العالم في 2019: فرنسا: 4 تحديات رئيسية في العام المقبل

ماكرون في سعيه لاستعادة ثقة مواطنيه يحتاج إلى تحقيق نجاحات اقتصادية واجتماعية

حرائق وخراب في جادة الشانزليزيه قرب قصر الإليزيه مع تصاعد احتجاجات «السترات الصفراء»  (أ.ب)
حرائق وخراب في جادة الشانزليزيه قرب قصر الإليزيه مع تصاعد احتجاجات «السترات الصفراء» (أ.ب)
TT

العالم في 2019: فرنسا: 4 تحديات رئيسية في العام المقبل

حرائق وخراب في جادة الشانزليزيه قرب قصر الإليزيه مع تصاعد احتجاجات «السترات الصفراء»  (أ.ب)
حرائق وخراب في جادة الشانزليزيه قرب قصر الإليزيه مع تصاعد احتجاجات «السترات الصفراء» (أ.ب)

أربعة تحديات رئيسية تنتظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2019 الذي يلجه وهو في حالة من الضعف في الداخل والخارج. فللمرة الأولى منذ وصوله إلى رئاسة الجمهورية ربيع عام 2017، يجد ماكرون نفسه في حالة من انعدام الوزن بحيث بدت الأمور كأنها راحت تفلت من بين يديه.
وتراجعت صورة الرئيس الشاب حامل حلم التغيير، لتحل محلها صورة «رئيس الأغنياء المتعجرف» العاجز عن سماع شكاوى شرائح المجتمع الأكثر هشاشة والمثقلة بضرائبه بينما الطبقة الميسورة تصفّق له لأنه ألغى الضريبة على الثروة وخفف من الضرائب المفروضة على الشركات وطوّع قانون العمل ليكون أكثر ملاءمة لأرباب الأعمال. وفي المقابل، فإن الإصلاحات المتسارعة التي عجّل بفرضها لم تعطِ أكلها، إذ إن أرقام البطالة لم تتراجع، والنمو الاقتصادي ما زال هزيلاً ومعه أرقام التجارة الخارجية.
وجاءت الرسوم الإضافية التي فرضتها الحكومة على المحروقات باسم «النقلة البيئوية» والتخلي عن «الطاقة الملوثة» لصالح «الطاقة النظيفة» لتصب الزيت على النار وتُنزل عشرات الآلاف إلى الشوارع والطرقات السريعة والمستديرات الواقعة على مداخل المدن، وتفجِّر الغضب الشعبي. والمستهدف لم يكن ماكرون وحكومته وحدهما بل أيضاً، وخصوصاً، الطبقة التكنوقراطية الممسكة بمفاصل الإدارة.
وبعد تردد، خضع ماكرون لجانب كبير من مطالب المحتجين المالية والاقتصادية وسعى إلى إطفاء الحريق سياسياً من خلال إطلاق «حوار وطني» سيمتد لثلاثة أشهر. والهدف من ذلك كله امتصاص النقمة وإعادة الهدوء. ولذا، فإن التحدي الأول الداخلي والأهم الذي يواجهه لعام 2019 يتمثل في إعادة الإمساك بالبلاد وإعادة إطلاق برنامجه الإصلاحي. ولكن قبل ذلك كله يتعين على الرئيس الفرنسي أن يستعيد ثقة مواطنيه التي فقدها، ولن يكون ذلك ممكناً إلا من خلال تغيير السياسات التي سار عليها طيلة 18 شهراً، وإقناع الفرنسيين بأنه يعمل للاستجابة لتطلعاتهم جميعاً وليس فقط للفئة الميسورة وحدها. وسيكون استحقاق الانتخابات الأوروبية التي ستحل في الربيع المقبل الاختبار القاطع لمدى نجاحه في مهمته. وحتى الآن، تبين استطلاعات الرأي أن حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف الذي تقوده المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبن هو الأوفر حظاً للحلول في الموقع الأول بينما حزبه يتأرجح بين المرتبتين الثانية والثالثة.
لكن ماكرون في سعيه لاستعادة ثقة مواطنيه يحتاج إلى تحقيق نجاحات اقتصادية واجتماعية على صعيد ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي التي من غيرها لن تتراجع معدلات البطالة ولن تنهض القوة الشرائية، وخصوصاً لن تتحسن أوضاع مالية الدولة التي تعاني من عجوزات تخطت المعدلات المسموح بها على مستوى الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى «السترات الصفراء»، فإن لائحة كبيرة من المطالب تتراكم على مكتب ماكرون ومصدرها التلامذة والطلاب ورجال الشرطة والمزارعون والموظفون وقطاعات أخرى ترى اليوم أن الحكومة ضعيفة وأن اللحظة مناسبة لطرح مطالبها على غرار ما فعلت «السترات الصفراء» التي حصلت على نتائج في وقت قصير نسبياً.
خلال 2018، وقعت ثلاثة عمليات إرهابية في فرنسا أوقعت 15 قتيلاً وعشرات الجرحى. وحتى حصول الهجوم الإرهابي الذي قام به شريف شيخات في ستراسبورغ، غاب التهديد الإرهابي عن واجهة الاهتمامات الأولى. وما ساهم في ذلك، وفق مدعي عام محكمة التمييز فرنسوا مولينس، هو اندحار تنظيم داعش في العراق وسوريا، وتعزيز إمكانيات المخابرات، والارتقاء بالتنسيق والتعاون الأوروبي في محاربة الإرهاب. لكن عملية ستراسبوغ أطاحت بالقناعات ودفعت المسؤولين الأمنيين إلى مراجعة حساباتهم. وما يزيد من صعوبة مهمتهم أمران: الأول، أن مرتكبي العمليات الأخيرة هم من «الذئاب المتوحدة» بعيداً عن أي علاقة بأي تنظيم خارجي أكان «داعش» أو «النصرة» أو «القاعدة». والثاني، القلق من خروج مئات عدة من السجون الفرنسية بعد انتهاء أحكامهم بتهمة الإرهاب. وأفاد وزير الدولة للشؤون الأمنية لوران نونيز، بأن «التهديد الرئيسي مصدره أشخاص يعيشون على الأراضي الفرنسية ويقررون التحرك بوسائل بدائية». أما الأمر الثاني فعنوانه خروج نحو 450 شخصاً من السجون، بعضهم زُجّ فيها بتهم إرهابية والقسم الأكبر بسبب ارتكاب جرائم تقع ضمن نطاق الحق العام معطوفة على تشددهم وراديكاليتهم الإسلاموية كما كان حال شريف شيخات. وهكذا، تبرز ملامح التحدي الثاني الذي يواجه ماكرون وعنوانه توفير الحماية الأمنية للفرنسيين، وإيجاد الوسيلة الناجعة للتعامل مع الأشخاص الموجودة أسماؤهم على اللوائح الأمنية والذين يشكلون تهديداً جدياً.
ولا شك أن اليمين، بوجهيه التقليدي والمتطرف، سينفخ في النار وسيسعى لاستغلال ملفات الهجرة والأمن والإسلام لإضعاف ماكرون وحكومته. وتريد مارين لوبن أن تتكرر في فرنسا «التجربة الإيطالية» التي أوصلت إلى الحكم، على ظهر الأحزاب التقليدية، مزيجاً من الشعبوية واليمين المتطرف.
وإلى جانب الملفات الثلاثة المذكورة، فإن الملف الأوروبي هو التحدي الخارجي الأول على أجندة ماكرون لـ2019، فعندما انتُخب ماكرون رئيساً للجمهورية في 2017 ملحقاً الهزيمة بمرشحة اليمين المتطرف، تنفس الاتحاد الأوروبي الصعداء. فالرئيس أوقف «مؤقتاً» تقدم اليمين المتطرف والشعبويين عبر الانتخابات، وجاء متأبطاً برنامجاً طموحاً لإعادة إطلاق أوروبا على جميع الصعد. ولاقى انتخابه ترحيباً منقطع النظير، ونُظر إليه على أنه «المنقذ». واستفاد ماكرون من الضعف الذي ألمَّ بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسبب أزمة الهجرات، ومن تحييد بريطانيا بسبب «بريكست»، وصعوبات إيطاليا وإسبانيا الداخلية. ولم يبقَ سواه في الميدان.
بعد مرور 20 شهراً على رئاسته، تراجعت صورة فرنسا التي كان ماكرون يريدها زعيمة للاتحاد الأوروبي وصوتاً مسموعاً في العالم، بحيث إن وزير خارجية بولندا لم يتردد في وصفها بـ«رجل أوروبا المريض». فضلاً عن ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي اليوم ليس في أفضل حال. فما زالت بريطانيا تتصارع مع «بريكست»، وأوروبا الشرقية والوسطى تبتعد أكثر فأكثر ويوماً بعد يوم عن المعايير الأوروبية، أكان ذلك في ما خص استقلالية القضاء أو حرية الصحافة أو التضامن الأوروبي في موضوع الهجرات المتدفقة على القارة العجوز. ثم إن اليمين المتشدد وصل إلى السلطة في النمسا وإيطاليا وحقق قفزات كبيرة في الدنمارك وألمانيا، و«شقيقه» اليمين القومي متربع على السلطة في المجر وبولندا ونسبياً في رومانيا. أما مشاريع ماكرون لإعادة إطلاق أوروبا فلم تقطع سوى خطوات محدودة، وآخر ما طرحه الرئيس الفرنسي قيام «جيش أوروبي حقيقي وقوي»، الأمر الذي أثار حفيظة العديد من الدول أبرزها الأعضاء السابقون في حلف وارسو الذين لا يريدون مقايضة المظلة الأميركية والأطلسية المعروفة بمظلة لا يعرفون إن كانت سترى النور يوماً أم لا.
في طبع ماكرون شيء من طبع الجنرال شارل ديغول لجهة رغبته في استقلالية فرنسا وقوتها وتمسكه باحترام صفها على المستوى العالمي. لكن ماكرون -وهنا التحدي الرابع- في سعيه إلى إعادة إسماع صوت فرنسا عبر العالم، اتبع نهجاً مختلفاً يشبه «رياضة الجودو»، حيث الأساس جذب الآخر وليس دفعه. من هنا، تقرّب من الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، وسعى إلى علاقة وثيقة مع الصين والهند وحاول الدخول إلى الملف السوري أحياناً عن طريق واشنطن وأخرى عن طريق موسكو أو أنقرة، وتمسك بقوة بالاتفاق النووي مع إيران ولم يغب نظره عن أفريقيا.
وفرنسا، التي ستترأس لعام 2019 مجموعة الدول السبع، تريد استخدامها رافعة للعودة إلى الواجهة الدولية ولعقيدة ماكرون القائمة على فلسفة التخلي عن الأحادية والتزام الإدارة التعددية لشؤون العالم. والحال أنه سيكون من الصعب عليه السير في هذه الطريق بوجود رئيس أميركي يرفض أي قواعد دولية لا تجاري المصلحة الأميركية، وتجلى ذلك من خلال انسحابه من اتفاقية المناخ والاتفاق النووي والعديد من المنظمات الدولية، وتجاهل قواعد التجارة العالمية، وفرض القانون الأميركي لما وراء حدود بلاده. وكما مع ترمب، ليس الرئيس بوتين محاوراً سهل المراس، ولم يحصل منه ماكرون على شيء، لا في ملف شرق أوكرانيا ولا في ملف شبه جزيرة القرم أو في الملفات الإقليمية مثل الملف السوري.
هكذا، تبدو صورة التحديات الأربعة المتداخلة أمام ماكرون والتي تتشابك داخلياً وخارجياً. فهل سينجح في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء واستعادة الوهج الذي كان له سابقاً، أم أن ما ولّى قد ولّى إلى غير رجعة؟



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.