الجزائر: توقعات باستدعاء «الهيئة الانتخابية» استعداداً للاستحقاق الرئاسي في الربيع

TT

الجزائر: توقعات باستدعاء «الهيئة الانتخابية» استعداداً للاستحقاق الرئاسي في الربيع

تتوقع الأوساط السياسية والإعلامية بالجزائر صدور مرسوم «استدعاء الكتلة الناخبة» خلال هذا الشهر، تحسباً لرئاسية 2019. وسيكون ذلك على الأرجح يوم 16 يناير (كانون الثاني) الجاري، أي قبل ثلاثة أشهر من تاريخ الاستحقاق، وعلى اعتبار أن ولاية الرئيس الرابعة تنتهي رسمياً يوم 16 من أبريل (نيسان) المقبل.
وبحسب فتيحة بن عبو، خبيرة القانون الدستوري، فإنه «إذا احترمت السلطات الآجال القانونية للانتخابات، فلن يتعدى استدعاء الهيئة الناخبة يوم 16 من يناير. هذا طبعاً إذا لم تكن هناك إرادة بتأجيل الانتخابات». ورمى بالحديث عن «تأجيل الانتخابات» إلى ساحة النقاش السياسي حزبان كبيران: الأول «تجمع أمل الجزائر» الموالي للرئيس، وقد برر رئيسه عمر غول، وهو وزير سابق، هذا الاتجاه بكون النظام يواجه صعوبة في إيجاد خليفة للرئيس، الذي يعاني مشكلات صحية، وبالتالي فالسلطة، حسبه، بحاجة إلى متسع من الوقت لاختيار بديل. فيما أعلن حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى أنه يعارض هذه الفكرة.
أما الحزب الثاني، فهو تكتل معارض، يتعلق بـ«حركة مجتمع السلم» الإسلامية، إذ قال رئيسه عبد الرزاق مقري، إن «تأجيل الاستحقاق ضروري، بذريعة أن النظام سيلجأ، تحت ضغط ضيق الوقت، إلى اختيار أي مرشح بديل، وسيكون لا محالة أسوأ من الرئيس الحالي». وربط مقري إرجاء الانتخابات لمدة عام بعدة شروط، أهمها إطلاق إصلاحات خلال العام تضمن انتخابات نزيهة. كما دعا الجيش إلى الحياد إزاء المترشحين. وراجت في الوقت نفسه أخبار عن احتمال تمديد ولاية الرئيس عامين، عن طريق تعديل للدستور.
ومع اقتراب الموعد القانوني للرئاسية، بدا واضحاً أن ورقتي «التأجيل وتمديد الولاية» لم تكونا رهاناً حقيقياً لدى السلطة؛ بل كانت مجرد بالون اختبار لقياس مدى قبول الفكرة لدى عامة الجزائريين.
يشار إلى أن الرئيس بوتفليقة انتخب لولاية رابعة في 17 من أبريل 2019، وحصل على 8.5 مليون صوت من 11.5 مليون صوت. وحل ثانياً في الترتيب، بعيداً، رئيس الحكومة سابقاً علي بن فليس (1.3 مليون صوت). وغاب بوتفليقة عن الحملة الانتخابية التي دامت ثلاثة أسابيع بسبب المرض، وخاضها بدلاً عنه رئيس الوزراء آنذاك عبد المالك سلال، ومجموعة من الوزراء.
وكتب الناشط السياسي والمحامي مقران آيت العربي، بهذا الخصوص: «عند تتبعنا لما يقال ويكتب عن الانتخابات، نجد أن الرأي الغالب يميل إلى أن الجماعات الحاكمة لم تتفق على مرشح يحقق الإجماع فيما بينها. فرغم جهلي بما يحدث في الدائرة الضيقة لصناعة الرؤساء في الجزائر، أعتقد أن جماعات المصالح تدرك جيداً أن مستقبلها يقتضي الاتفاق حول مرشح، ولو لعهدة واحدة (خمس سنوات) أو أقل، في انتظار إعادة ترتيب البيت، كما حدث في الماضي».
وأضاف آيت العربي موضحاً: «انطلاقاً من اقتناع الجماعات الحاكمة بضرورة خدمة مصالحها الآنية، وانطلاقاً من أن الوضع الدولي مبني على ضرورة الاستقرار الظاهر، لخدمة المصالح الاستراتيجية لدول معينة ومعروفة، ونظراً لكون الدستور لا ينص على التمديد إلا في حالة الحرب (المادة 110)، وكل من يقرر التأجيل خارج هذه الحالة يكون قد ارتكب الخيانة العظمى، فبالتالي لا مفر من تنظيم الانتخابات الرئاسية في وقتها». مبرزاً أن الاعتبارات الداخلية السياسية والقانونية في تحسين الواجهة، قصد الاستمرارية وبقاء النظام القائم، ورغبة الدول العظمى في خدمة مصالحها المادية والأمنية: «ستؤدي حتماً إلى استدعاء الناخبين في أجل أقصاه 24 يناير 2019. وستجري الانتخابات يوم الخميس 24 أبريل من السنة نفسها كآخر أجل. وستكون هذه الانتخابات، كغيرها، خارج الإرادة الشعبية. وإذا بقي لقيادات الأحزاب بعض الذكاء، فعليهم استعماله في البحث عن كيفية إعادة الكلمة للشعب ليقرر مستقبله بكل سيادة. ما عدا ذلك فهو هروب إلى الأمام».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.