فابريغاس ساحر خط الوسط الذي لم يحظ بالتقدير المستحق

أبدع مع آرسنال وبرشلونة وتشيلسي وكانت له بصمة في تتويج إسبانيا بلقبي كأس العالم وأمم أوروبا

فابريغاس يبدأ تحدياً جديداً في مسيرته مع فريق موناكو (إ.ب.أ)  -  فابريغاس حصد كأس العالم مع إسبانيا 2010
فابريغاس يبدأ تحدياً جديداً في مسيرته مع فريق موناكو (إ.ب.أ) - فابريغاس حصد كأس العالم مع إسبانيا 2010
TT

فابريغاس ساحر خط الوسط الذي لم يحظ بالتقدير المستحق

فابريغاس يبدأ تحدياً جديداً في مسيرته مع فريق موناكو (إ.ب.أ)  -  فابريغاس حصد كأس العالم مع إسبانيا 2010
فابريغاس يبدأ تحدياً جديداً في مسيرته مع فريق موناكو (إ.ب.أ) - فابريغاس حصد كأس العالم مع إسبانيا 2010

سواء كان يشارك في صفوف آرسنال أو تشيلسي أو برشلونة أو المنتخب الإسباني، في ذروة تألقه كان سيسك فابريغاس الملك المتوج بلا منازع على عرش فن المساعدة في تسجيل الأهداف.
وبعد أن ألقى فابريغاس كلمات الوداع الحارة لتشيلسي، ليلة الجمعة، سارع الفريق المسؤول عن التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي داخل النادي إلى نشر مجموعة من أروع الأهداف التي عاون فابريغاس في إحرازها. واللافت أن معظم الأهداف جاءت من تمريرة أطلقها من مسافة تتراوح بين 40 و50 ياردة، من نصف الملعب الخاص به. وسواء أقدم فابريغاس على ركل الكرة سريعاً أو تأنى في ذلك، وسواء ركلها باتجاه الأعلى أو فضل تمريرها على الأرض، كان المذهل أنها دوماً كانت تجد طريقها إلى قدم زميل له بالفريق بدقة كبيرة، الأمر الذي كان يثير صيحات الدهشة والإعجاب من الجميع.
وأعتقد أن تلك هي الصورة التي سيتذكر بها الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الساحر الإسباني، والذي كان يحرص على التمركز في العمق واختراق صفوف دفاعات الخصم، في الوقت الذي أعاد صياغة تعريف فن المعاونة في تسجيل أهداف.
ومع هذا، فإنه خلال فترة ذروة تألقه، عندما كان في مطلع العشرينات من عمره، كانت مهارة فابريغاس أكبر عن ذلك بكثير، ذلك أنه لم يكن ساحراً فحسب، بل كان ضابط إيقاع داخل الملعب. في تلك الفترة الذهبية من مسيرته، تمتع فابريغاس بالقدرة على فرض سرعة وإيقاع اللعب داخل الملعب وتدفق المباراة، إضافة لقدرته على تغيير ذلك في لحظة. كما تميز فابريغاس بالقوة والجرأة لأن يصول في أرجاء الملعب ويقف في وجه لاعبي الخصم.
تبعاً للبيانات الصادرة عن مؤسسة «أوبتا» بين عامي 2006 - 2007 و2010 - 2011 لم يتمكن أي لاعب في صفوف الأندية الخمسة الكبرى على مستوى القارة الأوروبية من المعاونة في تسجيل عدد أكبر من الأهداف عن فابريغاس الذي بلغ رصيده 60 هدفاًـ أو خلق عدد فرص أكثر عنه برصيد بلغ 466 فرصة. ولا حتى ليونيل ميسي نفسه! ولا تشافي ولا مسعود أوزيل وفرنك لامبارد ولا ستيفين غيرارد، رغم أنهم جميعاً وصلوا لقائمة الـ10 الأوائل. أيضاً، حقق فابريغاس متوسط عدد فرص بلغ 3.5 فرصة لكل 90 دقيقة لعب خلالها، متفوقاً من جديد على جميع لاعبي أوروبا.
والسؤال: كم عدد الأهداف الإضافية التي ربما كان آرسنال ليسجلها إذا ما استمر تيري هنري وفابريغاس جنباً إلى جنب؟ بدلاً من ذلك، اضطر الإسباني للتعاون مع نيكلاس بينتنر، الذي يعتبر مهاجما ضعيفاً مقارنة بهنري الذي انتقل لبرشلونة، وكذلك أندريه أرشافين وإدواردو. ورغم ذلك، استمر فابريغاس في التألق، وأسهم بـ15 هدفاً وساعد في تسجيل 13 هدفا خلال 27 مباراة شارك فيها مع آرسنال بموسم 2009 - 2010 رغم الإصابات الكثيرة التي ألمت به.
ومثلما أوضح تيد نوتسون، رئيس شركة «ستاتسبوم» الاستشارية بمجال كرة القدم، والذي أجرى في وقت لاحق تحليلا إحصائيا لمزايا أداء فابريغاس في صفوف برشلونة، فإن «هذا الشاب كان أفضل لاعب خط وسط صاعد على مستوى العالم. كما أنه كان أفضل لاعب كرات عرضية في خط الهجوم على مدار تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز».
وعندما نتطلع نحو الخلف الآن، يبدو غريباً أن الاختيار وقع على فابريغاس مرتين فقط في تشكيل أفضل فريق في العام من جانب رابطة اللاعبين المحترفين. ومع هذا، فإن هذا الأمر لا يقتصر عليه، ذلك أننا نجد لاعباً في مستوى بول سكولز لم يجر اختياره سوى مرتين فحسب هو الآخر.
وربما لم يحظ فابريغاس بالتقدير الذي يستحقه لأنه، مثلما الحال مع لاعبين آخرين مثل واين روني ومايك تايسون، كان منحنى تطور أدائه حاداً ومذهلاً للغاية في وقت مبكر جداً من مسيرته بدرجة جعلت سنوات التألق تلك خلف ظهره اليوم. ولا يجب أن نغفل أنه كان اللاعب الأصغر في تاريخ الفريق الأول لآرسنال على الإطلاق، فقد شارك في أول مباراة له مع الفريق في عمر الـ16 و177 يوماً. وكان من بين الكثير من الوجوه الجديدة التي شاركت في الفوز على روزرام في إطار بطولة كأس كارلينغ في أكتوبر (تشرين الأول) 2003. وبعد شهرين، أصبح أصغر لاعب يسجل هدفاً في تاريخ النادي. وجاء ذلك الهدف في مباراة انتهت بفوز آرسنال أمام وولفرهامبتون وندررز بنتيجة 5 - 1. وبعد المباراة، كتب جون برودكين مشيداً بأداء فابريغاس وقال: «كانت تلك مواجهة بين فريق من الرجال وآخر من الصبية، وكان الرجال الطرف الأضعف».
في اليوم التالي، تحدث برودكين إلى رئيس قطاع تنمية الناشئين داخل آرسنال، ليام برادي والذي نبه إلى أن اللاعبين المبتدئين في صفوف آرسنال سيكونون في الـ«20 أو 21» من أعمارهم قبل أن يتمكنوا من «التعامل بكفاءة مع الجانب الجسماني» من مواجهات الدوري الممتاز.
ومع هذا، بحلول أغسطس (آب) 2004 عندما كان فابريغاس في سن الـ17 عاما، تمكن اللاعب من شق طريقه داخل صفوف آرسنال الذي لا يقهر والذي خاض مواجهات الدوري الممتاز دونما هزيمة واحدة. بعد ذلك، بفترة قصيرة، تمكن فابريغاس في تقديم واحدة من أروع مساعداته على الإطلاق في تسجيل هدف، وذلك عندما مرر الكرة عكس اتجاهها دونما أن ينظر باتجاه فريدي ليونغبرغ على نحو أذهل الجميع، وذلك في إطار مباراة مثيرة انتهت بفوز آرسنال بنتيجة 5 - 4 على توتنهام هوتسبير. وأعقب ذلك الكثير من المباريات المتألقة من جانب فابريغاس.
ورغم ذلك، فإن الفترة التي قضاها في صفوف برشلونة دائماً ما تقف ضده، ذلك أن فابريغاس بدا دوماً غير متوافق مع اللعب في مركز المهاجم الثاني صاحب القميص رقم 9 خلف رأس الحربة. وخلال السنوات الثلاث التي قضاها داخل كامب نو، استمر فابريغاس واحداً من أفضل ستة لاعبين على مستوى أوروبا من حيث المعاونة في إحراز أهداف، ولم يتقدم عليه سوى ميسي وأوزيل وأنخيل دي ماريا وفرنك ريبيري وإيدن هازارد، رغم الإصابات المتكررة التي مني بها. ومثلما قال جوسيب غوارديولا، فإنه: «عندما يستحوذ سيسك على الكرة، يتحول في ثانية إلى اللاعب الأكثر تميزاً على مستوى العالم».
واللافت هذه الأيام أن ثمة تحيزا نحو الفترة الأحدث لدى التعرض لمهمة تقييم مسيرة فابريغاس. في خلال العامين الماضيين، أصبح فابريغاس أبطأ في استخدام ذهنه وقدمه، الأمر الذي أدى حتماً إلى تقليص فاعلية أدائه في الملعب. ومع هذا، فإنه لم يكن حدثاً في الماضي البعيد عندما عاون أندريس أنيستا على إحراز هدف الفوز في نهائي بطولة كأس العالم عام 2010، وعندما مرر الكرة إلى ديفيد سيلفا ليحرز الهدف الأول في المواجهة التي سحقت خلالها إسبانيا المنتخب الإيطالي بأربعة أهداف دون مقابل في نهائي بطولة «يورو 2012»، أو عندما عاون في تسجيل 18 هدفاً في صفوف تشيلسي خلال موسم 2014 - 2015 الذي فاز فيه الفريق ببطولة الدوري (أعلى ثاني معدل مكرر على مستوى أوروبا بعد كيفين دي بروين).
من ناحية أخرى، فإنه ليس هناك بين لاعبي الدوري الممتاز من مرر الكرة أكثر من جورجينيو فاينالدوم لاعب ليفربول هذا الموسم، لكنه لم يساعد في تسجيل هدف واحد. كما أن أربعة من مدافعي تشيلسي من بين أكبر 10 لاعبين من حيث عدد التمريرات، الأمر الذي يسلط الضوء على حقيقة ـ مثلما أوضح جيرمان جيناس خلال برنامج «ماتش أوف ذي داي» ـ أن الفريق الذي يتولى الإيطالي ماوريسيو ساري تدريبه يبالغ في اللعب في الخلف ولا يدفع الكرة نحو الأمام بسرعة كافية.
في الواقع، هذا اتهام لا يمكن على الإطلاق توجيهه إلى فابريغاس. ومن غير العجيب أن نجد أن تيري هنري يأمل في أن يتمكن الإسباني، الذي أمده بالكثير للغاية من المساعدات في تسجيل أهداف خلال الفترة التي لعبا خلالها معاً في صفوف آرسنال، من معاونته مرة أخرى في إخراج موناكو من منطقة الهبوط. ولا تتعجبوا إذا أثبت الساحر الإسباني البالغ 31 عاماً من جديد قدرته على فك طلاسم أعتى الدفاعات.


مقالات ذات صلة

«الدوري الإيطالي»: روما يحسم الديربي… ويعود إلى سكة الانتصارات

رياضة عالمية هذا الفوز الثاني لروما في مبارياته الثلاث الاخيرة (إ.ب.أ)

«الدوري الإيطالي»: روما يحسم الديربي… ويعود إلى سكة الانتصارات

عاد روما إلى سكة الانتصارات بحسمه دربي العاصمة أمام جاره لاتسيو 2-0 الأحد في المرحلة التاسعة عشرة من بطولة إيطاليا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية ليفاندوفسكي نجم برشلونة (اب)

نجوم يطاردون الأرقام القياسية في 2025

يتطلع نجوم الساحرة المستديرة لمطاردة مزيد من الأرقام القياسية خلال عام 2025، وفي مسيرتهم الحافلة بالإنجازات، أملاً في تعزيز وجودهم بوصفهم أبرز أساطير كرة القدم

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عربية الهلال السوداني إلى ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا (نادي الهلال)

«أبطال أفريقيا»: الهلال السوداني إلى ربع النهائي

بلغ الهلال السوداني دور الثمانية من بطولة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، وذلك عقب تعادله مع ضيفه مولودية الجزائر 1/1.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (د.ب.أ)

أموريم: أنا مستاء!

أبدى روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد سعادته بالقوة التي أظهرها فريقه خلال تعادله المثير 2-2 مع ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عربية نهضة بركان المغربي أول المتأهلين لربع نهائي الكونفدرالية الأفريقية (نادي نهضة بركان)

«الكونفدرالية الأفريقية»: نهضة بركان أول المتأهلين لربع النهائي

حجز فريق نهضة بركان المغربي بطاقة التأهل الأولى لدور الثمانية في كأس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم بالفوز على مضيفه ستاد مالي.

«الشرق الأوسط» (باماكو)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)
TT

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) بالكويت، استعداداً لمواجهة السعودية.

وقال كاساس، في المؤتمر الصحافي عقب المباراة: «مباراة السعودية لن تكون سهلة على الإطلاق. سنحاول تحليل أخطائنا وإيجاد أكبر عدد من اللاعبين اللائقين بدنياً للعب المباراة وسنفعل كل ما يجب علينا فعله، لكن بكل حال، لن تكون المباراة سهلة».

وأكد أن مواجهة البحرين «لم تكن سهلة ولا بد أن نهنئ البحرين على الفوز والتأهل».

وأضاف: «ظهر علينا الإرهاق وغياب بعض اللاعبين أثر علينا».

وأكد أنه فضّل اليوم الدفع بلاعبين يتمتعون بالحيوية وليسوا مرهقين نظراً لأنه لاحظ إرهاق بعض عناصر الفريق.

وأضاف أن العراق لم يكتفِ بالتأمين الدفاعي في الشوط الثاني، وإنما كان الأكثر هجوماً، موضحاً: «لكنني بالتأكيد لست سعيداً بالأداء ولا أشعر بالرضا عنه».

وقال كاساس: «هناك شيء إيجابي اليوم وهو وجود عدد من اللاعبين صغار السن وهذا سيساعدهم في المستقبل لأنهم يكتسبون الخبرة من هذه البطولة. البحرين تفوقت علينا في الالتحامات اليوم، وهذا ساعدهم في الفوز لكن لاعبينا الصغار اكتسبوا خبرة وهذا أمر إيجابي».