متظاهرون أكراد يطالبون التحالف بموقف من تهديدات تركيا

«مجلس سوريا الديمقراطية» يحذر من عواقب انسحاب أميركا من سوريا

متظاهرات يرفعن صور قتلى اكراد خلال معارك ضد «داعش» (الشرق الأوسط)
متظاهرات يرفعن صور قتلى اكراد خلال معارك ضد «داعش» (الشرق الأوسط)
TT

متظاهرون أكراد يطالبون التحالف بموقف من تهديدات تركيا

متظاهرات يرفعن صور قتلى اكراد خلال معارك ضد «داعش» (الشرق الأوسط)
متظاهرات يرفعن صور قتلى اكراد خلال معارك ضد «داعش» (الشرق الأوسط)

تجمع آلاف المتظاهرين الأكراد أمس أمام قاعدة التحالف الدولي في بلدة «جلبية» التابعة لمدينة كوباني (عين العرب) على بعد (33) كيلومتراً إلى الجنوب من الحدود التركية، للرد على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسحب قوات بلاده من سوريا. وتقدمت المظاهرة أمهات وذوو المقاتلين الذين قتلوا في المعارك التي خاضتها وحدات حماية الشعب الكردية بدعم من التحالف، خلال العامين الماضيين ضد تنظيم (داعش) شمال شرقي سوريا، ورفعوا صور المقاتلين ولافتات تطالب التحالف الدولي وواشنطن بتحديد موقفها من التهديدات التركية.
وذكر الصحافي الكردي سيرالدين يوسف الذي تابع المظاهرة، أن أكثر من 5 آلاف متظاهر تجمعوا أمام قاعدة التحالف في قرية «خراب عشق» التابعة لبلدة جلبية، وقال: «الجميع كان يتساءل من أجل من قُتل أبناؤنا، أليس من أجل الدفاع عن أنفسهم أولا، وعن السلم العالمي ثانياً، وللرد على القرار الأميركي وتركهم لمواجهة التهديدات التركية دون دعم أو حماية»، مضيفاً أن أبناء المنطقة يخشون من عودة تنظيم (داعش) إلى الظهور ولو بأسماء ثانية وقال: «الجميع يخشى من التهديدات التركية والفصائل السورية الموالية لها وتكرار تجربة مدينة عفرين في شرق الفرات».
وفي تطور لافت قد يزيد من تعقيد الحرب ضد تنظيم (داعش)، حذرت إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، الذراع السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، بأن الأخيرة: «قد تضطر للتوقف عن قتال الجهاديين في المنطقة إذا اضطرت لإعادة نشر قواتها لمواجهة هجوم تركي في حال حصوله»، وأضافت القيادية الكردية: «تحت تهديدات تركيا وإمكانية إنعاش (داعش) مرة أخرى، نخشى بأن يخرج الوضع عن السيطرة وألا يعود بإمكاننا حظرهم في المنطقة التي يوجدون فيها، هذا سيفتح المجال أمام انتشارهم مرة ثانية».
وأثار قرار ترمب بسحب قوات بلاده من سوريا، انتقادات على نطاق واسع بين سكان مناطق شرق الفرات. ويرى شاهوز حسن رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي السوري» ويعد أبرز حزب يهمين على الإدارة الذاتية المعلنة من طرف واحد في شمال شرقي سوريا، أن التهديدات التركية تأتي بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، وقال: «يقوم إردوغان بتهديد المنطقة لإخفاء أزماته الاقتصادية والسياسية، إذ يسعى من خلال تهديد مشروع الأمة الديمقراطية لتضليل الشعب للفوز في الانتخابات المقبلة، وانتهاج الديكتاتورية العلنية».
وتمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» وتشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمادها العسكري، خلال العامين الأخيرين من طرد عناصر تنظيم (داعش) من مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا أبرزها مدينة الرقة، وتخوض هذه القوات بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية معارك عنيفة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي ضد آخر جيب للتنظيم على الضفاف الشرقية لنهر الفرات في مدينة دير الزور.
وشدد شاهوز حسن أنّ الانتصارات التي حققتها القوات: «جعلت منها مثالاً يحتذى به بالعالم، هدف تركيا النيل من مشروع الأمة الديمقراطية يصب في مصلحة النظام السوري، لأن الأخير يحاول فرض سلطته على المناطق المحررة»، على حد تعبيره.
ودعمت الولايات المتحدة وحدات الحماية في معركتها ضد تنظيم (داعش) المتشدد منذ نهاية 2014. عندما شن الأخير هجوماً واسعاً على مدينة كوباني (عين العرب) بريف حلب الشرقي، ومنذ ذلك الحين تدعم واشنطن ودول التحالف القوات التي تبسط سيطرتها على ثلث مساحة البلاد؛ فيما تعتبرها أنقرة جماعة محظورة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً في جنوب شرقي تركيا منذ ثلاثة عقود راح ضحيته أكثر من 40 ألفاً.
بينما عبر رياض درار الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، عن استغرابه من قرار سحب كامل القوات الأميركية وبشكل سريع من سوريا، «يأتي في ظل أوضاع غير آمنة وغير مستقرة يتزامن مع تصاعد التهديدات التركية، والأخيرة ستفتح باباً لأزمة جديدة تسعى لتحقيق أطماع قديمة في الأرض السورية».
ولطالما هددت تركيا بشن عملية عسكرية ضد الأكراد في منبج ومناطق شرق الفرات بعد سيطرة الجيش التركي في شهر مارس (آذار) الماضي بالتعاون مع فصائل سورية موالية لها، على منطقة عفرين (شمال غربي حلب) ذات الغالبية الكردية، تعكس المواجهات بين تركيا وأكراد سوريا والتي قد تؤدي إلى تعقيد النزاع السوري الذي أسفر منذ اندلاعه في ربيع 2011 عن مقتل أكثر من 360 ألف شخص، وخلف دماراً هائلاً في البنى التحتية إضافة إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وشدد رياض درار على أن أي انسحاب مرتقب من جانب القوات الأميركية: «يجب تأمين الحماية اللازمة لمكونات المنطقة، وتحقيق الأمن والاستقرار وإيجاد حل سياسي شامل ذي مصداقية»، واختتم حديثه بالقول: «الخطوة من شأنها تعقيد الأزمة السورية بشكل أكبر، وتفتح الباب لصراعات وحروب أكثر هلاكاً ودموية، وتكون الفرصة سانحة لـ(داعش) في استعادة قوته وعودة انتشاره وتهديد الأمن والسلم الدوليين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».