أحداث 2013 .. عام سقوط «الإخوان» في مصر

بدأ بسيطرة الجماعة على كل مفاصل الدولة.. وانتهى بوضعها على قائمة الإرهاب

جندي مصري يحاول ضبط الجمهور بينما يصطحب محتجزا من أنصار الرئيس السابق مرسي من جامع الفتح في القاهرة في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
جندي مصري يحاول ضبط الجمهور بينما يصطحب محتجزا من أنصار الرئيس السابق مرسي من جامع الفتح في القاهرة في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

أحداث 2013 .. عام سقوط «الإخوان» في مصر

جندي مصري يحاول ضبط الجمهور بينما يصطحب محتجزا من أنصار الرئيس السابق مرسي من جامع الفتح في القاهرة في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
جندي مصري يحاول ضبط الجمهور بينما يصطحب محتجزا من أنصار الرئيس السابق مرسي من جامع الفتح في القاهرة في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

بنصف يقين استقبل المصريون عام 2013. كانت نتائج الاستفتاء على دستور وضعته جمعية تأسيسية هيمن عليها الإسلاميون، قد أعلنت قبل نحو أسبوع فقط من مطلع العام الجديد، مما أعطى انطباعا لدى قطاع واسع بأن جماعة الإخوان صعدت إلى قمة السلطة ولن تغادرها لزمن قد يطول.
لكن النبرة الواثقة لقادة «الإخوان»، الذين وضعوا أيديهم على مؤسستي الرئاسة والبرلمان، لم تخف القلق من تنامي تحركات احتجاجية تزعمها قادة جبهة الإنقاذ الوطني، التي تشكلت عقب إصدار الرئيس السابق محمد مرسي إعلانا دستوريا حصن قراراته، وضمت غالبية القوى المدنية، ورموز المعارضة المصرية. وترقب الجميع في مصر إحياء الذكرى الثانية للثورة في 25 يناير (كانون الثاني) 2013، ليعرف ما إذا كان قادة جبهة الإنقاذ، الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي، قادرين على الحشد في مواجهة أكبر فصيل منظم في البلاد بعد أن باتت معه السلطة أيضا.
جاء الحشد الجماهيري في ذكرى الثورة مفاجئا لمنظميها وللقوى الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان، لكن كان باديا أن تلك المظاهرات ربما تزعج أهل السلطة، لكنها لن تهدد مواقعهم.
عقب يوم واحد فقط من مظاهرات 25 يناير في ذكراها الثانية كانت القاهرة تحترق، ومدن القناة تشهد موجة عنف دام على خلفية أحكام صدرت بحق متهمين في قضية مقتل 74 مشجعا كرويا في استاد بورسعيد، وأعلن مرسي حالة الطوارئ في مدن القناة يوم 27 يناير، وكانت تلك إشارة لموجة من المواجهات التي بدت عبثية بين معارضي «الإخوان» وقوات الأمن على امتداد البلاد، وبدأ البحث عن طريق جديد لـ«المقاومة».
وفي 26 أبريل (نيسان) أعلن ثلاثة شبان عن بدء حملة للتوقيع على وثيقة سحب الثقة من الرئيس السابق مرسي، والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. واختار الشبان محمود بدر، ومحمد عبد العزيز، وحسن شاهين، اسم «تمرد» لحملتهم، ووعدوا بجمع 15 مليون توقيع قبل الثلاثين من يونيو (حزيران) وهو اليوم الذي دخل فيه مرسي إلى قصر الاتحادية الرئاسي.
وأعلنت «تمرد» في نهاية أسبوعها الأول عن جمع أكثر من 200 ألف توقيع على الوثيقة، وبدأ الرأي العام ينتبه. خلال أسابيع قليلة بدت استمارات حملة تمرد كطوق نجاة لغضب شعبي متنام ضد حكم جماعة الإخوان وحكومة الدكتور هشام قنديل، لا يجد طريقة إلى ترجمة فعالة، خاصة بعد أن بدأت الجماعة تكشف عن نيات «غير مطمئنة»، عبر مشروعات قوانين ناقشها «البرلمان الإخواني»، منها «محور تنمية قناة السويس»، «قانون تنظيم الحق في التظاهر»، «قانون السلطة القضائية»، وغيرها من مشروعات القوانين المثيرة للقلق.
وبينما واصلت استمارات «تمرد» انتشارها المذهل، في المقاهي، وأروقة المؤسسات الحكومية، والشوارع، والمنازل، سقط الرئيس السابق مرسي في أزمات متتالية بسبب تصريحات له أثارت الكثير من الجدل، وشكلت مادة خصبة للإعلامي الساخر باسم يوسف.
وفي ظل أجواء مشحونة أحرزت حملة تمرد تقدما ملحوظا، وباتت تتحدث عن ملايين الاستمارات المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، ولم يعد مستغربا أن تجد عشرات المواطنين يتحلقون حول فتاة لم تبلغ العشرين تطوعت بطباعة استمارة الحملة وراحت تجمع التوقيعات عليها.
جاء رد الفعل الإخواني ليعكس ثقة غير مبررة في النفس، خاصة مع اتساع التذمر في صفوف ضباط الشرطة والجيش، ودشنت قوى موالية لمرسي حملة «تجرد» لمواجهة «تمرد»، لكن بدا لمراقبين أن الصيغة الطفولية لرد فعل الجماعة يعكس عدم القدرة على قراءة واقع يتغير.
وفي هذه الأثناء كانت محكمة في مدينة بورسعيد (شرق القاهرة) قد بدأت في نظر قضية هروب مساجين إبان ثورة 25 يناير كان من بينهم الرئيس السابق نفسه، وبدا أن نتائج التحقيقات التي تولتها هيئة المحكمة تسير في اتجاه إدانة مرسي وجماعته.
تصاعد القلق بشأن المسار السياسي في مصر، وبدأت الأصوات الخافتة التي طالبت بتدخل الجيش تتعالى، وسط اتساع الأزمات والعجز عن توفير الطاقة اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، فغرقت مدن مصرية في الظلام.
بدأ العد التنازلي لمظاهرات يوم 30 يونيو التي دعت لها «تمرد»، وسط ضبابية المشهد السياسي، وتصعيد خطاب قادة «الإخوان». وفي هذه الأثناء أطل الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وسط قادة وضباط الجيش ليمهل القوى السياسية المتصارعة أسبوعا للتوصل إلى توافق سياسي.
وقال السيسي خلال كلمته يوم 23 يونيو، إن «إرادة الشعب المصري فقط هي التي تحكمني، ويخطئ من يعتقد أنه يمكن الوقوف والتصدي أمام هذه الإرادة أو مجابهتها بالعنف ونحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حماية هذه الإرادة».
بعد أسبوع من خطاب السيسي انتظر المصريون خطابا للرئيس السابق مرسي توقع البعض أن يحمل تسوية سياسية للأزمة مع المعارضة وتراوحت التكهنات بين أن يعلن مرسي الدعوة للاستفتاء على استمراره، وأن يعلن عن حكومة إنقاذ وطني، وتفعيل حوار وطني لتعديل دستور 2012.
بدأ الرئيس السابق خطابه مساء الأربعاء 26 يونيو، وانتهى منه بعد منتصف الليل، وبدا أثر الخطاب واضحا على وجه الفريق أول السيسي، الذي وعده مرسي بالاستجابة لكل مطالبه. وفي هذا الخطاب هاجم مرسي كل الأطراف بداية من منافسه في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق، مرورا بالقضاة، وحتى من وصفهم بالبلطجية من رجال الحزب الوطني المنحل «فودة من المنصورة، وعاشور من الشرقية»، مختزلا أزمة انقطاع الكهرباء في رشوة شاب لفصلها.
أعلنت تمرد نجاحها في جمع ملايين التوقيعات من المصريين.
وفي صباح 30 يونيو بدت شوارع القاهرة شبه خالية من المارة ووسائل المواصلات والسيارات الخاصة. أغلقت المحال التجارية وأفرغ أصحابها محتوياتها وعتموا واجهاتها الزجاجية، خشية اندلاع أعمال عنف، لكن مع اقتراب غروب شمس اليوم، بدا للجميع أن ثورة غير مسبوقة تتهيأ، واحتفل ملايين المصريين على امتداد البلاد حتى منتصف الليل بنجاح دعوتهم.
عصر اليوم التالي، أمهل الجيش القوى السياسية 48 ساعة للاتفاق على مخرج من الأزمة التي تعصف بالبلاد، وشدد على أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب فسيعلن خارطة للمستقبل وإجراءات يشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية. وعلى مدار الأيام الثلاثة اللاحقة لـ30 يونيو تدفق المصريون بالملايين على ميادين رئيسة في المدن، وشهد ميدان التحرير أكبر مظاهرة في تاريخه، وأحاطت عشرات الآلاف بقصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة).
قبل انقضاء المهلة الممنوحة من الجيش، أعلن عن خطاب للرئيس، وبدأت التكهنات مجددا، وكعادته جاء خطاب مرسي طويلا، كرر فيه تمسكه بالشرعية عشرات المرات، وقدم ما عدها تنازلات بعد فوات الأوان، فسقف المطالب كان قد ارتفع، ولم يعد مقنعا الحديث عن تغيير الحكومة وتعديل الدستور.
وفي مساء 3 يوليو (تموز) ظهر الفريق أول السيسي في بهو يحيط به قادة الجيش وممثلو حملة تمرد وقادة القوى السياسية وشيخ الأزهر وبابا الأقباط، وأعلن استجابة الجيش لمطالب ملايين المصريين الذين احتشدوا مجددا في ميادين البلاد.
عزل مرسي واستجاب الجيش لمطلب شباب تمرد بأن يحل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعلق العمل بدستور 2012 لحين تعديله، واتفق على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فيما عرف بـ«خارطة المستقبل».
أدى المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية يوم الخميس 4 يوليو كرئيس مؤقت لمصر.
رفضت جماعة الإخوان الاعتراف بخارطة الطريق وتعهدت بإسقاطها، وأعلنت استمرار اعتصامها في ميدان رابعة العدوية وأضافت ميدانا جديدا أمام جامعة القاهرة، حيث جرت مواجهات دامية بين قوى إسلامية متشددة وأهالي منطقة بين السرايات (غرب القاهرة)، بالقرب من ميدان نهضة مصر.
رغم الاحتجاجات الإخوانية جرت عملية ترتيب البيت الداخلي سريعا، وجاء البرادعي كنائب للرئيس لشؤون العلاقات الدولية، بينما اختير الدكتور حازم الببلاوي كرئيس للوزراء بعد سلسلة من المفاوضات أبدى خلالها حزب النور السلفي تحفظه على مرشحين ينتمون إلى جبهة الإنقاذ. وبين مقاومة الداخل وضغوط الخارج ظهر الفريق أول السيسي خلال حفل تخرج طلاب كليتي البحرية والدفاع الجوي يوم 24 يوليو، مطالبا جماهير الشعب بمنحه تفويضا لمواجهة ما سماه «العنف والإرهاب المحتمل»، وكانت صيغة التفويض هي حشد ملايين المصريين مجددا في ميادين البلاد، يوم الجمعة 26 يوليو.
وجد السيسي الدعم المطلوب شعبيا، وبقي السؤال بشأن كيفية التصدي للضغوط الخارجية، وهو سؤال تبدد سريعا بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية دعمها الكامل وغير المشروط لإرادة المصريين، وتوالى الدعم العربي من دولة الإمارات والكويت، وهو ما شكل اختراقا كبيرا للوضع الإقليمي والدولي، ومنح السلطة الجديدة في البلاد القدرة على السير قدما، خاصة مع الإعلان عن دعم مادي عربي بقيمة 12 مليار دولار.
اعتمدت الدبلوماسية الغربية سبيلا جديدة بمحاولة التوسط بين السلطات الجديدة وقادة «الإخوان» بدعم عربي من قطر والإمارات، وبينما تواصلت خطابات قادة الجماعة في رابعة العدوية تبشر بعودة مرسي إلى مقعده في القصر الجمهوري، كانت السلطات المصرية تلقي القبض تباعا على قادة الصف الأول بداية من المرشد العام للإخوان الدكتور محمد بديع، ونائبيه خيرت الشاطر ورشاد البيومي.
لم تتأخر المصادمات العنيفة بين جماعة الإخوان والسلطات الجديدة، وقتل العشرات في محيط اعتصام رابعة العدوية، أمام نادي الحرس الجمهوري الذي اعتقدت الجماعة أن الرئيس السابق لا يزال محتجزا به، كما قتل العشرات أيضا أمام النصب التذكاري للجندي المجهول (شرق القاهرة)، وبات الرأي العام مهيئا لتوقع صدام كبير.
أعلنت الرئاسة رسميا في الأسبوع الأول من أغسطس (آب) الماضي في بيان رسمي فشل المفاوضات، وهو البيان الذي سعت الولايات المتحدة من أجل تعطيله، مع تسريبات بقرب التوصل إلى تسوية بالإفراج عن قياديين إسلاميين مقابل تبريد اعتصام رابعة وخفض أعداد المعتصمين إلى النصف. وأقدمت السلطات على الخطوة المتوقعة وبدأت قوات الأمن في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس، وسط مخاوف من موجة عنف دام، وهو ما حدث بالفعل في عدة مدن مصرية سقط خلالها مئات القتلى. أظهرت السلطات الأمنية قدرة على استيعاب الضربات المتلاحقة لأنصار «الإخوان» وفرضت هيمنتها على الأرض، وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد، وفرض حظر للتجوال في 14 محافظة مصرية.
تكفلت التحركات السعودية والإماراتية والدبلوماسية المصرية النشطة باستيعاب الضغوط الغربية، وهي تحركات عززها بدء خطوات خارطة المستقبل بتشكيل لجنة تعديل الدستور، التي عدت متوازنة وتعكس طيفا واسعا من القوى الاجتماعية والسياسية في البلاد، وبدأت اللجنة عملها يوم 8 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفي 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي دعا الرئيس منصور المصريين إلى الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد الذي انتهت منه لجنة الخمسين مطلع الشهر نفسه، ويعتقد طيف واسع من المراقبين والسياسيين أن مرور الدستور في الاستفتاء بنسبة مشاركة مرتفعة سيكون بمثابة قطيعة مع النظام السابق وتؤسس لشرعية دستورية لثورة 30 يونيو.
ويترقب المصريون يومي 14 و15 يناير المقبل، وهما اليومان المقرران للاستفتاء على الدستور الجديد. لكن العام أبى أن ينقضي دون قرار حاسم. وعقب نحو ستة أشهر من العمليات المتكررة التي استهدفت رجال أمن وعسكريين، خاصة في سيناء، ثم طالت مدنيين في عدة مدن مصرية، وكان أعنفها استهداف مبنى مديرية الأمن بمحافظة الدقهلية بسيارة مفخخة يقودها انتحاري، مما أسفر عن مقتل نحو 16 شخصا وإصابة العشرات، قررت الحومة المصرية إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا يوم 25 من ديسمبر.

* أبرز المحطات في مصر لعام 2013
* - 25 يناير (كانون الثاني) 2013: نظمت جبهة الإنقاذ الوطني مظاهرات حاشدة في عدة مدن مصرية، ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسي
- 26 يناير 2013: صدور أحكام بالإعدام والسجن بحق متهمين في قتل 74 مشجعا كرويا في القضية المعروفة إعلاميا بـ«استاد بورسعيد»، وهي الأحكام التي تسببت في موجة غضب بالقاهرة ومدينة بورسعيد خلفت عشرات القتلى.
- 27 يناير: إعلان حالة الطوارئ في مدن قناة السويس (شرق القاهرة).
- 26 أبريل (نيسان): الإعلان عن بدء حملة تمرد لسحب الثقة من الرئيس السابق محمد مرسي.
- 23 يونيو (حزيران): الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة يمنح القوى السياسية أسبوعا لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد.
- 26 يونيو: مرسي يوجه خطابا للمصريين يتسبب في موجة من الغضب.
- 30 يونيو: ملايين المصريين يحتشدون في الميادين الرئيسة بالبلاد لسحب الثقة من مرسي والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.
- 1 يوليو (تموز): صدور بيان عن الجيش يمهل فيه القوى السياسية 48 ساعة للتوصل إلى حل سياسي.
- 2 يوليو: مرسي يوجه كلمة مسجلة إلى المصريين يتمسك فيها بشرعيته، ويطرح خارطة طريق تتضمن بدء حوار وطني والتوافق على التعديلات الدستورية.
- 3 يوليو: قادة الجيش يتوافقون مع قوى سياسية ورموز دينية على خارطة مستقبل تتضمن عزل مرسي وتعيين المستشار عدلي منصور رئيسا مؤقتا للبلاد لحين تعديل الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
- 4 يوليو: الرئيس المؤقت عدلي منصور يؤدي اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للبلاد.
- 24 يوليو: الفريق أول عبد الفتاح السيسي يطلب من المصريين خلال حفل تخرج طلاب كليتي البحرية والدفاع الجوي منحه تفويضا لمواجهة «العنف والإرهاب المحتمل».
- 26 يوليو: المصريون يحتشدون مجددا في ميادين البلاد لمنح السيسي التفويض الذي طلبه.
- 7 أغسطس (آب): الرئاسة المصرية تعلن فشل جهود الوساطة للتفاوض مع قادة جماعة الإخوان المسلمين.
- 14 أغسطس: قوات الأمن تفض اعتصامين لمؤيدي الرئيس المعزول في ميداني «رابعة العدوية» (شرق القاهرة) و«نهضة مصر» (غرب القاهرة).
- 16 أغسطس: خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يصدر بيانا يعلن فيه دعم المملكة إرادة المصريين.
- 8 سبتمبر (أيلول): بدء عمل «لجنة الخمسين» لتعديل الدستور.
- 14 ديسمبر (كانون الأول): الرئيس عدلي منصور يدعو المصريين للاستفتاء على الدستور يومي 14 و15 يناير 2014.
- 25 ديسمبر (كانون الأول): اعلان {الاخوان المسلمون} منظمة ارهابية.



«كويبُوكا»… يذكّر بحروب الإبادة في رواندا

نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)
نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)
TT

«كويبُوكا»… يذكّر بحروب الإبادة في رواندا

نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)
نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)

في فيلمه «كويبُوكا، تذكَّر»، الذي شارك في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، يعود المخرج البلجيكي–الرواندي جوناس داديِسكي إلى موطنه رواندا لا بوصفها مسرحاً لمأساة تاريخية فحسب، بل إنه فضاء حيّ يعيد طرح أسئلة الذاكرة، والهوية، والانتماء من منظور جيلٍ عاش الإبادة الجماعية من بعيد، لكنه ظل يحمل آثارها في داخله.

تدور أحداث الفيلم حول «ليا»، لاعبة كرة سلّة بلجيكية–رواندية، تواجه نهاية مسيرتها الاحترافية في أوروبا، قبل أن تتلقى دعوة غير متوقعة للانضمام إلى منتخب رواندا الوطني، والمشاركة في بطولة تُقام في كيغالي. الرحلة التي تبدو في ظاهرها رياضية بحتة، تتحول تدريجياً إلى مواجهة داخلية مع الذاكرة، والمنفى، وصمت العائلة، وهوية ممزقة بين مكانين وزمنين.

يقول داديِسكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الدافع الأساسي لصناعة الفيلم كان رغبتي الشخصية في إعادة الاتصال برواندا، البلد الذي أنتمي إليه عبر والدي، رغم أنه وُلد ونشأ في بلجيكا»، مشيراً إلى أنه لم يُرِد العودة بصفة أنه سائح، بل من خلال مشروع يتيح له خوض تجربة إنسانية حقيقية مع الناس هناك، وهو ما تحقق عبر الفيلم، الذي أعاده مراراً إلى رواندا، وفتح أمامه علاقات، واكتشافات غيّرت نظرته إلى البلد، وإلى نفسه.

صور الفيلم بالعديد من المواقع الحقيقية داخل رواندا (الشركة المنتجة)

ويوضح أن شخصية «ليا»، بطلة الفيلم، جاءت انعكاساً جزئياً لتجربته الذاتية، فهي تنتمي إلى الجيل نفسه، وتحمل الهوية المختلطة ذاتها، وتعود إلى رواندا ليس بدافع الحنين، بل عبر مهمة محددة، وهي الانضمام إلى منتخب كرة السلة الوطني. ومع ذلك، فإن هذه العودة تفتح أسئلة مؤجلة حول العائلة، والماضي، والإبادة الجماعية.

وأكد أن الفيلم انطلق من الشخصية أولاً، لكن استحالة فصل العودة إلى رواندا عن تاريخها جعلت ذاكرة ما بعد الإبادة حاضرة بوصفها سياقاً لا يمكن تجاهله، مشيراً إلى أنه تعامل مع كرة السلة باعتبارها فقاعة تحتمي داخلها «ليا»، فالحياة الاحترافية القاسية سمحت لها بالتركيز على الحاضر، وتجنب مواجهة ماضيها. غير أن دعوة المنتخب الرواندي شكّلت أول شرخ في هذه الفقاعة، إذ سمحت لها بالعودة إلى البلد من دون أن تكون مطالبة فوراً بمواجهة أسئلتها العائلية.

ولفت إلى أن الفيلم يتعمد كسر صورة «الفيلم الرياضي الكلاسيكي»، إذ تبدأ «ليا» باعتبارها نجمة منتظرة، وقائدة للفريق، لكنها تنتهي بالتنازل عن موقعها، وإقناع المدرب بأن الفريق قادر على الفوز من دونها، في موازاة رمزية مع رواندا التي أعادت بناء نفسها بعد الإبادة.

عاد المخرج إلى رواندا عدة مرات للتحضير للفيلم (الشركة المنتجة)

وعن تجنب الميلودراما يقول داديِسكي إن «قوة الشخصية المهنية كانت عنصراً أساسياً في موازنة هشاشتها الداخلية. فالفيلم يقدّمها أولاً كلاعبة ناجحة، قبل أن يكشف تدريجياً تعقيدات ماضيها»، مؤكداً أن وعي البطلة بأنها لم تعش الإبادة بنفسها منح الشخصية تواضعاً أخلاقياً، منعها من إصدار الأحكام، وهو ما انعكس على نبرة الفيلم العامة، القائمة على الصمت، والكلمات القليلة، والانفعالات المكبوتة.

وفي تناوله للإبادة الجماعية، يوضح المخرج أنه اختار الابتعاد عن الصور المباشرة، أو الأرشيف، مفضّلاً تثبيت الفيلم في الحاضر، مشيراً إلى أن «الصمت والغياب كانا عنصرين أساسيين في السرد، قبل أن تأتي فكرة استخدام الرسوم المتحركة بوصفها وسيلة عضوية لاستعادة الذاكرة، فالبطلة لا تملك صوراً واضحة عن الماضي، بينما يحمل والدها ذكريات مؤلمة عبّر عنها عبر رسومات، وعندما تكتشف الابنة هذه الرسومات، تبدأ في إسقاط ذاكرتها المتخيلة عليها، في عملية إعادة بناء غير مكتملة، تعكس هشاشة الذاكرة، وتشوهها»، على حد تعبيره.

ويؤكد داديِسكي أن الرسوم المتحركة كانت خياراً أخلاقياً، وجمالياً، لأنها تبتعد عن إعادة تمثيل العنف، وتسمح بتجسيد الإحساس بدل الحدث، كما أنها شكّلت جسراً عاطفياً بين الأب، والابنة، وهي العلاقة التي يراها جوهر الفيلم.

وحول فكرة «العودة» إلى الوطن، يشدد على أن الفيلم لا يتعامل معها بوصفها حنيناً، لأن «ليا» لا تمتلك ذاكرة واضحة عن رواندا، فهي لا تتقن اللغة، والبلد تغيّر جذرياً، حتى ملاعب كرة السلة أصبحت أكثر تطوراً مما عرفته في أوروبا، لافتاً إلى أن وجودها في رواندا لاعبة، لا سائحة، منح السرد ديناميكية، وحوّل العودة إلى رحلة اكتشاف وبحث، لا استرجاع للماضي.

قدم الفيلم صورة عن واقع رواندا اليوم بنظرة جيل عاش خارجها (الشركة المنتجة)

ويرى المخرج أن البطلة تمثل جيلاً كاملاً من أبناء الشتات الرواندي، الذين غادروا البلاد خلال الإبادة، ونظروا إلى وطنهم لسنوات طويلة من خلال مأساة واحدة، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الشخصية تتجاوز خصوصيتها، لتعبّر عن تجربة إنسانية أوسع، تشمل كل من عاش انكسار الهوية بسبب الحرب، أو المنفى، أو التبني القسري.

وعن التناقض بين ماضي رواندا الجريح وحاضرها النابض، يقول داديِسكي إن هذه المفارقة كانت من أقوى الصدمات التي عاشها شخصياً عند زيارته الأولى للبلد، بعدما اكتشف عاصمة حديثة، وطبيعة خلابة، وحياة يومية مليئة بالطاقة، لافتاً إلى أنه أراد نقل هذه الصورة إلى الفيلم، من دون إنكار الماضي، عبر لغة بصرية ملوّنة، وحيوية، تقابلها معالجة متقشفة وصامتة لأماكن الذاكرة، وقال إن «الفيلم يعكس قناعتي بأن الجيل الذي كان طفلاً وقت الإبادة يمتلك اليوم مسافة كافية تسمح له بمساعدة جيل الآباء على تفكيك صدماتهم».

وفي ختام حديثه، يشير داديِسكي إلى أن اسم الفيلم لا يعني التذكّر بوصفه عودة جامدة إلى الماضي، بل باعتبار أنه تفاعل حيّ بين الماضي والحاضر، معرباً عن أمله في أن يخرج المشاهد من الفيلم برغبة في مواجهة عقده الخاصة قبل فوات الأوان، وبإيمان حقيقي بإمكانية إعادة البناء، سواء على المستوى الفردي، أو الجماعي، حتى بعد أكثر التجارب الإنسانية قسوة.


«متحف قرّاء القرآن الكريم» يوثق لتاريخ التلاوة في مصر

جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«متحف قرّاء القرآن الكريم» يوثق لتاريخ التلاوة في مصر

جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)

يُوثق «متحف قرّاء القرآن الكريم» لتاريخ التلاوة والمقرئين في مصر، بوصفه مشروعاً ثقافياً يسعى إلى توثيق تراث صوتي يشكّل جزءاً مهماً من الذاكرة المصرية.

فالمتحف، الذي افتتح أخيراً، يوثّق تسجيلات كبار المقرئين في مصر إلى جوار مقتنياتهم الشخصية، ضمن سياق متحفي يعزّز قيمة التراث غير المادي المرتبط بتاريخ الاستماع للتلاوة القرآنية، وبذاكرة متجذّرة في الوجدان الجمعي، وبذلك، يصبح المتحف أقرب إلى توثيق حي لتاريخ التلاوة، لا مجرد أرشيف.

المقتنيات الشخصية للشيخ أبو العينين شعيشع في المتحف (وزارة الثقافة المصرية)

ويضم المتحف، الذي افتتح رسمياً، الثلاثاء، مقتنيات خاصة لأحد عشر من رموز مدرسة التلاوة المصرية، هم: محمد رفعت، وعبد الفتاح الشعشاعي، وطه الفشني، ومصطفى إسماعيل، ومحمود خليل الحصري، ومحمد صديق المنشاوي، وأبو العينين شعيشع، ومحمود علي البنا، وعبد الباسط عبد الصمد، ومحمد محمود الطبلاوي، وأحمد الرزيقي.

ركن القارئ مصطفى إسماعيل (وزارة الثقافة المصرية)

وتتوزع معروضات المتحف، المُلحق بدار القرآن الكريم بمركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة) على أربع قاعات رئيسية، ويضم مجموعة من المخطوطات والمقتنيات النادرة، من بينها إجازات الأزهر الشريف لعدد من المقرئين، إلى جانب نسخ من المصحف، من بينها نسخة من المصحف العثماني.

ويعتمد العرض المتحفي على الجمع بين المادة البصرية والتسجيلات الصوتية، بحيث لا تُعرض المقتنيات بوصفها أشياء منفصلة عن أصحابها، بل كجزء من مسار حياتهم ومسيرتهم في التلاوة.

ويعدّ الكاتب والناقد المصري الدكتور أحمد إبراهيم الشريف أن «المتحف يمثل إضافة مهمة في أكثر من اتجاه»، أبرزها أنه «لا يقدم مكاناً للعرض بقدر ما يقدّم معنى ثقافياً يعمل على تكريس هوية مصرية وذاكرة شعبية وروحانية إنسانية».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «المدرسة المصرية في قراءة القرآن الكريم ليست أداءً فقط، بل تقليد عريق تشكّل عبر أجيال، وترك بصمته على الذائقة الدينية والجمالية في العالم الإسلامي كله، ولأن القراءة هنا ارتبطت بمقامات الصوت وتقاليد الأداء والانضباط اللغوي، فقد تحولت إلى علامة ثقافية قائمة بذاتها، يلتقطها المستمع من طريقة النطق، ومن الإيقاع، ومن العلاقة المتوازنة بين الخشوع والجمال».

مقتنيات القارئ طه الفشني (وزارة الثقافة المصرية)

وتتنوع المقتنيات المعروضة داخل المتحف، من عمامات وملابس وعباءات وقفاطين وجلاليب وسبح، إلى أجهزة تسجيل صوتية قديمة، ودروع تكريم ونياشين وأوشحة ارتداها القراء في مناسبات مختلفة، كما تضم القاعات صوراً شخصية للمقرئين مع أسرهم، وصوراً لتكريماتهم، وشهادات تقدير، إلى جانب قصاصات صحافية وثّقت محطات مهمة في حياتهم، فضلاً عن وسائل حديثة تتيح للزائر الاستماع إلى تلاواتهم.

ركن الشيخ محمود خليل الحصري (وزارة الثقافة المصرية)

وكان المتحف قد افتتحه الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في إطار تعاون يهدف إلى حفظ أحد أبرز أوجه التراث الديني والثقافي المصري.

ووفق الدكتور أسامة رسلان، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، فإن افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم يمثل «إضافة نوعية وفريدة للمشهدين الديني والثقافي في مصر». وأوضح رسلان، خلال مداخلة تلفزيونية، أن «مدرسة التلاوة المصرية تعد علامة فارقة في تاريخ العالم الإسلامي، حيث وصلت أصوات قرائها إلى العالمية، مستشهداً بتلاوة القرآن الكريم لأول مرة داخل الكونغرس الأميركي بصوت الشيخ محمود خليل الحصري».

مقتنيات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد (وزارة الثقافة المصرية)

ويشير الشريف إلى أن «الطابع المتحفي النوعي لهذا المشروع، يتيح حالة من التواصل الوجداني مع تلاوة القرآن الكريم، كما أن هذا النوع من المتاحف يملك قدرة خاصة على جذب جمهور واسع، بداية من محبي التلاوة، وعشاق المدرسة المصرية في القراءة، والمهتمين بتاريخ الأداء الصوتي، وحتى الزائر العادي الذي يبحث عن مساحة عرض متحفي جديدة».


جدة تُغيّر قواعد الترفيه من زرقة البحر إلى بياض الثلج وتكتب موسماً جديداً

منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)
منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)
TT

جدة تُغيّر قواعد الترفيه من زرقة البحر إلى بياض الثلج وتكتب موسماً جديداً

منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)
منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)

لم يكن الثلج يوماً ضيفاً مألوفاً على جدة، هذه المدينة التي اعتادت أن تصحو على زرقة البحر، وحكايات التاريخ في كل زواياها، ولكنها تفاجئ زائريها هذا العام ببياض ناعم يهبط من الخيال لا من السماء، مكوناً ثلوجاً تتكون ببرودة مصنوعة بعناية، لتكون تجربة فريدة ومتكاملة لزوار موسم شتاء جدة.

وتفتح المدينة العتيقة أبوابها يوم الجمعة لأضخم تجربة شتوية تشهدها على الإطلاق، ضمن فعاليات «موسم جدة 2025» في فعاليتها الجديدة «ونتر وندرلاند جدة» لتفتح الفرصة لقاطني المدينة وزوّارها لمحاكاة الشتاء من خلال استحضار طقوسه بالكامل «الجليد، الضوء، الموسيقى» لتُسجل الدهشة الأولى حين يرى الزائر الثلج في مدينة اعتادت الشمس.

ولن يكون الثلج مجرد خلفية في «ونتر وندرلاند جدة» بل بطل المشهد، إذ ينساب على الممرات، ضمن 4 مناطق رئيسية ترسم خريطة هذا الشتاء غير المتوقع متمثلة في القطب الشمالي؛ حيث الجليد المتلألئ وحلبات التزلج، إلى «توي تاون» التي تُعيد الطفولة إلى ألوانها الأولى، مروراً بـ«وايلد ونتر» المليئة بالتحدي والحركة، وصولاً إلى «فروست فير»؛ حيث يهدأ الإيقاع، وتصبح الفوانيس والموسيقى جزءاً من ذاكرة المكان.

واجهة جدة البحرية (واس)

ويتوقع أن تشهد هذه الفعاليات تدفقاً كبيراً من الزوار؛ خصوصاً أن الطاقة الاستيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً لكل المواقع التي تشمل منظومة متكاملة تضم 32 لعبة ترفيهية، و9 تجارب تفاعلية، و10 ألعاب مهارة، إلى جانب أكثر من 60 مطعماً ومتجراً، في مشهد تتداخل فيه النكهات العالمية مع دفء الاحتفال.

توفر واجهة جدة البحرية التي يقصدها السكان والزوار أجواء مميزة خاصة خلال أوقات الغروب (واس)

وتعيش مدينة جدة طفرة نوعية وبإيقاع مختلف، إذ فتحت مساحاتها للضوء والموسيقى، من خلال «موسم جدة 2025» بوصفه إطاراً جامعاً، ضم تحت مظلته طيفاً واسعاً من الفعاليات الترفيهية والثقافية والفنية، وفتح المدينة على إيقاعات متعددة، من الحفلات الغنائية الكبرى، إلى العروض المسرحية، والفعاليات العائلية التي توزعت على مواقع مختلفة من جدة، في حين تحوّلت الواجهة البحرية إلى مسرح مفتوح، احتضن مهرجانات موسيقية، وفعاليات فنية في الهواء الطلق.

كما برزت المعارض والمناسبات الكبرى، ومنها معرض الكتب، والملتقيات الثقافية، وفعاليات ريادة الأعمال، التي جعلت من جدة منصة للحوار، والفكر، والتبادل المعرفي، إلى جانب كونها وجهة للترفيه، فيما حضرت الرياضة في مساراتها المختلفة بقوة من السباقات البحرية إلى سباقات السيارات والبطولات الكروية.

وفي قلب الذاكرة، عادت جدة التاريخية (البلد) لتكون من أبرز عناوين العام، عبر موسم جدة التاريخية، وما رافقه من فعاليات ثقافية وتراثية، شملت عروض الفنون الشعبية، والأسواق التراثية، والمعارض الفنية التي أعادت الحياة إلى الأزقة والبيوت القديمة، وقدّمت التراث بوصفه تجربة معيشة.

فعاليات ثقافية وتراثية أعادت الحياة إلى الأزقة والبيوت القديمة في المنطقة التاريخية بجدة (واس)

هذا الحراك السياحي والترفيهي لا ينفصل عن حركة الوصول إلى المدينة، فقد أعلن مطار الملك عبد العزيز الدولي أن إجمالي عدد المسافرين عبر المطار بلغ منذ بداية العام حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 48 مليون مسافر، بنسبة نمو 8.9 في المائة، فيما وصل عدد الرحلات إلى 273.7 ألف رحلة، بنمو 8.2 في المائة، في مؤشرات تعكس توسعاً متسارعاً في خدمات المطار، وترسيخ مكانته بوصفه من أبرز المراكز الجوية في المنطقة والجاذبة للمدينة، فيما سجّل شهر نوفمبر وحده عدد مسافرين بلغ 4.86 مليون، محققاً نمواً بنسبة 8.6 على ما كان مسجلاً للفترة نفسها في العام الماضي.

هذه الأرقام لا تُقرأ بمعزل عن المشهد العام، فهي تعكس جاذبية المدينة التي تتحرك بثقة، وتستعد لاستقبال العالم، وتُعيد بناء علاقتها بالزائر من لحظة الوصول حتى تفاصيل التجربة، متكئة على تاريخها العتيق، فلم تكن منذ اكتشافها قبل 3 آلاف عام منعزلة عن الطرق الكبرى والمسارات الإقليمية والدولية في التجارة والفن والأدب.

جدة التاريخية... قلب الذاكرة (واس)

هكذا تبدو جدة اليوم كما كانت، مدينة تجمع بين تاريخ عميق وحاضر سياحي متجدد، ومستقبل ترفيهي يصنع مواسمه بجرأة، تعتمد فيه على الحداثة والتطوير وأفكار تناسب الشارع المحلي بكل شرائحه وفئاته، خصوصاً أن قطاع السياحة متشعب، وله أبعاد ثقافية واقتصادية على البلاد.

جدة التاريخية «البلد» محطة رئيسية لعشاق التراث (واس)

وكشف التقرير أن إجمالي عدد السياح المحليين والوافدين في 2024 وصل إلى 116 مليون سائح، بنسبة نمو بلغت 6 في المائة مقارنة بعام 2023، وبلغ إجمالي الإنفاق السياحي 284 مليار ريال، بنسبة نمو 11 في المائة مقارنة بعام 2023، فيما بلغ إنفاق السياح الوافدين من الخارج إلى (168.5) مليار ريال، وهذه الأرقام لا تقتصر على مدينة بذاتها، بل شملت كل المدن السعودية بما في ذلك المدينة العتيقة «جدة».