فيما استمرت مفاوضات القاهرة غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أمس، من أجل الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، تسعى إسرائيل للتركيز على إيجاد صيغة تمكنها من «حل مشكلة» القطاع ضمن اتفاق إقليمي تشارك فيه دول عربية ودولية، وتكون السلطة الفلسطينية من خلاله هي الطرف المقابل لإسرائيل، والمسيطر على القطاع، إضافة إلى دور مصري مركزي على الحدود. وأعطى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، دفعة للخطط الإسرائيلية عبر دعوته الفلسطينيين والإسرائيليين إلى توسيع المفاوضات الحالية إلى اتفاق سلام شامل، غير أن مصادر مصرية قالت إن ذلك من شأنه «تسويف القضية».
وفي تلك الأثناء، وافقت إسرائيل على مد هدنة الـ72 ساعة، التي انطلقت أول من أمس وتنتهي صباح الجمعة. وقالت مصادر إن الهدنة الجديدة ستكون ما بين 48 إلى 72 ساعة إضافية.
وفي غضون ذلك، استمرت المفاوضات الجارية في القاهرة أمس على خطين متوازيين، فبينما التقى الوفد الفلسطيني للمرة الثانية رئيس المخابرات المصرية، استقبل وزير الخارجية المصري كلا من مبعوث الرباعية الدولية توني بلير والمبعوث الأممي روبرت سيري في لقاءين منفصلين.
واجتمع الوفد الفلسطيني، برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير محمد التهامي صباحا بمقر الجهاز في القاهرة، وذلك من أجل استعراض الرؤية الإسرائيلية للتهدئة مع الوفد الفلسطيني، بعد أن طرح الفلسطينيون مطالبهم مساء الاثنين الماضي في ورقة فلسطينية موحدة تضم جملة من المطالب، في مقدمتها وقف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة.
وكان الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة إلى تل أبيب مساء أول من أمس بعد تلقي الورقة الفلسطينية من خلال الجانب المصري وطرح رؤيته على الوسيط المصري، وذلك من أجل مناقشة نتائج لقاءاته مع الحكومة الإسرائيلية، دون أن يرد بشكل مباشر على المقترحات. وأشارت الأنباء إلى أنه من المنتظر عودة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة بردود رسمية حول الورقة الفلسطينية لتقديمها إلى الوسيط المصري.
وأشارت مصادر رسمية إلى أن أبرز المقترحات الإسرائيلية تتمثل في نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وهو الأمر الذي تعارضه حركة حماس.
وحول ما قيل عن رؤية إسرائيل بتوسيع الاتفاق، وتحويله إلى اتفاق إقليمي تكون دول عربية معتدلة جزءا منه، علقت مصادر مصرية مطلعة على المفاوضات الحالية بالقول إن «ذلك أمر سابق لأوانه.. المهم الآن هو التركيز على وقف نزيف الدم في غزة. فإن أي توسع الآن في المقترحات أو إدخال عناصر أخرى إلى المفاوضات ربما يكون من شأنه تسويف القضية وإطالتها، ولكن من الممكن لاحقا مناقشة أي أفكار تتعلق بتأمين السلام في المنطقة». غير أن إسرائيل تسعى للعمل على «خلق» نظام جديد في قطاع غزة وإدخال السلطة الفلسطينية شريكا فيه.
وقال وزير العلوم الإسرائيلي يعكوب بيري: «إسرائيل تسعى إلى الدخول على خط محور الدول المعتدلة في المنطقة، الأمر الذي يتطلب تجديد العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية وتسوية شاملة بعيدة المدى».
وأضاف: «على إسرائيل أن تصر على أن تكون السلطة الفلسطينية هي التي تدير معبر رفح بين قطاع غزة ومصر، لا يمكن السماح لحركة حماس بالإشراف على المعابر».
ويبدو أن مساعي إسرائيل هذه جرت بالتنسيق مع الولايات المتحدة ودول أخرى، بحسب ما لمحت وزيرة القضاء تسيفي ليفني، التي صرحت أمس قائلة: «من المهم عقب انتهاء العملية العسكرية على قطاع غزة تشكيل جبهة واسعة تهدف إلى خلق نظام جديد في غزة».
وأضافت ليفني، في محادثات بمعهد بحوث الأمن القومي في إسرائيل: «بعد المحادثات التي أجريتها مع زعماء العالم في الأسبوعين الأخيرين، توصلت إلى أن هناك فرصة حقيقية نشأت لتجنيد العالم ضد حركة حماس (..)، هذا مهم لأمن إسرائيل للمدى الفوري وللمدى البعيد».
وأشارت ليفني إلى المبادئ التي تتبناها إسرائيل في مفاوضات القاهرة الحالية وتسعى إلى تبينها على المدى البعيد، قائلة: «ما يجب أن نفعله بمساعدة العالم هو منع تعاظم قوة حماس، والتأكد من الرقابة على معابر القطاع حتى يجري تجريدها من السلاح، وإعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وجعلها عنوان الشرعية الوحيد، ومنع تمويل المنظمات الفلسطينية، وإعادة إعمار القطاع من خلال الرقابة الدولية».
وأعطى كيري دفعة أمس للخطط الإسرائيلية، قائلا: «ما نريد أن نفعله هو دعم الفلسطينيين ورغبتهم في تحسين حياتهم، والتمكن من فتح المعابر لإدخال الطعام، وإعادة البناء، والتمتع بحرية أكبر.. ولكن، يجب أن يتحقق ذلك بمسؤولية أكبر تجاه إسرائيل، وهو ما يعني التخلي عن الصواريخ».
وقال كيري إن كل ذلك «سيجري التوصل إليه في نهاية الأمر في إطار جهود أوسع لإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين».
وقالت مصادر إسرائيلية إن المباحثات في القاهرة ستتركز على تمديد وقف إطلاق النار الحالي ما بين 48 إلى 72 ساعة إضافية من أجل السماح باستمرار المفاوضات التي تسير ببطيء شديد، بسبب أنها غير مباشرة وتجري عبر وساطة مصرية، ويطلب فيها كل طرف فرصة من أجل العودة إلى قيادته.
وحسمت إسرائيل أمرها مبدئيا تجاه الوصول إلى تسوية وأغلقت باب احتلال القطاع، بعدما رسم قادة الجيش والأمن صورة قاتمة أمام المجلس الوزاري والسياسي المصغر «الكابنيت»، لنتائج الاحتلال.
وكان «الكابنيت» ناقش مسألة إعادة احتلال القطاع، وخرج بنتائج أن التكلفة المتوقعة بشريا وماليا وسياسيا ستكون باهظة. وترى إسرائيل أن لمصر، إلى جانب السلطة، دورا كبيرا في الوصول إلى اتفاق حول غزة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن وزراء في «الكابنيت» يدركون أنه باستثناء السلطة الفلسطينية لا توجد أي جهة دولية مستعدة لدخول القطاع، ويمكن أن توافق عليها حماس.
وتريد إسرائيل مبدئيا أن يعود حرس الرئاسة الفلسطيني لتسلم معبر رفح والانتشار على طول الحدود مع مصر، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وفق اتفاقية المعابر 2005، كشرط للموافقة على رفع الحصار.
وقال مصدر دبلوماسي ألماني أمس، إن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا اقترحت إعادة تنشيط بعثة من الاتحاد الأوروبي لإعادة فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر للمساعدة في استقرار الأوضاع بالقطاع الفلسطيني بعد حرب دامت شهرا. وأضاف أن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير ونظيريه في فرنسا وبريطانيا يفضلون إعادة تشغيل المعبر الذي يمثل المنفذ الرئيس للعالم بالنسبة لسكان القطاع، البالغ عددهم نحو 1.8 مليون نسمة.
هدنة جديدة 48 ساعة مقترحة لغزة.. وتباينات حول توسيع المفاوضات
مصادر مصرية لـ {الشرق الأوسط} : توسيع المفاوضات من شأنه تسويف القضية
هدنة جديدة 48 ساعة مقترحة لغزة.. وتباينات حول توسيع المفاوضات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة