رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يحذّر من «إرهاب يهودي»

أرقام تؤكد أن الاعتداءات على الفلسطينيين زادت بنسبة 50 %

ادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته (أ.ف.ب)
ادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته (أ.ف.ب)
TT

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يحذّر من «إرهاب يهودي»

ادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته (أ.ف.ب)
ادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته (أ.ف.ب)

دعا غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته، إلى ضرورة محاربة الإرهاب اليهودي كأي إرهاب آخر. وقال إن من يقف وراء الإرهاب اليهودي «أقلية صغيرة، تنتهج العنصرية دينا وديدنا، ونشاطها يستهدف العرب، وتتحدى به الجيش الإسرائيلي والشرطة ومؤسسات الدولة والقانون».
وأضاف آيزنكوت في أحد تصريحاته الأخيرة، قبل أن يخلع بزته العسكرية ويخرج بعد غد الثلاثاء إلى الحياة المدنية، أن «المهمة الأولى للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، يجب أن تتمثل في توفير الأمن وإحباط العمليات الإرهابية، وحماية المواطنين الفلسطينيين منهم ومن اعتداءاتهم الخطيرة». منتقدا بشدة القيادة الإسرائيلية والأجهزة المسؤولة عن تطبيق القانون، بما فيها القضاء، لأنها «لا تتخذ موقفا حازما إزاء العنف الممارس ضد عناصر الجيش والأمن الإسرائيلي خلال إخلاء نقاط استيطانية عشوائية».
وأوضحت مصادر عسكرية أن اختيار هذا الموضوع في آخر تصريحات رئيس الأركان لم يأت صدفة، «بل هو دليل على أن اعتداءات الإرهاب اليهودي باتت تشكل خطرا على سلطة الجيش، وعلى الأمن والاستقرار عموما في الضفة الغربية».
وكانت مصادر في المخابرات الإسرائيلية قد حذرت أيضا من النشاط الإرهابي اليهودي، بعد أن شهد عام 2018 ارتفاعا حادا في جرائم منظمات «الإرهاب اليهودي»، وعنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، في الضفة الغربية المحتلة، مقارنة بالسنوات الأخيرة الماضية، وحذرت من جنوح عصابات اليمين الاستيطاني المتطرف إلى آيديولوجيا أكثر تطرفا، وترجمتها إلى أعمال عنف إرهابية واسعة النطاق. وقالت المصادر ذاتها إن قرار محكمة إسرائيلية بالإفراج عن أربعة مشتبه فيهم من أصل خمسة بقتل الأم الفلسطينية شادية محمد الرابي في 13 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسط تحقيقات تنذر بوجود تنظيم سري إرهابي يهودي جديد، ينضاف إلى تنظيمات سابقة تنشط في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يثير قلقا شديدا.
وفي هذا السياق، قال مسؤول في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إن «الشعور السائد لدى هذه العصابات هو إحساس قوي بأنهم قادرون على الدولة، وأنه من المستحيل الانتصار عليهم. وهذا سينتهي بالدم وسيقلب كل شيء هنا».
وكان جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، قد نشر معطيات مطلع الأسبوع، تشير إلى أن وتيرة الاعتداءات الإرهابية اليهودية في الضفة الغربية المحتلة ارتفعت بنسبة 50 في المائة خلال عام 2018، حيث ارتكبت منظمات «الإرهاب اليهودي» 295 اعتداء عنيفًا في العام الماضي، مقارنة مع 197 اعتداء خلال عام 2017. ووفقا لمعطيات «الشاباك»، فإن 42 من اعتداءات المنظمات الاستيطانية في العام الماضي، تم توجيهها ضد قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية، مقارنة بـ14 اعتداء على قوات الأمن في عام 2017، أي بزيادة وصلت إلى 300 في المائة. كما أشارت إلى أن معظم الجرائم التي رُصدت العام الماضي، وقعت في محيط مستوطنة «يتسهار» والبؤر الاستيطانية المحيطة في منطقة نابلس.
في المقابل، ترى جهات فلسطينية أن هذه المعطيات تبدو متواضعة بالمقارنة مع الواقع على الأرض، حيث أكد تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، نهاية العام الماضي، أن «عنف المستوطنين شهد ارتفاعا مطّردا منذ مطلع عام 2018، حيث بلغ المتوسط الأسبوعي لهجمات المستوطنين، التي أفضت إلى إصابات في صفوف الفلسطينيين، أو إلحاق أضرار بممتلكاتهم، خمس هجمات، بالمقارنة مع ما معدله ثلاث هجمات سنة 2017، وهجمتين في عام 2016».
وبحسب صحيفة «يسرائيل هيوم»، فقد كشفت تحقيقات وبيانات «الشاباك» عن قيام كبار حاخامات مستوطنة «يتسهار» والمرجعيات الدينية والروحية، بإصدار فتوى تجيز لشبان من المستوطنة السفر يوم السبت، وكسر «حرمة اليوم المقدس» للوصول إلى الشبان اليهود، وتعليمهم كيفية التعامل مع تحقيقات «الشاباك»، ما يؤكد معرفة قادة المستوطنة وحاخاماتها بدور هؤلاء الشبان في جريمة قتل شادية الرابي.
وأشارت الصحيفة ذاتها إلى مخاوف مسؤولين في «الشاباك» من تآكل «حالة الردع» القائمة ضد نشطاء المنظمات الاستيطانية اليمينية، فيما وجه مسؤول أمني انتقادات إلى رؤساء المجالس الاستيطانية، ومسؤولين في أجهزة الأمن، بسبب الدعم المفتوح الذي يقدمونه لهؤلاء الشبان، في ظل فتاوى يطلقها كبار الحاخامات في صفوف المستوطنين، تجيز قتل الفلسطينيين، خصوصا خلال دروس السبت الدينية.
ووفقًا لتقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن هذا الدعم المعنوي والتأييد الذي يحظون به في البيئة الاستيطانية، يحفزهم على مواصلة الهجمات. كما كشفت تحقيقات «الشاباك» مع عصابة «شبيبة التلال» عن أن المجموعة التي تم اعتقالها هي «منظمة إرهابية جديدة، تتوفر أدلة حول تورطها في عملية قتل الرابي، وذلك من خلال رشق السيارة التي كانت تقلها وزوجها وأبناءها بالحجارة عند حاجز زعترة، القريب من مستوطنة (رحاليم)، حيث تقع مدرسة يهودية دينية تسمى (بري هآرتس)، التي تعني ثمار البلاد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».