الحكومة المصرية تنتفض ضد مخالفات البناء عقب توجيهات السيسي

رئيس الوزراء وجّه بالإزالة الفورية... وعقوبات للمخالفين خلال الفترة المقبلة

TT

الحكومة المصرية تنتفض ضد مخالفات البناء عقب توجيهات السيسي

انتفضت الحكومة المصرية أمس ضد مخالفات البناء بعد يوم من توجيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوماً لمسؤولين في الدولة بسبب ارتفاع معدلات البناء العشوائي الذي لا يتناسب مع قدرات المجتمع الموجودة. مطالباً بوقف هذه التجاوزات لأنها تعد قضية «أمن قومي»، مشيراً إلى أن التعديات موجودة في كل محافظة ولا يمكن السكوت عنها.
وقالت مصادر مطلعة إن «اجتماع الحكومة ناقش أمس إجراءات وقف البناء المخالف، وإنه ستكون هناك عقوبات للمخالفين الفترة المقبلة». وأضافت المصادر أن «أزمة مخالفات البناء خيمت على اجتماع الحكومة بشكل كبير». وأكد الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع الحكومة أمس، ضرورة التعامل بكل حسم مع ملف مخالفات المباني، موجهاً وزير التنمية المحلية بالإزالة الفورية لأي مبانٍ مخالفة في مرحلة الإنشاء؛ حيث إن هذه المباني لا تحتاج إلى دراسة أمنية أو خلافه، ولذا تجب إزالتها على الفور. مطالباً بإعداد تقرير دوري من جانب المحافظين حول آخر المستجدات المتعلقة بهذا الملف.
وشدد رئيس الوزراء على أن الحكومة بمواجهتها الحاسمة لأي مخالفات بناء جديدة ستجعل من يشرع في مخالفة، يُفكر أكثر من مرة، لأنه سيجد أنه لا تهاون في التعامل مع تلك المخالفات، وأن الدولة لن ترحم أي مخالفة بناء جديدة... و«سنوصل رسالة للجميع حتى لا يفكر أحد في أن يخالف بعد ذلك».
وسبق أن انتقد السيسي قيام بعض الأفراد بالتعدي على أراضي الدولة المصرية، مؤكداً أنه لن يسمح أبداً بذلك، وأن الطرق والمشروعات التي يتم افتتاحها، عندما تحتاج إليها الوزارات أو أجهزة الدولة، يتم تسليمها لها، وحمايتها من التعدي عليها.
وشدد السيسي في تصريحات سابقة له على «أننا نتحدث عن دولة قانون، ولا يمكن لأي شخص أن يحصل على شيء من دون وجه حق». موضحاً أن الدولة تعمل من أجل التنمية، ويتعين وضع تخطيط سريع لطرح هذه الأراضي والمشروعات على المستفيدين.
وأكد مدبولي أن ما يحدث حالياً من جهود لتطوير المناطق غير الآمنة يدعونا جميعاً للفخر، بما حققناه، موضحاً أن هذه المناطق قبل تطويرها كانت بمثابة قنابل موقوتة، والآن أصبحت مناطق سكنية حضارية تتمتع بجودة الحياة، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الدولة أنفقت مليارات الجنيهات على مثل هذه المشروعات، فإنه في رأيي الشخصي «هذا أفضل استثمار تقوم به الحكومة».
وأكدت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي، أنها سوف تتصدى بقوة للتعدي على أملاك الدولة العامة والخاصة، فضلاً عن التصدي لظاهرة البناء العشوائي من خلال «وحدات التدخل السريع» في ربوع البلاد.
وقال الرئيس السيسي للقائمين على تنفيذ المشروعات خلال جولة تفقدية له أمس، إن الشعب المصري ينظر بعين التقدير للجهود الكبيرة المبذولة في تلك المشروعات العملاقة، وينتظر الانتهاء من الأعمال الجارية في التوقيتات الزمنية المحددة، ووفقاً لأفضل معايير الإنشاءات والبناء والتشغيل والجودة السائدة عالمياً، بما يحقق آمال المصريين في بناء دولة حديثة متطورة تواكب سير الحضارة، وتوفر مستقبلاً مشرقاً للجيل الحالي والأجيال المقبلة من المصريين.
في غضون ذلك، حدد شريف إسماعيل، مساعد الرئيس المصري للمشروعات القومية والاستراتيجية، خطة اللجنة العليا لاسترداد أراضي الدولة خلال الفترة القادمة للانتهاء من تقنين أراضي الدولة، مؤكداً أن القانون هو الذي يحكم العمل في هذا الملف، بما يضمن الحصول على حق الدولة، وفي الوقت نفسه حصول المواطن الجاد على تقنين وضعه.
وقال إسماعيل خلال اجتماع اللجنة، أمس، الذي تم خلاله استعراض نتائج العمل لإصدار عقود التقنين، إن «اللجنة من خلال وزارة التنمية المحلية خاطبت المحافظات كافة بوضع هذا الملف في مقدمة أولوياتها، وأن يتولى المحافظون شخصياً متابعته بشكل مباشر مع لجان التقنين والتواصل المستمر مع اللجنة العليا وأمانتها الفنية لإزالة أي معوقات تظهر في الواقع العملي، حفاظاً على ثروات الدولة وتحصيل مستحقاتها، مع تنفيذ خطة متابعة يومية لرصد ما تم إنجازه من عقود تقنين». مؤكداً أن اللجنة تعمل وفق ثوابت واضحة، في مقدمتها عدم التهاون في حق الدولة، وفي الوقت نفسه تسهيل الإجراءات للتشجيع على تقنين الأوضاع والتأكيد على مصداقية الدولة في هذا الاتجاه، وأنها تعمل بشكل جاد لصالح المواطن، كما تحرص اللجنة على حصول المحافظات على نسبة الـ20 في المائة المقررة لها من عائد التقنين لاستخدامها في مشروعات التنمية، مضيفاً أن اللجنة بالتنسيق مع قوات إنفاذ القانون والقوات المسلحة والداخلية والتنمية المحلية، انتهت من إعداد خطة الموجة الـ12 لإزالة التعديات على أراضي الدولة، التي ستتضمن بجانب أي تعديات جديدة، الأراضي التي لم تقدم عنها طلبات تقنين، أو التي لم يثبت مقدمو الطلبات جدية في سداد رسوم الفحص والمعاينة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».