هدنة جديدة 48 ساعة مقترحة لغزة.. وتباينات حول توسيع المفاوضات

مصادر مصرية لـ {الشرق الأوسط} : توسيع المفاوضات من شأنه تسويف القضية

مساعدات اغاثية وصلت إلى ميناء رفح أمس (أ.ف.ب)
مساعدات اغاثية وصلت إلى ميناء رفح أمس (أ.ف.ب)
TT

هدنة جديدة 48 ساعة مقترحة لغزة.. وتباينات حول توسيع المفاوضات

مساعدات اغاثية وصلت إلى ميناء رفح أمس (أ.ف.ب)
مساعدات اغاثية وصلت إلى ميناء رفح أمس (أ.ف.ب)

فيما استمرت مفاوضات القاهرة غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أمس، من أجل الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، تسعى إسرائيل للتركيز على إيجاد صيغة تمكنها من «حل مشكلة» القطاع ضمن اتفاق إقليمي تشارك فيه دول عربية ودولية، وتكون السلطة الفلسطينية من خلاله هي الطرف المقابل لإسرائيل، والمسيطر على القطاع، إضافة إلى دور مصري مركزي على الحدود. وأعطى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، دفعة للخطط الإسرائيلية عبر دعوته الفلسطينيين والإسرائيليين إلى توسيع المفاوضات الحالية إلى اتفاق سلام شامل، غير أن مصادر مصرية قالت إن ذلك من شأنه «تسويف القضية».
وفي تلك الأثناء، وافقت إسرائيل على مد هدنة الـ72 ساعة، التي انطلقت أول من أمس وتنتهي صباح الجمعة. وقالت مصادر إن الهدنة الجديدة ستكون ما بين 48 إلى 72 ساعة إضافية.
وفي غضون ذلك، استمرت المفاوضات الجارية في القاهرة أمس على خطين متوازيين، فبينما التقى الوفد الفلسطيني للمرة الثانية رئيس المخابرات المصرية، استقبل وزير الخارجية المصري كلا من مبعوث الرباعية الدولية توني بلير والمبعوث الأممي روبرت سيري في لقاءين منفصلين.
واجتمع الوفد الفلسطيني، برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير محمد التهامي صباحا بمقر الجهاز في القاهرة، وذلك من أجل استعراض الرؤية الإسرائيلية للتهدئة مع الوفد الفلسطيني، بعد أن طرح الفلسطينيون مطالبهم مساء الاثنين الماضي في ورقة فلسطينية موحدة تضم جملة من المطالب، في مقدمتها وقف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة.
وكان الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة إلى تل أبيب مساء أول من أمس بعد تلقي الورقة الفلسطينية من خلال الجانب المصري وطرح رؤيته على الوسيط المصري، وذلك من أجل مناقشة نتائج لقاءاته مع الحكومة الإسرائيلية، دون أن يرد بشكل مباشر على المقترحات. وأشارت الأنباء إلى أنه من المنتظر عودة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة بردود رسمية حول الورقة الفلسطينية لتقديمها إلى الوسيط المصري.
وأشارت مصادر رسمية إلى أن أبرز المقترحات الإسرائيلية تتمثل في نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وهو الأمر الذي تعارضه حركة حماس.
وحول ما قيل عن رؤية إسرائيل بتوسيع الاتفاق، وتحويله إلى اتفاق إقليمي تكون دول عربية معتدلة جزءا منه، علقت مصادر مصرية مطلعة على المفاوضات الحالية بالقول إن «ذلك أمر سابق لأوانه.. المهم الآن هو التركيز على وقف نزيف الدم في غزة. فإن أي توسع الآن في المقترحات أو إدخال عناصر أخرى إلى المفاوضات ربما يكون من شأنه تسويف القضية وإطالتها، ولكن من الممكن لاحقا مناقشة أي أفكار تتعلق بتأمين السلام في المنطقة». غير أن إسرائيل تسعى للعمل على «خلق» نظام جديد في قطاع غزة وإدخال السلطة الفلسطينية شريكا فيه.
وقال وزير العلوم الإسرائيلي يعكوب بيري: «إسرائيل تسعى إلى الدخول على خط محور الدول المعتدلة في المنطقة، الأمر الذي يتطلب تجديد العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية وتسوية شاملة بعيدة المدى».
وأضاف: «على إسرائيل أن تصر على أن تكون السلطة الفلسطينية هي التي تدير معبر رفح بين قطاع غزة ومصر، لا يمكن السماح لحركة حماس بالإشراف على المعابر».
ويبدو أن مساعي إسرائيل هذه جرت بالتنسيق مع الولايات المتحدة ودول أخرى، بحسب ما لمحت وزيرة القضاء تسيفي ليفني، التي صرحت أمس قائلة: «من المهم عقب انتهاء العملية العسكرية على قطاع غزة تشكيل جبهة واسعة تهدف إلى خلق نظام جديد في غزة».
وأضافت ليفني، في محادثات بمعهد بحوث الأمن القومي في إسرائيل: «بعد المحادثات التي أجريتها مع زعماء العالم في الأسبوعين الأخيرين، توصلت إلى أن هناك فرصة حقيقية نشأت لتجنيد العالم ضد حركة حماس (..)، هذا مهم لأمن إسرائيل للمدى الفوري وللمدى البعيد».
وأشارت ليفني إلى المبادئ التي تتبناها إسرائيل في مفاوضات القاهرة الحالية وتسعى إلى تبينها على المدى البعيد، قائلة: «ما يجب أن نفعله بمساعدة العالم هو منع تعاظم قوة حماس، والتأكد من الرقابة على معابر القطاع حتى يجري تجريدها من السلاح، وإعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وجعلها عنوان الشرعية الوحيد، ومنع تمويل المنظمات الفلسطينية، وإعادة إعمار القطاع من خلال الرقابة الدولية».
وأعطى كيري دفعة أمس للخطط الإسرائيلية، قائلا: «ما نريد أن نفعله هو دعم الفلسطينيين ورغبتهم في تحسين حياتهم، والتمكن من فتح المعابر لإدخال الطعام، وإعادة البناء، والتمتع بحرية أكبر.. ولكن، يجب أن يتحقق ذلك بمسؤولية أكبر تجاه إسرائيل، وهو ما يعني التخلي عن الصواريخ».
وقال كيري إن كل ذلك «سيجري التوصل إليه في نهاية الأمر في إطار جهود أوسع لإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين».
وقالت مصادر إسرائيلية إن المباحثات في القاهرة ستتركز على تمديد وقف إطلاق النار الحالي ما بين 48 إلى 72 ساعة إضافية من أجل السماح باستمرار المفاوضات التي تسير ببطيء شديد، بسبب أنها غير مباشرة وتجري عبر وساطة مصرية، ويطلب فيها كل طرف فرصة من أجل العودة إلى قيادته.
وحسمت إسرائيل أمرها مبدئيا تجاه الوصول إلى تسوية وأغلقت باب احتلال القطاع، بعدما رسم قادة الجيش والأمن صورة قاتمة أمام المجلس الوزاري والسياسي المصغر «الكابنيت»، لنتائج الاحتلال.
وكان «الكابنيت» ناقش مسألة إعادة احتلال القطاع، وخرج بنتائج أن التكلفة المتوقعة بشريا وماليا وسياسيا ستكون باهظة. وترى إسرائيل أن لمصر، إلى جانب السلطة، دورا كبيرا في الوصول إلى اتفاق حول غزة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن وزراء في «الكابنيت» يدركون أنه باستثناء السلطة الفلسطينية لا توجد أي جهة دولية مستعدة لدخول القطاع، ويمكن أن توافق عليها حماس.
وتريد إسرائيل مبدئيا أن يعود حرس الرئاسة الفلسطيني لتسلم معبر رفح والانتشار على طول الحدود مع مصر، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وفق اتفاقية المعابر 2005، كشرط للموافقة على رفع الحصار.
وقال مصدر دبلوماسي ألماني أمس، إن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا اقترحت إعادة تنشيط بعثة من الاتحاد الأوروبي لإعادة فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر للمساعدة في استقرار الأوضاع بالقطاع الفلسطيني بعد حرب دامت شهرا. وأضاف أن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير ونظيريه في فرنسا وبريطانيا يفضلون إعادة تشغيل المعبر الذي يمثل المنفذ الرئيس للعالم بالنسبة لسكان القطاع، البالغ عددهم نحو 1.8 مليون نسمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.