيين، خصوصاً أبناء محافظة الخليل، وخلّفت عاصفة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد شن حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، هجوماً عليه، والمطالبة بإقالته فوراً.
وعلى خلفية الغضب الكبير، شكّل الحمد الله لجنة تحقيق وزارية فوراً للوقوف على تلك التصريحات، وما تلاها من ردود فعل، على أن تقدم اللجنة نتائج تحقيقها خلال فترة قريبة.
وأفاد بيان بأن الحكومة «سترفع التوصيات إلى الرئيس محمود عباس».
وقال المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود، «إن جميع أبناء الشعب العربي الفلسطيني وقيادته يؤكدون أن محافظة الخليل كبقية محافظات الوطن تحظى باهتمام حكومي دائم، وتعمل الحكومة بشكل دائم على تطوير خدماتها في المحافظة».
وشددت الحكومة على أن العمال «جزء أساسي من نسيج المجتمع والنضال الوطني في سبيل نيل الاستقلال وبناء الدولة». وحظي الأعرج ومن خلفه الحكومة بردود فعل قوية شملت هجوماً حاداً وجردة حساب.
وأصر قادة ووجهاء وعشائر الخليل على إقالة الأعرج، وأعلنوا أنه «ممنوع من دخول الخليل».
وكانت حركة فتح في «أقاليم وسط الخليل» طالبت بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة الأعرج وإقالته، على خلفية تصريحات بشأن حراك الضمان الاجتماعي. وقالت الحركة «إن التطاول على أبناء شعبنا الفلسطيني مرفوض، وشريحة العمال هي رمز للثورة الفلسطينية، وشريحة أصيلة ومهمة في أي مجتمع متحضر في العالم».
وأعلنت الحركة أنه لن يتم التعامل مع وزير الحكم المحلي في أي أمر إداري يتعلق بالخليل، مضيفة: «من هنا نخاطب كل مؤسسات المجتمع المحلي بعدم التعامل معه حتى صدور قرار إقالته من منصبه، كما نؤكد أن شخص وزير الحكم المحلي غير مرحب به في خليل الرحمن، ويمنع عليه دخولها».
وأكد محافظ الخليل جبرين البكري على مواقف قادة الحراك الوطني، وحرصهم على مصالح العمال، قائلاً إن «أي موقف صدر عن أي جهة أو شخص، هو يعبر عن موقفه الشخصي وسيتحمل نتائج ذلك».
كما استنكر رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة، ما جاء على لسان الأعرج، مضيفاً: «نستهجن ما ورد من تصريحات على لسان وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، التي تمثل إساءة لأهالي الخليل ومؤسساتها وجميع طبقاتها وقطاعاتها».
وهاجم مسؤولون وكتاب ومثقفون وناشطون، الأعرج، وسخروا من اتهاماته وما عدوه محاولة منه لإظهار حق التعليم والعلاج كأحد الإنجازات الاستثنائية للحكومة. وذهب بعض المنتقدين إلى شن هجوم على المواطنين أنفسهم، واتهموهم بالعجز عن مواجهة مسؤولين اعتادوا على إهانتهم.
وقدّم الأعرج، من جهته، اعتذاره لأهالي الخليل عن تصريحاته المتصلة بحراك الضمان الاجتماعي. وقال في بيان: «أعلن باسمي أنا حسين الأعرج وزير الحكم المحلي إليكم جميعاً يا أهلي وَيَا أبناء شعبنا الكرام بأن ما حدث من تبعات حول تصريحات أدليت بها كانت تخص شخصاً معيناً بعينه، وجاءت في ظل الحديث عن الهم العام، وعن حراك الضمان الاجتماعي، ولَم يكن المقصود بذلك سوى الرد على شخص واحد وحيد كان قد أساء وتطاول ووجه التهديدات للحكومة وكبار المسؤولين، ولَم يكن قصدي أبداً الإساءة أو الإشارة إلى أي فرد في محافظة الخليل الكريمة العزيزة الغالية». وتابع: «وإذا فهم كلامي على غير ذلك، فإنني أقدم اعتذاري لكل فرد وأسرة وعائلة من أهلي الكرام، ويؤسفني أن كلامي تم تحريفه والزيادة عليه بما لم أقصده من قبل قلة قليلة لها أجندات وغايات أخرى».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.