تونس: النقابات تمهل الحكومة {فرصة أخيرة} للتفاوض حول الأجور

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تخوض إضراباً مفتوحاً بعد رفض مطالبها

مشهد من الاضطرابات التي عرفتها مدينة القصرين للمطالبة بالتشغيل والتنمية (رويترز)
مشهد من الاضطرابات التي عرفتها مدينة القصرين للمطالبة بالتشغيل والتنمية (رويترز)
TT

تونس: النقابات تمهل الحكومة {فرصة أخيرة} للتفاوض حول الأجور

مشهد من الاضطرابات التي عرفتها مدينة القصرين للمطالبة بالتشغيل والتنمية (رويترز)
مشهد من الاضطرابات التي عرفتها مدينة القصرين للمطالبة بالتشغيل والتنمية (رويترز)

حدد حفيظ حفيظ، الأمين العام المساعد في اتحاد الشغل التونسي، يوم 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، تاريخ إحياء تونس ذكرى ثورة 201‍1، موعداً نهائياً للتفاوض مع الحكومة حول الزيادات التي يطالب بها لفائدة العاملين في الوظيفة العمومية.
وجاء تحديد هذا التاريخ إثر تسجيل تباين كبير في وجهات النظر بين الجانبين؛ مما جعل لغة الحوار تتعطل، وبخاصة في ظل تمسك الطرف النقابي بزيادات في الأجور، تتماشى مع نسبة التضخم الاقتصادي المسجلة في تونس، والمقدرة بـ7.5 في المائة خلال السنة الماضية، مقابل عدم قدرة الحكومة على الاستجابة لتلك المطالب بسبب شح الموارد المالية.
واقترحت الحكومة التونسية زيادات في الأجور، تتراوح ما بين 50 و130 ديناراً تونسياً توزع على سنتين. لكن اتحاد الشغل اقترح في المقابل زيادات تتراوح ما بين 205 دنانير و270 ديناراً تونسياً. وتقدر الكلفة الإجمالية لمقترحات اتحاد الشغل، ما يناهز 1.6 مليار دينار تونسي، في حين اقترحت الحكومة مبلغ 700 مليون دينار فقط.
وكان نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، قد أطلع الأربعاء الماضي الرئيس الباجي قائد السبسي على حصيلة ما تم التوصل إليه خلال مفاوضات الاتحاد النقابي مع الحكومة، في محاولة للتدخل بين الطرفين لتجاوز الأزمة الاجتماعية والاقتصادية قبل موعد الإضراب العام المقرر يوم الخميس المقبل.
على صعيد غير متصل، يخوض موظفو وأطر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إضراباً مفتوحاً عن العمل داخل مقر الإدارة المركزية وجميع الإدارات الفرعية؛ بسبب عدم استجابة مجلس الهيئة لمطالبهم؛ وهو ما قد يؤثر على السير الطبيعي لروزنامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وتتمثل مطالب المضربين عن العمل في تسوية وضعية جميع موظفي الهيئة المباشرين وصرف منحة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي جرت سنة 2014، وكذا الانتخابات البلدية التي نظمت في السادس من مايو (أيار) الماضي. واعتبر المحتجون أن استمرار الحال على ما هي عليه الآن، يمثل «تهديداً حقيقياً لقدرة الهيئة على الإيفاء بالتزاماتها خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة».
وستنظم الانتخابات البرلمانية في تونس في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الحالية، على أن تجرى الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وفي هذا السياق، أكد زهير الكركلي، رئيس النقابة الأساسية لموظفي هيئة الانتخابات، على أهمية وضرورة تسوية وضعيات العاملين في الهيئة قصد إنجاح الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن معظم الموظفين يمتلكون أقدمية لا تقل عن ثماني سنوات دون انتداب رسمي، على الرغم من صدور القانون الأساسي للهيئة الانتخابات منذ سنة 2016. كما أوضح، أن الإدارة المركزية شهدت «شللاً تاماً» في أنشطتها كافة منذ اليوم الثالث من الشهر الحالي؛ وهو ما يمثل «خطراً حقيقياً على المسار الانتخابي»، على حد تعبيره.
على صعيد متصل، أكد محمد المنصري التليلي، رئيس الهيئة العليا للانتخابات المستقيل، أن عدم انتخاب البرلمان التونسي رئيساً وثلاثة أعضاء جدد لهيئة الانتخابات حتى الآن يرجع إلى اختلاف مواقف الأحزاب الممثلة في البرلمان حول انتخاب الرئيس أولاً، أم تجديد ثلث الأعضاء. واعتبر أن التجاذبات السياسية حول تركيبة الهيئة لا تعني المس من استقلاليتها، مؤكداً على أن تحديد روزنامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية مرتبط بالاستقرار في تركيبة مجلس هيئة الانتخابات، وقيام البرلمان بانتخاب رئيس وأعضاء جدد، على حد تعبيره.
ولاحظ التليلي أن المسار الانتخابي في تونس لم يبلغ بعد مرحلة «الخطر الانتخابي» حتى الآن، رغم تعطل انتخاب رئيس وأعضاء جدد للهيئة من قبل البرلمان، مبرزاً أن هذا التعطيل «لم يؤثر على استعداد هيئة الانتخابات لتنظيم الانتخابات؛ لأنها أعدت الروزنامة الأولية الخاصة بها منذ شهر أكتوبر من السنة الماضية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.