رفضت المحكمة العليا في ميانمار، أمس، الطعن الذي تقدم بها صحافيان يعملان لدى وكالة «رويترز»، وأيدت الحكم السابق بسجنهما، بعدما أُلقي القبض على الصحافيين في ديسمبر (كانون الأول) 2017.
تثبيت الحكم أمس أثار سخطاً عالمياً ضد نظام إنغ سو تشي، الرئيسة الفعلية للبلاد الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، التي أصبحت رمزاً للديمقراطية في العالم. وتم إلقاء القبض على الصحافيين وا لون (32 عاماً) وكياو سوي أو (28 عاماً) عندما كانا يقومان بتغطية أنباء عن مجزرة عسكرية ضد مسلمي الروهينغا. وأصدرت محكمة في سبتمبر (أيلول) 2018 حكماً بالسجن سبع سنوات بحق الصحافيين الاثنين.
وقال رئيس تحرير «رويترز»، ستيفان جيه أدلر، في بيان: «قرار اليوم يمثل ظلماً جديداً لكل من وا لون وكياو سوي أو». وأضاف: «لا يزال (الاثنان) خلف القضبان لسبب واحد: أراد أهل السلطة إسكات صوت الحقيقة». الصحافيان حاولا من خلال عملهما تسليط الضوء على ما تعرضت له أقلية الروهينغا المسلمة من أعمال تنكيل، وُصِفت بأنها نموذج على التطهير العرقي على يد قوات جيش ميانمار وميليشيات بوذية. وفي أغسطس (آب) 2016 غادر ما يقارب المليون مسلم كانوا يقطنون ولاية راخين غرب ميانمار إلى بنغلاديش المجاورة، خوفاً على حياتهم بعدما أحرقت قراهم.
وقال الاتحاد الأوروبي، أمس (الجمعة)، إن قرار ميانمار تأكيد الحكم بإدانة الصحافيين الاثنين «يلقي بظلال شك خطيرة» على استقلال القضاء في البلاد. ودعا الاتحاد رئيس ميانمار وين مينت إلى مواجهة هذا «الظلم». وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي في بيان أمس: «قرار المحكمة اليوم بتأييد إدانة صحافيي «رويترز» وسجنهما سبعة أعوام يُعد إهدار فرصة لتصويب الخطأ»، وأضاف البيان: «إنها انتكاسة جديدة لحرية الإعلام ولحق الجمهور في الحصول على المعلومات، ولسيادة القانون في ميانمار... استند الحكم على قانون يناقض المعايير العالمية لحقوق الإنسان».
وأوضح: «نحن على ثقة في أن رئيس ميانمار سيعمل بصورة عاجلة على التصدي لهذا الظلم... وسيكفل، مع الحكومة، قيام الإعلام بدوره، كإحدى الدعائم الأساسية للديمقراطية».
وكانت قد اتهمت الشرطة، الاثنين، بحيازة «وثائق حكومية سرية»، وذلك بموجب «قانون الأسرار الرسمية» في ميانمار. وقال محامي الدفاع ثان زاو أونج، في أعقاب رفض الاستئناف: «نشعر بخيبة أمل كبيرة بشأن حكم اليوم»، مضيفاً أن القرار سيكون له «تأثير سلبي» على البلاد وإعلامها. وجاء في الاستئناف أن المحاكمة الأولى جرت «بطريقة مجحفة»، ودعا إلى إطلاق سراح الصحافيين على الفور. وأضاف محامي الدفاع أنه سيجري مشاورات مع موكليه وأسرتيهما قبل أن يقرر ما إذا كان سيقدم استئنافاً آخر أمام المحكمة العليا.
وخلال المحاكمة الأولى قال مسؤول شرطة برتبة كابتن، يدعى موي يان ناينج، أمام المحكمة إنه تم إلقاء القبض على الصحافيين في فخ أعده مسؤول بارز بالشرطة، كان يريد إخفاء تغطيتهما للمذبحة.
وتورط في المكيدة مسؤول شرطة آخر، دعا الصحافي وا لون إلى أحد المطاعم بضواحي يانغون، أكبر مدن ميانمار، على افتراض بحث تغطية أنباء المذبحة. واستند محامو الدفاع في الطعن المقدم، الشهر الماضي، إلى أدلة على أن الشرطة نصبت لهما فخاً إلى جانب عدم وجود دليل على ارتكاب جريمة. وقالوا لمحكمة الاستئناف إن المحكمة الأقل درجة التي نظرت القضية ألقت بمسؤولية تقديم الدليل على ذلك على المتهمين. وقال الدفاع أيضاً إن ممثلي الادعاء فشلوا في إثبات أن الصحافيين جمعا معلومات سرية وأرسلاها إلى عدو لميانمار، أو أنه كانت لديهما النية للإضرار بالأمن القومي.
وعندما وصل الصحافيان، تلقيا على الفور مجموعة من الوثائق قبل أن يتم إلقاء القبض عليهما من قبل رجال شرطة الذين كانوا ينتظرون خارج المطعم. وقال الصحافيان أمام المحكمة إنهما كانا يُحرمان من النوم، كما طلبت الشرطة إليهما، لعدة أيام بعد القبض عليهما، وقف التغطية الصحافية للمذبحة.
ورفض قاضي المحكمة الأولى وقاضي الاستئناف رواية الصحافيين، وأيدا ما ردده الادعاء بأنه تم إلقاء القبض على الصحافيين خلال «عملية بحث مرورية روتينية». وذكر قاضي الاستئناف أون ناينج إن حكم السجن سبع سنوات بحق الصحافيين يمثل «عقوبة مناسبة».
وفي أعقاب صدور الحكم، تحدثت زوجتا الصحافيين، وهما تبكيان، إلى مجموعة من الصحافيين والدبلوماسيين الأجانب خارج مبنى المحكمة العليا في يانغون. وقالت شيت سو وين، زوجة الصحافي كياو سوي أو: «كنا نأمل في التوجه إلى السجن لاستقبال زوجينا لو كان تم إطلاق سراحهما اليوم، ولكن هذا لم يحدث».
محكمة عليا في ميانمار تؤيد الحكم بسجن صحافيي «رويترز»
إدانة عالمية للقرار... والاتحاد الأوروبي يعتبره «انتكاسة جديدة لحرية الإعلام»
محكمة عليا في ميانمار تؤيد الحكم بسجن صحافيي «رويترز»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة