باريس تحاكم 14 من المتواطئين في العمليات الإرهابية عام 2015

التحقيقات كشفت جانباً من شبكة علاقاتهم ومن ساعدهم لوجيستياً

TT

باريس تحاكم 14 من المتواطئين في العمليات الإرهابية عام 2015

بعد مرور أكثر من 4 سنوات على العمليتين الإرهابيتين اللتين عرفتهما باريس في 7 و9 يناير (كانون الثاني) 2015 واللتين كانتا «فاتحة» الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة وكثيراً من المدن الفرنسية، موقعة 251 قتيلاً ومئات الجرحى، جاء وقت القصاص بحق الذين يعتبرهم القضاء متواطئين وما زالوا أحياء. وهؤلاء البالغ عددهم 14 شخصاً سيمثلون قريباً أمام المحكمة، إذ يشتبه بتقديمهم دعماً لوجيستياً متنوعاً لمرتكبي الاعتداءين اللذين أوقعا 17 قتيلاً بينهم صحافيون وإداريون في أسبوعية «شارلي إيبدو» الساخرة، فيما الآخرون كانوا زبائن متجر يهودي «إيبر كاشير» يقع على مدخل باريس الشرقي.
والاعتداء الأول ارتكبه الأخوان شريف وسعيد كواشي، وكانا قريبين من تنظيم القاعدة الذي أعلن تبينه العملية الإرهابية من اليمن.
أما الاعتداء الثاني فقد نفذه أحمدي كوليبالي وتبناه تنظيم داعش. وقد قتل الثلاثة على أيدي رجال الأمن في اشتباكات مسلحة. والاعتداء الأول حصل في ضاحية قريبة تقع شمال باريس، بينما الثاني جرى داخل المتجر اليهودي عند عملية اقتحامه لتحرير رهائن كوليبالي. من بين الأشخاص الـ14 الذين كانوا بشكل أو بآخر على تواصل مع الإرهابيين الثلاثة، وضع القضاء يده على 11 منهم.
وقد صدرت بحق 3 منهم مذكرات توقيف بحسب لائحة اتهام وقعها 3 قضاة من دائرة مكافحة إرهاب في محكمة باريس. لكن عمل القضاء في فرنسا بالغ البطء، ولذا لن يمثل هؤلاء أمام محكمة خاصة بشؤون الإرهاب إلا العام المقبل. وأهمية المحاكمة أنها ستكون الأولى في مسألة إرهابية منذ عام 2017 الذي شهد محاكمة المتواطئين في العمليات الإرهابية التي ارتكبها المواطن الفرنسي من أصل جزائري محمد مراح. وهذا الأخير الذي قتل في عام 2012، اغتال، جنوب فرنسا، 7 أشخاص بينهم 3 يهود قاصرين وجرح 6 آخرين. الأشهر من بين الثلاثة الذين وجهت إليهم تهم رسمية هي حياة بومدين، رفيقة درب أحمدي كوليبالي، والأرجح أنها الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة من بين الثلاثة. ذلك أن الاثنين الباقيين هما الأخوان بلحسين. والحال أن هذين الشخصين قد اختفيا عن الأنظار منذ سنوات في سوريا والعراق حيث توجها للجهاد هناك.
وترجح المصادر الأمنية والقضائية أن يكونا قد قتلا على هذا الجانب من الحدود المشتركة السورية - العراقية أو ذاك. وفي أي حال، فإن القضاء الفرنسي يعتبر أن محمد بلحسين وهو الأخ الأكبر، لعب دوراً مهماً لمساعدة الإرهابيين الثلاثة، وكذلك حال علي رضا بولات، الموجود قيد التوقيف حالياً في فرنسا وهو قريب من كوليبالي. ووجه القضاء إلى الاثنين تهمة «التواطؤ في ارتكاب جرائم» نفذها الإرهابيون الثلاثة. بيد أن بولات سيكون على الأرجح الوحيد الذي سيمثل أمام المحكمة بسبب ترجيح مقتل الثاني. ويظن أن دور بولات البالغ من العمر 33 عاماً والموجود في السجن منذ 4 سنوات، أي مباشرة بعد ارتكاب الجرائم، كان توفير السلاح للإرهابيين الثلاثة، حيث نقل السلاح من مدينة شارلروا البلجيكية إلى باريس قبل 6 أشهر من وقوع الأعمال الإرهابية.
وكذلك بين التحقيق أن بولات الذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والتركية، تولى نقل الدراجة النارية التي استخدمها كوليبالي حين اغتال شرطية صبيحة 7 يناير في ضاحية مونروج «على مدخل باريس الجنوبي».
من هنا، يعد القضاء أنه لعب دوراً محورياً في تمكين الثلاثة من ارتكاب الاعتداءات التي أدمت فرنسا وأنزلت الشوارع مئات الآلاف من الناس تضامناً مع أهالي الضحايا ورفضاً للإرهاب. وفي اللائحة الاتهامية، جاء في خطاب القضاة الثلاثة عن بولات أنه كان على اطلاع مسبق على مشاريع الثلاثة الإجرامية قيد التحضير، وأنه «يتقاسم» تبنيهم الآيديولوجيا الجهادية المسلحة. أما محمد بلحسين، الذي يظن أنه وفر أيضاً المساعدة اللوجيستية للثلاثة، فقد أثبت التحقيق أنه من كتب «الشهادة» التي تركها كوليبالي على شريط فيديو وفيها يتبنى سلفاً عمله الإرهابي ومن أوصلها إلى «مشغلي» الأخير. وبالتوازي مع إحالة الأشخاص الـ14 إلى المحاكمة، يستمر التحقيق للتعرف على علاقات الأخوين كواشي مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وسيسهم القبض على بيتر شريف القريب من الأخوين كواشي في جيبوتي منتصف الشهر الماضي، في تقدم التحقيق بعد أن تسلمت باريس شريف من السلطات الجيبوتية وعمدت إلى توجيه اتهامات رسمية له وزجه في السجن.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».